صوت الشعب البريطاني اليوم لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، وأشارت نتائج فرز اللجان أن معسكر المغادرة فاز بنسبة 52% بينما المعسكر المؤيد للبقاء كانت نسبته 48 %. وقد وشارك في الاستفتاء نحو 30 مليون شخص بنسبة تبلغ 71.8 % وهي نسبة المشاركة الأعلى في بريطانيا منذ عام 1992. وكانت كل نتائج الفرز الأولىة تشير إلى تقدم طفيف يحرزه أنصار الخروج من الاتحاد، وفور إعلان نتائج الفرز الأولىة طالب نيجل فاراج، زعيم حزب الاستقلال البريطاني، ديفيد كاميرون بالاستقالة الفورية من رئاسة الوزراء. وأضاف أن فوز معسكر الخروج يعد "انتصارًا للمواطن العادي أمام النخب ورءوس الأموال". بينما طالب أربعة وثمانون نائبًا من المحافظين الذين ناضلوا من أجل مغادرة المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي في رسالة موجهة إلى ديفيد كاميرون أن يبقى كرئيس للوزراء مهما كانت النتيجة. وفي السياق ذاته قال وزير الدفاع السابق ليام فوكس إن رئيس الوزراء في أفضل مكان له لتوفير الاستقرار السياسي. ومن المتوقع أن يلقي كاميرون خطابًا في الساعات المقبلة. وتقول لورا كوينسبرج محررة الشئون السياسية في بي بي سي: إن معسكر "مغادرة" الاتحاد الأوروبي منذ شهور لم يكن لديه أي أمل في الوصول إلى تلك النتائج. وأضافت أن ما ساعدهم كان وضع أنفسهم في صفوف ما يريده ويعانيه المواطن العادي في مقابل ما تدعو إليه النخبة. على صعيد آخر، سجل سعر الجنيه الإسترليني تراجعًا جديدًا في أسواق آسيا الجمعة إلى 1.33 للدولار الواحد، وخسر بذلك أكثر من 10% من قيمته خلال النهار مع تقدم معسكر مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء في المملكة المتحدة. وأوضحت النتائج أن مدن لندن وليفربول ونيوكاسل صوتت لصالح البقاء وكذلك مدينة غلاسكو في أسكتلندا، بينما صوتت لصالح الخروج مدن ويغان وواتفورد وبلاكبول وشيفيلد ونوتنغهام وكانتربري. وقد حذرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من أن البريطانيين في حال خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي سيخسرون الامتيازات التي تمنحها هذه العضوية وسيعاملون على أنهم بلد ثالث من خارج الكتلة في المفاوضات المستقبلية. وحذر وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، من أن خروج بريطانيا سيشكل صدمة للاتحاد الأوروبي، وسيتوجب علينا بعدها العمل للحفاظ عليه لكي لا تنتهي عملية اندماج ناجحة دامت عقودًا إلى تفكك هذا التكتل. كما حذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج الإثنين في بروكسل من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، معتبرًا أن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من انعدام الاستقرار في مرحلة تشهد تهديدات عدة. وذكر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن مستقبل الاتحاد الأوروبي سيكون على المحك حين يقرر البريطانيون في استفتاء بقاء بلادهم في الاتحاد الأوروبي أو مغادرته، مؤكدا أن فرنسا ستعتبر رحيل بريطانيا لا رجعة فيه. كما حذر من الخطر الجدي جدا على البريطانيين الذين لن يعود بإمكانهم دخول السوق الأوروبية الموحدة في حال قرروا مغادرة الاتحاد. وقال تقرير أصدره بنك "اتش إس بي سي": إن انسحاب بريطانيا سوف يدفع إلى إحداث بلبلة في الأسواق وفي قطاع المال والأعمال في لندن يمكن أن تؤدي إلى هبوط سعر الجنيه الإسترليني بنسبة 15 إلى 20%، وإلى تضخم بنسبة 5%، وزيادة في كلفة العمل، فيما سيتراجع النمو إلى 1.5% إذا اختارت الخروج من الاتحاد الأوروبي. كما سيتم نقل آلاف الوظائف من حي المال والأعمال إلى مركزي فرانكفورت وباريس الماليين. أما وزير الخزانة البريطاني، فأكد أن الخروج يمكن أن يؤدي إلى تطبيق "موازنة طوارئ"، تقود إلى زيادة الضرائب وخفض النفقات لتعويض ثغرة بقيمة 30 بليون جنيه إسترليني 38 بليون يورو، وحذر من أن المدارس والمستشفيات والجيش قد يخفض تمويله، وأن مغادرة الاتحاد الأوروبي ستؤثر سلبا على الاستثمارات وستسيء إلى العائلات والاقتصاد البريطاني. وكان ديفيد كاميرون قد حذر المواطنين من مغبة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قائلًا في مقال نشرته "التليجراف" البريطانية أن معدلات البطالة ستزيد ومعدل التضخم سيرتفع وستتسبب في خسائر اقتصادية فادحة، وكتب: "إن بريطانيا ستكون أسوأ حالًا إذا ما غادرت؛ ولن يكون ثمّة مكاسب حقيقية من وراء الخروج، سوى التكلفة والخسارة، وركود محتمل، وحالة مدمرة من عدم اليقين قد تخيم على البلاد زهاء عقد من الزمان ريثما تتضح الأمور. فضلًا عن ارتفاع في الأسعار وانخفاض في الأجور وقلة في الوظائف وفرص العمل أمام الشباب الصغير. ستفتقر بريطانيا بكل ما في الكلمة من معنى.. كيف يمكننا أن نصوت لصالح هذا المصير التعس ونحن نعلم؟.. أقول لك أيها الناخب لا تغامر". وعلى الجانب الآخر كان بوريس جونسون زعيم "معسكر المغادرة"، وعمدة لندن السابق، يحاول التهوين من آثار المغادرة اقتصاديًا، وأن الاتحاد الأوروبي لن يستطيع وضع حواجز أمام التجارة مع بريطانيا في حالة الخروج، مؤكدًا أن مبدأ "حرية" التجارة سيستمر. كما وصف جونسون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بأنه سيكون بمثابة "يوم استقلال" جديد لبريطانيا وفي مقال نشر له في صحيفة "التليجراف" البريطانية قال فيه "إذا ما صوتنا لصالح البقاء، سنظل مقيدين في مؤخرة عربة يقودها شخص لا يجيد الإنجليزية ويسير في اتجاه لا نريد السير فيه. وتابع قائلًا: "إذا ما صوتت بريطانيا لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي، عندئذ سنستمر في كوننا موضوعًا لنظام يتزايد ابتعادًا عن الديمقراطية هو الآن مسئول عن نسبة 60 بالمائة من تشريعات البرلمان البريطانى، وهى ظاهرة تسهم بشكل كبير في تعزيز وجهة نظر الناخبين البريطانيين القائلة بعدم جدوى عمليات التصويت وسيادة الشعور بأننا نحن البريطانيين لم نعد نمتلك تقرير مصيرنا بأيدينا".