خلال الاجتماع التنسيقى الثالث للقائمة الوطنية :تدشين «ملتقى الأحزاب السياسية» لتبادل الرؤى    بدعوة من السفير الفرنسي..محافظ الجيزة يشارك في احتفالية العيد القومي الفرنسي    عثمان علام يكتب: سوق السيارات على فين !    وزير الخارجية والهجرة يشارك في الاجتماع الوزاري الخامس لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي ودول الجوار الجنوبي    محمد شريف: الأهلي اختياري الأول دائمًا.. وأتمنى الفوز بكل البطولات    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق مخلفات ببنها| صور    تامر حسني يعلق على تعاونه مع محمد منير في «الذوق العالي»    الغذاء الصحي.. سر العظام القوية والعضلات الفعالة    يحكُم منذ 1982 ومرشح ل«أجل غير مسمى».. 17 معلومة عن «أقدم رئيس دولة في العالم»    أحمد موسى عن التسجيل الصوتي المنسوب ل كامل الوزير: وزير النقل يتعرض لحملة استهداف ممنهجة    قناة الأهلي: رغبة أحمد عبد القادر الأولى هي اللعب للزمالك.. ولن يرحل إلا بالقيمة المناسبة    سيصبح الأغلى.. تقارير: إيكيتيكي مطلوب في نيوكاسل يونايتد    تقارير: شرط ليفربول لبيع هارفي إليوت ل تشيلسي    إسماعيل مسعود: فخور بالانضمام لمنتخب مصر للسلة.. وأتطلع لتحقيق إنجازات كبرى    عرض سعودي لضم نجم المصري مقابل مليون دولار    محافظ القليوبية: مشروعات خدمية وتنموية جديدة في خطة 2025-2026 لتحقيق نقلة نوعية    محافظ الإسكندرية: جاهزون لاستقبال 2.8 مليون مصطاف هذا الصيف.. وترميم 144 عمارة على الكورنيش    نحتاج إجابات واضحة    المعتدى عليه في واقعة "توك توك أرض الجمعية": مش عاوز أبقى تريند.. وشهاب لازم يكون عِبرة لغيره    كوادر بشعار «أنا مسئول» |«الوطنية للتدريب» تطلق مبادرات تمكين المرأة والشباب    جريدة مسرحنا ترصد مشاركات الثقافة الجماهيرية ومواسم المسرح في عددها الجديد    القومي للمرأة يهنئ النائبة الدكتورة جيهان زكي بمنحها وسام «جوقة الشرف»    رئيس الوزراء يصدر قرارا بالتشكيل الجديد للمجلس الأعلى للثقافة    جوزيف عون: وحدة الأراضي اللبنانينة ثابتة وطنية.. ويحميها الجيش    «كفر الشيخ»: تطبيق استراتيجية الوزارة استعدادًا لتدشين مبادرة «100 يوم صحة» غدًا    هيئة الإسعاف عن دخول أول إسعاف بحري الخدمة بالإسكندرية: نقلة جديدة تخدم قطاع السياحة    أمين الفتوى يكشف عن أركان وشروط صحة الصلاة: لا تصح العبادة بدونها    أمين الفتوى: صلاة المرأة في العمل أو بالأماكن العامة صحيحة وهذا هو الأفضل    جنات تعود بألبوم ألوم على مين وتطرح أغانيه تدريجيا خلال يوليو الجاري    «ممنوع عنه الزيارات».. آخر تطورات الحالة الصحية للفنان لطفي لبيب    صحة الإسماعيلية: غلق 6 مراكز إدمان والطب النفسي دون ترخيص    مصر والأصدقاء الأفارقة    كيفية تطهر ووضوء مريض القسطرة؟.. عضو مركز الأزهرتجيب    الولايات المتحدة تعرض السيطرة على الممر الأكثر جدلا في العالم ل 100 عام    خطة متكاملة لرفع كفاءة محطات الصرف بالفيوم وتدريب العاملين على الطوارئ    تراجع مؤشرات بورصة الدار البيضاء في ختام تعاملات اليوم    فيديو .. طفل يقود سيارة على الطريق الدائري.. والداخلية تتحرك فورًا    الفريق أسامة ربيع يبحث سبل التعاون مع السفير الإيفواري في مجالات تطوير الموانئ والتدريب    انطلاق فعاليات مبادرة "أنا أيضًا مسئول" بجامعة المنصورة    هدفها قوة التحمل.. المصري يؤدي تدريبات بدنية قوية على شواطئ بورفؤاد    الصحة الفلسطينية: اعتقال 360 من الكوادر الطبية منذ بداية حرب الإبادة على غزة    حماس: نتنياهو يفشل جولات التفاوض ويقود الاحتلال نحو كارثة استراتيجية    بأرواحهم وقلوبهم.. مواليد هذه الأبراج الستة يعشقون بلا حدود    خالد الجندي: محبة الله أساس الإيمان وسر السعادة في المساجد    تقارير: النصر لن ينسحب من السوبر السعودي    النيابة العامة تحيل 20 متهمًا في قضية منصة "FBC" إلى محكمة الجنايات الاقتصادية    جامعة المنيا تطلق الدورة الثالثة لتأهيل عمداء الكليات    أكاديميون إسرائيليون: المدينة الإنسانية برفح جريمة حرب    التطبيق في سبتمبر 2025.. جبران يشيد بمواد قانون العمل الجديد -تفاصيل    «الباقيات الصالحات» تطلق التشغيل التجريبي لمبادرتها الجديدة «احنا السند»    ضبط قضايا اتجار في العملات ب«السوق السوداء» بقيمة 7 ملايين جنيه    رئيس الوزراء يبدأ جولة تفقدية لعدد من المشروعات بمحافظة الإسكندرية    «الأوقاف» تُطلق الأسبوع الثقافي ب27 مسجدًا على مستوى الجمهورية    توزيع 977 جهاز توليد الأكسجين على مرضى التليفات الرئوية «منزلي»    موعد صرف معاشات شهر أغسطس 2025 بعد تطبيق الزيادة الأخيرة (احسب معاشك)    ماذا قال رئيس مجلس الدولة لوزير الأوقاف خلال زيارته؟    قبل «درويش».. 3 أفلام جمعت عمرو يوسف ودينا الشربيني    مستشار الرئيس للصحة: الالتهاب السحائي نادر الحدوث بمصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"ماسبيرو".. قضية أمن قومي
نشر في البوابة يوم 26 - 09 - 2016

كثير من الذين يهاجمون من يتبنى نظرية المؤامرة ونظرية حروب الجيل الرابع، ينشرون ذلك على العامة بادعاء أن هذا الأمر يتبناه المدافعون عن النظام السياسي، ولا يحاولون أن يجهدوا أنفسهم فى التأطير النظرى كى لا يكشفوا أنفسهم وأنهم إحدى أدوات هذه الحروب. ففى محاضرة للعالم الأمريكى د. ماكس مانوارينج، المحاضر فى معهد الدراسات الاستراتيجية بكلية الحرب التابعة للجيش الأمريكى، ألقاها فى معهد دراسات الأمن القومى الإسرائيلي، فى مؤتمره السنوى المنعقد فى 13 أغسطس 2012، تحت عنوان «أمن نصف الأرض الغربي»، أوضح أن الجيل الرابع من الحروب يمثل الحروب غير المتماثلة أو غير المتكافئة، وهى نظرية سبق أن تحدث عنها قبل قرون المفكر الاستراتيجى الصينى سون وو. حيث قال : «إنه من غير المجدى الدخول فى قتال عسكرى بنفس الأسلحة المناظرة، وعليك أن تستخدم أسلوباً مختلفاً يستهدف وحدة المجتمع الذى أنتج القوة العسكرية. فبتحطيم التماسك الاجتماعى، سرعان ما تتفكك القوة العسكرية، فغاية الحرب غير المتناظرة تمزيق البنيات الاجتماعية وتحطيمها».
والحرب، كما هو متعارف عليه هى «الإكراه» على قبول إرادة المنتصر الذى يعد عدوًا فى هذه الحالة. وفى الماضي، كانت الحرب بين الدول تعنى حروبًا بين الجيوش وتشمل الطيران والأسلحة النارية والصاروخية وقوات نظامية من الجنود تعبر حدود دولة مستقلة للاستيلاء عليها. غير أن الأعوام الماضية، قد كشفت لنا أن ذلك الأسلوب من الحروب أصبح قديمًا مستهلكًا، والجديد اليوم هو حروب الجيل الرابع. والهدف فى حروب الجيل الرابع ليس تحطيم مؤسسة عسكرية لإحدى الدول وتدمير قدرتها على مواجهة عسكرية خارج حدودها، وإنما الهدف هو الإنهاك والتآكل ببطء من أجل الوصول إلى «نقطة التأثير» وإجبار الدولة المستهدفة من الحرب على تنفيذ إرادة العدو. القاسم المشترك فى كل هذا هو ما نطلق عليه «زعزعة الاستقرار»، حيث يضيف «مانوارينج» أنه يتحتم علينا أن نستخدم «القدرات العقلية» فهى السلاح الرئيسى لتحقيق هدف «زعزعة الاستقرار»، التى من الممكن أن تكون «حميدة» أى ينفذها مواطنون من الدولة المستهدفة للوصول بها لمرحلة «الدولة الفاشلة».
والنتيجة، كما قال «مانوارينج، بنفسه، أننا إذا فعلنا ذلك بطريقة جيدة، و لمدة كافية، و ببطء كافٍ، وباستخدام طرف حميد (أى من مواطنى الدولة المستهدفة)، فسوف يستيقظ عدوك ميتًا.
كان لا بد من هذا العرض، لكى نفهم جميعًا ما يحاك ضدنا، فحروب الجيل الرابع من سماتها السيطرة على العقول باستخدام التقدم التكنولوجى وما وفره من هواتف محمولة ذكية توجد بها تطبيقات لمواقع التواصل الاجتماعي، بهدف شن عمليات نفسية محترفة ومستمرة ومتطورة على الأذهان، بما يمكن الدولة المعتدية من التحكم فى المزاج العام ببطء ومن ثم التأثير على الثوابت فى الرأى العام، وتكون على أولويات هذه العمليات النفسية كسر الإرادة والعزيمة ونشر أفكار اليأس والإحباط وعدم الارتباط بالوطن، بما يحطم قدرة المواطن على إدراك ما يحاك ضده، ويمكنهم من السيطرة عليه والتحكم فيه من بعد، حتى لو كان ذلك ضد مصالحه.
ما هى العوائق التى يمكن لها أن تقف أمام هذه المخططات الشيطانية؟، توجد مجموعة من العوائق التى تمكن أى دولة مستهدفة أن تدافع عن نفسها من دين وثقافة وقيم وتقاليد وحضارة وتماسك البناء المجتمعي، ولكننا سنكون معنيين هنا بأهم عائق يمكن له أن يكون حائط الصد القوي، إنه الإعلام ووسائله المختلفة. فالدولة التى تمتلك من وسائل الإعلام التى تتمتع بمعايير كالتاريخ والمصداقية والدقة والمهنية والحداثية والثقة، يمكن لها أن تتصدى بقوة لمثل هذا النوع من الحروب.
لذا، منذ 25 يناير 2011 بات واضحًا أن الإعلام المصرى القومى بكل وسائله بات هدفًا مباشرًا لكسره وتحطيمه وإفقاده المصداقية، وهو أمر كان من السهل تحقيقه فى ضوء اعتبارات عديدة نوجز أبرزها فيما يلى:
■ الانكشاف الإعلامى والصحفى لوسائل الإعلام المصرية أمام التقدم البشرى والتقنى والتكنولوجى الذى حققته دول عربية فاق تأسيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون تاريخ تأسيسها، وعدم الاهتمام بتوفير الدعم الكافى للإنتاج الإعلامى فى مقابل الصرف غير المبرر فى قطاعات ونواح أخرى من المؤكد أنها استقطعت من رأس المال الذى كان يمكن أن يحسن توظيفه لتحديث المنتج بكل أطراف صناعته من محررين وفرق إعداد وأطقم فنية ومذيعين.
■ تراجع الاستعانة بالخبرات المهنية والأكاديمية، لصالح اعتبارات الشلة وذوى المصلحة المباشرة فى الدفاع عن نظام كانوا يجاملونه أكثر مما يؤمنوا بأنهم إعلام دولة، لمواطنيها الحق فى الحصول على أفضل المنتجات الإعلامية التى تتناسب وتاريخ مؤسساتهم الإعلامية، والتى غابت عنها الرؤية الاستراتيجية فى تحديد محتوى الرسالة الإعلامية، والبدء مبكرًا فى الدفاع عن الدولة لا النظام.
■ تراجع معايير الدقة والمهنية والحداثة فى تقديم المنتج الإعلامى وإخراجه، وذلك فى مقابل التقدم الهائل الذى حققته قناة كقناة الجزيرة مثلًا، والتى جرى تصنيعها وإخراجها وفقًا لمخططات مدروسة، مكنتها من جذب المشاهد المصرى والعربى لكى تكون مصدره الرئيسى لمعرفة الأخبار.
■ السيطرة غير المبررة إلا لموالاة النظام على المقاعد الرئيسية لوسائل الإعلام، الأمر الذى دمر أجيالًا متعددة كان حقا لها أن تتبوأ مكانتها وفقًا لقدراتها وبما يتناسب مع رؤيتها الجيلية، من أجل تقديم خدمة إعلامية مختلفة، أمر أفقدنا الأجيال الوسيطة وخلق حالة من عدم القدرة على التواصل بين الأجيال.
■ السماح بالفضائيات الخاصة والصحافة الخاصة دون وجود التشريعات اللازمة التى تحدد أطر عملها وفى ظل العجز عن رفضها، فالنظام كان يتباهى بعدد الفضائيات والصحف الخاصة رغبة فى تقديم نفسه للعالم بأنه منفتح سياسيًا، وإستجابة لرجال أعمال تملكوا هذا النوع من الإعلام، تملكوه وعاثوا فيه فسادًا، تملكوه وأعلوا من خلال ذلك قيمة الإعلان عن الإعلام، تملكوه ولم يكونوا مكترثين كثيرًا بقضية الوطن.
■ كم المجاملات والتعيينات فى قطاعات بعينها من المؤسسات الإعلامية وبالتحديد فى قطاعات الأمن والهياكل الإدارية، الأمر الذى استقطع كثيرًا من ميزانية هذه المؤسسات على حساب أطقم العمل الفنية والتحريرية والإنتاج، وخلق أزمة مالية واجتماعية طاحنة مستمرة حتى اليوم حال توفرت الرغبة فى التخلص من هذا العبء، خاصة أن هذه التعيينات حتى فى الأطقم الفنية تجاوزت التقديرات الأمنية فيمن يصلح أن يكون متواجدًا داخل هذه المؤسسات.
إعلام كهذا، كان من السهل ضربه فى الصميم، خاصة فى ظل ما تواتر من أخبار عن كم الفساد والهدايا والرشوة، وفى ظل عجزه عن مواكبة الأحداث والبث المباشر لها بما جعل المواطن فريسة سهلة لقناة الجزيرة وأخواتها ولوسائل التواصل الاجتماعى من أجل بث سمومها حتى الآن، إعلام تم تفريغه من كوادره التى هجرته لصالح العمل فى القنوات الخاصة بمغرياتها المتعددة، إعلام لم يتمكن من الاستفادة بخبراته والرضوخ لفكرة الصراع الجيلى وعدم الإستفادة بها حتى كهيئة استشارية، إعلام بدون رأس نعم إعلام بلا وزير فى وقت نحن فى أشد الحاجة إليه لمواجهة هذه الحرب وذلك إستجابة لفكرة أن الإعلام لا ينبغى أن يكون موجهًا والتى صيغت لها تشريعات بعينها لإستكمال هدم ما تبقى من الإعلام القومى وعلى من طرحوا هذه الأفكار والتشريعات أن يأتونى بإعلام لا يرتبط بالدولة فى أى دولة فى العالم.
إعلام كهذا، لابد أن يقع فى الأخطاء والسقطات فى كل وسائله، وبعد الأزمة الأخيرة والهجوم الكاسح على ماسبيرو، أطالب الجميع بأن يقفوا أمام مسئولياتهم، هل ماسبيرو وحده يتحمل كل تراكمات الأخطاء على مدار سنوات عديدة، أم هى الرغبة فى القضاء على ماسبيرو لمصلحة الفضائيات الخاصة؟ هل ماسبيرو منعدم الكفاءات، أم أن كل الفضائيات الخاصة الناجحة تعتمد فى قوامها على أبناء ماسبيرو؟، هل لا توجد لدينا الخبرات المهنية والأكاديمية التى يمكن أن تنتشل ماسبيرو وباقى وسائل الإعلام من كبوتها، أم أن الهدف أن تتصدر المشهد مجموعة تخدم على صاحب رأس المال والمصالح الإعلانية؟
ماسبيرو ووسائل الإعلام والصحافة القومية، هى ركائز القوة الناعمة المصرية فى حرب الوجود التى نخوضها والأدوات الرئيسية فى الدفاع عن الأمن القومي، نعم لدينا الكثير من الإشكاليات فى الإعلام القومي، ولكن لتكن الأخطاء والسقطات الأخيرة المتكررة هى الحافز لكل مخلص من الشباب والشيوخ فى مختلف وسائل الإعلام لكى نستعيد ريادة نحن أحق بها، لتكن هذه الأخطاء والسقطات دافعًا لتطوير كل أدواتنا وقنواتنا للتخديم على مشروعات التنمية ومواجهة المشاكل المجتمعية المحلية، وإعادة تفعيل الإذاعات والقنوات الموجهة فهذا دور لن يقوم به إلا ماسبيرو، لتكن تلك الأخطاء والسقطات دافعًا لهيكلة حقيقية فى مختلف وسائل الإعلام بما يعيد لها شبابها فى ظل الاستفادة من خبرات الرواد. أنقذوا ماسبيرو وكل وسائل الإعلام القومى إذا كانت هناك رغبة حقيقية فى إعادة وضع منظومة الوعى والمزاج العام المصرى على مسارها الصحيح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.