تنفرد "البوابة القبطية"، بنشر فصول كتاب "المسيحيون بين الوطن والمقدس" للدكتور إكرام لمعي أستاذ مقارنة الأديان الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب: الفصل الثاني.. دخول الإسلام إلى منطقة الشرق الأوسط والدولة الأموية: انتهينا في الفصل الأول إلى معاهدة الصلح (629م) بين البيزنطيين والفارسيين الذين حكموا مصر لمدة 11 سنة وبإنسحاب الفرس من المشهدعاد البيزنطيون إلى حكم مصر، وبإخفاق البيزنطيين في مواجهة الفرس بدأ المصريون يتساءلون عن مدى قدرة الدولة البيزنطية التي تحكمهم على حمايتهم، حيث وضح عجزهم تماما أمام الفرس، هذا فضلًا عن كونهم يختلفون معها في عقيدة طبيعة المسيح وقد أثر ذلك تماما في موقف المصريين من الفتح الإسلامي ( 641 م ) بعد 12 سنة من انسحاب الفرس وعودة البيزنطيين، فقد كان دخول العرب المسلمين إلى مصر حربا على البيزنطيين الحاكمين للبلاد أكثر منه حربا على المصريين أهل هذه البلاد المحتلين المغلوبين على أمرهم. و بدخول العرب المسلمين إلى مصر كانت أغلبية المصريين يؤمنون بعقيدة (13) الطبيعة الواحدة (الإلهية الإنسانية للسيد المسيح) بينما الأقليات المصرية كانت تؤمن بعقيدة الطبيعتين (الإلهية والإنسانية غير المختلطين معا) والتي تؤمن بها الكنيسة البيزنطية. لقد جاء الفتح الإسلامي لمصر (14) ضمن الفتوحات الإسلامية الخارجة من المدينة شمالا حتى حدود الدولة البيزنطية وفي إيام الخلفاء الراشدين أبو بكر الصديق (632-634 م)، عمر بن الخطاب ( 634-644 م )، عثمان بن عفان (643-655م)، على بن أبى طالب (656-661 م) تمكنت هذه الفتوحات من مصر وشمال أفريقيا ومعظم بلدان الشرق الأوسط وبلاد فارس وبالعودة إلى مصر كان بابا الأقباط المصريين الأنبا بنيامين وهو مصري حتى النخاع سليل أسرة عريقة ثرية. في ذلك الحين كانت سلطات الإمبراطورية البيزنطية قد عينت واليا على مصر من أهل القوقاز ليرأس الكنيسة ويحكم البلاد، وهكذا جمع بين السلطة الدينية والسلطة المدنية وكان اسمه-كروس "Cyrus" الذي عرفته المصادر العربية باسم - المقوقس- وكانت مهمة كيروس ( المقوقس ) توحيد المذهبين المسيحيين في صبغة توفيقية وضعها الإمبراطور، وبناء على ذلك قام بشن حملة اضطهادات قاسية ضد الأقباط المسيحيين، فهرب بنيامين إلى الصحراء وأ-حرق أخوه حيا في الإسكندرية واستولى كروس على ممتلكات الرافضين لمذهبه وأديرتهم وكنائسهم لصالح المسيحيين الذين يؤمنون بمذهب الطبيعتين واستمر الأمر حتى دخل عمرو بن العاص إلى مصر على رأس جيش لا يزيد عن أربعة آلاف جندي، ولقد رأى كثيرون من الأقباط أن وصول المسلمين سوف يخلصهم من البيزنطيين وهو ما حدث إذ أن أحد أعيان الأقباط تحدث مع عمرو بن العاص بعد أن عرف الأخير بهروب الأنبا بنيامين ونصحه أن يعيد الأنبا بنيامين إلى كرسيه وقد قام عمرو بن العاص باستدعاء بنيامين إلى الإسكندرية عاصمة مصر آنذاك وعامله باحترام وقدعبرعن ذلك المؤرخ ساويرس بن المقفع وكذلك يوحنا النقيوسي أسقف مدينة نقيوس بقوله: "و دخل الأنبا بنيامين بطريرك المصريين مدينة الإسكندرية بعد هربه منها لمدة ثلاثة عشر عاما وسار إلى كنائسه وزارة كلها وكان كل الناس يقولون: إن انتصار الإسلام جاء بسبب ظلم الملك هرقل واضطهاد الأقباط الأرثوذكس على يد البابا كروس (المقوقس) وكانت النتيجة هلاك ملك الروم وسيادة المسلمين مصر.... ولقد أرست العلاقة بين عمرو وبنيامين العلاقة بين المسلمين والمسيحيين (15) المصريين في تلك اللحظة التاريخية المهمة، ولقد تمصر العرب المسلمين وتحول بعض المسيحيين إلى الإسلام وزاوج العرب والمصريين، وحدث تحول ثقافي ملحوظ في تكوين الهوية المصرية حيث دخل عنصر جديد في النسيج الاجتماعى المصرى وتكون نسيج ثقافى عربى إسلامى في صبغة مصرية متفردة ساهم فيه المصريون (مسيحيون ومسلمون) معًا يختلف تمامًا عما كان عليه العرب المسلمون القادمون، وتنامى وتعمق مع الزمن حيث أسهم المسيحيون العرب في الحضارة العربية ونادرًا ما يحدث في التاريخ مثل هذا التغيير السياسي الكبير ويتوفر فيه السرعة والدوام على مدى التاريخ والسرعة هنا نسبية، حيث نقصد بالسرعة نقطة البداية وسهولتها ويسرها أما التغيير فقد كان سهلا على مدى مائتى عام، لقد كان عدد العرب الذين استوطنوا مصر قليلا جدا بالنسبة للسكان فقد كانوا نحو أربعين ألفا مع عائلاتهم أي مائة ألف في دولة كان تعدادها ستة ملايين على الأقل وكانت اللغة العربية تصارع اللغة اليونانية ( لغة الفلسفة والعلم ) واللغة القبطية (لغة الدين)، حتى سادت اللغة العربية وصارت لغة الأدب والحوار اليومى خاصة بعد قرار الخليفة الأموى-عبد الملك بن مروان-(684-705 م) بتعريب الإدارة الحكومية في الدولة الإسلامية. وبحلول 715 م حكم الأمويون (16) الذين اتخذوا من دمشق عاصمة لهم العالم الإسلامي وامتدت الدولة الإسلامية تحت ادارتهم من إسبانيا في الغرب إلى المحيط الهندى ومن وسط آسيا في الشمال إلى حدود الصحراء الكبرى وهكذا أخذت الجيوش الإسلامية معظم المقاطعات جنوبى جبل طوروس (في الأناضول وتركيا) وبعض المناطق ورائها.وكان يسكن في تلك الأماكن أكثرية مسيحية وصارت الكنائس والأديرة والمدارس التابعة وكل المدن المحيطة تحت سيطرة المسلمين. في البداية لم يكن هناك تغييرًا مفاجئا في حياة المسيحيين، كان هناك قتال لكن لم تكن هناك مذابح ولم توجد سياسة محددة لإبادة كل من يعارض الحكام الجدد، والحقيقة أن الفاتحين المسلمين في بعض الأماكن والمدن لم يقوموا بعمليات سلب ونهب بل كانوا منعزلين خارج حدود تلك المدن في معسكراتهم وفي مصر بنوا لأنفسهم مدينة خاصة بهم واسموها الفسطاط أي الخيام ويبين معظم المؤرخين إلى أن الفتوحات المبكرةكانت تتم على أساس إبرام عهد-ميثاق- بين السكان الأصليين والجيوش الفاتحة، وبلا شك أن هذه العهود ( 17 )، أعطت حرية نسبية ومكنت السكان من البقاء على ما كانوا عليه من قبل إلا أن نفس المصادر التاريخية الإسلامية تتحدث عن بعض اختلاف وتباين بين مواقف الحكام المسلمين بخصوص مساحة الحرية الممنوحة للبلاد المفتوحة، فمثلا كان الفاروق عمر بن الخطاب يرى أنه مسئول عن حماية الصلبان الموضوعة على الكنائس وملحقاتها، وأكد بقوة وكرركثيرا وأوصى ألا يقوم أحد مهما كان بالتعدى عليها أما الحكام في سوريا على طول جنوب الفرات فقد سمحوا للمسيحيين بحمل الصلبان بشكل علنى يومًا واحدًا في العام، وأن يتم ذلك خارج المناطق التي يسكنوها أما الخليفة - عبد الله بن مروان - ( 685 م - 705 م ) ومن تلاه من الخلفاء الأمويين فقد أمروا بتحطيم الصلبان الموضوعة على مبانٍ مرتفعة بل وبدلوا صورة الصليب المرسومة على العملات المعدنية بصورة عمود رأسى فقط، والجدير بالذكر أن مؤسس الخلافة الأموية معاوية بن أبى سفيان ( 661 م -680 م ) حاول أن ينفذ هذا الأمر من قبل لكنه فشل بسبب معارضة الأهالي واستكمالا لهذا النهج قام الخليفة-عبد الملك بن مروان-ببناء المسجد الأقصى في أورشليم القدس تذكارًا لحادثة الإسراء والمعراج ووضع داخل المسجد وخارجه العديد من الآيات التي تنص على وحدانية الله، ومع بداية القرن الثامن الميلادى كان المسيحيون العرب أو غيرهم يعرفون بأهل الكتاب ( 18 ) وكانت توضع لهم قوانين ولوائح خاصة بهم وقد نسبها الخلفاء اللاحقين إلى عمر بن الخطاب وإن لم يكن من المؤكد أنها في جميعها وضعها الخليفة عمر لكن بعده جاء خلفاء أضافوا لما وضعه عمرولم يذكروا أنها من عندياتهم وبالتالى لم يعرف شكل الوثيقة العمرية الأولى لكن من المؤكد أن هذه القوانين واللوائح كانت تلزمأهل الكتاب بدفع الجزية والخراج ( ضريبة الأرض ) وبعض البنود تنص على شروط معينة لبناء الكنائس وملابس أهل الذمة والأصل في هذا الأمر أن الدولة الإسلامية توفر الحماية لأهل الذمة في مقابل التزامهم ببنودها وعدم حمل السلاح ومن المعروف أن الخليفة الأموى عمر بن عبد العزيزالمشهور بتقواه وبعدله ونزاهته ( 717 م - 720م ) دعم فرض تلك الشروط على أهل الذمة. لقد كان عصر الخلافة الأموية من أفضل العصور لأنه لم تكن هناك أي نزاعات قائمة على أساس دينى، لقد قام الحكام والجيوش الإسلامية بحماية الشعوب، وكان كل ما هنالك أن ما يدفعه أهل الذمة ضرائب إضافية يعفى منها المسيحى إذا اعتنق الإسلام، وهنا يصبح مثله مثل أي شخص مسلم بدون أي تفرقة في الأعراق أو الأنساب أو التمييز من أي نوع وهذا عكس ما حدث بعد الخلافة الاموية مع الفرس الذين اعتنقوا الإسلام ورفعت الجزية من عليهم ولكن وقعت بينهم وبين المسلمين العرب حروبًاطويلة على أساس أن العرب يعاملونكمواطنين من الدرجة الأولى والفرس المسلمين مواطنين درجة ثانية لكن في ظل الخلافة الأموية كانت الأمور تسير بسلام وهدوء ذلك لأن المسلمين لم يصبحوا أغلبية في أي بلد مفتوحة في ذلك الوقت. من المسيحيين الذين لفتوا النظر في الخلافة الاموية القديس (19)يوحنا الدمشقي(660-750)م وهو مسيحى خلقيدونى (من أتباع عقيدة الطبيعتين للسيد المسيح ) والتي شرحناها من قبل يتحدث اليونانية،ولا شك أن تنصيبه في بلاط الخليفة الأموى كان دليلا على نجاحات المسيحيين أيام الأمويين، طبعا هذا النموذج ليس قياسيًا، لقد عمل والد يوحنا الدمشقىوجده في مناصب قيادية في عاصمة الأمويين دمشق وقام جده بتسليم المدينة للفاتحين المسلمين بعد هروب الحاكم البيزنطى أما يوحنا الدمشقى فقد عمل في بلاط الخليفة الأموى وظل مسيحيًا متمسكًا بإيمانه ولم يضايقه أحد، ووضع كتابات لاهوتية عديدة باللغة اليونانية، ولقد اعتزل يوحنا الدمشقى الحياة العامة وترهبن في دير القديس سابا ( توفى 531 م ) جنوب شرق أورشليم القدس وهناك ألف موسوعة لاهوتية شاملة - ينبوع الحكمة- ولقد كتب يوحنا الدمشقى في الجزء الثاني من موسوعته اللاهوتية عن الدين الإسلامي وأوضح رأيه دون وجل أو خوف من عقاب. و هكذا فعل معظم اللاهوتيين المسيحيين العرب بعد دخول الإسلام إلى بلدانهم حيث تأقلموا مع الثقافة الجديدة واللغة الجديدة وقدموا إيمانهم أو أعادوا تفسير عقيدتهم في القرينة الإسلامية، ومن أهم ما قدمه يوحنا الدمشقى شرحه لطبيعة المسيح ( طبيعتان ومشيئتان، بحسب مجمع خلقدونية 451 م ) بأن السيد المسيح كان له طبيعة إنسانية كاملة من ولادة ونمو في الجسد والعقل والثقة بالله والمعرفة... إلخ كذلك عاش الضعف الجسدى من تعب وإرهاق وجوع وحاجة إلى النوم، ومات كإنسان... إلخ وأيضا كانت له مشيئة إنسانية، ولم تختلط هذه الطبيعة الإنسانية بالطبيعة الإلهية بأى شكل من الأشكال. بالطبع هذا الشرح كان أكثر راحة للفقهاء المسلمين والحكام من إيمان الكنيسة الشرقية الغير خلقدونية التي تؤمن بأن السيد المسيح له طبيعة واحدة إلهية إنسانية ومشيئة واحدة إلهية إنسانية وهنا يؤكد يوحنا على هويته وصحة موقف مجمع خلقدونية في وجه اعتراضات الآخرين من فكر الكنيسة الشرقية. في ذات الوقت أوضح يوحنا الدمشقى الموقف اللاهوتى المسيحى إزاء اعتراضات الإسلام وتحدث عن أن المسيحية لا تضع مريم العذراء جزءا من الثالوث فمريم العذراء ليست إلها في المسيحية، كذلك تحدث عن الآب والابن بأنهلا يقصد بها تناسل لكن يقصد بها أدوار وخصائص ووظائف وفي النهاية يتحدث عن أن الله واحد وحدانية جامعة وليست وحدانية بسيطة. ولقد كان هذا النوع من ا لكتابات منتشرًا بقوة في الدولة الأموية من تأليف علماء مسيحيين يجددون فكرهم اللاهوتى وعقيدتهم إزاء الطوائف المسيحية الأخرى من ناحية وإزاء الإسلام من ناحية أخرى،و كانت هذه المؤلفات رفضًا -لهرطقات وبدع -الطوائف وإنحرافاتها العقائدية ومن الجدير بالذكر أنه لم يصادر أي مؤلف من هذه المؤلفات ولم يحاكم أحد المؤلفينعلى ما كتبه من موقفه من الإسلام ( 20 ) أو من العقائد المسيحية الأخرى وكان أحد أهم أهداف الكتابات المسيحية والتي تمت بكثرة شديدة بالتزامن مع كثرة الوثائق العقائدية والمؤلفات الجدلية هو إعلام الحكام والمثقفين المسلمين والفقهاء الفوارق بين الطوائف المسيحية والموقف من الإسلام. ويمكننا القول بلا تردد أن وجود الإسلام في الشرق ساهم بشكل أو آخر في تحديد الخلافات اللاهوتية بين الطوائف المسيحية للمرة الأولى في التاريخ. لقد أدرك المسيحيون في ذلك الوقت أن وجود العرب بينهم سوف يكون وجودا مستديما بخلاف الذين مروا عليهم من قبل، وهذا الوجود الإسلامي يتطلب منهم أن يقدموا أنفسهم للمسلمينكبشر يؤمنون بدين المسيح الذي به بعض من اختلاف عن الإيمان الإسلامي، وقد اهتموا بصورة حقيقية كيف يعبرون عنه لمتحدثين بالعربية لهم حضارة تختلف عن حضارتهم حضارة الصحراء والشعر والقلم والبيان والقيم البدوية الأكثر محافظة من القيمالحضرية والمدنية، وقد استعانوا بالكتاب المقدس مع وضع تفسيرات له تناسب الحضارة القادمة عليهم، ومن الأمور التي أكدوا عليها بشدة هي أن الإسلام دين إبراهيم وذكر المؤرخ الأرمينى سيبوس ( أسقف ومؤرخ عاش في القرن السابع) أن محمدا أتبع شريعة موسى غير أن كثيرين من المسيحيين رأوا أن الإسلام يمثل لهم تحديًا فكريًا حقيقيًا. لكن معاملة الحكام الجدد خاصة في ظل الخلافة الأموية ( 21) إلتى لم تتدخل بتاتا في الحرية الدينية بل كان فرض الجزية مقابل الحماية وتدعيم دولة الإسلام ولم يكن في ذهنهم قصة الأسلمة، لكن المسيحيين اتجهوا للإسلام لعدة أسباب من أهمها تعريب الإدارة الحكومية في الدولة الإسلامية كلها في زمن الخليفة الأموى " عبد الملك بن مروان - ( 684 م- 705 م ) مما أدى إلى سرعة انتشار اللغة العربية وزيادة عدد المتحولين من المسيحية إلى الإسلام،و مما يدل على أنه لم يحدث ضغطًا من أي نوع أو اضطهاد للمسيحيين للتحول للإسلام، إن الخليفة عمر بن عبد العزيز ( 22 ) جاءه خبرًا من أن الحكام المسلمين في الدول المترامية تحت خلافته يمنعون المسيحيين عن دخول الإسلام حتى لا يتأثر دخل الدولة من الضرائب أو ما يذهب منه لدولة الخلافة كل عام، لذلك أرسل الخليفة مكتوبا إلى الحكام في بداية القرن الثامن بألا يمنعوا المسيحيين من التحول إلى الإسلام، لأن موقفهم النفعى بشأن الجزية جعلهم يوقفون التحول إلى الإسلام،قائلا: - لا تعطوا المصادر المالية هذا القدر من الاهتمام لكن عليكم أن تنظروا وتقيموا البعد الإيمانى في عملية التحول -. لا شك أن الفتح الإسلامي لمصر كان نقطة فارقة في التاريخ الطويل لها، إذ كانت المرة الأولى التي يتغير فيها شكل مصر الحضارى بعد قرون من الخمول الحضارى في ظل الاحتلال الرومانى الذي استمر قرابة سبعة قرون وبالفتح الإسلامي صارت مصر مركزا من مراكز صنع الثقافة العربية الإسلامية في العالم ومما لا شك فيه بل والثابت تاريخيا أن المسيحيين وعبر مجالات متعددة بعد أن تعربت مصر ودول الشرق الأوسط تغير نسيجها الاجتماعى والثقافي ( الدين واللغة ) وقاموا بدور رائع وواضح في العلوم والآداب والفلسفة وحوارالأديان والتواصل الحضاري، كما ذكرنا من أمثلة في هذا الفصل والخاص بالدولة الأموية، لكن الدور المسيحى في بناء الحضارة العربية ازداد إتساعا ورسوخا تحت الخلافة العباسية وهو ما سنراه في الفصل التالى.