نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية مقالًا للكاتب الصحفي كريسيان كاريل، يحلل من خلاله الفرق بين ما أسماهم السياسيين التقليديين من أمثال هيلاري كلينتون وفرانسوا هولاند وديفيد كاميرون وبين ما أسماهم بالسياسيين الشعبيين القادرين على إلهاب مشاعر قطاع واسع من المواطنين مثل بيرني ساندرز وبورين جونسون ودونالد ترامب. وتقول "فورين بوليسي" إن كلينتون وهولاند وكاميرون جميعا لديهم سجلات طويلة من الخدمة العامة، وأنهم جميعا مديرين على درجة عالية من الكفاءة والدقة والمهنية، كما أنهم جميعا ينضحون بالهدوء الممزوج بالكفاءة العالية، وهي نفس الصفات من وجهة نظر الكاتب التي تجعل الكثيرين لا يحبونهم، وعلى الرغم من أن هولاند ساعد فرنسا أن تخرج من حالة الركود الاقتصادي ولكن شعبيته تدنت لمستويات غير مسبوقة، خاصة وأن المواطنين يشعرون أن أسلوب محاربته للإرهاب يتسم بالجبن وعدم القدرة على الحسم، أما كاميرون وعلى الرغم من سجله الحافل بالإنجازات كرئيس للوزراء طوال السنوات الستة الماضية إلا أنه انهزم هزيمة مخزية بعد تصويت الأغلبية لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، وعلى الرغم من أن كلينتون تصرف الملايين لتنجح حملتها الرئاسية وتصبح رئيسة الولاياتالمتحدة، متبعة كل الخطوات السياسية والاستراتيجية الصحيحة، إلا أن منافسها ترامب الذي وصفه الكاتب بالمختل والمخادع والذي يعاني من نقص في التمويل لحملته الانتخابية، مازال ينافسها بقوة حسبما تشير الاستفتاءات. وأوضح الكاتب أن طبيعة خصوم كلينتون وكاميرون وهولاند قد تحمل مفتاح اللغز، فعلى الرغم من مؤهلات الزعماء الثلاثة العالية والمثيرة للإعجاب إلا أن خصومهم استطاعوا التقرب من المواطنين وخلق شعبية جارفة تستطيع إلهاب المشاعر. وقال الكاتب "ترامب وبيرني ساندرز على الرغم من تباعدهم أيدولوجيا وفكريا إلا أنهم أعطوا درسا مهينا لكلينتون في قوة طرح الحلول البسيطة واستخدام المشاعر الخام، مشيرا إلى أن بوريس جونسون، عمدة لندن السابق وزعيم معسكر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ومعه نايجل فاراج زعيم حزب استقلال بريطانيا وأحد أبرز الشخصيات الداعمة لبريكست تصدروا المشهد بدلا من كاميرون لأنهم استطاعوا اللعب على عواطف ومشاعر المواطنين وإثارة مشاعر القلق الشديد من قضية المهاجرين واللاجئين إلى بريطانيا" وأشارت الصحيفة أن مسألة مكافحة الإرهاب والهجرة أثارت مخاوف عميقة الجذور في نفوس المواطنين والتفكير بشكل حيواني وغريزى لحماية مصالحهم ونمط حياتهم، لا ينفع معهما كلام هؤلاء الساسة الداعين للوحدة والتعقل والتهدئة. السياسيون من اليمين المتطرف لديهم قدرة أكبر على جذب الجماهير المعادية لوجود المهاجرين كما أنهم أكثر فاعلية في إثارة المشاعر من السياسيين المتحديث بمثالية والداعين لأهداف مشتركة تجمع الجميع. منوهًا أن ديفيد كاميرون وجيريمي كوربين زعيم حزب العمال فشلوا فشلا ذريعا في التأثير العاطفي على الجماهير. ونصح كلينتون قائلًا: "لا تكوني مثل أوبرا وينفري، كوني أشبه بمارجريت تاتشر المرأة الحديدة"