صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، كتاب "المجتمع العميق: الشبكات الاجتماعية والاقتصادية للجماعات الأصولية في مصر"، للدكتور عمار علي حسن وهو العدد الأول من سلسلة "دراسات إنسانية" التي يشرف عليها الدكتور شاكر عبد الحميد؛ الناقد المعروف ووزير الثقافة الأسبق. يحوي الكتاب، الصادر في 350 صفحة، سبعة فصول؛ أولها بعنوان "المعنى والمبنى.. مفهوم المجتمع العميق وصلة الإسلام السياسي به"، وفيه تحليل نظري لهذا المفهوم وعلاقته ب"الدولة العميقة"، والمصطلحات المتشابهة معه، وأسباب انطباقه على الجماعات والتنظيمات التي توظف الدين في تحصيل السلطة السياسية وحيازة الثروة الاقتصادية. وعنوان الفصل الثاني هو "الخط الموازي.. موقع الإخوان والسلفيين على الخريطة الدينية المصرية"، وفيه عرض لوجود وإمكانات وتصورات المؤسسات الرسمية الإسلامية مثل الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء، والمؤسسات الرسمية المسيحية، وهي الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية، ثم الحركات الدينية غير الرسمية كجماعة الإخوان، والجماعات الراديكالية والجهادية، وأقباط المهجر، والجمعيات الخيرية والدعوية الإسلامية والمسيحية، والطرق الصوفية، ثم السياق الخارجي المساهم في صناعة "الإسلام السياسى". والفصل الثالث وعنوانه "عامل مساعد.. الدولة المصرية وحيازة الإخوان لرأسمال اجتماعي"، يبين مساعي هذه الجماعات للوصول إلى أعماق المجتمع كغاية، وعهد الرئيس السادات كفرصة لتغلغل الإخوان في المجتمع، في ظل وجود مصالح بين الطرفين، وكذلك تشابه يقوم على التحايل، وإضفاء صبغة دينية على الممارسة السياسية، والسعي لبناء العمق الاجتماعي، والخلاف مع عهد جمال عبد الناصر، والتوجه اليميني، واستعمال العنف وسيلة للتغيير، ثم كيفية توظيف الإخوان لإرث السادات في عهد مبارك وبعده. وأعطى الكاتب الفصل الرابع عنوانا لافتا هو "التمسكن والتمكن.. وسائل التمدد الاجتماعي لدى الإخوان" وفيه يشرح مفاهيم العائلة الأيديولوجية، والرأسمالية المتوضئة أو الإمكانات الاقتصادية للإخوان، ومسألة "دين الدولة"والسيطرة على المجالين القانوني والاجتماعي لإقامة "دولة الدين"، ثم الحسبة عند الإخوان كبديل لشرطة الدولة وسلطتها، وفيه شرح لرؤية الإخوان لقضية الحسبة في زمن "الصبر"، وشرطة الجماعة أو وكلاء الحسبة أيام "التمكن، والتنسيق مع التنظيمات الجهادية، حيث يبين أوجه الاتفاق والافتراق بين الطرفين من حيث الأفكار مثل "الحاكمية" و"العصبة المؤمنة" و"أستاذية العالم" وكذلك الممارسة وتبادل المنافع، وأيضا تبادل المنافع مع السلفيين، وطبيعة العلاقة بين الطرفين التي تقوم على التوازي والتقاطع والتعامد. وينصب الفصل الخامس الذي أخذ عنوان "اللحى الطويلة.. العمق الاجتماعي والتاريخي للتيار السلفي" على عرض وتحليل معارف السلفيين وخريطة وجودهم وأصنافهم، من حيث السائل والصلب، والدعوي والحركي، والمحافظ والإصلاحي، والموالي والمعارض، والمستأنس والخارج، ثم يعرج على الشبكة الاجتماعية للسلفيين في مصر. أما الفصل السادس وعنوانه "العودة إلى السطح.. انكشاف العمق الاجتماعي للإخوان والسلفيين" فيبين مظاهر فقدان العمق الاجتماعي للإخوان والسلفيين في مصر، مع أفول سحر الخطاب المتأسلم، والسيطرة على منافذ الوعظ ومراقبتها، واستهداف مؤسسات الرعاية الاجتماعية التابعة لهم، والمواجهة الشعبية، وإعادة صياغة الصورة الإخوانية والسلفية، وتقليص قدرة الإخوان والسلفيين على التعبئة والتجنيد، وتزعزع المنتمين لهما. ثم يحلل الكتاب العيوب المتأصلة التي تؤثر على فرص احتفاظ "الإسلام السياسي" بعمقه، وتطوره الحلزوني. وأخذ الفصل السابع عنوانا لافتا هو "طريق الخلاص.. التنوير والإصلاح الاجتماعي" وفيه شرح لمعنى التنوير وضرورته الآن، وشروطه، التي يجملها الكاتب في أن يكون الإيمان مسألة فردية، والعقل يكمل مسيرة الوحي، والالتفات إلى الوعي الأخلاقي، والتمييز بين الدين والسلطة السياسية، والعمل على تحديث المجتمع. وينتهي الكتاب بمطالبة بإصلاح تعليم الإسلام وتعاليمه كخطوة لازمة نحو التنوير، ثم يطلب الانتقال من التفكير إلى التدبير، عبر إجراءات للمواجهة، هي دحض الأفكار، وتحجيم الأدوار، وإطلاق الحوار. ويقول الكاتب في مقدمة الكتاب: "لا يتناول الكتاب العمق الاجتماعي للإخوان والسلفيين في مصر منبت الصلة عن التفاعل الدائم بينهما وكذلك علاقتهما بالتنظيمات والجماعات الجهادية، كما عمد إلى عدم الوقوف عند تشخيص ظاهرة تغلغل التيار الديني المسيس في المجتمع المصري، إنما نظر في وسائل التصدي لهذا من خلال التنوير والإصلاح الاجتماعي، مثلما سبق أن كتب كثيرا في الاتجاه الآخر، وهو مواجهة الحمولات السلبية للدولة العميقة في مصر". يشار إلى أن هذا الكتاب هو العشرين للمؤلف في علم الاجتماع السياسي إلى جانب كتابين في النقد الأدبي وكتابين في التصوف الإسلامي، علاوة على خمسة عشر عملا أدبيا عبارة عن تسع روايات وخمس مجموعات قصصية وقصة طويلة للأطفال.