كان طبيعيا أن تتأثر علاقات مصر الخارجية سلبا بعد 25 يناير بحكم انكفاء الدولة على مشكلاتها وشأنها الداخلى على حساب قضايا الإقليم والعالم، لكن هذه العلاقات الخارجية وصلت أبعد نقطة في منحنى هبوطها في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، «البوابة» سألت اثنين من وزراء الخارجية إبان حكم الإخوان وما تلاه للوقوف على حقيقة ما أحدثه التنظيم الإرهابى في الدبلوماسية المصرية وهما محمد كامل عمرو، وزير الخارجية في حكومة هشام قنديل، ونبيل فهمي، وزير خارجية مصر، في الفترة التي تلت 30 يونيو. كانت الفترة التي تولى فيها محمد كامل عمرو وزارة الخارجية صعبة للغاية، وشهدت تغيرات جذرية لم تمر على مصر من قبل، وعن هذه الفترة يقول الوزير الأسبق.. إنها شهدت الكثير من المعارك الخفية، لافتًا إلى أن الجماعة حاولت تغيير سياسة مصر الخارجية، في التعامل، سواء مع الدول العربية أو الدول الأوروبية، وبشكل خاص تجاه القضية الفلسطينية. وأضاف وزير الخارجية الأسبق في تصريحات ل«البوابة»، أن جماعة الإخوان في فترة ما قبل 30 يونيو، حاولت عن طريق عصام الحداد، الذي عينه الرئيس المعزول، مساعدًا له للعلاقات الخارجية، التدخل في الشأن الخارجى المصري، عن طريق محاولات الاتصال بسفارات مصر في الخارج بشكل مباشر، دون التنسيق مع الوزارة، مشددًا على أنه رفض ذلك بشكل قاطع، وأبلغ رفضه للرئيس المعزول. وتابع أن العلاقات الخارجية شهدت توترًا كبيرًا، سواء على المستوى الإفريقي، أو العربى أو على المستوى الدولي، لافتًا إلى أن حكم الإخوان أثر بالسلب على قضية سد النهضة، خاصة بعد المؤتمر الذي عقد بهذا الخصوص في تلك الفترة، وموضحًا أنه لم يكن يترك الأمر لهم، وكان رأيه هو الأول فيما يخص السياسة الخارجية المصرية، ولم يسمح في أي واقعة أو قضية لها علاقة بالشأن الخارجي، بتدخل قيادات جماعة الإخوان فيها. وأشار وزير خارجية مصر الأسبق، إلى أنه كان يتابع مع الرئيس المعزول محمد مرسي، بشكل مباشر، وكان يقوم بإبلاغه بكل النتائج التي تحدث، مشيرًا إلى أن الرئيس المعزول، كان يستمع في بعض القضايا بدون إبداء أي تعليق على ما تمت إثارته. واستطرد كامل عمرو، أنه بعد قيام ثورة 30 يونيو، استطاع الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال الفترة التي تلتها، إصلاح ما أفسدته جماعة الإخوان خلال فترة حكم المعزول، وكان من أهمها قضية سد النهضة، التي تم اتخاذ عدة خطوات جادة فيها، فضلًا عن تحسين علاقة مصر بالدول الغربية، التي كان ينتابها القلق بخصوص ما يحدث في مصر آنذاك. من جانبه روى السفير نبيل فهمي، وزير خارجية مصر، في الفترة التي تلت 30 يونيو، والتي كان يترأس الحكومة فيها الدكتور حازم الببلاوي، تفاصيل علاقات مصر الخارجية، على المستوى الإفريقى والعربى والدولي، مؤكدا ل«البوابة»، أنه بعد قيام ثورة 30 يونيو، شهدت مصر منعطفًا تاريخيًا، في الوقت الذي كان البعض في الخارج، يعتبر فيه ثورة 30 يونيو انقلابا عسكريا، فيما كان يرى البعض الآخر، أن ما قام به الجيش المصري، استجابة لمطالب الشعب. وتابع وزير الخارجية الأسبق، أنه بصفته مسئول العلاقات الخارجية، شرح الموقف في الخارج أكثر من مرة، لافتًا إلى أن الدولة نجحت في توضيح حقيقة ثورة 30 يونيو، والتأكيد على أن ما حدث ثورة شعبية وليس انقلابا كما كان يقول البعض. واستكمل فهمى حديثه، عن وضع العلاقات المصرية الخارجية، بعد ثورة 30 يونيو، بأنه كان يقوم بشرح الموقف وتوضيحه في العديد من المحافل الدولية، وأن هناك العديد من الدول، تقبلت الوضع وتأكدت أن ما حدث ثورة وليس انقلابًا، مشددًا على أنه كان يقوم أيضًا بشرح ملابسات فض اعتصامات جماعة الإخوان، التي تلت الثورة، وأن جميع الاعتصامات تم فضها بالقانون. وتابع، أن هذه الفترة كانت من أصعب الفترات التي مرت على مصر، في ظل الاعتصامات، والمطالب الفئوية التي تزايدت في الشارع المصرى آنذاك، لافتًا إلى أن مصر نجحت بعد ثورة 30 يونيو، في تحقيق التوازن مع دول الخارج، بالرغم من الجدل الذي كان يقع بالداخل. وأشار فهمي، إلى أن السياسة الخارجية المصرية، واجهت العديد من التحديات، عقب سقوط حكم الإخوان خاصة مع الدول التي رأت ضرورة استيعاب تيار الإسلام السياسي ورفضت سقوطه، ومن بين هذه الدول، الولاياتالمتحدةالأمريكية، لافتًا إلى أن أمريكا اتخذت مسارا داعما للإخوان أكثر من اللازم، وتجاهلت القرار الشعبي، وثورة 30 يونيو، وحاولت الضغط على مصر لتأجيل مساعداتها العسكرية، مما تسبب في توتر العلاقات الشعبية بين البلدين. واستطرد وزير الخارجية الأسبق، أنه بالرغم من التحسن البطيء، الذي شهدته العلاقة بين مصر وأمريكا، بعد اكتمال خارطة الطريق، وانتخاب مجلس النواب، إلاّ أن العلاقات المصرية الأمريكية، لن تتحسن سريعًا، لأن أمريكا ما زالت تدعو إلى استيعاب تيار الإسلام السياسي، فضلًا عن وجود اختلافات مستمرة بين البلدين حول ملف الحريات الشخصية. وعن شكل العلاقات الخارجية مع مصر حاليًا، أكد وزير الخارجية الأسبق، أن هناك تحسنا كبيرا في العلاقات المصرية، مع جميع دول العالم، منوهًا إلى أن ملف سد النهضة تم اتخاذ خطوات جادة فيه، وتحرك سريع بعد ثورة 30 يونيو، لافتًا إلى أن علاقة مصر بالعديد من الدول، منها روسيا وفرنسا، وعدة دول أوروبية، تحسنت بشكل كبير، وتم التواصل مجددًا، وتوقيع عدة بروتوكولات استثمارية، وهو ما يدعو للقول إن مصر بعد 30 يونيو، تغيرت ملامحها تمامًا عما قبلها، وهو ما يظهر جليًا في شكل العلاقات الخارجية للدولة.