تعتبر مهنة "راقص التنورة" من أهم الرقصات الفلكولورية الموجودة بالتراث المصري الشعبي، والتي تزدهر وتنتعش خاثة بشهر رمضان، ورغم التطورات الحديثة التي طرأت بالفن الراقص، إلا أن للتنورة مذاق خاص لا يمكن الاستغناء عنه. ستظل رقصة "التنورة" هي الأبرز في الفنون الشعبية، فهي ليست مجرد رقصة أو فن تراثي وفد إلى مصر من تركيا واكتسب طابعًا خاصًا، ولكنها توليفة تجمع بين فلسفة الحياة والنزعة الصوفية والفلكلورية المصرية التي تظهر طابعها بامتياز، كما ترمز التنورة بحركاتها الدائرية اللانهائية إلى حركة الكون وفلسفة الحياة، ويرمز راقصوها إلى الشمس التي تدور حولها الكواكب، وتعكس حركاتهم التعبيرية نمطًا معينًا من الفكر والفن والتراث الثقافي، تبدأ أثناء دورانهم بالتنورة ذات النقوش العربية والألوان الزاهية، فعلى أنغام آلات الموسيقى المصرية الشعبية، وإنشاد المنشدين يقدم الراقصون واحدًا من أجمل الفنون المصرية. فالتنورة هي النوع الأول من الرقص الإسلامي وظهرت للمرة الأولى في تركيا "قونيه"، فقصتها بدأت بالتكايا، حيث كان لكل شيخ طريقة صوفية ينشئ بها تكية خاصة وهي مكان يعتبر مضيفة لأبناء السبيل والفقراء والدراويش وداخلها تقام حلقات الذكر، وتميزت من بين تلك التكايا تكية الشاعر الصوفي جلال الدين الرومي، حيث كان يبدأ الذكر بعمل حلقة لا تقل عن أربعين درويشا بملابسهم مختلفة الألوان، بداية كان الدراويش يرددون لفظ الجلالة ومع كل ترديدة يقومون بانحناء رءوسهم وأجسادهم ويخطون باتجاه اليمين فتلف الحلقة كلها بسرعة وبعد فترة قصيرة يبدأ أحد الدراويش بالدوران حول نفسه وسط الحلقة وهو يعمل برجليه معا ويداه ممدوتان ويسرع في حركته فتنشر تنورته على شكل مظلة وتظل لمدة عشر دقائق ثم ينحني أمام شيخه الجالس داخل الحلقة، ثم ينضم الى الدراويش الذين يذكرون اسم الله بقوة. جدير بالذكر أن طائفة المولوية أو"فرق الدراويش" كان لها تقاليدها الخاصة فى طريقة لبسها وفى طريقة توظيف حركاتها التعبيرية المصاحبة لآلات موسيقية بعينها. لقد استطاع الفنان المصري في أوائل الدولة الفاطمية أن يؤسس فنا متكاملاً قائماً بذاته على الفكرة التركية، حيث أضيفت آلات شعبية كالربابة والمزمار والصاجات والطبلة وأغاني وابتهالات مصرية خالصة، فضلا عن تصميم الملابس المميز القائم على ثراء ألوان التنانير مما أتاح قدرًا أكبر من التفاعل مع المشاهدين.