الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، أبرز القيادات الإسلامية التي واجهت نقدا حادًا من جانب أعضاء جماعة الإخوان المحظورة في الفترة الماضية، يكشف في حوار خاص ل "البوابة نيوز" عن كواليس عام كامل من حكم الإخوان، وتفاصيل جلساته في مكتب الإرشاد، مع المهندس خيرت الشاطر، النائب الأول للمرشد العام للجماعة المحظورة، قبيل الانتخابات الرئاسية، وأيضا مع الفريق أحمد شفيق، ويكشف عن تفاصيل جديدة حول توجّه الدعوة السياسية لدعم الفريق أول عبد الفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ويوجه رسالة قوية إلى جماعة الإخوان المسلمين.. فإلى تفاصيل الحوار. ** بداية.. كيف تقرأ المشهد السياسي الحالي؟ - مصر لا تزال تواجه أزمة، ولا بدّ للقوى السياسية جميعا أن تدرك أهمية تقديم المصلحة العليا على المصلحة الشخصية، لا بد من حوار جاد بين كل الأطراف المتصارعة حاليًا، لأن حوار الطرشان الحاصل حاليا، والتهم بالباطل، تصور المسألة كأنها معركة إعلامية فقط. ** كيف يكون هناك حوار وجماعة "الإخوان المسلمين" تمارس العنف في الشارع بشكل ممنهج ؟ - تمسك الجماعة برأيها وإصرارها على عدم الإعتراف بالخطأ من أهم السلبيات التي تواجه الحوار حاليا، لا بد أن تكون هناك مرونة، وأن يتقبّل كلا الطرفان الرأي الآخر، لأن ما يحدث حاليًا ليس سوى أننا ندور في دائرة مغلقة حول مصطلحات ثورة أو انقلاب، طريق مغلق، والجماعة لا بدّ أن تتخلى عن عودة "مرسي" وتجلس إلى مائدة الحوار دون شروط مسبقة. ** ظهرت منذ أيام بعض الفيديوهات المسرّبة لك تتحدث فيها عن تفاصيل لقاءك بالفريق أول عبد الفتاح السيسي قبل الانتخابات الرئاسية في العام الماضي.. كيف دار ذلك اللقاء؟ - تلك الفيديوهات لم تكن مسرّبة كما ادّعت بعض وسائل الإعلام، أهمّ ما في اللقاء أنه قبيل إتمام الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، بدأ الإخوان يظهرون على الساحة بشكل كبير، وكانت هناك حالة من الاحتقان في الشارع، وانقسم الشارع بين أنصار الجماعة ومؤيدي الفريق أحمد شفيق، وكانت هناك بوادر صدام، تحدثنا داخل الحزب، ومع عدد من قيادات الدعوة، عن صياغة وإعلان مبادرة للحدّ من حالة الاحتقان وضمان شفافية الانتخابات والطعن عليها في حال عدم شفافيتها، وبعد ذلك ذهبنا للمجلس العسكري، وكان الفريق عبد الفتاح السيسي هو المسؤول عن الحوار معنا، بصفته أحد قيادات المجلس. ** ما أهم البنود التي جاءت في تلك المبادرة؟ - هذه المبادرة كانت تحمل رسالة لضمان عدم سيطرة الإخوان على كل مفاصل الدولة باسم الإصلاح أو الدين، واتفقنا على أن يتم التوقيع عليها من جميع الجهات: حزب النور والدعوة السلفية وجماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، والأزهر ومجلس القضاء الأعلى والمجلس العسكري والشرطة والمخابرات، ورئيسي مجلسي الشعب والشورى، ويلتزم الأطراف بأن من يخالف تلك البنود تنزل جميع الأطراف في الشارع ضده، لمنع تلك الهيمنة، وشملت المبادرة أيضا عودة مجلس الشعب المنتخب، باعتباره أول مجلس منتخب بعد الثورة، ووضعنا محاور للتفاهم مع حكم المحكمة الدستورية العليا، لحلّ الثلث الفردي فقط، وبقاء الثلثين. ** هل عرضت تلك المبادرة على جماعة الإخوان المسلمين؟ - التقينا المهندس خيرت الشاطر في مكتب الإرشاد، وعندما اطّلع علي بنود المبادرة، قال إننا وافقنا لهم على كل تلك الشروط قبل ذلك - يقصد المجلس العسكري - قلنا "المرة دي همّا طالبين ضمان"، والدعوة السلفية ضمنت أن من يخالف ستنزل ضده، وبعدما صغنا المبادرة في المجلس العسكري، كان باقياً أن يوافق عليها الإخوان المسلمون والفريق أحمد شفيق، ذهبنا إلى الإخوان، وضمان الدعوة السلفية أنها ستنزل إلى الشارع ضد من يخالف، قال لي الشاطر: "أراجع مكتب الإرشاد وأرد عليك". ** وبالمثل التقيت الفريق أحمد شفيق؟ - ذهبنا يوم الجمعة للفريق أحمد شفيق، قلنا له في حالة فوزك في الانتخابات، تعهّد بعدم البطش بالإخوان أو الانفراد بالسلطة، ومشاركة باقي الفصائل السياسية، ومنها الإسلاميون بشكل خاص. ** كيف كان رد فعل الفريق أحمد شفيق على تلك المبادرة؟ - هو أبدى تجاوباً وموافقة شديدين جدا على مطلبنا، ووعد بأنه لن يتعامل بأي نوع من القوة أو الهيمنة مع أي من القوى السياسية، وليس الإسلاميين فقط - في حال فوزه في الانتخابات - ووعد بلم الشمل وأن يحدث وفاقا وطنيا، وطلبنا أن يختار رئيس الوزراء من الإخوان ولم يرفض، وتحدثنا أيضا عن قضية الشريعة - لأنها تهمّنا - وكان رده إيجابيّاً جدا، وهو كان يتوقع أن يكون هو الفائز في الانتخابات، وأبدى عدم رغبته في العنف أو الدم، على عكس خيرت الشاطر، "اللي ردّ علينا وقال: خلاص احنا خلّصنا". ** هل حدث اضهاد من جانب الإخوان للدعوة السلفية بعد وصولهم إلى سدّة الحكم؟ - لم تكن هناك حالة من العداء، كل بنود المبادرة كانت اتفاقاً من أجل مصلحة البلد، وعلى رأسهم الرئيس القادم، ولم يكن هناك عداء من جانب الإخوان، لأننا كنا نطالب من خلالها بعودة البرلمان وإتمام الانتخابات والدستور، فهي لم تكن ضدهم بالمرة، وفي لقائنا مع الفريق شفيق، تعهد بأنه لن يضطهد الإخوان في حال فوزه. ** هل تكرّر لقاؤك بالفريق عبد الفتاح السيسي بعد تولي مرسي الحكم؟ - حدث مرة واحدة، عندما تولّى الفريق السيسي وزارة الدفاع، ووقعت بعد الأحداث في سيناء، التقى بنا وطلب منّا أن نتدخّل ونتواصل مع الجهادين والتكفيرين في سيناء، وقال نصّاً: "اللي يكفرنا يكفّرنا.. ولكن لا يقتل الولاد على الحدود"، وقد تم التحرك فعلا، وانتقلت أنا - على رأس وفد من القيادات السلفية - والتقينا كل الجماعات الجهادية والتكفيرية، وبدأنا نبحث معهم المشكلة، وتم الاتفاق معهم على مبادرة، بحيث يعودوا إلى الحياة بشكل كريم مرة ثانية، ويتوقفوا عن قتل الجنود وممارسة الأعمال الإرهابية، ويتم التفاهم حول المحاكمات، وأيضا اتفقنا على محور تعمير سيناء ومحور فكري مرتبط بإجراء مراجعات فكرية. ** ترددت أنباء بعد وصول "مرسي" للحكم بأنه تم منعك من دخول القصر الرئاسي ما هي حقيقة تلك الأنباء؟ - أنا لم أذهب إلى القصر الرئاسي سوى مرتين تقريبًا، الأولى كانت للشكر والتهنئة في بداية الحكم، والمرة الثانية كانت لقاء الحوار مع الإسلاميين، ولكن الدكتور جلال مرة، كان ممثل الحزب، وكان يزوه بصفة مستمرة في اللقاءات مع القوى السياسية. ** قطعت الاعتكاف في شهر رمضان الماضي للإعلان عن مبادرة بين الإخوان والقيادة العسكرية.. ما هي تفاصيل تلك المبادرة؟ - كانت مبادرة معدّلة لما تقدّم به الدكتور محمد سليم العوّا، بأن تتمّ تسوية الأمور سلميّاً، ويفوّض الرئيس صلاحياته لرئيس مجلس الوزراء، وهذا الكلام كان قبل فضّ اعتصام رابعة العدوية، بناء على طلب من عدد من قيادات الإخوان، بطريقة غير رسمية، وقد قطعت الاعتكاف بعد زيارة من أحد الزملاء الأطباء من قيادات الإخوان، والذي طلب مني تقديم مبادرة معدّلة لمبادرة الدكتور محمد سليم العوا، وقال لي نصّاً: "حاولوا تدفعوا بمبادرة العوا"، المهم عرضنا على المجلس العسكري الأمر، واتّفقنا على الحلّ، وقالوا إن اسوأ الحلول القوة الخشنة، وقالوا نحن معكم في الحوار، ولكن يجب أن تتخلّى الجماعة عن ثلاثية: عودة مرسي، عودة الدستور وعودة مجلس الشورى، وبدأنا نتواصل مع القوى السياسية - مع السيد البدوي - وحاولنا نقنعهم بضرورة القبول بالحلول السياسية، الشخصية العسكرية قالت نحن موافقون على ما يتم الاتّفاق عليه مع القوى السياسية. ** كيف كان رد الإخوان المسلمين على تلك المبادرة ؟ - اتصلت ببعض من قيادات الإخوان، وقالوا إنه لا بديل عن عودة "مرسي"، وإن كل من في "رابعة العدوية" متمسّكون بعودته وعودة مجلس الشورى والدستور. ** هل التقيت الكاتب محمد حسنين هيكل بشأن هذه المبادرة؟ - لم التق الدكتور محمد حسنين هيكل حتى الآن إلا من خلال صفحات الجرائد. ** وهل التقيت أحد قيادات "الإخوان المسلمين" قبيل ثورة يونيو؟ - حدث أن جلسنا مع وفد مكتب الإرشاد، الذي زار مجلس إدارة الدعوة السلفية في الإسكندرية، برئاسة الدكتور محمود عزت، نائب المرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمين"، وكان معنا عبد المنعم الشحات، والشيخ أبو إدريس. ** ماذا دار في هذا اللقاء؟ - سلّمنا لهم ورقة بالمقترحات الخاصة بالدعوة السلفية لحلّ أزمة الإخوان، وإنهاء حالة الاستقطاب السياسي في الشارع قبل 30 يونيو، وأبلغنا الإخوان أن الخطاب المستخدم في كل منابر الجماعة تكفيري ومتشدّد، ولا بد من التراجع عنه واحترام مطالب الجماهير، والبحث عن حلّ لها غير مسألة معاداة الإسلام، والبعد عن تصوير المشهد على أنه حرب بين الكفر والإيمان، وأيضًا أكّدنا ضرورة تغيير الحكومة وتغيير النائب العام، وطلبنا منهم أيضًا تنفيذ مبادرة ما قبل إعلان نتيجة الرئاسة مع جميع التيارات السياسية، وقلنا لن نشارك في فاعليات يونيو، لأنها ستنتهي بصراع دموي. ** كيف كان رد فعل الإخوان على تلك المقترحات ؟ - محمود عزت، أخذ الورقة ومشى، وقال: "اترك لنا الأخوة في الله"، والحقيقة أنهم لم يطبّقوا أيّاً من تلك المقترحات، ولم تدم أيضًا الأخوة في الله، وقالوا عنّا إننا خونة وعملاء، وكمية التهم المتكرّرة كما ترى. ** هل تمّ التواصل مع قيادات من الإخوان المسلمين يومي 28 أو 29 يونيو؟ - جلال مرّة حضر لقاء القوى والأحزاب السياسية بناءً على طلب "مرسي". ** ما هي توقّعاتك لحزب "النور" خلال الانتخابات البرلمانية القادمة ؟ - ستكون جيدة، لكنني لا أهتم بهذه الحسابات في الوقت الحالي. **أثرت سياسية الإخوان المسلمين علي خلق حالة من الكراهية والرفض الشعبي لأحزاب التيار الإسلامي، فهل سيؤثر ذلك سلبًا على شعبية حزب النور؟ - لا أعتقد ذلك، حزب النور له قاعدة شعبية كبيرة في الشارع، ويحظى بحالة من القبول لا أعتقد أنها تأثرت بممارسات الإخوان المسلمين، والشارع يعرف جيدًا كيف يفرّق بين الفصيلين. ** ما هو تقيمك لعمل لجنة "الخمسين" المختصة بتعديل مواد الدستور؟ - لا أريد الحديث عنها حاليا، وأمتنع عن الكلام عن الدستور حاليا لحين إتمام مواده، وأتمنى أن يحدث توافق حول مواد الشريعة، وإن لم يحدث الحد الأدنى للحفاظ على مواد الشريعة والهوية، فلن نوافق على الدستور. ** هل ستدعم الدعوة السلفية مرشّحًا في الانتخابات الرئاسية؟ - لن يكون لنا مرشّح خاص بالدعوة. ** هل ستدعم الفريق أول عبد الفتاح السيسي؟ - لا بدّ أن نتعرّف على كل المرشحين أوّلاً، ونجلس معهم، وتكون هناك مقارنة نسبية بينهم جميعًا، وسنعلن عن دعم أحد المرشحين، لا يوجد لدينا مانع لدعم الفريق السيسي، وليس بالضرورة أن ندعم أبو الفتوح في الانتخابات مرة ثانية. ** ما هي رسالتك لجماعة الإخوان ؟ - ل ابد من النظر إلى مصلحة الوطن وإعلائها فوق المصلحة الشخصية، وتقديم المصلحة العامة دائما، أنا حزين من حملة التشويه ضدّي وضد الجماعة، وكل من شارك فيها لا بد أن يتوب إلى ربنا. ** كيف ترى مستقبل الإخوان المسلمين بعد انهيار التنظيم شعبيًا، وحالة الارتباك التي تسيطر على قرارات التنظيم الدولي؟ - جماعة الإخوان المسلمين لا بدّ أن تعيد تفكيرها وتتراجع عن عودة مرسي، وتتجاوز حالة الصمم، وتتّجه إلى الحوار، وتحاول إعادة هيكلة نفسها من جديد. ** كيف تفسّر الدعم القطري والتركي للإخوان في مصر؟ - لا أحد يعلم طبيعة العلاقة بينهم، ولكن التنظيم الدولي يعمل على تصدير الأزمة على أنه جموع الشعب المصري تطالب بعودة مرسي. ** ذكرت في تصريح لك أن الفريق عبد الفتاح السيسي يحكم ب "الشوكة"، ما معنى ذلك؟ - اختلف أو اتفق مع الفريق السيسي، ولكن هو القوة الحقيقية الموجودة الآن لحفظ الأمن في مصر، وحريصون على بقائه لجماية مصر من التشتت. ** ذكر الدكتور سعد الدين إبراهيم أن السلفيين اتفقوا مع أمريكا على أن يكونوا بديلا للإخوان، وأنه قابل بعض الشخصيات في هذا الإطار؟ - يكشف عن الشخصيات التي قابلها، الشخصيات تدّعي، لا نفكر في أن نصبح بديلا للإخوان لدى الأمريكان.