الأربعاء الماضى لم يكن عاديًا للصحف الورقية الأمريكية، أو فلنقل لتاريخ الصحف في الولاياتالمتحدة، حيث عدل «اتحاد الصحف (الورقية) الأمريكية» اسمه، فأسقط كلمة الورقية وتبنى اسمًا جديدًا هو «اتحاد وسائل الأخبار». التغيير لم يكن خطوة عادية، لأن الاتحاد الذي أنشئ عام 1887 كان الممثل الرسمى للصحف الأمريكية والمدافع عن مصالحها، بما في ذلك كبريات الصحف، مثل «الواشنطن بوست» و«النيويورك تايمز»، وكان الاتحاد يضم في عضويته حتى عام 2008 نحو 2700 صحيفة، لكن بحلول العام الحالى تقلص عدد أعضاء الاتحاد إلى نحو ألفى صحيفة، بعد أن توقف عدد كبير من الصحف، ومنها صحف كبرى، عن الصدور نهائيًا، أو اكتفى بنشر نسخ إلكترونية، مستغنيًا عن النسخ الورقية، الأسباب تمثلت في المنافسة من الإنترنت، وانتشار ثقافة القراءة المجانية، مما أدى إلى تراجع التوزيع وانخفاض الدخل الإعلانى، مقابل ارتفاع تكاليف النشر، بما في ذلك ارتفاع تكلفة الورق والطباعة. رئيس «اتحاد الصحف»، أو «وسائل الأخبار» كما أصبح اسمه، ديفيد شافيرن، أوضح في مقابلة مع صحيفة «النيويورك تايمز» أن سبب تعديل الاسم يعود إلى أن تعبير الصحف الورقية فقد معناه لكثير من الصحف، بما فيها الصحف الكبرى التي بات عدد قراء نسخها الإلكترونية أعلى بكثير جدًا من قراء نسخها الورقية، كما أن تغيير الاسم فتح باب العضوية أمام المواقع الإخبارية الإلكترونية التي أصبح بعضها يتمتع بشعبية كبيرة تتجاوز شعبية بعض الصحف التقليدية. «الرابطة الأمريكية لمحررى الصحف (الورقية)» التي ظهرت إلى الوجود رسميًا عام 1922 لتمثيل رؤساء تحرير أو مسئولى تحرير الصحف الورقية، اتخذت خطوة مماثلة قبل فترة، وأسقطت أيضًا كلمة «الورقية» من اسمها الذي أصبح «الرابطة الأمريكية لمحررى الأخبار». هذا التعديل في المسميات يعكس جانبا من الأزمة التي تواجه الإعلام التقليدى ككل، وليس الصحف وحدها، في عصر الإنترنت، فالإذاعات التقليدية تواجه منافسة اليوم من إذاعات الإنترنت التي تنتشر بسرعة كبيرة، كما أنها تواجه ضغطًا من التليفزيون، ومن توجه الشباب للاستماع إلى الموسيقى من هواتفهم الجوالة أو من أجهزة مثل «الآيباد»، وكذلك لانشغالهم مع الألعاب الإلكترونية. التليفزيونات أيضًا تواجه مشكلة مع توجه كثير من الناس خصوصًا في قطاعات الشباب، لمشاهدة البرامج والأفلام عبر الإنترنت، ومن خلال شاشات الكمبيوتر والهواتف الجوالة وليس جهاز التليفزيون، وفى كثير من الأحيان يلجأ هؤلاء لمشاهدة ما يريدون عبر ال«يوتيوب» من دون إعلانات. لكن الصحافة الورقية تواجه التحدى الأكبر مع التراجع المستمر في التوزيع وفى مداخيل الإعلان، وهو التحدى الذي دفع كثيرًا من الصحف إلى التوقف عن الصدور نهائيًا، بما في ذلك صحف عربية بالطبع، أو إلى الاستغناء عن الطباعة لصالح النشر الإلكتروني. المفارقة أنه مع تراجع توزيع النسخ الورقية فإن معدل القراءة ارتفع مع ازدياد عدد القراء للنسخ الإلكترونية، لكن هذا الارتفاع بقى دون عائد مادى، بل في كثير من الأحيان زاد العبء المالى على الصحف التي استثمرت في النشر الإلكترونى، لكنها لم تحقق عائدات تغطى تكاليفها الإضافية. نقلا عن «الشرق الأوسط اللندنية»