بعد خسائر تنظيم داعش الإرهابي في معاقله الرئيسية بالوطن العربي، واعتماده على نقل مراكز النفوذ الرئيسية إلى مناطق أخرى مثل منطقة خراسان "وتشمل دول أفغانستانوباكستان والهند وبنجلاديش"، واجه التنظيم مقاومة عنيفة لمحاولاته فرض النفوذ في تلك المنطقة، من جانب حركة طالبان في أفغانستانوباكستان من جهة، والقوات الحكومية والأمريكية والدولية في البلدين من جهة أخرى. لتكتمل خسائره في خراسان بمقتل أمير ولايته المزعومة بها، حافظ سعيد خان، بعد مقتل نائبه عبد الؤوف كاظم في فبراير الماضي إثر غارة جوية أمريكية. وُلد حافظ سعيد خان في 1972 بمنطقة أوراكزاي ذات البيئة القبلية في باكستان، بالقرب من الحدود الأفغانية، وتلقى تعليمه في مدرسة دار العلوم الإسلامية بمنطقة هانجو، شمال غرب باكستان، والتي التقى فيها بزميله شهيد الله شهيد، الذي أصبح فيما بعد المتحدث الإعلامي باسم حركة طالبان باكستان. ومع اقترابه من سن الثلاثين انضم سعيد خان إلى تنظيم طالبان في أفغانستان، عقب تنفيذ تنظيم القاعدة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 في الولاياتالمتحدة. وبعد عامين أسس بيت الله محسود فرع حركة طالبان في باكستان، واختار سعيد خان مساعدًا له وعضو مجلس شورى بالحركة وأميرًا لها على منطقة أوراكزاي. ولقي بيت الله مصرعه في 2009 إثر غارة لطائرة أمريكية بدون طيار، وانقسمت الحركة بعدها إلى مجموعتين: مجموعة بقيادة "بيت الرحمن" الذي ينتمي إلى قبيلة بيت الله، وهي المجموعة التي انحاز إليها سعيد خان، ومجموعة أخرى بقيادة فقير محمد وحكيم الله محسود. ولكن حكيم الله حسم الصراع داخل الحركة وسيطر عليها وحده، ليلقى نفس مصير زعيمه السابق ويُقتل في 2013، ويصبح سعيد خان بين ثلاثة مرشحين لزعامة الحركة؛ ولكن تم انتخاب الملا فضل الله قائدًا للحركة من بين المرشحين. ورغم أن سعيد خان أصبح أحد الأعمدة الأساسية لطالبان باكستان، إلى أنه ترك الحركة مع خمسة قادة آخرين، منهم رفيقه شهيد الله الذي اشتهر بعدها باسم "أبو على مقبول الخراساني"، وأمراء عشر مجموعات بالحركة، وأعلنوا بيعتهم لأبي بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش في أكتوبر 2014. وفي يناير الماضي قرر البغدادي تعيين سعيد خان أميرًا لولاية التنظيم المزعومة في منطقة خراسان، وتعيين عبد الرؤوف خادم نائبًا له، كما بقي شهيد الله متحدثًا باسم داعش في خراسان. ويقول جوردون تروبريدج، نائب المسئول الإعلامي لوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، بأن سعيد خان "كان معروفًا بمشاركته المباشرة في الهجمات ضد القوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي"، كما أن الشبكة الإرهابية التي كان يديرها في منطقة خراسان أرهبت المواطنين الأفغان، لا سيما في إقليم ننجرهار القريب من الحدود الباكستانية. واعتقدت القوات الأمريكية أنها قتلت سعيد خان مرتين من قبل، جاءت أولاهم عندما استهدفت طائرة أمريكية عشرات القيادات والكوادر بالتنظيم في ننجرهار، في يوليو 2015، والثانية في يناير الماضي عقب تعيينه أميرًا لداعش في خراسان، واعتُقد حينها أنه قتل خلال غارة لقوات حلف الناتو. ونجحت القوات الأمريكية أخيرًا في التخلص من سعيد خان، في غارة لطائرة بدون طيار على المنطقة الحدودية بين أفغانستانوباكستان، في إطار التعاون مع قوات العمليات الخاصة الأفغانية خلال يوليو الماضي، وأعلن البنتاجون نبأ مقتله أمس الجمعة. وتُعتبر نهاية سعيد خان وكاظم نهاية مأمولة لتوحش في خراسان من خلال عمليات كبرى في الفترة الأخيرة، ومنها استهداف مظاهرة كبرى لشيعة الهزارة بأفغانستان مما أسفر عن سقوط 80 قتيلًا و230 جريحًا، وتفجير انتحاري استهدف مسستشفى باكستانية أسفر عن سقوط 73 قتيلًا، وأعلن كل من داعش وطالبان المسئولية عنه.