رقصة إيقاعية بملامح صوفية تعكس فلسفة حركة الكون بدأت في "التكايا" بتركيا.. واشتهر بها مولانا الرومي التنورة هي رقصة مصرية ذات أصول صوفية، وتلقى رواجا واسعا بين السياح العرب والأجانب القاصدين مصر على حد سواء، كما يسعى الكثير من الشباب في مصر لتعلم هذه الرقصة التي أصبحت اليوم طقسا مهما من طقوس الاحتفال تؤدى في مناسبات كثيرة. والتنورة رقصة إيقاعية تؤدى بشكل جماعي بحركات دائرية، تنبع من الحس الإسلامي الصوفي ذي أساس فلسفي، ويرى مؤدوها أن الحركة في الكون تبدأ من نقطة وتنتهي عند النقطة ذاتها، ولذا يعكسون هذا المفهوم في رقصتهم فتأتي حركاتهم دائرية وكأنهم يرسمون بها هالات يرسخون بها اعتقادهم يدورون ويدورون كأنهم الكواكب سابحة في الفضاء. يخلع الراقص سترته العلوية ويبدأ في فك التنورات التي يرتديها، ويقوم باللعب بها أثناء الدوران حتى يتجرد منها جميعا، ومع التنورة الأخيرة يقوم بتطبيقها علي شكل مولود دون أن يتوقف عن الدوران، ثم يتناول 5 دفوف ملونة يلعب بها بين يديه ويكون تشكيلات مختلفة وهو مستمر في الدوران ولكن بسرعات مختلفة. يقول الباحث الأثري، أحمد عامر، إن رقصة التنورة هي رقصة مصرية ذات أصول صوفية، وهي عبارة عن رقصة إيقاعية تؤدى بشكل جماعي بحركات دائرية، وقد جاءت من تركيا أولا منذ القرن الثالث عشر، وأول من قدم رقصة التنورة هو الشاعر والفليسوف التركي جلال الدين الرومي. وأكد عامر، أن التنورة هى النوع الأول من الرقص الإسلامي، وظهرت للمرة الأولى في قونية بتركيا، فقصتها بدأت بالتكايا، حيث كان لكل شيخ طريقة صوفية ينشئ بها تكية خاصة وهى مكان يعتبر مضيفة لأبناء السبيل والفقراء والدراويش وداخلها تقام حلقات الذكر، حيث كان يبدأ الذكر بعمل حلقة لا تقل عن أربعين درويشا بملابس مختلفة الألوان، لقد استطاع الفنان المصري في أوائل الدولة الفاطمية أن يؤسس فنا متكاملا قائما بذاته على الفكرة التركية، حيث أضيفت آلات شعبية كالربابة والمزمار والصاجات والطبلة وأغاني وابتهالات مصرية خالصة، فضلا عن تصميم الملابس المميزة القائمة على ثراء ألوان التنانير مما أتاح قدرا أكبر من التفاعل مع المشاهدين. وأشار إلي أنه في البداية كان الدراويش يرددون لفظ الجلالة، وفي كل مرة يحنون رؤوسهم وأجسادهم ويخطون باتجاه اليمين فتلف الحلقة كلها بسرعة، وبعد فترة قصيرة يبدأ أحد الدراويش بالدوران حول نفسه وسط الحلقة وهو يدور برجليه معا ويداه ممدوتان ويسرع في حركته فتنتشر تنورته على شكل مظلة، وتظل لمدة عشر دقائق، ثم ينحنى أمام شيخه الجالس داخل الحلقة، ثم ينضم إلى الدراويش الذين يذكرون اسم الله بقوة، وجدير بالذكر أن طائفة المولوية أو"فرق الدراويش" كان لها تقاليدها الخاصة في لبسها وفى طريقة توظيف حركاتها التعبيرية المصاحبة لآلات موسيقية بعينها. وقال هافيلوك أليس، باحث الفنون والمؤرخ الإنجليزي، "إن الرقص فن لا يمكن أن يموت، ويمكن اعتباره عادة اجتماعية يتجدد بعثها من روح الشعب"، فلكل أمة رقصة اشتهرت بها، وأسلوب الرقص يختلف من سلالة إلى أخرى ومن بلد إلى آخر، والرقص يتكيف وفقا لعوامل عديدة، ولأن المصري له طبيعته الخاصة التي تميل إلى التراث فابتكر رقصة هي حقا سفير له في كل البلدان العربية، رقصة تقابل بالترحاب والتصفيق الحاد، وينظر لها بعينين مبهورتين، إنها رقصة "التنورة" الشعبية التي برزت في كل الاحتفالات العربية والعالمية في الفترة الماضية، وقد اشتهرت بالأداء العالي المتميز. وقال محمد أمين، الباحث في الفولكلور، إن رقصة التنورة بدأت بالتكايا، إذ كان لكل أمير وشيخ طريقة من الطرق الصوفية تكية، وهي مكان يعتبر مضيفة لأبناء السبيل والفقراء والغرباء والدراويش، وهم رواد أحد الشيوخ أو الأولياء، وفي الليل كانت تقام حلقات الذكر داخل التكية. وأوضح أن من بين التكايا العديدة اشتهرت تكية "جلال الدين الرومي" الذي ولد في 1207 وتوفي 1273ه، وكان موطنه قونية بتركيا، وهو مؤسس الطريقة المولوية، ولقب ب"مولانا" كلقب شرفي منحه إياه والده، وكان ما يميز هذه الطريقة هي حلقة الذكر التي اختلفت عن باقي حلقات الذكر، فتميزت حلقتهم بالتعقيد والرمزية، وتبدأ بعمل حلقة لا تقل عن أربعين درويشا بملابسهم المختلفة الألوان ما بين الأخضر والأحمر والأسود والأبيض، ولا ندري سببا لاختلاف ألوان ملابس الدراويش. يضيف: في البداية يردد أفراد الحلقة لفظ الجلالة على التواتر، ومع كل ترديدةيحنون رؤسهم وأجسامهم ويخطون في اتجاه اليمين فتدور الحلقة كلها بسرعة، ثم يبدأ درويش منهم بالدوران حول نفسه وسط حلقة الذكر ويسرع في حركته فتنتشر ملابسه على شكل مظلة أو شمسية، ويظل يدور هكذا حوالي عشر دقائق حتى ينحني أمام شيخه الجالس داخل الحلقة الكبيرة، ثم ينضم إلى الدراويش الذين كانوا قد بدأوا يذكرون اسم الله بقوة متزايدة. وأشار إلى أن طائفة المولوية لها طريقة خاصة في لبسها وحركاتها التعبيرية المصاحبة لآلات موسيقية بعينها، وتقاليدها هذه ثابتة لم يحدث بها تغيير ولم يمحها الزمن، ولم يحدث لها تطور لا في اللبس ولا في الرقص ولا في الغناء ولا في الآلات الموسيقية المصاحبة. من جانبه، قال صلاح الناظر، الباحث، إن التنورة دوران حول النفس، يبدأ من اليسار إلي اليمين، ويكون الذراع الأيمن متجها إلي السماء والأيسر إلي الأرض، ويبلغ قطر التنورة حوالي 7 أمتار، وتصنع من القماش الخشن الذي تصنع منه الخيام، ويرتدي الراقص 3 أو 4 تنورات في الرقصة الواحدة.