د. محمد السعيد إدريس مدير وحدة الشئون العربية والعلاقات الدولية بالمركز العربى للبحوث والدراسات تركيا تستغل عملية «درع الفرات» لإعادة توزيع نفوذ المعارضة فى دمشق انتظارًا لمجيء إدارة أمريكية أكثر تشددًا ضد «الأسد» وإيرانوروسيا زيارة مسعود البرزانى رئيس إقليم كردستان العراق لأنقرة أربكت كل الحسابات بخصوص الموقف التركى الراهن من أكراد سوريا لم يزل الرئيس التركى رجب طيب أردوغان يعيش أوهام الإمبراطورية العثمانية، ويريد أن يجدد أمجاد هذه الإمبراطورية فى «عثمانية جديدة» على أرض المنطقة وعلى الأخص فى العراقوسوريا، فهو يريد الموصل، وسبق أن أرسل قواته إلى شمال العراق تحت ذريعة الاستعداد لتحرير الموصل من تنظيم «داعش» الإرهابى على إثر تعرض أطماعه فى شمال سوريا بعد تدهور علاقاته مع روسيا عقب إسقاط الجيش التركى لإحدى المقاتلات الروسية من طراز «سوخوى- 24» على الحدود التركية - السورية، عندها أعلنت روسيا منع تحليق أى طيران تركى داخل الحدود السورية. دائمًا كان الأكراد هم ورقة تركيا للتغطية على الأطماع التركية فى الأراضى العربية، ويبدو أن التطورات الجديدة فى العلاقات التركية - الروسية، وتحسن هذه العلاقات على ضوء تدهور العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، جددت أطماع أردوغان فى شمال سوريا، ومن هنا جاءت عملية «درع الفرات التركية» فى شمال سوريا لتجدد أطماع تركيا فى الشمال السورى، خاصة فى محافظة حلب. البداية كانت فى العراق قبل أن تتوجه القوات التركية وتتوغل فى شمال سوريا، فالزيارة التى قام بها مسعود برزانى رئيس إقليم كردستان العراقلتركيا مؤخرًا جاءت ضمن تطورات مهمة فى العراق، أبرزها ارتباك إدارة الحكم والسياسة فى بغداد بين فرقاء الحكم، ودخول حيدر عبادى وبالذات عدد من أهم الوزراء، خاصة وزيرى المالية والدفاع، ردًا على دخول الحكومة فى مواجهة مع رئيس البرلمان والتصويت لإقالته. هذه الأزمة بين أركان الحكم فى العراق تزامنت مع أزمة أخرى مع حكومة كردستان حول تحرير الموصل، وإصرار قوات البشمركة الكردية العراقية على المشاركة فى تحرير الموصل وإعلان أن «الأرض لمن يحررها» أى أن أى أرض تحررها البشمركة من الموصل ستكون ضمن أراضى كردستان العراق، وبعدها ترددت أنباء عن اعتزام قادة إقليم كردستان العراق إجراء استفتاء شعبى فى الإقليم بخصوص تقرير حق تقرير المصير للشعب الكردى توطئة لإعلان الاستقلال وقيام دولة كردستان العراق. هنا كانت الورقة الأهم لرئيس تركيا رجب طيب أردوغان ليتدخل لمد النفوذ فى شمال العراق على أساس أن تركيا ستكون فى حالة استقلال إقليم كردستان هى النافذة الأهم لهذه الدويلة الجديدة فى ظل عداء إيرانى مستحكم، خوفًا من إقدام أكراد إيران على تشكيل دويلة كردية مماثلة فى شمال غرب إيران، فى وقت يتفاقم فيه التوتر أيضًا بين طهران وأربيل (عاصمة كردستان العراق) بسبب التصرفات العدائية لكردستان العراق تجاه بغداد، خصوصًا فيما يتعلق بإصرار أربيل على الدفع بالبشمركة فى تحرير الموصل بدافع من أطماع كردية فى محافظة الموصل. ولذلك كان لا بد من التباحث التركى مع برزانى تحسبًا للإقدام الكردى على هذه الخطوة.