استقبلت مؤسسة الأهرام مساء اليوم، أمسية ثقافية أحتفاءً برواية "شيطان صغير عابر" للكاتب الصحفي محسن عبد العزيز بقاعة توفيق الحكيم بمقر المؤسسة، بحضور نخبة من كبار الكتاب والمثقفين، وعلى رأسهم: هشام يونس، رئيس تحرير "بوابة الأهرام"، الروائي الدكتور بهاء عبد المجيد، الشاعر محمد حربي، الكاتب أسامة الرحيمي، الكاتب الصحفي سمير السيد، الكاتب خالد عميرة، الكاتب مصطفى عبادة، والكاتب محمد هلال. وقال الكاتب الصحفي سمير السيد: قرأت الرواية من زاوية استثنائية، متابعا: "كلانا قادم من الأقاليم، ننتمي للطبقة الوسطى". ويضيف: شعرت في هذه الرواية بتطور تجربة عبد العزيز الإبداعية، مشيرًا إلى مجموعتيه القصصيتين الصادرتين سابقًا. مشيرا إلى أنه تطور إنسانيًا ونفسيًافي هذه الرواية. ويقول الكاتب أسامة الرحيمي إن الرواية أنقذته من مسألة مجاملة الأصدقاء، مضيفا أن الكاتب استطاع أن ينظم كمًا كبيرًا من الشخصيات داخل روايته ك"المسبحة"، على حد قوله. وأضاف أن ما لفت نظره أيضًا "البراءة الفخ". مشيرًا إلى قدرة الكاتب على جذب القارئ للدخول في عالم مكون من شخصيات عديدة، ومختلفة. ويستدرك: خالفه الحظ في الختام والشخصيات الأخيرة، التي لم تكن مرتبطة بالقرية. ويصف الكاتب بأنه "عميق، حميم، وماكر"، ويعلل: عميق لأنه صور حقيقة وتناقضات الشخصيات والأماكن، وحميم لأنه صور كل ما عشناه، وماكر لأنه تمكن من نقل كل هذا بشكل ناعم وجميل. ويشير الرحيمي إلى أن الرواية، بفصولها القصيرة، كان من الممكن أن تقدم بصفتها قصصًا قصيرة. وفي تعليق على ما يخص الفصول الأخيرة من الرواية، التي رأى الرحيمي أن الكاتب خالفه الحظ فيها، يقول الشاعر محمد حربي، الذي أدار الجلسة: هذا سرد يناسب اللحظة ويناسب المكان، في القرية لا نتكلم كثيرًا، نكتفي بالإشارات، فبعبور الجسر بين القرية والمدينة لابد أن يختلف السرد. وفي كلمة له يقول الشاعر مصطفى عبادة: نحن جيل نما بين نوعين من التطرف، مشيرًا إلى ما وصفه بتطرف اليسار وخروجه، حسب قوله، عن هجومه للإمبريالية إلى انتقاده لما يحدث داخل بلاده، وعلى الجانب الآخر التطرف الديني الذي بلغ ذروته في التسعينيات من القرن الماضي. ويضيف: نحن، الذين نشأنا في الأرياف، لا معلم لنا إلا الكتاب، نعرف ما نقرأ ونقرأ من نعرف. ويتساءل: هل هذه رواية أم شهادة؟ ويجيب: لو قلنا رواية لافتقدنا رؤية متكاملة للعالم. ويرى الروائي د.بهاء عبد المجيد إن "جمالية الرواية تكمن في أنها تشبه الأداب العالمية التي تحظى بلغة بسيطة"، مضيفًا: "ولكنك تلحظ عمقها في صدقها، وفي أنها تعكس صفات إنسانية". ويتابع: الرواية تحكي عالم الطفولة والنضج ووصول البطل إلى حقيقة وجوده من خلال اكتشاف مراحل الذات، مضيفًا: إن وصفناها في إطار نظري فهي رواية "نمو الذات"، وهذا نوع أدبي معروف في الرواية الإنجليزية. ويستطرد: هناك ملمح مهم هو فكرة الطبيعة، فعالم القرية يساعد في التعرف على العالم، وفقدان الأم، وهي مركز التعلم، أدى لاعتماد الشخصية على نفسها في التعرف على الأشياء. ويتساءل عبد المجيد حول هل هي سيرة ذاتية حقيقية أم ملفقة، حسب التعبير الأكاديمي، مجيبًا: السيرة الذاتية متحققة أكثر في المجتمع الأوروبي والأمريكي، فهو هنا –مشيرًا إلى عبد العزيز- لا يصرح مثلًا باسم رافع (الصحفي الفاسد). ويربط بناء الرواية، التي تتكون من عدة فصول منقسمة إلى أجزاء أصغر حجمًا، بالمذهب النفسي الألماني المعروف بالجيشتالتية، الذي يرى بأن العقل قادر على تكوين شكل من نماذج مشوهة أو غير مكتملة، مشيرًا إلى تكوين صورة متكاملة من الفصول المبعثرة، التي تبدو للوهلة الأولى منفصلة. وفي كلمته يتوقف الكاتب محمد هلال عند لغة الرواية، معلقًا على دمج بعض الكلمات العامية في السياق، الأمر الذي، حسب قوله، يجعلها تبدو وكأنها كلمات فصيحة. ويعلق حربي على هذه الجزئية قائلًا إنه في سياق القرية، وما دام الكاتب يتحدث بلسان، أو عن، شخصيات غير متعلمة أو غير مثقفة، فإن إدراج هذه الكلمات العامية يبدو مقبولًا، حسب رأيه. أما الكاتب خالد عميرة فيقول تعليقًا على "شيطان صغير عابر": أهم ما أحب ذكره أنها جاءت بعد مجموعتين قصصيتين، فجاء مستواها أعلى كثيرًا، رغم جودة المجموعتين، مضيفًا أن الكاتب لم يتحرر تمامًا من قالب القصة القصيرة، مشيرًا إلى المقاطع صغيرة الحجم التي تتكون منها فصول الرواية. ويضيف عميرة: هناك جانب أخلاقي يتمثل في ذكر أسماء الشخصيات التي تقوم بفعل إيجابي، في حين يبتعد عن التسمية المباشرة لذوي الأفعال السلبية. ويعود إلى إشكالية الفصلين الأخيرين، واصفًا إياهما بأنهما "بعيدان عن نسيج الرواية، فجأة نجد أن الراوي اختفى". ويعلق على هذه الإشكالية الكاتب الصحفي هشام يونس قائلًا: في شخصية "رافع بك" – الصحفي الفاسد- طلبت أن تعاد كتابه الفاصل الخاص به، نظرًا لاختفائه في هذا الفصل، مضيفًا: هو جزء مهم في رحلة الشيطان الصغير، يعرف أهميته من هم في المجال الصحفي، فطلبت منه تدخلًا بتقسيم هذا الفصل. ويعلق الكاتب محسن عبد العزيز على هذه الجزئية بأنه أراد للقارئ أن يقرأ الشخصية كشخص لا يعرف رافع بك، أي من خارج المجال الصحفي.