أول ما تراه عيناك- حال دخولك أهم وأشهر المناطق العامرة في حي بولاق أبوالعلا في مدينة القاهرة- هو انتشار الباعة الجائلين وتراكم القمامة تحت الكباري وانتشار محال الحدادة. احتلت تلك المظاهر العديد من العمارات السكنية والمساجد ومنها مسجد السلطان أبوالعلا فهو يعد من أشهر المعالم بحي بولاق أبوالعلا ويعد من أقدم وأعرق المساجد تاريخيًا، حيث شهد عصورًا وأزمنة مختلفة، وينسب هذا المسجد إلى الشيخ الصالح حسين أبى على وكنيته أبوالعلاء، وأسماه الصوفيون "صاحب الكرامات". ورغم قيمته التاريخية إلا أن هناك من اتخذ منه مكانًا لكسب لقمة العيش، فأثناء الجولة التفقدية ل"بوابة نيوز"، شاهدنا بعضهم يفترش بالملابس أمام المسجد، والبعض الآخر يقوم بإصلاح السيارات والطريف في الموضوع وجود كشك يتغذى من كهرباء المسجد وبجانبه لافتة مكتوب عليها تابع لهيئة الآثار الإسلامية. قال محمد أبو بكر، إمام وخطيب مسجد السلطان أبوالعلا: أنشئ هذا المسجد في القرن الخامس الميلادي وسمي باسم "السلطان أبوالعلا" نسبة لصاحب المقام، وذلك بعد أن طلب الشيخ أبوالعلا من الخواجة نور الدين على ابن المرحوم محمد بن البرلسى أن يقوم بتجديد زاويته وخلوته التي كان يتعبد فيها وتميزت مئذنة المسجد الحجرية بتصميمها على الطراز الإسلامي البديع والتي ترتفع عن سطح الأرض 30 مترا وعن سطح المسجد 20 مترًا، وحينما توفي الشيخ أبوالعلا سنة 890ه 1486م دفن به وأقيمت قبة خاصة له وسميت ضريح "أبوالعلا". وفي هذا الوقت ازدهرت العمارة الإسلامية والتي تظهر في العديد من المساجد الأثرية ولكن تغير هذا الحال ليكون الغالب هو الإهمال بالمسجد الاثرية دون النظر إلى تاريخه فالشروخ والمياه الجوفية التي تحتل المسجد والرطوبة بدأت تأكل بعض الحوائط. ويطالب الكثير من رواد المسجد المسئولين التدخل العاجل لإنقاذ مسجد السلطان أبو العلا من خطر انهيار أجزاء منه والتي إصابتها الشروخ والتشققات بجدرانه وأجزاء من السقف. وقال محمد العزوزي أحد رواد المسجد، أن الإهمال طال العديد من الجدران وبدأت في السقوط ليصبح الوضع الآن هو الإهمال والتسيب واللامبالاة والاستهتار، ليتحول المسجد إلى ملعب للأطفال يلعبون خلف اسواره المنهارة بحجارته الاثرية الملقاة على الارض بخلاف قضاء حاجتهم على جدرانه أمام أعين المارة بدون الشعور بالإحراج، وكان هذا الوضع اعتاد عليه ساكنو المنطقة. وعقب أحد العاملين بالمسجد رافضا ذكر اسمه قائلا، أن الوضع الآن يحمل العديد من التناقضات وعلامات الاستفهام والتي تطرح العديد من التساؤلات اين وزارة الآثار بمحاولاتها في الاهتمام بتلك الأماكن الأثرية المهدرة التي أصبحت في طي النسيان وكيف يتحول الوضع بالمساجد إلى تلك الحالة. وأكد أن الإهمال الموجود الآن نتيجة مخالفات مالية وهندسية ويجب أن يعاقب عليها المسئولون بالوزارة، وذلك يرجع إلى اعتمادهم أنه لا يوجد عليهم مراقبة أو متابعة على الأعمال التي يقومون بها وكل ما عليهم هو إصدار الأوامر للعاملين. وعقب محروس محمد أحد العاملين بوزارة الآثار سابقا ومن أهالي حي بولاق الواقع به المسجد قائلا، أن مسئولية العناية بالمسجد آلت إلى أهالي المنطقة ويقومون بالإشراف عليه وذلك بعد اختفاء دور الأوقاف ولجنة الحفاظ على التراث عنه، فأصبح الوضع الآن أن مهام المسجد ومتطلباته على عاتقنا. مضيفا أن وزارة الآثار تقوم بالاستعانة بقطاع المشروعات الذي يختص بإحلال وتجديد المساجد وتطرح المزايدات والتي يفوز بها أحد المقاولين الأثريين وعند حصوله على المال لا يكلف نفسه رؤية المقاول الذي أصبح مسئولا عن ترميم أحد المساجد الأثرية وبعد ذلك خطأ فادحا يتسبب فيه قطاع المشروعات. أما عن دور وزارة الأوقاف لم يختلف كثيرا عن هيئة الآثار، يأتي موظف الأوقاف مرة واحدة كل ثلاث شهور ليلقي نظرة على المسجد ليتأكد إذا ساء الوضع أكثر أم لا؟ ويرحل بعدها مباشرة دون اتخاذ أي موقف حيال الوضع الذي وصلت له جدرانه، أما عن دور هيئة الآثار مع الأسف الشديد قد يمر عام أو أكثر دون أن يطل عليه أحد من موظفيه.