سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اغتيال الأنوثة.. إجراء عمليات ختان سري للبنات في عيادات نص الليل.. فتاة تنجو من الموت بسبب نزيف دم.. مواطنون: ضرورة.. وأطباء: جريمة.. واليونيسف: الوضع خارج السيطرة في الأقاليم رغم تغليظ العقوبة
شرف البنت عود كبريت، اعتقاد مقدس وغير قابل للنقاش عند كثير من الأسر المصرية التي مازالت تؤمن بضرورة الحفاظ على بناتهن وشرفهن ب "بالعفة والختان"، رغم قرار رئيس الجمهورية في نهاية سبتمبر الماضي بتغليظ العقوبة ضد كل من يقوم بختان أنثى. على كل تعددت الآراء والحيل والختان واحد وقاتل، طوال الفترة الماضية أرقام مخيفة لجراحات الختان في مصر، الذي يصفها البعض من الأطباء ب"الجرح الحرام"، والآراء متناقضة حول تأييدها ورفضها، قطاع من الآباء يؤيدها، وجمع غفير من الأمهات يرفضونها، الأطباء يرونها "جريمة" واليونيسف فشلت في السيطرة على الوضع في الأقاليم وصعيد مصر بسبب العادات والتقاليد واضعة يدها "ف الشق" مع استمرار الظاهرة رغم تغليظ العقوبة. أحدث ضحايا هذا النوع من الجراحات فتاة من ريف البحيرة تم إنقاذها قبل أيام من الموت بسبب نزيف دم حاد حدث خلال جراحة ختان في عيادة خاصة ليلا، على الجانب الآخر لوحظ أن القياسات الأخيرة لمنظمة اليونيسف أظهرت أنه حتى وإن كان الصومال وغينيا يتصدران القائمة السوداء لتعدى النسب في هاتين الدولتين ل95% إلا أن عدد النساء المتضررات في البلدين محدود بالمقارنة بمصر التي تضم أكبر تجمع لنساء وفتيات أجرى لهن عمليات ختان، بواقع 27.2 مليون امرأة وهو العدد الأكبر في العالم بأسره، مما جعل منظمة يونسف مصر تعلن في شهر فبراير الماضي، بلوغ مصر المركز الأول في معدلات ختان الإناث العالمية. اللافت أن تسارع معدلات ختان الإناث وانتشار المفاهيم الخاطئة دفع منظمة اليونيسف لإعادة طباعة كتاب "ختان الإناث بين المغلوط علميا والملتبس فقهيا" بمشاركة نخبة من كبار علماء الأزهر، بعد رصد ظهور أفكار مغلوطة علميا وملتبسة فقهيا تسمح بانتشار ممارسة عادة ختان الإناث وضعف جهود محاربتها. هبة، "اسم مستعار"، وضحية، فتاة أنيقة يحسدها كل من يعرفها فهي آية في الجمال تنتمي إلى عائلة ثرية أصولها صعيدية، حصلت على تعليم في أرفع المدارس والجامعات، وحظيت بزوج يُشهد له بحسن الخلق والثراء، لكن الطلاق السريع كان من نصيبها، والسبب هو البرود الجنسي الذي تعانيه نتيجة عملية الختان التي أجريت لها في طفولتها. "قالت هبة، لو عاد بي الزمن لتمسكت بالقطعة التي قطعت من جسدي وأفسدت حياتي، ما زلت حتى الآن أذكر عيادة الجزار الذي أجرى لي الختان قبل 10 سنوات في محافظة المنيا، لم تفارقنِي ملامحه حينما كان زوجي يقول "أنا حاسس إن معايا طوبة"، هكذا وصفت معاناتها. بينما تستعد والدة حسناء، المقيمة في مدينة المنصورة، بلهفة لإتمام شراء مستلزمات زواج ابنتها الكبرى؛ تترقب الفتاة التي أتمت عامها الثامن عشر، المشهد بخوف شديد من الزواج الذي أصبح بمثابة الكابوس بالنسبة لها، هو يذكرها بصدمتها الكبرى عند إجراء عملية الختان لها قبل 5 سنوات. قالت حسناء: "أتذكر جيدا نظرات جدتي لوالدي ومعايرتها لوالدتي مع كل زيارة، في البداية لم أفهم السبب لكن بعد ذلك فطنت إليه، مازلت أتذكر المشهد يومها دخلت لعيادة طبيب أطفال وداخل غرفة الكشف انتهكت إنسانيتي بوحشية كدت أفقد حياتي من قوة الألم؛ وزادت حسرتي عندما عرفت أضرار المذبحة التي تعرضت لها". هل تقبلين على إجراء الختان لابنتك رغم خطورة ذلك على حياتها؟ سؤال طرحناه على أم تعمل في حارسة عقار، ردت على السؤال: "لازم أطاهر البنت وإلا اتفضحت في وسط أهلي"، موضحة أن العملية أصبحت أكثر أمانا نظرا لإجراء الطبيب لها، وذكرت أنها تعرضت للختان عندما كانت في الثامنة، وأضافت: "بدون ختان، تصبح الفتاة مفعمة بالرغبة الجنسية، سألناها، ألا تخشى القانون والعقوبة؟ وردت "لم أفكر إلا في مصلحة بنتي، ومصلحتها في ختانها". الحاجة هانم سيدة 60 سنة، تعجبت من اهتمام الصحافة بمناقشة وإثارة موضوع ختان الإناث وقالت: "ياما بنات بتعمل العملية وبتموت إحنا بنحافظ على شرفنا؛ لأنه أغلى حاجة عندنا، ولما يعملها دكتور أحسن من الداية أو حلاق الصحة". رضا الدنبوقي، مدير مركز المرأة للإرشاد والتوعية، ومحامي قضية ضحية الختان سهير، أوضح أن مواجهة إجراء الأطباء لختان الإناث لا يحتاج إلى تعديل تشريعي؛ لأن القانون موجود لكن ينقصه وجود إرادة سياسية لتنفيذه. وعن قضية محاكمة طبيب الختان قال: إن والد سهير الفتاة المتوفاة من جراء الختان، تصالح مع الطبيب بعد الحصول على تعويض مادي وصدر بالفعل حكم قضائي ببراءة الطبيب، ولكن بسبب الضغوط الدولية تغير مسار المحاكمة، وقال: "تلقيت تهديدات بعد صدور الحكم وقيل لي "بكره يحصل لأهلك"، كما تصادمت مع محامين ورجال دين من الرافضين للحكم". سارة الشافعي، مدير برامج الجمعية المصرية لتنظيم الصحة، أوضحت، أنها من خلال عملها رصدت أن أغلب ممارسات الأطباء للختان تحدث في مناطق عشوائية أو ريفية، بهدف التربح المادي رغم علمهم التام أنه لا فائدة طبية على الإطلاق من ختان الإناث، كما أنه لا يدرس في كليات الطب. دعت الشافعي إلى تدريس أضرار الختان النفسية والصحية والمعتقدات الاجتماعية الخاطئة، فضلا عن التوعية بالعقوبة المفروضة على الأطباء. يذكر أن الرئيس السيسي قد أصدر نهاية سبتمبر الماضي قانون رقم 78 لسنة 2016 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات بتغليظ العقوبة ضد كل من قام بختان أنثى.