لا تكلُّ الأحزاب الإسلامية من التفكير والتخطيط، لعقد صفقات مع النظام الحالي، للإفراج عن الرئيس المعزول محمد مرسي، فعلى الرغم من أنها تعلم علم اليقين أن مبادراتها وصفقاتها مرفوضة شعبيا، فإنها مستمرة في هذا الاتجاه، ومن أبرز هذه الأحزاب "الأصالة والأمة والوسط"، حيث أطلقوا مبادرة جديدة، في محاولة لإقناع المعزول بعدد من الاقتراحات التي تتضمن تهدئة الأوضاع السياسية الحالية، ومن ثم طرحها على الحكومة الحالية للموافقة عليها. وكشف حسين عبدالرحمن، المتحدث الإعلامي لحركة "إخوان بلا عنف"، المنشقة عن الجماعة، في تصريحات ل"البوابة نيوز"، عن مبادرة الأحزاب الإسلامية التي تم طرحها من قبل أحزاب "الأصالة والأمة والوسط"، وعدد من التيارات السلفية، وقال: إن الخطوط العريضة للمبادرة تتمثل في عودة مرسي للحكم لمدة 6 أشهر وإعلان استقالته بعدها، وإصدار بيان يعترف فيه بثورة يونيو، لتهدئة شباب الجماعة المحتقنين بعد بيانه الأخير، والإفراج الفوري وغير المشروط عن قيادات الجماعة، وتعهد من الحكومة والرئيس المؤقت عدلي منصور بعدم حل حزب الحرية والعدالة، وحظر وجود مادة تُلغي الأحزاب الدينية، على أن يتم التفاوض في نهاية الشهر الجاري، مؤكدًا أنه من الممكن أن تستجيب الحكومة للتفاوض، مع تقديم ضمانات من "تيار الإسلام السياسي" بقبول الدستور وعدم الحشد للتصويت ب"لا". وقال أحمد بان، الباحث في حركات الإسلام السياسي، إن الأحزاب الإسلامية التي أعلنت عن زيارة مرسي في محبسه، خلال الفترة القادمة، لإقناعه بعدم التصعيد السياسي، وعدوله عن فكرة عودته إلى الرئاسة مرة أخرى، تأتي في إطار رضوخ جماعة الإخوان للمعطيات السياسية الحالية، مؤكدا أن جميع الأحزاب الإسلامية هي جزء ممن يسمون أنفسهم "تحالف دعم الشرعية"، وهم الفئة الداعمة حاليا للجماعة، موضحًا أن تلك المبادرة بالتأكيد من تدبير الجماعة، ولكن منعًا للإحراج السياسي تم إعلانها من قبل تلك الأحزاب المؤيدة للإخوان، وأن مرسي عليه طاعة أوامر قيادات مكتب الإرشاد، ومن الممكن أن يقبل بتلك المبادرة. وقال سامح عيد، الباحث في حركات الإسلام السياسي، إن تحالف دعم الشرعية وقياداته غير مستقرين سياسيًّا في موقفهم الداعم للإخوان، وإن بعض قياداته هاجمت الجماعة علنًا في عدد من وسائل الإعلام "كعبود الزمر والشيخ ياسر برهامي"، كما أن هناك بعض القيادات لم تقتنع حتى الآن بخارطة الطريق وثورة يونيو، فكيف يمكن أن يقنعوا مرسي بها؟ وأكد عيد أن مرسي رجل ينفذ الأوامر فقط، وليس لديه أي قدرة على اتخاذ القرار، كاشفا عن عقد مؤتمر يومي 17 و18 من شهر نوفمبر الجاري بالأردن، يضم كبار قادة الأحزاب الإسلامية في الشرق الأوسط، وسيحضره راشد الغنوشي، وبرعاية التنظيم الدولي للإخوان، وسوف يُناقش فيه تلك المبادرة، وآليات الخروج من الأزمة السياسية الحالية لتيار الإسلام السياسي، عقب سقوط الإخوان في مصر. من جانبه، قال إسلام الكتاتني، المنشق عن جماعة الإخوان، إن جميع المبادرات التي تُطرح حاليًّا تصب في مصلحة الجماعة حيث تُكسبها قوة وأهمية، وكأنها تتعامل سياسيًّا من مُنطلق قوة، ولا بد أن يعترفوا أن مرسي وتنظيم الإخوان سقطوا شعبيًّا، والآن مرسي يُحاكم أمام هيئة قضائية عادلة، وهي التي ستفصل في جرائم الإخوان التي ارتكبوها ضد الشعب المصري، وإذا لم يقتنعوا بذلك فلا بد أن يتم "معالجتهم نفسيًّا". بينما قال عمرو عمارة، المنشق عن جماعة الإخوان، إن الفشل الذريع هو حليف تلك المبادرة، حيث إن مرسي ليس بيده أي قرار، والقرار السياسي داخل الجماعة نابع من قيادات مكتب الإرشاد والتنظيم الدولي للإخوان، كما أن هناك رفضا لتلك المبادرة من عدد كبير من شباب جماعة الإخوان، حيث يرفضون المصالحة مع القيادة السياسية الحالية، وإبرام أي اتفاق مع الحكومة سيسبب أزمات جديدة طاحنة لتنظيم الإخوان.