رئيس «المحاسبات» السابق اختار أعضاء من الإخوان بوزارات مختلفة لتجميع أرقام قديمة مبالغ فيها تقارير رقابية: استغل موقعه الوظيفى للإدلاء بأحاديث إعلامية للإعلان عن تفاقم الفساد بالدولة عضو بالرقابة الإدارية: أوحى للقائمين على برنامج الإنماء الأممى بتفشى الفساد فى مؤسسات الدولة المركزى للمحاسبات: تقرير لجنة تقصى الحقائق تضمن عبارات دعائية ولم نشترك مع أى جهات أجنبية كشفت أوراق تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا برئاسة المستشار تامر الفرجانى أن لجنة تقصى الحقائق برئاسة محمد عرفان جمال الدين، رئيس هيئة الرقابة الإدارية، فى قضية اتهام المستشار هشام جنينة رئيس المركزى للمحاسبات السابق، بالتصريح بقيمة مبالغ فيها لتكلفة الفساد فى مصر، توصلت إلى أن المتهم استند إلى دراسة لا تعبر بأى شكل عن عنوانها «تحليل تكاليف الفساد فى مصر من عام 2012-2015» لاشتمالها على ملاحظات سجلت منذ عشرينيات القرن الماضى. وأكدت اللجنة التى بدأت عملها فى 26 ديسمبر الماضى بتكليف من رئيس الجمهورية لفحص تصريحات جنينة عن اكتشافه وقائع فساد خلال عام 2015 تجاوزت 600 مليار جنيه، فى تقريرها المقدم لنيابة أمن الدولة، أن «جنينة» وبعض أعضاء مكتبه الفنى قاموا بتغيير عناصر الدراسة المتفق عليها مع وزارة التخطيط ومدة الفحص واختيار أعضاء محددين من المنتمين والمتعاطفين مع جماعة الإخوان الإرهابية أو من لهم مواقف وقضايا جنائية مختلفة مع الدولة لإعداد الدراسة طبقا لأهوائهم ولتحقيق مآربهم الشخصية والسياسية. وذكر التقرير أن الدراسة عبارة عن تجميع لأرقام مبالغ فيها عن وقائع يرجع بعضها لفترات زمنية قديمة ومحددة من وجهة نظر الباحثين دون سند علمى ومتكررة فى عدة مواقع، بهدف الإيحاء بضخامة حجم الفساد بالدولة بالمخالفة للحقيقة، ودأب جنينة رغم خبرته القانونية وعمله بجهات التحقيق المختلفة وخبرته الاقتصادية نتيجة رئاسة الجهاز على استغلال موقعه الوظيفى والإدلاء بأحاديث للقنوات الفضائية والصحف المكتوبة والمواقع الإلكترونية التى استغلتها المواقع الإخوانية للإعلان عن تفاقم الفساد بالدولة وضعف الإرادة السياسية لمكافحته، وذلك بهدف تحقيق مجد شخصى زائف ولخدمة مصالح جماعة الإخوان وتأجيج مشاعر المواطنين بما يضر الأمن القومى واستقرار البلاد، والإساءة إلى المسئولين وإضعاف الثقة فى الاقتصاد والإضرار بمركز مصر الدبلوماسى خلال تعاملاتها مع الجهات الاقتصادية والمالية العالمية دون مراعاة لموقف البلاد، مخالفا قانون الجهاز المركزى للمحاسبات رقم 144 لسنة 1988. وأضافت الرقابة الإدارية أن التحريات الأمنية والرقابية أكدت اتصاله بعدد من أعضاء جماعة الإخوان والموالين لهم ومنظمات أجنبية وقيامه بتسريب وثائق مهمة عن الأوضاع الاقتصادية والسياسية والعسكرية للدولة، بهدف الإضرار بالاستقرار والأمن القومى. ومن جانبه، قال الجهاز المركزى للمحاسبات فى رده على الرقابة الإدارية، إن دراسة «تحاليل تكلفة الفساد» أعدتها لجنة مُشكلة من 14 عضوا بالجهاز فى 4 أكتوبر، وانتهت من إعداد التقرير فى 25 نوفمبر، بناءً على طلب وزارة التخطيط رقم 869/ ت بتاريخ 8 مارس 2015، وفى إطار تعاون الجهاز للوقوف على أهم صور الفساد فى الهيئات والمؤسسات والمشروعات العامة التى تتطلب إعادة النظر فى العديد من القوانين والقرارات المنظمة وتكاتف الجهود نحو الإصلاح الشامل. وردت لجنة الجهاز المركزى للمحاسبات على تقرير لجنة تقصى الحقائق، فى 18 يناير الماضى ب9 ورقات موقعة من أعضاء اللجنة، أكدت فيها أن وزارة التخطيط أرسلت دراسة على «تحليل تكاليف الفساد فى مصر»، وحددت هذه التكلفة بنحو 257.7 مليار جنيه سنويا، وطالب الوزير أشرف العربى بتدقيق وتنقيح تلك الدراسة، ورأى الجهاز أن دراسة «وزارة التخطيط» غير دقيقة، فقرر تشكيل لجنة من أعضاء الجهاز لتدقيق الدراسة. وذكرت لجنة الجهاز أن تقرير لجنة تقصى الحقائق تضمن عبارات دعائية أبدت تحفظها عليها، وأن المخالفات التى يرصدها الجهاز سنويا ويبلغها إلى الجهات الخاضعة لرقابته أو جهات التحقيق ولم تقم هذه الجهات بتصويبها أو لم تبت فيها جهات التحقيق أو المحاكم فيها بشكل نهائى لا يمكن للجهاز أن يغفلها فى تقاريره، ولا بد من ذكرها ورصدها وعدم إزالة تلك المخالفات يمثل استمرارا لذات المخالفة فى السنوات التالية. وعن قول «لجنة تقصى الحقائق» إن الدراسة معدة بالاشتراك مع جهات أجنبية مما قد يضر بالمناخ السياسى والاقتصادى للدولة، قالت اللجنة: «إن اللجنة لم تشترك مع أى جهات أجنبية من أعضاء الجهاز فى أداء مهمتها، واللجنة تتحفظ على هذا التصريح بما يحمله من تلميحات تضر بسمعة الجهاز ومكانته». فيما كشفت أوراق تحقيقات النيابة شهادة شاهدين بينهما عضو مجلس نواب، ومسئولين بوحدة مركز الحكومة بوزارة الدولة للتنمية الإدارية، ومسئولين بالجهاز المركزى للمحاسبات وضباط بقطاع الأمن الوطنى، فضلا عن عضو هيئة الرقابة الإدارية وغيرهم. وذكر المهندس أمين محمد على مسعود، 60 سنة، عضو بمجلس النواب، بأن المتهم هشام جنينة نشر بسوء قصد أخبارا كاذبة تحت عنوان «رئيس المركزى للمحاسبات فى أخطر تصريحاته 600 مليار جنيه تكلفة الفساد فى 2015»، ويتضمن ذلك التصريح بيانات كاذبة حول تكلفة الفساد فى مؤسسات الدولة المصرية، وهو من شأنه تكدير الأمن العام وإضعاف الثقة الحالية بالدولة وهيبتها. وشهد أحمد مصطفى البحيرى، عضو هيئة الرقابة الإدارية، الشاهد الخامس والعشرون، بإجرائه تحرياته حول الواقعة، وتوصله إلى توجيه مركز الحوكمة التابع لوزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى خلال عام 2013 دعوة للهيئات المعنية لمناقشة فكرة إعداد دراسة ضمن مشروع تعزيز الشفافية والنزاهة فى الخدمة المدنية الممول من البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة، وعقدت اجتماعات لممثلى تلك الجهات، حددت فترة الفحص فيها من عام 2008 حتى عام 2012، على أن تشمل عدة محاور منها إدارى واقتصادى وسياسى، واتفق على إسناد المحور الاقتصادى للجهاز المركزى للمحاسبات على أن يتضمن عناصر محددة. وأضاف: أكدت التحريات استغلال المتهم تلك الدراسة بوصفها أنها تكلفة للفساد، وذلك للإيحاء للقائمين على البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة بتفشى الفساد فى مؤسسات الدولة المصرية وتقاعس الدولة عن مكافحته، وذلك فى إطار مناهضته لمؤسسات الدولة والنظام القائم بها، وفى أعقاب اتضاح عدم دقة ذلك الجزء من الدراسة وعدم استناد الأرقام الواردة فيه إلى ما يؤيدها، قامت وزارة التخطيط والتنمية الإدارية -التابع لها مركز إدارة الحوكمة- بإعادة الدراسة مرة أخرى إلى الجهاز المركزى للمحاسبات لتدقيقها وتدعيمها بالتقارير. وتابع: استغل المتهم ذلك فى إصدار تكليفات بعمل دراسة جديدة يضاف إليها قطاعات أخرى غير المطلوبة، وتدرج جميع ملاحظات الجهاز فيها حتى تلك التى لا تشكل فسادا، على أن يتم إعداد مؤتمر صحفى لإذاعة بيان بتلك الأرقام على الرأى العام باعتبارها أرقاما صحيحة، للإيحاء بتقاعس الدولة عن مكافحة الفساد وضياع مبالغ طائلة من المال العام بسبب ذلك التقاعس على خلاف الحقيقة، وذلك للإضرار بالاقتصاد القومى وإضعاف هيبة الدولة والثقة المالية فيها، وتنفيذا لتلك التكاليف، أضيفت أجزاء للدراسة لتضخيمها وجرى تكرار قيم فيها، كما تم تغيير مداها الزمنى حتى تدخل فيها فترة حكم النظام الحالى ليتمكن المتهم من إثارة الرأى العام ضده من خلال ما يصطنع من أرقام مبالغ فيها باعتبارها تكلفة فساد خلال تلك الفترة. وأشار عضو هيئة الرقابة الإدارية، إلى أن التحريات أكدت أنه فى أعقاب فشل المتهم فى عقد مؤتمر صحفى ينشر من خلاله أرقام الدراسة المغلوطة عن الفساد، وعلى إثر تصريحات سابقة له حول الفساد سألته الشاهدة الثالثة عن تكلفة الفساد فى مصر، فاستغل المتهم ذلك لتنفيذ مخططه وتعمد التصريح لها بأن تكلفة الفساد خلال عام 2015 جاوزت 600 مليار جنيه، لتنشر ذلك البيان على صفحات جريدة «اليوم السابع» وموقعها الإلكترونى بقصد الإضرار بالمصالح القومية للبلاد وإضعاف هيبة الدولة والثقة المالية بها.