في جولة فنية على أرض مصر؛ تتوهج ثقافة التصوف وتتجلى كمدد إبداعي عبر عروض موسيقية يشهدها الجمهور وهي تمزج ما بين الابتهالات الصوفية وموسيقى الجاز والتانجو؛ في مشروع ثقافي يعيد للأذهان حقيقة التصوف وتجلياته الفنية الجامعة بين كل البشر. وإذ يختتم رباعي التانجو العالمي "كوادرو نويفو"، والباند الألماني "كايرو ستيبس"؛ تلك الجولة الفنية اليوم السبت في مدينة دمنهور؛ وهي الجولة التي شملت من قبل القاهرة والأسكندرية، فلعلها المرة الأولى التي يشهد فيها الجمهور المصري تجليات "موسيقى الجاز والابتهالات الصوفية" متفاعلة مع "التانجو الأرجنتيني". ويتبدى "النفس الصوفي الإبداعي" أثناء العروض في ابتهالات علي الهلباوي وايهاب يونس ومعهما رئيسة دار الأوبرا المصرية الدكتورة ايناس عبد الديم بعزف الفلوت، فيما تتجلى اللغة الصوفية بمفرداتها العالمية الجامعة بالحب بين كل البشر. و"كوادرو نويفو"؛ من أقدم واشهر الفرق الموسيقية الألمانية التي تقدم التانجو الأرجنتيني والأرابيسكان؛ بينما "كايرو ستيبس" فرقة موسيقية المانية ومصرية الجذور أسسها منذ ما يزيد على 14 عاما الموسيقي المصري باسم درويش مع الموسيقيين الألمانيين ماتياس فراي وسباستيان مولر، وهي تتبنى المزج بين موسيقى الجاز والابتهالات الصوفية مع ترانيم قبطية باسم "المولد والميلاد"؛ في اشارة لمولد الرسول الكريم الحبيب المصطفى وميلاد السيد المسيح عليهما السلام. هذه التجربة الفنية احتضنها المسرح الكبير لدار الأوبرا على مدى أكثر من ساعتين يوم الأربعاء الماضي كما احتفى بها الجمهور في مسرح سيد درويش بالأسكندرية أمس "الجمعة"، وتختتم اليوم على مسرح أوبرا دمنهور، وهي ليست التجربة الأولى الدالة على علاقة التصوف بالفن والإبداع. وللصوفي الشهير محيي الدين بن عربي قول مأثور ضمن رسالة كاملة من مأثوراته حيث يقول: "كل فن لا يخدم علما لا يعول عليه"، وفي ضوء هذه المقولة يتبين ان ابداع الصوفية في الموسيقى كان يخدم علم الموسيقى. ومن التجليات الإبداعية الفنية للتصوف ذلك الفن المعروف برقصات "المولوية" التي أمست جزءا من "ليالي الأوبرا الرمضانية"، فيما يتفاعل الجمهور مع فنان مثل عامر التوني الذي يبدع في هذا الفن الصوفي وسط أجواء روحانية ومزيج مدهش من الانشاد والابتهالات في تناغم موسيقي وحركي بالغ الحساسية الابداعية. وها هو الكاتب والسيناريست المصري عبد الرحيم كمال تنساب ابداعاته بروح صوفية تؤكد على أن "المحبة هي الحل"، فيما قال صاحب مسلسلات "الرحايا ودهشة والخواجة عبد القادر وونوس ويونس ولد فضة"، انه "شديد الانحياز للمحبة والتصوف". ويؤكد عبد الرحيم كمال أن مسلسل "الخواجة عبد القادر"، تجلت فيه الروح الصوفية، فيما يلفت محمد اشويكة في كتابه "السينما المغاربية.. قضايا الفرادة والتعدد"، إلى أن التصوف كمدد إبداعي يتوهج في إبداعات مثقف وأديب ومخرج سينمائي تونسي كبير هو الناصر الخمير. ويوضح اشويكة أن الأعمال السينمائية للناصر الخمير توظف العنصر الإبداعي الصوفي ضمن مختلف عناصر الفن الاسلامي كالعمارة والموسيقى وتعبيرا عن رؤية ترى أن المرجعية الصوفية بمقدورها أن تنقذ الانسان المعاصر من القلق الوجودي الذي ينهشه. وهكذا يتجلى الخطاب الصوفي في أفلام للناصر الخمير مثل فيلمه "الهائمون" حيث الشيخ الذي فقد بصره لكنه لم يفقد البصيرة ولا توهج الروح بينما ينساب الشعر الصوفي للحلاج في الفضاء الروحاني للفيلم الذي ينتهي على صفاء ضوء القمر باسطا أنواره في عناق مع تضاريس الصحراء الرحبة. وكذلك يتجلى التصوف كمدد إبداعي للسينما في فيلم الناصر الخمير "طوق الحمامة المفقود"، وفيلم "بابا عزيز"، يقوم فيه الانشاد الصوفي بدور مهم على ايقاع دائري وينساب الحوار باللغتين العربية والفارسية كدلالة على "البعد التثاقفي الممتد للصوفية" وقدرة التصوف على المزج بين الوان وجنسيات واعراق مختلفة. وهكذا يتوقف محمد اشويكة مليا عند "البعد الصوفي العرفاني" واستناد المخرج الناصر الخمير على المرجعية الصوفية وهو يناقش قضايا الهوية بينما تتحول الصحراء إلى ملاذ للهيام ضمن "أفق التأسيس لخطاب سينمائي ينبني على نشر قيم الحب والتحرر والتسامح والصفاء"، ولعلها رؤية يشاركه فيها المصري عبد الرحيم كمال في إبداعاته الدرامية. ولئن كان المعنيون بالتصوف يذكرون بالحقيقة التى تقول إن "الذين تركوا بصمات واضحة وثابتة فى الثقافة الإسلامية هم العلماء الذين جمعوا بين قلب الصوفى وعقل الفيلسوف؛ لأن القلوب ترطب حسابات العقول ولأن العقول تضبط خطرات القلوب"، فإن هذه الحقيقة دالة على أهمية المزج بين القواعد العلمية الذوقية والمصطلحات الفنية المشتقة من صميم التجربة الوجدانية الصوفية المتميزة. وهناك العديد من الكتب التي صدرت لكتاب معاصرين عن ثقافة التصوف والصوفية المحلقة بالحب للخالق الواحد الأحد في هذا الكون وقد تكشف بعض هذه الكتب عن جوانب طريفة مثل علاقة المتصوفة بالموسيقى. وفي كتاب "كتب وناس"، يقول الروائي الراحل خيري شلبي ان تحرر الموسيقى الغنائية المصرية من الروح التركية بدأ بشكل مكثف في أوائل القرن العشرين على أيدي الطرق الصوفية، موضحا أن هذه الطرق استخدمت الموسيقى عن وعي عميق يحكمه دور مقصود. وحسب رؤية خيري شلبي، فإن الطرق الصوفية أعادت الموسيقى إلى أصولها كعنصر فاعل في توصيل الذاكرين إلى مرتبة الوجد الصوفي ووضعوا مقامات شهيرة وقسموا هذه المقامات تبعا لمراحل بلوغ الوجد الصوفي. وكان المنشد في حلقات الذكر يمسك بمفاتيح أجساد الذاكرين تبعا لقوة موهبته الصوتية ودرجة ثرائه النغمي فينفض الأجساد نفضا.. يحولهم على أوتاره الصوتية إلى ريش في مهب الريح. ولم تكن جهود المنشدين- كما يؤكد خيري شلبي- نابعة من فراغ أو قائمة على اجتهاد عشوائي يتصادف نجاحهن إنما هناك أكبر رصيد علمي موسيقي في التاريخ العربي الحديث سكت عنه المؤرخون لسبب أو لآخر؛ ذلك هو رصيد "جماعة إخوان الصفا". وهذه الجماعة كانت تضم لفيفا من خيرة كبار المثقفين والأدباء؛ ولاسيما ذوي الميول الصوفية وكلهم كانوا على درجة عالية جدا من الثقافة الرفيعة والتقدم العلمي المذهل في الفلسفة والرياضة والفلك والطبيعة والكيمياء وعلوم اللغة والتفسير والحديث، وقبل ذلك علم الكلام، وهي شخصيات من طراز أبي حيان التوحيدي. ومن يقرأ رسائل إخوان الصفا يفاجأ بأن رسالتهم في الموسيقى فذة حتى ان خيري شلبي وصفها بأنها لم يسبق لها مثيل في الدقة العلمية والوصول باللغة العربية الى مرحلة من الشفافية استطاعت به تقنين ما لا يخضع لقانون. ورسالة "إخوان الصفا" عن الموسيقى- كما قال خيري شلبي- كانت ولاتزال أهم مصدر لدراسة هذا الفن واستلهامه إبداعيا، ومما لا شك فيه ان تلاميذهم ومريديهم ودروايشهم من الأجيال التالية قد ورثوا هذا العلم وأضافوا إليه وأبدعوا من خلاله ووظفوه في خدمة الروح الإنسانية وتهذيب النفوس؛ أعظم توظيف. ومن عباءة المنشدين، خرج الذين طوروا الغناء العربي ووصلوا به الى ذروة عالية من القدرة على التأثير القوي في الوجدان حتى أن الذين نبغوا في الغناء الدنيوي هم أولئك الذين هضموا المقامات الصوفية واستوعبوا تجلياتها كابرا عن كابر؛ كما يقول التعبير العربي الشهير؛ ومعظمهم كان يعمل في بطانات المنشدين القدامى ثم أصبحوا بدورهم أعلاما لهم بطاناتهم الخاصة التي يتخرج فيها أعلام جدد. فليس صدفة إذن أن أعلام فن الموسيقى والغناء في مصر في أوائل القرن العشرين وأواسطه، كانوا شيوخا ومنشدين مثل محمد عبد الرحيم المسلوب ودرويش الحريري ويوسف المنيلاوي ومحمود صبح وأبو العلا محمد وعلي محمود وزكريا أحمد وسيد درويش. ومن هنا لم يكن من الغريب أن يلفت عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين للأهمية الثقافية لفنون التلاوة والتجويد والانشاد والموسيقى على وجه العموم كتشكيل للزمان، وهو مجال أسهم فيه المتصوفة بالكثير بقدر ما تتوزع اسهاماتهم الثقافية على مجالات عدة وبعضها لا يخلو من تداخل وتشابك مثل البلاغة والفن والجمال. وكتب التصوف حافلة برموز وأعلام التصوف؛ مثل محيي الدين بن عربي وجلال الدين الرومي والحلاج وابن الفارض ورابعة العدوية وابو الحسن الشاذلي وابو العباس المرسي والسيد البدوي وصولا لعبد الحليم محمود ومحمد متولي الشعراوي. وتكشف طروحات عن حالة شغف بأحوال الصوفية، فيما يتيح الحب تفهم حالات الوجد والتوحد التي تتلبسهم، فيما يستعرض البعض حالات لأعلام المتصوفة مثل الحلاج الذي كانت مأساته عنوانا لمسرحية شعرية للشاعر المصري الراحل صلاح عبد الصبور، والنفري "صاحب الوقفات والمخاطبات"، وابن الجوزي والسهروردي، ناهيك عن أبي الحسن الشاذلي وابي العباس المرسي. ويتفق العديد من المثقفين في مصر والعالم العربي على أهمية الدور الذي ينهض به التصوف في تعزيز قيم التسامح ومواجهة التطرف، فيما أضحت التربية الأخلاقية في التصوف الإسلامي في بؤرة اهتمام الدرس النفسي والاجتماعي والديني. وحتى في الثقافة الغربية ثمة اهتمام كبير وواضح بالتصوف ويعكف بعض المفكرين هناك خاصة من المتخصصين في قضايا التصوف والصوفية على بحث دور التصوف في تذليل العقبات أمام الحوار بين المختلفين دينيا وعقائديا مثل ذلك الكتاب الذي أصدره المستشرق الإيطالي وأستاذ التصوف الاسلامي الدكتور جوزيف سكاتولين؛ بعنوان "تأملات في التصوف والحوار الديني". وإذا كان المستشرق الفرنسي الراحل لويس ماسينيون قد اشتهر بكتابه الصادر في جزءين بعنوان "عذاب الحلاج شهيد التصوف في الإسلام"، فإن للدكتور جوزيف سكاتولين عدة كتب واصدارات في التصوف منها: "ديوان ابن الفارض"، و"التجليات الروحية في الإسلام"، وكذلك جاء كتابه "تأملات في التصوف والحوار الديني"، في جزئين يتناول الأول موضوع الحوار الديني وأبعاده في عصر العولمة، بينما يركز الثاني على عالم التصوف والحياة الدينية الروحية. وكما في نشوة الصبا، تبدع اللغة أجمل الأشياء، فإن الصوفية الحقة وهي تحمل المتعة الروحية والراحة والسلوى من آلام الحياة تقترن أيضا بالتفاؤل والايجابية، فيما سيبقى دور الطرق الصوفية في نشر الإسلام في أفريقيا وآسيا محفورا بحروف من مجد في الذاكرة الإيمانية للأمة. ولعل ثمة حاجة لمزيد من الاهتمام البحثي في مجالات الثقافة والمأثورات الشعبية والأنثربولوجي والفلسفة والتاريخ والاجتماع بالواقع الصوفي في القارة الافريقية، فيما تؤكد مؤشرات عديدة على قوة وفاعلية وأهمية دور التجمعات الصوفية في الحياة الأفريقية، وخاصة في تلك المناطق الواقعة غرب القارة السمراء. وتجليات المشاعر الصوفية قد تجعل بعض الناس من أصحاب الأذواق الرفيعة يحسون بالحقيقة، كما لو كانت شيئا ماديا، وعندئذ تختلط المادة بالمجرد، فإذا بهؤلاء الذين لا يتصورون المجرد يبصرونه ويلمسونه وقد انزاح الفاصل بين الاثنين. وللكلمة عند الصوفية مجد؛ وأي مجد، ولعل فهم ثقافة التصوف يقدم إجابة لسؤال مثل: كيف يمكن لكلمة بفضل ما تعنيه من شكل وموسيقى وعلاقة بغيرها من الكلمات أن تكون صاحبة شخصية ككائن حي وقوة سحرية بقدر ما تعبر عن نفس إنسانية؟ ويقول الدكتور حسن الشافعي؛ رئيس مجمع اللغة العربية: "الأزهر تعانق منذ ثمانية قرون مع الصوفية لما تمثله من قيم روحية وأخلاقية"، موضحا أن "التصوف الحق قوة بالمعنى الاجتماعي". وقد يكون أحد اسباب الالتباسات في العلاقة بين التصوف والشريعة أو بين ما يسمى "أهل الحقيقة واهل الشريعة"، أن "البعض من المتصوفة يتحدث عن التصوف بصورة جعلت الآخرين يظنون خطأ أنه دين داخل الدين، فنفروا وتخوفوا منه". وثمة اتفاق على أن هؤلاء الذين أساءوا للتصوف من داخله؛ "لم يأخذوا منه إلا اسمه ورسمه"، مع تأكيدات واجبة على أن "الصوفى الحق هو الذي كملت لديه التربية النبوية والأخلاقية تماما كما انه لا تصوف بلا تشرع". وأكد الكاتب والسيناريست عبد الرحيم كمال في مقابلة صحفية وجود "ملايين المتصوفين في المجتمع المصري"، معتبرا أن "المحبة والتصوف الحل الأمثل لكل مشكلاتنا".. أما الدكتور عبد الهادى القصبي رئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية فى مصر، فيقدر عدد المتصوفة على مستوى العالم ككل فى ضوء البيانات المتاحة ب 200 مليون شخص. وينوه باحث جاد مثل الدكتور أحمد شمس الدين الحجاجي، الأستاذ بقسم اللغة العربية بكلية الآداب في جامعة القاهرة، بانخراط العديد من المتصوفة المصريين في الانشطة ذات الطابع الوطني. وإذا كان الدكتور حسن الشافعي قد ذهب إلى أن "التصوف الحقيقي هو أقوى القوى الاجتماعية في العالم الإسلامي"، فإن هناك حاجة ماسة لتأمل الصورة الحقيقية للصوفية بكل زواياها وعمقها التاريخي واستخدام أدوات معرفية عربية- إسلامية في التفسير والتحليل والتنظير بدلا من الاعتماد المخجل على أدوات الباحثين في الغربن ناهيك عن أن هذه التبعية تؤدي إلى مزيد من الهيمنة الغربية والتشوهات البنيوية والضلال المعرفي، وهي مسألة مختلفة عن التواصل المطلوب والانفتاح المنشود من موقع الندية لا التبعية وبادراك أصيل للحقيقة المتمثلة في أن أي نص يتكون أصلا في مجال ثقافي هو بدوره جزء من بنية مجتمع. وإذ يدرك الغرب أن التصوف جزء حيوي في نسيج العالم الإسلامي؛ ومن ثم فهو أحد العوامل المؤثرة في تشكيل الخطاب الثقافي والعلاقات الدولية، فاللافت بالفعل هو أن التصوف الإسلامى أمسى موضع دراسات متعددة فى جامعات الغرب وتتردد هناك مصطلحات مثل سياسات التصوف وانعكاساتها على الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط كما تتردد أسماء الطرق والجماعات الصوفية في هذه الدراسات مثل النقشبندية والجيلانية والقادرية. ومن الذي بمقدوره أن ينكر دور الحركات الصوفية في نشر الإسلام في أفريقيا وآسيا الوسطى وصولا لنهر الفولجا في روسيا وحتى تخوم الصين وأن الصوفية فى جوهرها، كما أشار الامام أبو حامد الغزالي منذ القرن الحادي عشر الميلادي، هي علاقة بالغة الخصوصية بين العبد والرب؟ ويمكن الانطلاق من هذا التوصيف للقول بأن التصوف الحق يوسع من نطاق الحرية الانسانية، فيما لا يجوز تناسي أن أحد الأسئلة الكبرى لثقافة التصوف كجزء من التقاليد المعرفية الإسلامية ككل وهو: "كيف السبيل للمعرفة الحقة وما الذي نستطيعه ويجوز لنا معرفته كبشر؟". فالتصوف الحق ثورة انسانية، كما أن عملية النمو الروحى بكل مجاهداتها ومجالداتها هى اختيار للانسان بكامل حريته وملء ارادته ولا يجوز فرضها من خارج الانسان ولا موضع فيها لنفاق أو مراءاة ومن ثم فهي "عملية ديمقراطية تماما". وعلى طريق المعرفة، ولج مفكرون مصريون وعرب من أبواب ثقافة التصوف ساعين للنهل من هذا العالم الثري.. وتحتفظ الذاكرة الثقافية العربية باسهامات جليلة لأستاذ الفلسفة الراحل الدكتور عبد الرحمن بدوي صاحب كتاب "شهيدة العشق الالهي". وكان الاديب المصرى الراحل الدكتور زكى مبارك قد قدم للمكتبة العربية كتاب "بين التصوف والأدب"، كما قدم الإمام الأكبر الراحل شيخ الأزهر الدكتور عبد الحليم محمود سلسلة غنية من كتب التصوف والثقافة الصوفية فيما أبحر صاحب نوبل وهرم الرواية المصرية والعربية نجيب محفوظ فى التصوف ضمن بحاره الابداعية كما يتبدى على وجه الخصوص فى رواية "ليالي ألف ليلة". وإذا كان السؤال المؤرق لنجيب محفوظ قد انصب على النظام الذي يحكم الكون، فإن إجابته الابداعية على هذا السؤال والتي تجلت في ابداعات روائية عديدة انما اعتمدت إلى حد كبير على معين التصوف واشراقات الصوفية. واذا كانت الثقافة الصوفية فى أحد معانيها قراءة مجاهدة للذات والوجود ثم الكتابة أو الشهادة بعد هذه القراءة، فإن تلك الثقافة لها مددها الفني الابداعي لقلوب تنهل من شهد المحبة ونفوس تذوب عشقا وشوقا لحبيب ليس كمثله حبيب.