"لم تكن مصر كأى دولة على مستوى العالم؛ فهي الأعرق والأقدم في التاريخ حباها الله بخصائص متميزة منذ العصر الفرعوني، أسست أول جهاز إداري في العالم، كما إنها احتضنت في أرضها كل الديانات السماوية، كانت المنارة التي ينبثق منها الثقافة لأقرانها من دول الجوار ودول العالم كافة؛ حيث تعد المركز الوحيد للقوى الناعمة في المنطقة وأثرت في كافة الدول العربية والأفريقية... فكيف أصبحنا الآن لا ندرك قيمة مصرنا؟!"... بتلك الكلمات عبر فارس الدبلوماسية المصرية مصطفى الفقى عن ما آلت إليه الأوضاع في الشارع المصري اليوم خلال الندوة التى نظمها قطاع خدمة المجتمع وتنمية البيئة بكلية الألسن جامعة عين شمس بعنوان "مصر عصيه على السقوط"، تحت رعاية أ.د.عبد الوهاب عزت رئيس جامعة عين شمس، أ.د. منى فؤاد عميد الكلية، وإشراف أ.د. سلوى رشاد وكيل الكلية لشئون القطاع. أكد عبدالوهاب عزت، رئيس الجامعة خلال كلمته الافتتاحية على أن مصر تمتلك من المقومات الثقافية والحضارية التى أهلتها لتصبح الدولة الوحيدة على مستوى العالم التى تضم مجموعة متنوعة من الديانات والطوائف تحت راية وطنية موحدة لا فرق داخلها بين عرق أو دين أو لون أو مذهب على مر تاريخها. أوضحت منى فؤاد عميد الكلية أن الندوة تأتي في إطار فتح باب الحوار الموضوعي مع شباب الكلية ومنحهم فرصة للتعبير عن أرائهم وأفكارهم بهدف الإهتمام بهذه الشريحة العمرية وقضاياها حتى لا يفعوا فريسة سهلة للتطرف والإرهاب. وأشارت سلوى رشاد وكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة إلى أن إدارة الكلية حريصة كل الحرص على الإسهام في تحسين الصورة الذهنية السلبية عن مصر لتقديم صورة صحيحة تعزز الشعور بالإنتماء والوطنية والتصدى للصورة التى تصدرها وسائل الإعلام الغربية بهدف تضليل شبابنا وخلق مناخ تشاؤمي بين أفراد الشباب المصري. وتابع مصطفى الفقى حديثه مؤكدًا على أن كافة أنظار العالم تتجه صوب الأحداث في مصر، حيث أن دول العالم تخشى من إنطلاق مصر حتى لا تحلق عاليًا فوق الجميع ؛ وفي نفس الوقت أيضًا فإنها تخشى من سقوطها لأنها لو سقطت فستسقط منطقة الشرق الأوسط بالكامل لما لها من دور محوري في الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن مصر هي دولة ذات دور إرتكازي يدور في فلكها 22 دولة عربية حتى لو إختلفوا معها فإنهم دائمًا ما يتحركون وفق رؤيتها. وإستطرد قائلًا أنه بعد معاهدة كامب ديفد شهدت مصر قطيعة لم تعهدها من أقرانها العرب في الوقت التى كانت تسير فيه على النهج الصحيح، ولم تسقط مصر ولم تركع لمطالب رأت انها لا تتناسب مع رؤيتها المستقبلية، حيث كانت الدولة التى تحملت على كاهلها مسئولية القضايا العربية، وفي ذلك الوقت كانت الدول الإفريقية هي الظهير الوحيد لمصر، ولذلك فتركت اثارها في كافة اركان القارة الإفريقية وقدمت يد العون لهم في شتى المجالات العلمية والبحثية والإستشارية إستشعارًا منها بدورها الريادي في المنطقة العربية والإفريقية. وأضاف أن مصر كانت هي الحصن الذي دافع عن قضية العروبة والحفاظ عن الهوية العربية من الإختفاء بعد سلسلة الهجمات المتتابعة على مصر العصور بداية من عدوان التتار مرورًا بإحتلال الرومانيين والأمويين والعباسيين وحتى الإحتلال الفرنسي والبريطاني لمعظم الدول العربية، مؤكدًا على أن مصر حافظت على المنطقة العربية والإسلامية وفق رؤيتها، لذلك فيجب أن يدرك الشعب المصري أن كافة الحملات التأمرية التى تحاك ضدنا تستهدف عرقلة مسيرة الإصلاح التى بدأها رئيس الجمهورية من خلال القرارات المصريرة التى إتخذها في الفترة الأخيرة. وأوضح الفقى أن مصر هي الدولة العربية الوحيدة التى لم توجه أى ضربة عسكرية للشعب الفلسطيني بالرغم من ما تتعرض له من ضربات في معبر رفح وعبر الأنفاق التى حفرتها بعض الجماعات الإرهابية على الحدود المصرية الفلسطينية، وذلك لأن مصر تتحمل مسئوليتها التاريخية تجاه الشعوب العربية برغم كافة الضغوط التى تتعرض لها. وعن الوضع الحالي لمصر أشار إلى أن الأجيال تتابعت إلى أن وصلنا إلى جيلًا لا يدركون قيمة الدولة المصرية ويتعاملون معها دون وعي ودون حياء أحيانًا، مؤكدًا على أن مصر مرت بظروف أسواء من الوضع الحالي الذي نتج عن تأجيل الحل الوحيد للنهوض بمصر منذ يناير عام 1977 بعد أن تراجع السادات في قرارة برفع الدعم عن المواطنين، وما كان يمكن إصلاحة في الماضي أصبح الأن حلًا فادحًا في 2016، لافتًا إلى أن ما نمر به اليوم هو نتيجة تراكمات على مر عقود متتابعة. وأكد أن مصر تسير في الطريق الصحيح بعد رفع الدعم بشكل جزئي عن المواطنين وإرتفاع سعر الدولار مما سيؤدى إلى إرتفاع الصادرات المصرية للخارج، وشدد على أن مصر خلال من ثلاث إلى خمس سنوات القادمة ستصبح أحد أكبر القوى الإقتصادية على مستوى العالم، لافتًا إلى أن الشعب المصري يستطيع أن يتأقلم لبعض الوقت مع الظروف الإقتصادية المتردية الأن حت تستطيع الدولة أن تستعيد عافيتها الإقتصادية مرة أخرى وهو السبيل الوحيد لبناء مصر الحديثة مرة أخرى.