أستاذ مقارنة الأديان ينبه المسيحيين لضرورة الاندماج فى المجتمع والتخلص من عقدة الشعور بأنهم أقلية دينية دخل المسلمون فى النسيج الاجتماعى المصرى وتكوّن خليط ثقافى بصيغة مصرية متفردة عما كان عليه العرب فى إطار تناوله لثورات قبط مصر يرجح المقريزى أن سبب تمردهم وعصيانهم مع من انضم إليهم من العرب المسلمين فى مصر هو ازدياد الأعباء المالية التى فرضت عليهم من خراج وجزية أثقلت كاهلهم بعد أن أخل الولاة الأمويون بالسياسة المتوازنة التى كان الفاتح عمرو بن العاص أرساها عقب فتح مصر والمتعلقة بدفع الخراج، ففى السنوات الأخيرة من خلافة مروان الثانى آخر الخلفاء الأمويين اندلعت ثورة البشامرة التى تزعمها مينا بن بقيرة من شبرا بسنبوط، وامتنعوا عن دفع الخراج فقاتلهم والى مصر وأرسل لهم جيشًا من البر وأسطولا من البحر، إلا أن البشامرة تحصنوا فى المواقع الوحلة، وتناثروا فى الأحراش وكبدوا الجيش خسائر جسيمة فرحل العسكر من منطقتهم. فى عام 767م ثار البشامرة وانضمت إليهم فى هذه المرة بعض القبائل العربية من أبناء القبائل اليمنية التى كانت تعمل فى الزراعة فى شمال الجزيرة العربية، ورفضت أن تواصل الفتوحات الإسلامية فجاءوا واستقروا فى مصر واشتركوا مع البشموريين فى الثورة بعدما اشتد عليها أيضا ظلم جابى الخراج، وإن دل ذلك على أن ثورات البشامرة ليست بالدرجة الأولى ثورات أقباط ضد عرب، وإنما هى ثورات المصريين المحكومين المظلومين الذين أثقل عبئهم الخراج والجزية فى آن معًا، وهى ثورات لا تقل فى أهميتها ومدلولاتها عن ثورات المصريين ضد البطالمة والرومان والفرس. وفى كتابه «المسيحيون بين الوطن والمقدس.. الدور والمصير» الصادر مؤخرًا عن الهيئة العامة للكتاب، يتتبع مؤلفه القس دكتور إكرام لمعى أستاذ مقارنة الأديان بكلية اللاهوت الإنجيلية بداية دخول الإسلام مصر منذ أن عينت الإمبراطورية البيزنطية «كروس أو المقوقس بحسب المصادر العربية» واليًا على مصر من أهل القوقاز ليرأس الكنيسة ويحكم البلاد، وهكذا جمع بين السلطة الدينية والسلطة المدنية، وكانت مهمته توحيد المذهبين المسيحيين (الطبيعة الواحدة الإلهية الإنسانية للسيد المسيح، والطبيعتين غير المختلطتين) فى صيغة توافقية وضعها الإمبراطور، وبناء على ذلك قام بشن حملة اضطهادات ضد الأقباط المسيحيين، فهرب بنيامين إلى الصحراء، وتم إحراق أخيه حيا فى الإسكندرية، واستولى كروس على ممتلكات الرافضين لمذهبه وأديرتهم وكنائسهم لصالح المسيحيين الذين يؤمنون بمذهب الطبيعتين، واستمر الأمر حتى دخول عمرو بن العاص إلى مصر. وقد تحدث أحد الأعيان الأقباط مع عمرو بن العاص ونصحه بإعادة بنيامين إلى كرسيه، وهو ما فعله ابن العاص وعامله باحترام عبر عنه المؤرخ «ساويرس بن المقفع» وكذلك يوحنا النقيوسى أسقف مدينة نقيوس. «أنتم ملح الأرض.. أنتم نور العالم».. بهاتين الجملتين من إنجيل متى، أراد أستاذ مقارنة الأديان بكلية اللاهوت الإنجيلية، تنبيه المسيحيين فى مصر لضرورة التخلص من عقدة شعورهم بأنهم مجرد أقلية دينية.