بديهيًا.. تظل حاضرة قسمات وجهها المبتسمة أمام أبناء القرى الفقيرة من شمال مصر لجنوبها، ومن شرقها لغربها، صور راسخة على وجوه أهالي تلك القرى أياديها الممدودة بالخير مثلت لهم طوق النجاة التي طالما طالبوا به للخروج من مأزق التجاهل الحكومي والارتكاز على مؤسسات المجتمع المدني فقط، 11 شهرا مضت على تولي الدكتورة سحر نصر مقاليد وزارة التعاون الدولي بحكومة المهندس شريف إسماعيل، وتجديد الثقة فيها، نظرا لمؤشرات النجاح التي حققتها خلال مدة توليها حقيبة الوزارة، بل وزادت تأكيد ثقة الحكومة فيها بتنصيبها مقررة المجموعة الاقتصادية بمجلس الوزراء. نصر تخرجت في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف في عام 1985، واستكملت درجة الماجستير عام 1990، وحصلت على درجة الدكتوراه والتدريس بذات الجامعة منذ 2002، وتخصصت في علوم الاقتصاد الكلي والبنوك واقتصاديات الدول النامية، لتلتحق بمنصب كبير اقتصاديين شئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا باقتصاديات الدول النامية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة بالبنك الدولي حيث قضت به أكثر من 17 عاما، استطاعت خلالها الطواف بالمناطق الأكثر اشتعالا كالعراق واليمن وليبيا. حركة غير اعتيادية داخل أروقة "البنك الدولي" أحدثتها سحر نصر أثناء عملها هناك - على حد قول زملائها - استطاعت من خلال كسب ودّ الجميع ورسم صورة للاقتصاد المصري وكسب خبرة أفادت بها الدولة عند عملها بالرئاسة، وخاصة أثناء إعداد الخطة الاقتصادية للحكومة عام 2014، لوضع الخريطة التنموية للدولة. عُرفت ب"المرأة المثابرة" استطاعت خلال فترة عملها كأستاذ جامعي بالجامعة الأمريكية إصدار ما يقرب من 60 ورقة بحثية وتقارير فنية، حيث جمعت هذه الدراسات بين الخبرة الفنية والعملية في مجالات التمويل الدولي، والتنمية الاقتصادية، وتنمية القطاع الخاص، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والإصلاح المالي، وسوق العمل وتمكين المرأة اقتصاديا واجتماعيا، والتشريعات الاقتصادية، تم نشرها في دوريات علمية لكبرى الجامعات مثل جامعتي أكسفورد، وكامبريدج في المملكة المتحدة، وجامعة بركلي في الولاياتالمتحدةالأمريكية، بالإضافة إلى التقارير الصادرة عن البنك الدولي. وقد أسهمت بعض هذه الدراسات والأبحاث في صياغة وهيكلة السياسات الاقتصادية في العديد من الدول النامية والأسواق الناشئة، بما في ذلك مصر، ولكن الأمر لم يتوقف عند الأبحاث والدراسات بل استعانت بأفكار الطلبة ورؤيتهم أثناء عملها بالجامعة الأمريكية، حيث أجرت معهم عددا من اللقاء والحوار معهم والأخذ برأيهم وأفكارهم تجاه بناء الاقتصاد المصري، الأمر الذي أعطاها شبابا في أفكارها لا في مظهرها فقط. فأكثر من 20 ساعة يوميا تقضيها تلك المرأة الخمسينية في العمل، ما بين مجلس الوزراء والوزارة ولقاءات متعددة مع السفراء ومسؤولين بمؤسسات تمويل دولية، كل هذا بالإضافة إلى عدد من الجولات شمل عدد من القرى في محافظات شملت الإسكندرية وقنا والأقصر والعلمين وسيناء، لم تحمل في ذهنها تلك "المرأة المكوكية" في كل تلك الفترة سوى "أوجاع الغلابة" واحتياجاتهم، ولم تجد من الوقت إلا قليلا لتلعب مع حفيدتها "لينا"، لابنتها الكبيرة سارة والتي تبلغ من العمر 28 عاما، أما أحمد الصغير فيبلغ 25 عاما. استطاعت "نصر" أن تمثل للرئيس عدة بدائل، جاء على رأسها، التحضير لجولاته بآسيا وأوروبا عن طريق عقد لقاءات مع سفراء الدول التي سيقوم الرئيس بزيارتها، بدلا من وزير الخارجية سامح شكري، وعرض فرص الاستثمار بمصر بدلا من الوزير أشرف سالمان، وتم اختيارها في عدة مؤتمرات دولية لتمثل مصر، فضلا عن العمل على حل مشاكل الاستثمار وحركة التجارة عن طريق تفعيل اللجان المشتركة. تلك الثقة التي اكتسبتها من مشاركتها في تقديم المشورة الاقتصادية للرئيس، وصياغة تطوير السياسات الاقتصادية، وتنسيق وتوحيد المبادرات والبرامج التنموية عبر الوزارات والهيئات المختلفة بما يضمن تحديث منظومة الأداء الاقتصادي، حيث منحت في 2015 جائزة المرأة الأكثر تأثيرا في القطاع الاقتصادي العربي. وزيرة التعاون الدولي قبيل ترشحها لذلك المنصب الرفيع، تم تكليفها بملف التمويل والمشروعات الصغيرة و المتوسطة بصفتها عضوا بالمجلس الاقتصادي الرئاسي التابع لرئاسة الجمهورية عقب اندلاع ثورة 30 يونيو 2013، لتتخلي عن عملها بالبنك الدولي وتخرج في تصريح رسمي لها وتؤكد حرفيا :" انا جندي في أي موقع اقدر اخدم بلدي فيه".. ليبدأ تكليفها في 19 سبتمبر 2014 بمهام وزارة التعاون الدولي. تسير "نصر" على خطى أستاذتها الدكتورة فايزة أبو النجا، مستشار رئيس الجمهورية حاليا و وزيرة التعاون الدولي الأسبق، استطاعت خلال مدة وجيزة إقناع مؤسسات التمويل الدولية في مقدمتها البنكين الدولي والأفريقي للتنمية لضخ حزمة تمويل بقيمة 4.5 مليار دولار بفائدة ميسرة لا تتجاوز ال2%، وضخ تلك الأموال في شرايين الاقتصاد لسد الفجوة التمويلية، لتبلغ جملة ما وفرته وزارة التعاون الدولي في عهد "نصر" ما بين 8.8 إلى 10 مليارات دولار كإجمالي مساعدات وتسهيلات ائتمانية ومنح للدولة المصرية في أقل من 8 شهور. أخذ عليها حنوها على أطفال القرى الفقيرة، حيث تداول نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي عددًا من الصور التي التقطها أهالي القرى التي زارتها ووصفوها ب"وزيرة الشو" كما نشروا عددًا من الصور لها وهي تتناول الغداء في عدد من الجولات متخذين هذا الأمر عليها مشيرين كيف تدعو الحكومة المواطنين للحد من الإسراف في الوقت الذي يقوم فيه ممثلو الحكومة بالإسراف حتى في الطعام، الأمر الذي لاقى منها رد فعل هادئ تمامًا، ولم ترد على أى من تلك الاتهامات حتى ظهرت عدد من التقارير الإعلامية لتؤكد أن صورها مع أحد أطفال القرية كانت لفتاة ابنه لأحد شهداء سيناء، وأنها وفرت لوالدتها في لحظتها عقب زيارتهم والحديث إلى تلك المرأة مصدر للدخل عن طريق مشروع صغير تقوم بعمله من المنزل حتى تستطيع أن توفر دخل لأسرتها دون ترك أطفالهم، كما كشفت تقارير إعلامية أخرى أن ما يتم تقديمه من غداء للوزيرة والوفد المرافق لها تقدمة أهالي القرى المستقبلة للوفد الأمر الذي لا يمكن أن ترفضه الوزيرة وتتخذه وسيلة للتقرب إلى الأهالي والإنصات إلى مشكلاتهم. استطاعت "نصر" خلال تولي المنصب الوزاري الرفيع، تحويل وزارتها من جهة لتلقي المساعدات والقروض إلى وزارة سيادية تشارك في صناعة القرار داخل الحكومة وتتابع تنفيذ الملفات الملحة اقتصاديا واجتماعيا، خصوصا بعد جولات الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه مقاليد حكم البلاد وانفتاح الدولة المصرية علي دول العالم الخارجي ودول الجوارين العربي والأفريقي. كما استطاعت أن تتوجه للمحافظات والمناطق الحدودية في مقدمتها سيناء ومطروح والصعيد، وتقوم بجولات ميدانية لمتابعة المشروعات المعطلة والمقرر تنفيذها لرفع معدلات التنمية والتأكيد على اهتمام الجهات التنفيذية بالدولة لتمكين الشباب وتوفير فرص عمل مناسبة لهم وتأهيل المرأة للمشاركة في المجتمع ضمن تكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسي. وقامت "نصر" بالبدء في تفعيل مبادرة الرئيس الخاصة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر لتوفير فرص العمل للشباب في منطقة سيناء بقروض ميسرة تبلغ 5% بالتعاون مع الصندوق الاجتماعي للتنمية و الجمعيات الأهلية بسيناء، ليتم تدبير ما يقرب من 250 مليون جنيه من إجمالي منحة ب 200 مليون دولار من الصندوق السعودي للتنمية، و تنفيذ مشروعات حيوانية و استزراع سمكي و زراعية بشمال وجنوب سيناء، بالاضافة لشراء 15 مركب صيد و 5 مواتير لمراكب أخرى ببحيرة البردويل. وعلي مدار عملها بالوزارة استطاعت " نصر" تغيير دولاب العمل داخل " التعاون الدولي" لتقوم بعمل لجان متابعة وتنسيق مع الجهات الحكومية والوزارات لتنفيذ المشروعات المعطلة ورفع تقارير فنية لمعرفة اسباب التعطل وتوفير التمويل الملائم لها بالتنسيق مع المؤسسات الدولية والإقليمية والعربية أيضا. وخلال تلك المدة استطاعت "نصر" ان تلفت انتباه الجهات الحكومية المحلية و المؤسسات الدولية، لتحصد أكبر الجوائز نتيجة جهودها في ملف التنمية المستدامة وتمكين الطبقات المهمشة والاكثر احتياجا، كان من بينها تكريم القوات المسلحة المصرية، وتحديدا وحدة مكافحة الألغام وتطهير أراضي الصحراء الغربية منها، وذلك في 22 من مارس الماضي، باعتبارها أكثر الجوائز اعتزازا بها حصلت "سحر نصر" على جائزة المرأة الأكثر تأثيرا في الوطن العربي والممنوحة من اتحاد المصارف العربية، في 20 نوفمبر الماضي - أي بعد شهر واحد من تقلدها منصبها الوزاري، بجانب جائزة اتحاد المصارف علي هامش المؤتمر السنوي ال20، بالإضافة للقب السيدة الأولى عالميًا لدعم التنمية المستدامة ومحاربة الفقر بالدول النامية، الممنوحة من منظمة الأممالمتحدة، في 11 إبريل الماضي ، بمقر المنظمة بمدينة نيويوركالأمريكية، لتتقدم الوزيرة المصرية وخبيرة الاقتصاد السابقة بالبنك الدولي، علي 375 مرشحة من 162 دولة. بالإضافة تكريم محافظة مطروح برئاسة اللواء علاء أبو زيد لجهودها في دعم الفئات الفقيرة وملف تطهير أرض العلمين من الألغام عبر المركز الوطني لإزالة الألغام والتنمية المستدامة التابع لوزارتها. وفي 9 مارس الماضي بالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة، كرم صندوق "تحيا مصر"، وزيرة التعاون الدولي الدكتورة سحر نصر، باعتبارها ضمن السيدات المبدعات في الوطن العربي، بجانب دورها في توفير الدعم للمشروعات الصحية والتعليمية والاجتماعية وتمكين المرأة. ومع بداية مارس الماضي، تم اختيار " نصر" ضمن أبرز السيدات تأثيرا في تحقيق التنمية المستدامة، من قبل سفارة دولة كندا، بالتزامن مع مرور 40 عاما على العلاقات الاقتصادية والتعاون الإنمائي بين مصر وكندا والاحتفال باليوم العالمي للمرأة.