تشغيل المصانع المتعثرة يوفر للدولة 30 مليار جنيه ونصف مليون فرصة عمل مطلوب فتح باب البيع بالتقسيط للسلع المصرية التي يزيد فيها الإنتاج المحلي على 50 % المجتمع متعطش لحزب سياسي يعلي مصلحة الوطن ويبتعد عن المكاسب الفردية الضيقة مباني الحزب الوطني في المحافظات يمكنها إتاحة أكثر من 10 مليارات جنيه توقفت تروس المعدات عن الدوران، وصدئت ماكينات المصانع، وافترش كثير من العمال الرصيف، مع توقف أكثر من ثلاثة آلاف مصنع عن العمل، ومع الاضطرابات السياسية المتكررة واتساع حجم الانفلات الأمني، تراجعت كافة مؤشرات الاقتصاد وتدنت معدلات النمو لمختلف قطاعات الصناعة، حتى صار كثير من المصانع عرضة للإفلاس، لذا فإن الحوار مع محمد جنيدي، نقيب المستثمرين الصناعيين، في هذا الوقت يكتسب أهمية قصوى ويفتح نوافذ الفكر لمقترحات عاجلة يمكنها إعادة الثقة في الاقتصاد الوطني. كان محمد جنيدي الذي قضى أربعة عقود في مهنة الصناعة قد أنشأ بعد قيام ثورة يناير أول نقابة للمستثمرين الصناعيين، وعقد عدة مؤتمرات طرح فيها مطالب هامة للقطاع الصناعي، وقدم مقترحات للخروج من الأزمة الاقتصادية بشكل عاجل، وهو قبل كل ذلك أحد مؤسسي جمعية مستثمري 6 أكتوبر وواحد من رواد الصناعات الهندسية والمنزلية في مصر. إنه يدق ناقوس الخطر من صناعة تتراجع، وعمال يسرحون، ومجتمع تشغله صراعات السياسة عن مصالح الوطن. سألته: كيف ترى الوضع الاقتصادي في مصر الآن؟ وما هو انعكاس الاضطراب السياسي على قطاع الصناعة؟ أجاب: الوضع الاقتصادي مؤسف للغاية، ومبيعات معظم الشركات شهدت تراجعا واضحا خلال الشهور الأخيرة، ولاشك أن أداء الدولة لم يصل بعد لطموحات المجتمع، وهو ما أدى لحالة من اهتزاز الثقة في الحكومة، وأتصور أن هناك حلولا سريعة كان ينبغي تنفيذها بسرعة خلال الشهور الماضية، وتسبب تأخيرها في اتساع حجم الأزمة الاقتصادية. ولقد قدمت بالفعل كثيرا من المقترحات للرئيس مرسي في أول لقاء معه تضمنت حلولا سريعة لمشكلات الصناعة، لكن لم يتم حتي الآن تفعيل أيا منها . ومازلت أري أن أسعار الفائدة المعلنة للقطاع الصناعي لا تفي بجب استثمارات جديدة وأنه ينبغي دعم الفائدة الخاصة بالقروض المخصصة للمشروعات الصناعية . ما أبرز تلك المقترحات؟ وهل يمكن من خلالها توفير موارد جديدة وحقيقية لخزينة الدولة؟ لقد قلت للمسئولين في الحكومة إن هناك 30 مليار جنيه غير مستغلة عبارة عن معدات وماكينات معطلة تماما عن العمل. إنني أتصور أن عدد المصانع المتوقفة عن العمل يتجاوز 3600 مصنعا، ولك أن تتصور أن مدينة واحدة مثل مدينة 6 أكتوبر بها نحو 287 مصنعا متوقفا تماما عن العمل. إن تشغيل تلك المصانع يوفر نحو ربع مليون فرصة عمل جديدة. وبداية الحل أن يكون هناك شخصية وحيدة هي المسئولة عن تنفيذ خطة علاج التعثر، وأتصور أن تكون تلك الشخصية هي رئيس الوزراء نفسه، وأن يصدر الرجل قرارات فورية بوقف كافة الإجراءات المدنية تجاه رجال الصناعة ووقف إجراءات الحجز الإداري حتى نهاية العام وتشكيل لجان فض منازعات تضم في عضويتها نوابا من محكمة النقض، وذلك لتطبيق أحكام النقض الباتة تجاه تلك المنازعات اختصارا لما يقرب من عشرين عاما تقاضيًا. ثم تجرى بعد ذلك إعادة توزيع سعر الفائدة، حسب الأنشطة المختلفة، مع تمييز قروض الاستثمار الصناعي عن قروض الاستيراد، ويتم تشغيل المصانع المتوقفة من خلال تمويل رأس المال العامل، على أن يقدم كل رئيس بنك خطة تشغيل للمصانع المتوقفة خلال أسبوعين من تشكيل اللجنة. لقد أعلنت وزارة الصناعة أنه تم إعادة تشغيل 117 مصنعا متعثرا مرة أخرى. ألا ترى أنها بداية جيدة؟ الرقم ضعيف جدا، عندما يتم تشغيل 117 مصنعا خلال سبعة أشهر، فمعنى ذلك أن تشغيل كافة المصانع المتعثرة سيستغرق أكثر من عشر سنوات، والعالم يتطور بسرعة مذهلة، والأسواق تتغير يوما بعد الآخر، ولا أتصور أن الاقتصاد المصري يمكنه أن يتحمل البطء الشديد في حل مشكلات الصناعة. لكن ألا ترى أن إعادة تشغيل المصانع المتوقفة وحده ليس حلا لحالة الكساد السائدة؟ بالطبع ليست حلا وحدها. لقد اقترحت لتنشيط السوق بأن تفتح البنوك باب البيع بالتقسيط لكافة السلع الصناعية التي يتراوح فيها سعر المكون المحلي بين 50 و70% لتشجيع الصناعات المغذية وتنشيط حركة التجارة، ومثل هذه الأنظمة معمول بها في كثير من الدول المتقدمة. كذلك اقترحنا في نقابة المستثمرين الصناعيين عدة مقترحات، بشأن رخص التشغيل، أهمها أن يتم نقل قرار إصدار الرخص إلى هيئة التنمية الصناعية، واستخراج الرخصة بمجرد الإخطار، على أن تكون مدتها خمس سنوات، وإلغاء خطاب الضمان نهائيا، وأن يكون معيار الجدية في مدى إتمام إجراءات البناء والتشغيل، وتفعيل فكرة الشباك الواحد. كما اقترحنا لمساندة الصناعة المحلية، أن يتم تطبيق المواصفات القياسية بحزم على السلع المستوردة من الخارج، بما يضمن عدم السماح بدخول سلع متدنية الجودة، وتعديل التعريفة الجمركية على السلع الكمالية والترفيه للحد من استيرادها، بالإضافة إلى ضرورة عودة الإعفاءات الضريبية كحوافز للاستثمار. أيضًا، فإننا نرى أنه من الهام والضروري الاهتمام بتدريب العمالة عن طريق إعادة هيكلة مراكز التدريب لكي تحقق الهدف المرجو منها والنظر في أن يكون الإشراف الإداري والدعم المادي لتلك المراكز من اختصاص ومسئولية القطاع الخاص الصناعي ممثلا في النقابة العامة للمستثمرين الصناعيين. سؤال: ما القطاعات الصناعية القادرة على جذب استثمارات جديدة خلال المرحلة القادمة؟ هناك قطاعات كثيرة لم يتم الاستثمار فيها بشكل جيد خاصة قطاع التعدين والصناعات القائمة عليه، وفي رأيي فإن كل قطاع صناعي لم تحقق فيه مصر اكتفاء ذاتيا فإنه في حاجة إلى استثمارات جديدة هل يمكن تحقيق التنمية الاقتصادية في ظل حالة الاستقطاب السياسي الدائرة في مصر؟ لا يمكن، وأنا أعتقد أن المجتمع يرفض الأداء السياسي للإخوان ولجبهة الإنقاذ على السواء. هناك حالة من الاستياء الشديد لدى قطاع كبير من المواطنين وفي رأيى فإن مصر متعطشة حاليا لتيار سياسي جديد يمثل حالة وسطية يقبلها الشارع، وهو ما دفعنا إلى تأسيس جمعية تحمل اسم “,”القدوة“,” تكون نواة لحزب سياسي جديد يمثل المجتمع المصري بكافة طوائفه مسلميه وأقباطه، وعماله ومهنييه، وشيوخه وشبابه، وأغنيائه وفقرائه . لكن يرى كثير من الناس أن دخول رجال الأعمال للعمل السياسي يعد إفسادًا له؟ أتصور أن الفساد موجود في كل الفئات، لكن لا ينبغي تعميمه، ومن حق كل الفئات ممارسة العمل السياسي بغرض خدمة المجتمع وإعلاء للمصالح العامة على المصالح الشخصية، لقد كنت قبل نحو عشرين عاما صاحب الحملة الشهيرة “,”المصري هيفضل مصري، النيل رواه والخير جواه“,” وهي حملة استهدفت إعادة إنتاج فكرة الانتماء والحرص على خدمة المجتمع بنظام شفاف وسليم. كذلك ينبغي التفرقة بين رجل الأعمال ورجل الصناعة، لأن رجل الصناعة يختلف اختلافا كبيرا في حرصه على توفير فرص عمل وارتباطه بالأرض وينفق على التنمية. وبشكل عام فإننا لن ننشئ الحزب الجديد إلا بعد تحقيق الجمعية خطوات نجاح حقيقية. هل تعتقد أن الحصول على قرض صندوق النقد الدولي ضرورة اقتصادية؟ أتصور أنه هام كشهادة ثقة بالاقتصاد المصري، لكني أيضا، أعتقد أن هناك فرصا جديدة لاستغلال طاقات غير مستغلة، ربما أبرزها مباني ومنشآت الوزارات والهيئات الحكومية في ميادين مصر، ولك أن تتصور أن مبنى وزارة الصناعة بالتحرير يمكن بيعه لشركات عالمية بأكثر من خمسة مليارات جنيه. وفي رأيي أن تلك المباني يجب نقلها خارج القاهرة تخفيفا لأزمة المرور واستغلالا أمثل للموارد. وهناك مبانٍ للحزب الوطني في مختلف محافظات مصر، ومعظمها يوجد في الميادين الرئيسية، وأتصور أن بيعها أو تأجيرها للشركات العالمية والمحلية، وهناك دراسات مبدئية، تشير إلى أن استغلال تلك المنشآت يوفر أكثر من عشرة مليارات جنيه.