تبنى زعماء قمة مجموعة العشرين بيانا ختاميا هاما في نهاية قمتهم الحادية عشرة في مدينة هانغتشو الصينية أمس الأول الإثنين تعهدوا فيه بالعمل على تعزيز خطة النمو الخاصة بالمجموعة واتباع مفاهيم وسياسات النمو المبتكرة وبناء اقتصاد عالمي مفتوح وضمان أن تعود ثمرة النمو الاقتصادي بالنفع على كل الدول والشعوب. ووفقا للبيان الذي نشرته الصين، بوصفها الرئيس الحالى للمجموعة، اعتمد زعماء القمة حزمة من السياسات والإجراءات لتحقيق نمو قوي ومستدام ومتوازن وشامل اطلق عليها اسم "توافق هانغتشو" وهى الحزمة التي تستند إلى اربعة اركان أساسية هي: الرؤية والتكامل والانفتاح والشمولية. وتعهد قادة دول المجموعة على العمل على تنفيذ "رؤيتهم" بإيجاد قوى جديدة لدفع النمو وفتح آفاق جديدة للتنمية وتحويل اقتصاداتهم إلى اساليب أكثر ابتكارا واستدامة لتعكس بشكل أفضل المصالح المشتركة لكل الأجيال الحاضرة والقادمة. وأكدوا فيما يتعلق بمحور "التكامل" انهم سيسعون لصياغة مفاهيم وسياسات مبتكرة للنمو تعتمد على التنسيق بين السياسات المالية والنقدية والهيكلية وتعزيز الترابط بين السياسات الاقتصادية والعمالية والتوظيفية والاجتماعية، فضلا عن ضمان أن تكون إصلاحات جانب العرض مرتبطة مع جانب الطلب والاحتياجات الفعلية للسوق وان تكون السياسات على المدى القصير مرتبطة بسياسات المدى المتوسط إلى الطويل وان يكون النمو الاقتصادي مرتبط بالتنمية الاجتماعية وحماية البيئة. وبالنسبة ل"الانفتاح" فأكدوا انهم سيعملون جاهدين لبناء اقتصاد عالمي مفتوح ورفض الحمائية وتعزيز التجارة والاستثمار الدولى عبر مواصلة تعزيز النظام التجاري المتعدد الأطراف وضمان أن تكون هناك فرص واسعة النطاق للتوسع في النمو في ظل اقتصاد يتسم بالعالمية. وفيما يتعلق ب"الشمولية" فأكدوا حرصهم على العمل لأن يخدم النمو الاقتصادي احتياجات الجميع وان تعود فوائده على كل البلدان والشعوب خاصة النساء والشباب والفئات المحرومة، كما تعهدوا بالسعى لخلق المزيد من فرص العمل الجيدة، ومعالجة عدم المساواة والقضاء على الفقر بشكل شامل للجميع. وتضمن البيان الختامى الذي تكون من 48 بندا تعهدا من زعماء قمة مجموعة العشرين بتنسيق السياسات واستخدام جميع الادوات النقدية والمالية والهيكلية اللازمة، سواء بشكل فردى أو جماعى، لتحقيق النمو، حيث أشاروا إلى أنه يجب على السياسات النقدية أن تواصل دعم الانشطة الاقتصادية وتضمن استقرار الأسعار. كما أكدوا وجوب أن تكون هناك مرونة في السياسات النقدية وان يتم توجيه السياسات الضريبية والانفاق العام لصالح النمو وشددوا على الالتزام بتجنب أي تخفيضات تنافسية لقيمة العملات وعلى ضرورة التواصل والشفافية فيما يتعلق بتبنى أي سياسات متعلقة بالهيكلة أو الاقتصاد الكلى، وأشاروا كذلك إلى الحاجة لفعل المزيد لتنفيذ إستراتيجيات النمو، معلنين إطلاق "خطة عمل هانغتشو" ومتعهدين بالعمل على تقليص الاختلالات المفرطة وتشجيع المزيد من الشمولية والحد من عدم المساواة في سعيهم لتحقيق النمو الاقتصادى. وصدق قادة القمة على "خطة مجموعة العشرين للنمو المبتكر" والتي تعد أجندة جامعة لكل السياسات والإجراءات المرتبطة ب"تحفيز الابتكار والثورة الصناعية الجديدة والاقتصاد الرقمى". وأعلنوا قيام فريق عمل مجموعة العشرين الذي سيقوم بالعمل، بدعم من قبل منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، على الدفع بتنفيذ الاجندة الخاصة بخطة النمو المبتكر والتي تعتمد في جزء كبير منها على نقل وتبادل المعرفة والتكنولوجيا والخبرات وشحذ المهارات البشرية من خلال التدريب وزيادة الاستثمارات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار وتشجيع المزيد من التعاون في المجالات المتعلقة بالقياسات والمعايير وحماية الملكية الفكرية وبناء هياكل صناعية جديدة وسد الفجوة الرقمية والاستثمار بشكل أكبر في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وأكد زعماء المجموعة على أن بناء نظام مالى منفتح ومرن أمر ضرورى لدعم النمو والتنمية المستدامين، مشيرين إلى انهم سيواصلون العمل على تحقيق هذا من خلال التنفيذ التام لأجندة الإصلاحات المالية المتفق عليها. كما أكدوا على مواصلة التعاون في القطاع الضريبى بهدف الوصول إلى إقامة نظام ضريبى دولى حديث ومنصف يساهم في دعم النمو، مشيرين في هذا الصدد إلى أهمية تبادل المعلومات الضريبية ومساعدة الدول النامية على بناء قدراتها في هذا المجال وتبنى سياسات تدفع بالنمو وبالثقة بين المجتمع الضريبى والإدارة الضريبية. وشددوا على أن الشفافية المالية والتطبيق الفعال لمعايير الشفافية بالنسبة للجميع، ضروريين لحماية نزاهة النظام المالى الدولى والوقوف في وجه الفساد والتهرب الضريبى وتمويل الإرهاب وغسيل الأموال. وأوضحوا الحاجة لمساندة التمويل الأخضر والتغلب على الصعوبات التي تواجهه في سبيل دعم النمو البيئى العالمى المستدام. وأشاروا إلى أنه ادراكا منهم للتأثير المدمر للفساد والتدفقات المالية غير الشرعية على التوزيع العادل للموارد العامة وعلى النمو الاقتصادى المستدام ونزاهة النظام المالى العالمى وحكم القانون، فإنهم سيقومون بتعضيد جهود مجموعة العشرين لتعزيز التعاون في مجال مكافحة الفساد وسيقومون بتبنى "المبادئ رفيعة المستوى حول التعاون بين أعضاء المجموعة بشأن الاشخاص المطلوبين بتهم تتعلق بالفساد واسترداد الأموال المنهوبة"، واشادوا في هذا الصدد بمبادرة الصين لتأسيس "مركز مجموعة العشرين للبحوث حول التعاون الدولى بشأن الاشخاص المطلوبين بتهم تتعلق بالفساد واسترداد الأموال المنهوبة" كما طالبوا الدول التي لم تصدق بعد على اتفاقية الاممالمتحدة لمكافحة الفساد بالتصديق عليها. وأكدوا التزامهم ببناء أسواق طاقة تعمل بكفاءة وانفتاح وتنافسية وفعالية واستقرار وشفافية، مؤكدين على أهمية مواصلة الاستثمار في مشروعات الطاقة وتحسين مشروعات الربط الإقليمي خاصة فيما يتعلق بمشروعات الطاقة المستدامة، وذلك لضمان أمن الطاقة في المستقبل ولمنع ارتفاع الأسعار بطريقة تؤدى إلى زعزعة الاستقرار الاقتصادي. وجددوا التأكيد على أهمية التعاون لخلق مستقبل يتم فيه الاعتماد على الطاقة النظيفة بشكل أكبر، وشددوا كذلك على أهمية تحقيق الأمن في مجال الطاقة المستدامة بهدف تعزيز النمو الاقتصادي. وفى الجزء من البيان الختامى الخاص بالتجارة والاستثمار الدوليين أكد زعماء مجموعة العشرين على أن تحقيق النمو الاقتصادى القوى يجب أن يدعمه وجود نمو قوى ومستدام وشامل للتجارة والاستثمار، معربين عن قلقهم من البطء الملحوظ في النمو في كلا المجالين على الصعيد العالمي. وشددوا على التزامهم بالعمل على تعزيز الاقتصاد العالمي المفتوح من خلال تسهيل التجارة والاستثمار وتحرير التجارة. وأشاروا إلى ادراكهم التام لأهمية التنوع الاقتصادي ورفع مستوى الصناعة في البلدان النامية كما أعربوا عن تأييدهم لنتائج اجتماعات وزراء التجارة لدول المجموعة التي عقدت في شنغهاي في 9-10 يوليو الماضى وعن ترحيبهم بإنشاء فريق العمل للتجارة والاستثمار الخاص بالمجموعة، مؤكدين تمسكهم بتعزيز التعاون في مجالات التجارة والاستثمار فيما بينهم. وأشار البيان إلى تصميم قادة القمة على ضمان أن يتمتع النظام التجاري المتعدد الأطراف بالشفافية والانفتاح وعدم التمييز وان يكون مرتكزا على القواعد الموضوعة. مؤكدا اصرارهم على أن يكون لمنظمة التجارة العالمية دورا محوريا في الشئون التي تخص التجارة الدولية. وأكد زعماء القمة كذلك التزامهم بالتصديق على "اتفاقية تيسير التجارة" قبل نهاية عام 2016 داعين أعضاء منظمة التجارة الآخرين إلى أن يحذو حذوهم، كما أشاروا إلى أهمية أن تكون جميع الاتفاقيات الثنائية والاقليمية الخاصة بالتجارة متسقة مع القواعد الخاصة بمنظمة التجارة العالمية. وأكدوا معارضتهم للحمائية التجارية والاستثمارية بكل صورها كما صدقوا على "إستراتيجية مجموعة العشرين لنمو التجارة العالمية"، وأشاروا في هذا الصدد إلى أنه وبموجب "اتفاقية تيسير التجارة" فان المجموعة ستضرب المثل للاخرين فيما يخص خفض التكاليف التجارية والعمل على اتساق سياساتها الاستثمارية وتعزيز تجارة الخدمات ودعم التمويل التجاري والدفع بتنمية التجارة الإلكترونية والقضايا المتعلقة بالتجارة والتنمية. وأعربوا عن دعمهم للسياسات التي تشجع المؤسسات بكل احجامها، خاصة الصغيرة والمتوسطة وتلك التي يقوم بادارتها الشباب أو النساء من رواد الأعمال، لاسيما في البلدان النامية وذات الدخل المنخفض، على أن يحصلوا على الاستفادة الكاملة من سلاسل القيمة العالمية. ودعوا إلى أن يكون هناك استجابة جماعية لمشاكل الهيكلة التي من ضمنها مشاكل القدرات المفرطة في بعض الصناعات التي تعانى في ذات الوقت من تقلص الطلب، مثل صناعة الصلب، داعين الجميع إلى التعاون في التعامل مع هذا التحدى من خلال إقامة منتدى عالمى حول الطاقة المفرطة في صناعة الصلب. وفى الجزء الخاص بالبيان الختامى لمجموعة العشرين والمتعلق بالتنمية الشاملة والمترابطة، أكد القادة أنه لكى يكون النمو قويا ومستداما ومتوازنا فإنه يحب أن يكون شاملا، وتعهدوا بأن يعملوا كى تستفيد جميع الشعوب من ثمار النمو وان يتم تعظيم إمكانات النمو في البلدان النامية والبلدان ذات الدخل المنخفض، موضحين انهم كانوا حريصين أن تكون قضية التنمية المستدامة ضمن الموضوعات التي تتصدر جدول أعمال المجموعة. وأعرب الزعماء عن تعهدهم بتعزيز الاتساق بين السياسات في مجال التنمية المستدامة وجددوا تأكيدهم على الالتزام بمواصلة تنسيق العمل على التنفيذ الشامل لبرنامج 2030 للتنمية المستدامة وأجندة أديس أبابا بشأن تمويل التنمية. وفى هذا الصدد أعلنوا تصديقهم على خطة عمل مجموعة العشرين بشأن أجندة 2030 للتنمية المستدامة. كما أعلنوا عن إطلاق "مبادرة مجموعة العشرين حول دعم التصنيع في دول أفريقيا والبلدان الأقل نموا" لتعزيز النمو الشامل وإمكانات التنمية في القارة السمراء وتلك البلدان مع التركيز على النساء والشباب وتعزيز الدعم في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار. وجددوا التأكيد على الالتزام بتعزيز الاستثمار مع التركيز على البنية التحتية، كما تعهدوا بالعمل على ضمان أن يتشارك الجميع في الحصول على فوائد النمو الاقتصادي والعولمة والابتكار التكنولوجي وخلق فرص أفضل للعمل والحد من عدم المساواة. وصدق الزعماء على الإستراتيجيات وخطط العمل والمبادرات التي صدرت عن وزراء العمل والتوظيف التابعين لدول المجموعة بهدف تعزيز أجندة النمو والتنمية عن طريق اتخاذ خطوات فعالة للتعامل مع التغيرات في نوعية المهارات المطلوبة في سوق العمل ودعم ريادة الأعمال وبرامج التوظيف وضمان أن يحصل الجميع على العمل اللائق والمحترم وتعزيز لوائح سلامة أماكن العمل ودعم نظم الضمان الاجتماعى. كما صدقوا على "المبادئ الخاصة بالسياسات المستدامة للأحور" وأكدوا التزامهم ب "خطة عمل مجموعة العشرين لريادة الأعمال" ومبادرة مجموعة العشرين ل"تعزيز جودة التدريب المهني". وأشاروا في البيان الختامى إلى أن المجموعة ستواصل العمل لتحديد الأولويات بالنسبة للأمن الغذائي والتغذية والنمو الزراعي المستدام والتنمية الريفية كمساهمة هامة في تنفيذ جدول أعمال 2030 للتنمية المستدامة. وأعربوا عن حرصهم على أن يقوم وزراء زراعة دول المجموعة باللقاء بشكل دوري للعمل معا على تسهيل خطوات التنمية الزراعية المستدامة وتطوير سلاسل مستدامة للقيمة الغذائية بهدف تحقيق الأمن الغذائى والتنمية الريفية والتخفيف من حدة الفقر. وتطرق البيان الختامى للقمة الحادية عشرة لمجموعة العشرين إلى العديد من التحديات المهمة التي تؤثر على الاقتصاد العالمى والتي من ضمنها خروج المملكة المتحدة البريطانية من عضوية الاتحاد الأوروبي وهو الأمر الذي ادى إلى زيادة المخاوف بالنسبة للاقتصاد الدولى، حيث أكد قادة المجموعة على قدرة بلادهم على التعامل مع هذا الوضع الجديد وما يترتب عليه من نتائج مالية واقتصادية، معربين عن أملهم في أن يروا في المستقبل المملكة المتحدة تعمل كشريك وثيق الصلة بالاتحاد الأوروبي. وأكد القادة على التزامهم بمسيرة التنمية المستدامة وبتقديم الدعم المطلوب واتخاذ ما يلزم من إجراءات للتعامل مع قضية التغير المناخى، معربين عن املهم في أن تدخل اتفاقية باريس حول التغير المناخى حيز التنفيذ قبل نهاية العام الحالى. وتعهدوا بالسعى لمساعدة الدول النامية على الوفاء بالتزماتها تجاه اتفاقية الاممالمتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ عن طريق دعم جهودهم الخاصة بالتخفيف من والتكيف مع التغير المناخى. وتناول البيان كذلك التحدى الكبير الذي يمثله التهجير القسري لاعداد هائلة، غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية، من المواطنين بسبب الحروب والعنف في مناطق مختلفة من العالم، حيث طالب زعماء القمة جميع دول العالم بزيادة المعونات الإنسانية للاجئين والسعى لايجاد حلول دائمة لمشكلتهم ومساندة الدول المضيفة لهم. وحرص الزعماء في بيانهم على تأكيد إدانتهم القوية للإرهاب بكل صوره وأشكاله، ووصفوه بأنه يمثل تحديا كبيرا للسلام والأمن الدوليين ولجميع الجهود المبذولة لتعزيز الاقتصاد العالمى ولضمان النمو والتنمية المستدامين، معربين عن تكاتفهم معا واصرارهم على مواصلة جهود مكافحة الإرهاب وموضحين انهم، وفي إطار تلك الجهود، ما زالوا ملتزمين بتبادل المعلومات على نحو فعال وتجميد الأصول الخاصة بالإرهابيين وتجريم تمويل الإرهاب. كما حذروا من التهديد الخطير الذي تشكله مقاومة مضادات الميكروبات على الصحة العامة والنمو والاستقرار الاقتصادي العالمي، مؤكدين على ضرورة استكشاف طرق شاملة لمكافحة مقاومة مضادات الميكروبات من خلال تشجيع أعمال البحث والتطوير في مجال مضادات الميكروبات الجديدة، ومطالبين منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة والمنظمة العالمية لصحة الحيوان ومنظمة التعاون والتنمية أن يقدموا لهم تقريرا جماعيا في عام 2017 يتضمن الخيارات المقترحة لمعالجة هذه القضية بما في ذلك الجوانب الاقتصادية المتعلقة بها. وفى ختام بيانهم أعرب زعماء قمة مجموعة العشرين عن شكرهم للصين لاستضافة هذا المحفل العالمى الهام وعن تطلعهم للقاء مرة أخرى في عام 2017 في المانيا وفى عام 2018 في الارجنتين.