هل وجدت تفسيرًا لدعوتك غير المستجابة، وهو الذي قال "ادعوني أستجب لكم"؟! هل الفاجعة هي أن تكون دنياك بين يديك وخارج قلبك؟ الأمر خال من الفلسفة، كل ما في الأمر أن قوما رأوا أن تمرير أمورك على قلبك هو الحل، هؤلاء سموا أنفسهم بالصوفية، وأخذوا من تحريك رءوسهم يمينًا ويسارًا شكلًا لا منهجًا. وتتواجد الصوفية أينما وجد المسلمين، إذ تعتبر مدرسة في التعبد، فالصوفي ليس كالقرآنيين الذين يتمسكون بنصوص الآيات حرفيًا وينكرون السنة، ولا بالسلفيين الذين يأخذون دينهم من القرآن والسنة، لكنه صاحب قلب يفتح فيه "بحارا من الحب" تغرقه حين تحاضره المشكلات. وانتشرت الصوفية في مصر قبل ألف عام، إذ يقدر عدد طرقها الآن ب76 طريقة، فيما يتبعها نحو 15 مليون مريد، وفقًا لإحصائيات الصوفيين أنفسهم. وتقوم الصوفية في مصر على طرق أساسية تفرع عنها الباقي الطرق، وهى: الطريقة البدوية، والطريقة الرفاعية، والطريقة القادرية (الجيلانية)، والطريقة الشاذلية، والطريقة الدسوقية (البرهامية)، والطريقة الخلوتية، والطريقة العزمية. وعن الطريق البدوية أو كما تسمى ب"الأحمدية"، فأسسها الشيخ أحمد بن على البدوي المولود في مدينة فاس بالمغرب سنة 596ه (1199م)، وكان قد نوى الهجرة من المغرب إلى مكة بصحبة أسرته إلا أنه حط في مصر، تحديدًا طنطا حيث توفي في 675ه، وتحولت المدينة من وقتها إلى كعبة للزائرين. ويعتبر "البدوي" أحد الأقطاب الأربعة في الصوفية، بجانب: (الجيلاني، والرفاعي، والدسوقي)، وتعتبر طريقته من أكبر الطرق في مصر. وتتميز "البدوية" بالعمامة الحمراء والعلم الأحمر، فيما يحتفل مريدوها بمولد الرفاعي في ثلاثة مواسم، الأشهر منهما يكون في شهر أغسطس. ويقام بجوار المولد حلقات الذكر، فيما يقوم الخليفة في الطريقة بطواف مدينة طنطا بين أنصاره. ويأخذ على الطريقة المبالغات التي يذهب إليها المريدون، منها مثلًا أن "البدوي" كانت تمر عليه الأربعون يومًا لا يأكل فيها، ولا يشرب، ولا ينام، وهو شاخص ببصره إلى السماء، وذهبوا أيضًا إلى أنه كان يحدق ببصره نحو السماء لا لينظر في النجوم، ولكن ليطالع تجليات الحق، ويتابع أنوار الذات، وقالوا إنه من كثرة هذه التأملات انطبعت على وجهه هذه الأنوار، وتركت أثرًا ظاهرًا؛ فكان يستر وجهه بغطاء يحجب خلفه الأنوار عن الأعين. وتتفرع من الطريقة ما يقرب من عشرين طريقة، وهى: الشناوية وشيخها حسن محمد الشناوي، والمرازقة وشيخها عصام الدين أحمد شمس الدين، والفرغلية وشيخها أحمد صبري الفرغلي، والإمبابية وشيخها هاني محمد على سلمان، والبيومية وشيخها أحمد حامد فضل، والشعيبية وشيخها محمد محمد الشعيبي، والزاهدية وشيخها حسن السيد حسن يوسف، والجوهرية وشيخها الحسين أبو الحسن الجوهري، والسطوحية وشيخها على زين العابدين السطوحي، والحمودية وشيخها إبراهيم محمد المغربي، والتسقيانية وشيخها أحمد إبراهيم التسقياني، والكناسية وشيخها محمد سلامة نويتو، والمنايفة وشيخها على الدين عبدالله المنوفي، والجعفرية وشيخها عبدالغني صالح الجعفري، والجريرية وشيخها عبدالله خويطر جرير، والحلبية، والسلامية، والكتانية، وهم بلا شيوخ الآن.