تحتفل الدول العربية والإسلامية بعيد الفطر المبارك كل عام وتتشابه مظاهر الاحتفال بهذا العيد بين معظم الدول، إلا أنه في نهاية الأمر يبقى لكل دولة مذاقها الخاص ولمسة شعبها التي يضيفها للاحتفال على طريقته الخاصة بهذه المناسبة التي ينتظرها من العام إلى العام. وفي السودان –التي يمثل المسلمون حوالي 96 بالمائة من شعبها- نجد الاحتفال بالعيد له طقوسه الخاصة حيث تجد أجواء من الفرحة والحماسة تعم الشوارع فيما تبدأ السيدات والفتيات في ترتيب وتنظيف المنازل يساعدهن في ذلك أطفالهن وتزيينها وفرشها بفرش جديد ليكون المنزل في أجمل صورة وتعطير المنزل بنوع خاص من البخور يعرف ب(التيمان) وهو من التقاليد المتوارثة للشعب السوداني وجزء من ثقافته القديمة في حين أن الرجال يقومون بشراء الأضاحي . ويستيقظ السودانيون في الساعات الاولى من صباح العيد لتأدية صلاة الفجر ثم صلاة العيد -والبعض يرافقه أطفاله في ملابس العيد الجديدة الملونة ومنهم من يلبس الجلابية والعمامة السودانية (الزي السوداني)- وبعدها يبدأ التجهيز للأضحية حيث يشهد عيد الأضحى (الضحية كما يطلقون عليه في السودان) عادات وتقاليد ومأكولات تميزه عن غيره من المجتمعات. وعقب العودة من صلاة العيد يبدأ ذبح الأضاحي وتقوم النساء بطهي الطعام وتجتمع العائلات مع بعضها البعض حتى أنها تدعو عابري السبيل أو من يعيشون وحدهم للاحتفال معهم حتى لايقضي أى أحد العيد منفردا ثم يتم توزيع اللحوم على الفقراء والمساكين، كما يشهد العيد في السودان عقد الكثير من الزيجات تيمنا بهذا الوقت المبارك. ومن الملاحظ أن غالبية قاطني العاصمة الخرطوم يتركونها ويتوجهون للولايات التي ترجع أصولهم إليها للاحتفال بالعيد مع أسرهم لتجد الخرطوم هادئة خالية إلى حد كبير من سكانها بعد أن كانت تعج بالحركة والازدحام. وقال محمد محمود وهو صاحب متجر بالخرطوم –لموفدة وكالة أنباء الشرق الأوسط- إذا أردت أن ترى العيد السوداني الحقيقي فعليك أن تتوجه إلى الولايات ، حيث تشاهد يوم وقفة عرفات ما يسمى بزفة العيد حيث يخرج مئات الأطفال إلى الشوارع ابتهاجا بقدوم العيد لتطوف الزفة المنطقة (لتزف) إلى أهلها قدوم العيد. كما يشارك في هذه الزفة أبناء القبائل السودانية المختلفة ليعرضون تراثهم وفنونهم ولكنها عادة فلكورية شديدة الخصوصية وقد بدأت في التراجع نوعا ما لتأثرنا بالحضر. وأضاف محمود –الذي يستعد لإغلاق متجره تاركا الخرطوم إلى القضارف للاحتفال بالعيد مع أسرته- أننا في أول أيام عيد الأضحى عادة ما نأكل(الشيه) عقب العودة من صلاة العيد وهي طبق سوداني شهير عبارة عن لحم مطهو وغير مكتمل النضج ونعتبرها "تصبيرة" حتى يتم الانتهاء من تجهيز الاضاحي. وقال إننا بالسودان غالبا ما نقسم الاضاحي لثلاثة أجزاء جزء للشواء وآخر مطبوخ يسمى كباب الحلة والثالث يسمى المرارة وهي أكلة يأكلها السودانيون صباح أول أيام عيد الأضحى عقب الذبح مباشرة حيث تؤخذ أحشاء الماعز أو الخراف من كبد و طحال وكلى ورئة تتبل جيدا بعد التنظيف الشديد والجيد لها لتؤكل نيئة دون طهي أما إذا طهيت فهي تسمى (كمونية) ، بينما يكون الغداء عند أكبر سكان المنطقة سنا ومقاما حيث تتوجه له الأسر لتقديم التهنئة والتحية. ومن بين الأكلات السودانية المميزة أيضا ما يسمى ب(المفروك) وهو خضار طازج –أيا كان نوعه- يفرك ويضاف إليه الشوربة أو الصلصة بعد نضوجها ، حيث يبقى الخضار طازجا للاحتفاظ بقيمته الغذائية الكاملة، ويقدم المفروك مع نوع من الخبز يسمى (الكسرة) وهي من الاكلات الرئيسية في وجبة الغداء بالعيد، وللتمر تواجد رئيسي أيضا على المائدة السودانية في العيد ويقدم كحلوى رئيسية في هذه المناسبة سواء كان مجففا أو رطبا أو في شكل العجوة أو (مديدة البلح) وهو نوع من التمور المطهية. وقال صلاح أحمد - يعمل فرد أمن باحدى التجمعات السكنية بالخرطوم - إن مظاهر العيد باتت تختلف على مدى السنوات الأخيرة إذ أنه مع ارتفاع الأسعار لم تعد الكثير من الأسر تذبح الأضاحي كعهدها السابق نظرا لضيق ذات اليد ....لكنه أكد أن الكل في السودان يضحي حسب ميزانيته أيا كان نوع اللحم أو حجمه فهم يحاولون الاستمتاع بالعيد ومعايشة طقوسه على الرغم من المشكلات الاقتصادية وما يصاحبها من متغيرات تطرأ على هذا المجتمع.