في الوقت الذي يتلقى فيه تنظيم "داعش"، ضربات موجعة في أغلب الأماكن التي يسيطر عليها بسوريا والعراق وليبيا وأفغانستان واليمن، يحاول التنظيم إعادة الانتشار من جديد عبر "مبايعات سرية" لعدد من الجماعات الإرهابية المتطرفة التي أعلنت في وقت سابق ولائها لتنظيم القاعدة، بجانب الجماعات حديثة الظهور في تلك البلدان. واستفاد التنظيم بشكل كبير من الانشقاقات التي حدثت داخل جبهة النصرة في سوريا خاصة بعد ظهور "أبو محمد الجولاني" زعيمها، وتحولها لجبهة "فتح الشام"، وإعلانها التحالف مع فصائل أخرى، فمع إعلان القياديين الأردنيين "عماد الطوباسي" و"بلال خريسات" انشقاقهما عن "جبهة فتح الشام" في وقت سابق، فتح أحد أكبر القادة العسكريين للجبهة "أبو همام الشامي"، رسالة أكد فيها أن العلاقة بينه وبين التنظيم قد تغيرت للأسوأ، وسط وجود أنباء عن مبايعتهم لأبو بكر البغدادي. إلا أن الانشقاقات التي خرجت من جبهة النصرة وذهبت في كفة "داعش"، لم تكن الوحيدة التي تحسب للتنظيم الذي بدأ يعيد انتشاره بكيانات وتنظيمات جديدة، بأسماء مختلفة عن التي أعلنت بها نشأتها. ففي الوقت الذي أعلن فيه "مجلس شورى مجاهدي درنة"، عدم مبايعته لتنظيم القاعدة وخرج ببيان رسمي عنه يؤكد وقوفه بجانب الدولة الليبية والثوار، أعلنت مصادر جهادية أن التنظيم دعا الأيام الماضية إلى تجمع جماهيري في "ساحة الصحابة" وسط مدينة درنة يدعو السكان لإعطاء الأمان لتنظيم داعش وأن عناصره سيدافعون عن المدينة ضد قوات حفتر والقوى الغربية التي تشن هجومًا عليهم بدعوى ضرب داعش لكن هدفهم "استعمار ليبيا". ولم يكن المجلس الوحيد الذي أعلن مساعدته ومبايعة داعش، فهناك حركات أعلنت بيعتها علنًا، وأخرى بايعت سرًا، في خطة محكمة هدفها إعادة انتشار داعش وتعويض خسائره الفادحة. وظهرت في سوريا "كتيبة الإمام البخاري"، وأنكرت في البداية مبايعتها للتنظيم وأعلنت أمام جميع الفصائل تبنها لخطاب ثوري ضد بشار، وهو نفس الطريق الذي انتهجه "لواء شهداء اليرموك"، الذي أصدر أكثر من بيان لنفي العلاقة بينه وبين التنظيم ومساعدته لفصائل المسلحة الأخرى. ورغم نفي تلك التنظيمات إلا أن فصائل سورية قد سربت "مقاطع فيديو"، تظهر قيام "لواء اليرموك"، بعمليات إعدام بنفس الطرق التي انتهجها التنظيم الإرهابي في القتل، فضلًا عن رايتها التي تقرب لراية التنظيم. وعلى رأس تلك الحركات التي بايعت سرًا "كتائب عبدالله عزام"، الذي تطلق عليه الجماعات "الجهادية" لفظ رائد الجهاد الإسلامي، ويزعمها "أبي عمر الحموي"، ودخلت في صراع كبير مع حركة أحرار الشام في سوريا حتى أن أطلقت حملة للقبض على عناصرها باعتبارهم خطر يهددها، بالإضافة ل"كتيبة شهداء البياضة" في سوريا. من جانبه، قال عمرو عبدالمنعم الباحث في الشئون الإسلامية، إن الحركة الإسلامية إصابةا تحولات كبيرة عقب أحداث كبيرة من أحداث 11 سبتمبر، ولم يعد يوجد هناك لفظ "الجماعات التقليدية الواحدة" كالقاعدة، وبمجرد ظهور داعش ظهر مصطلحات "داعش وأخواتها"، في إشارة إلى تلك الحركات والتنظيمات التي أصبحت تبايع التنظيم من أماكن مختلفة. وأوضح "عبدالمنعم"، في تصريحات ل"البوابة"، أن التنظيم عمل على استقطاب جماعات تشاركه في النمطية والفكر وقربه منه إقليميًا في الأماكن التي يتواجد فيها. وذكر الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، أن الحركات الإقليمية القريبة من التنظيم تقوم بمبايعته بصور مختلفة كمبايعته على الأجزاء التي يتواجدون فيها ولا يرتبط ذلك بالتوقيت، وهناك مبايعات على عدم الاقتتال أو عدم مناصرة عدو التنظيم أو توفير لعناصر المرور في الطرق، ويتم الدخول في جوارهم لفترات محددة. وأشار "عبدالمنعم"، إلى أن البيعة الأساسية لداعش تقوم على ثلاثة أولها تكفير مرسي والإخوان، وحماس والاتجاه في فلسطين، وأردوغان والاتجاه في تركيا، موضحًا أن الخطر القادم يتمثل في الحركات والتنظيمات التي تندرج جميعها تحت لفظ "المجموعات الجهادية" باعتبارها تتكون من جماعات مختلفة تنشطر كل منها وتحمل أفكار مختلفة.