أشار الشيخ أحمد تركي - مدير عام التدريب بوزارة الأوقاف - إلى أن القرآن الكريم نزل لتقويم الإنسانية وإصلاحها ، مبينًا أن الناس أنواع : صالح في نفسه ومصلح لمجتمعه ، وفاسد في نفسه ومفسد لمجتمعه ، موضحًا أن الكلمة الطيبة هي طريق لإصلاح الأعمال وغفران الذنوب وبناء الأمم. واستشهد تركي بقول الله تعالى : " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} ، فالمصلحون يبغون بناء الأمم ، والمفسدون يهدمون الأمم، متخذين من الكلمة الخبيثة وسوء الظن ونشر الشائعات وسائل لأغراضهم الخبيثة . وأوضح في كلمته بأمسية الأوقاف الدينية، تحت عنوان :"سوء الظن وأثره علي الفرد والمجتمع"، أن حفظ الأمن الفكري من الأصول الشرعية الواجبة ، ونشر الشائعات وسوء الظن يهدد الأمن الفكري للمجتمع ، مؤكدًا أن تسميم الفكر أخطر من تسميم الطعام والشراب ، ويعتبر من الكبائر ، فلابد من الكلمة الطيبة وحسن الظن طريقا للبناء والتنمية للوطن والمواطن ، داعيا الله تعالى أن يحفظ مصر من كل مكروه وسوء ، وأن يجعل رايتها عالية خفاقة. وفي كلمته أوضح الدكتور نوح عبد الحليم العيسوي - مدير عام بحوث الدعوة بالوزارة – أن سوء الظن هو أحد الأمراض الخطيرة التي تؤدي إلى هدم المجتمع ، لما له من أثر سلبي في توتر العلاقات بين الناس ، ولذلك حذر منه الإسلام ونهى عنه، مستشهدا بقول الله سبحانه وتعالي: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ " (سورة الحجرات:12) ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : " إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ ، وَلاَ تَحَسَّسُوا ، وَلاَ تَجَسَّسُوا ، وَلاَ تَحَاسَدُوا ، وَلاَ تَدَابَرُوا ، وَلاَ تَبَاغَضُوا ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا " (رواه الإمام البخاري). وأكد أنه لا يجوز لأحد أن يظن بأخيه سوءًا ، فسوء الظن يؤدي إلى الخصومات والعداوات , وتقطع الصلات بين الناس ، ومن ثمَّ بين أفراد المجتمع ، فكم أوقع سوء الظن من فراق بين المتحابين، وقطيعة بين المتواصلين، وبناء على ذلك فإن المسلم مأمور بأن يحسن الظن بإخوانه، وأن يحمل ما يصدر عنهم من قول أو فعل على محمل حسن ما لم يتحول الظن إلى يقين جازم ، فالله عز وجل أمرنا بالتثبت فيما يصدر من الآخرين ، فقال سبحانه : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ " (سورة الحجرات: 6) ، ونبينا (صلى الله عليه وسلم) أمرنا بحسن الظن ، فيما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن جَابِر بن عبد الله (رضي الله عنهما) قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ (صلى الله عليه وسلم) قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلاَثٍ ، يَقُولُ : " لاَ يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللهِ الظَّنَّ " . وفي ختام كلمته أشار إلى أنه يجب علينا جميعًا أن نقتدى بالنبي (صلى الله عليه وسلم) في حُسن الظن بالله ، وحسن الظن بالناس ، وعدم تعجّل الحكم على الآخرين ، ولنطبق هذا المنهج القويم في حياتنا وسلوكنا ، كما طبقه الصحابة الكرام (رضوان الله تعالى عليهم) ، حيث يقول عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) : "لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرًّا ، وأنت تجد لها في الخير محملاً " ، فلو تخلقنا بخلق المصطفى (صلى الله عليه وسلم) لمنعنا الكثير من الأذى وقطيعة الرحم ، وتفكك الأسر ، وبالتالي تفكك المجتمع.