جولة الإعادة بالشرقية على صفيح ساخن.. تنافس 38 مرشحاً على 19 مقعداً فردياًَ    غدًا.. المصريون بالداخل يدلون بأصواتهم في جولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات النواب    وزير الاستثمار يشارك في وضع حجر الأساس لمصنع «جينفاكس إيجيبت» للصناعات الدوائية    "الزراعة" تواصل أعمال مشروع تطوير ري قصب السكر في قنا    الإنتاج الحربي يفتتح مصنع الطلمبات الغاطسة لدعم المشروعات القومية وتوطين الصناعة    غرفة السياحة: "مفاتيح الترويج للمقصد المصري" مهم لخدمة السياحة ويكشف أهمية المنصات الرقمية    محافظ الدقهلية يتفقد شوارع قرية دنجواى ومشكلة الصرف الصحى ويوجه بحل الأزمة    99 اعتداء استيطانيا واستشهاد وإصابة 95 فلسطينيا فى قطاع غزة خلال أسبوع    نائب وزير الخارجية الروسي: موسكو تسعى لإنهاء الأزمة الأوكرانية وترحب بالجهود الأمريكية    توقعات بموافقة زيلينسكي ونحو 30 دولة على إنشاء هيئة لدفع تعويضات عن الأضرار التي لحقت بأوكرانيا    حماس: غرق الخيام وموت الأطفال في غزة امتداد لحرب الإبادة    BBC تكشف تفاصيل 90 رحلة جوية متعلقه ب جيفرى ابستين من وإلى بريطانيا    عاجل- ترامب يصنف الفنتانيل غير المشروع ك "سلاح دمار شامل" ويثير جدلًا قانونيًا وأمنيًا    مدافع دورتموند على رأس أولويات برشلونة في يناير    توروب يتمسك بمستقبل الأهلي: شوبير عنصر أساسي ولا نية للتفريط فيه    وزير الرياضة يبحث مع السفير الإماراتي تعزيز التعاون المشترك    تحرير 3541 مخالفة تموينية خلال شهر نوفمبر الماضي بالمنيا    مصرع عنصر شديد الخطورة وضبط كميات من المخدرات والأسلحة ب 100 مليون جنيه    وزير التعليم ومحافظ أسوان يتفقدان 6 مدارس بإدارة إدفو    استفيقوا يا صناع الفن، فأين أنتم من هؤلاء؟!    فوز 24 طالبًا فى أيام سينما حوض البحر المتوسط بمكتبة الإسكندرية    وزارة الأوقاف: التفكك الأسرى وحرمة المال العام موضوع خطبة الجمعة القادمة    تجديد التعاون بين «الصحة» والبنك المركزي لتخفيف قوائم الانتظار    عاجل- الصحة تطلق أول دليل مدرسي للوقاية من الإنفلونزا وحماية الطلاب من العدوى    غزل المحلة: الأهلي لم يسدد حقوق رعاية إمام عاشور    بضغوط مبيعات عربية وأجنبية.. هبوط مؤشرات البورصة بمنتصف التعاملات    دار الإفتاء تواصل فعاليات الندوة الدولية لدُور وهيئات الإفتاء في العالم    تفاصيل افتتاح متحف قراء القرآن الكريم لتوثيق التلاوة المصرية    رئيس قطاع المعاهد الأزهرية: الاعتماد مسار شامل للتطوير وليس إجراءً إداريًا    الزمالك يجدد ثقته في نزاهة جهات التحقيق في أرض أكتوبر ويؤكد التزامه الكامل بالقانون في قضية أرض أكتوبر (بيان رسمي)    نقل جثمان طالب جامعى قتله شخصان بسبب مشادة كلامية فى المنوفية إلى المشرحة    الرعاية الصحية تستحدث خدمة تثبيت الفقرات بمستشفى دراو المركزى بأسوان    بالفيديو.. تفاصيل بروتوكول التعاون بين "الإفتاء" و"القومي للطفولة" لبناء الوعي المجتمعي    دغموم: الزمالك فاوضني من قبل.. وأقدم أفضل مواسمي مع المصري    مَن تلزمه نفقة تجهيز الميت؟.. دار الإفتاء تجيب    من المرشح الأبرز لجائزة «ذا بيست» 2025    وزير الخارجية يؤكد أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار بغزة    وزير التعليم ومحافظ أسوان يتابعان سير العملية التعليمية بمدرسة الشهيد عمرو فريد    منها التهاب المعدة | أسباب نقص الحديد بالجسم وعلاجه؟    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بمدرسة كفر عامر ورضوان الابتدائية بكفر شكر    عاجل- دار الإفتاء تحدد موعد استطلاع هلال شهر رجب لعام 1447 ه    ضبط جزار ذبح ماشية نافقة خارج المجزر بمدينة الشهداء بالمنوفية    عضو بالأزهر: الإنترنت مليء بمعلومات غير موثوقة عن الدين والحلال والحرام    اليابان ترفع تحذيرها من الزلزال وتدعو لتوخي الحذر بعد أسبوع من هزة بقوة 7.5 درجة    «التضامن الاجتماعي» تعلن فتح باب التقديم لإشراف حج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه    برلماني بالشيوخ: المشاركة في الانتخابات ركيزة لدعم الدولة ومؤسساتها    الذهب يرتفع وسط توقعات بخفض جديد للفائدة في يناير    مديرية الطب البيطري بالقاهرة: لا مكان سيستوعب كل الكلاب الضالة.. وستكون متاحة للتبني بعد تطعيمها    أسعار الخضار والفاكهة اليوم الثلاثاء 16-12-2025 فى المنوفية    تعيين وتجديد تعيين 14 رئيسا لمجالس الأقسام العلمية بكلية طب قصر العينى    مباراة دراماتيكية.. مانشستر يونايتد يتعادل مع بورنموث في الدوري الإنجليزي    نقيب المهن الموسيقية: فصل عاطف إمام جاء بعد تحقيق رسمي    محمد القس يشيد بزملائه ويكشف عن نجومه المفضلين: «السقا أجدع فنان.. وأتمنى التعاون مع منى زكي»    جلال برجس: الرواية أقوى من الخطاب المباشر وتصل حيث تعجز السياسة    حورية فرغلي: بقضي وقتي مع الحيوانات ومبقتش بثق في حد    لجنة فنية للتأكد من السلامة الإنشائية للعقارات بموقع حادث سقوط حاويات فارغة من على قطار بطوخ    محافظ القليوبية ومدير الأمن يتابعان حادث تساقط حاويات من قطار بضائع بطوخ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جونتر جراس.. ما يجب أن يُقال
نشر في البوابة يوم 13 - 04 - 2016

رغم مرور عام على رحيله، لا تزال كلمات الألماني"جونتر جراس"، الحاصل على نوبل في الآداب عام 1999، مُستمرة في إثرائه الأدب العالمي، وجاءت من خلال الحياة القاسية التي عاشها، وجعلته أشهر أدباء بلاده في الخارج منذ النصف الثاني من القرن العشرين، رغم إثارته للجدل بمعارضته إسرائيل علنًا دون أن يخضع لابتزاز أو مُهادنة، دون أن يخش اتهامه بمُعاداة السامية.
"لماذا أصمت، لقد صمتُ طويلًا
عما هو واضح وماتمرست على محاكاته"..
ولد جراس لأب بروتستانتي وأم كاثوليكية من أصول بولندية، في مدينة دانتسيج الحرة، والمعروفة حاليا ب"جدانسك"، في السادس عشر من أكتوبر عام 1927، وكانت المدينة وقتها تخضع لإدارة دولية ضمن أراضي بولندا، حسب اتفاقية فرساي التي أنهت الحرب العالمية الأولى، وتم ضمها إلى بولندا بعد الحرب العالمية الثانية؛ وهناك تلقى الفتى دراسته الابتدائية والثانوية، وفي نوفمبر 1944 تطوع للعمل في سلاح الغواصات الألماني، ثم تم إلحاقه بوحدات قتالية أخرى خلال الحرب العالمية الثانيةو-كان قد أقر في عام 2006 بأنه خدم في منظمة "فافن إس إس" النازية- ووقع في أسر القوات الأمريكية، التي احتجزته في معسكر للأسرى، ثم أطلق سراحه عام 1946، بعد عام من انتهاء الحرب؛ ليبدأ في العام التالي دراسة النحت في مدينة دوسلدورف الألمانية لمدة عامين، ثم أتمَّ دراسته الجامعية في مجمع الفنون في دوسلدورف، فجامعة برلين التي أكمل فيها دراسته العليا بالفنون.
"بأننا نحن الذين نجونا
في أفضل الأحوال في النهاية
أننا الهوامش في أفضل الأحوال"..
عمل جراس في منجم في ألمانيا الغربية، ثم عمل بالزراعة بعد تعذر عودته إلى مدينته التي باتت خاضعة للبولنديين والسوفييت، وفقًا للاتفاقيات التي قسّمت ممتلكات النازية بعد الحرب، وبعد إتمام دراسته الجامعية والدراسات العليا عمل نحاتًا ومُصممًا ومؤلفًا، وتولى بين عامي 1983 و1986 رئاسة أكاديمية برلين للفنون.
احتل جراس مكانته كأحد أهم أدباء ألمانيا الذين بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وكان من مؤيدي قضايا اليسار في ألمانيا، ومناهض للتدخل العسكري للدول الكبرى في أنحاء العالم، ومنها غزو العراق، كما أعلن تضامنه مع قضية الشعب الفلسطيني، وكان معروفًا عنه إعجابه بالموروث الثقافي لليمن الذي زاره عام 2004 للمشاركة في ملتقى الرواية العربية الألمانية، والذي عقد حينها في العاصمة صنعاء.
كما انتقد سياسات إسرائيل النووية وشراءها غواصات ألمانية الصنع علنًا، وأغضب الأديب العالمي إسرائيل عندما أشاد بالخبير النووي "موردخاي فعنونو" الذي كشف تفاصيل البرنامج النووي الإسرائيلي السري عام 1986، وذلك في قصيدة تحمل عنوان "بطل من أيامنا" قال عنه فيها "هذا هو اسم البطل الذي كان يأمل في خدمة وطنه عن طريق مساعدته في إظهار الحقيقة إلى العلن"؛ ووقتها ردًا على ذلك دعت الرابطة العبرية للكتاب في إسرائيل المثقفين في العالم إلى مقاطعة جراس، وقالت "إن العنصرية النازية مترسخة في حمضه النووي".
أنه الحق المزعوم بالضربة الأولى
من قبل مقهور متنمر
وابتهاج منظم يمكن توجيهه لمحو الشعب الإيراني
لاشتباههم أنه يصنع قنبلة نووية"..
وفي أبريل 2012، عاد جراس لتحدي إسرائيل، فنشر قصيدة عنوانها "ما يجب أن يُقال"، والتي شن فيها هجومًا حادًا على إسرائيل، ووصفها بأنها تهدد السلام العالمي، وانتقد رغبتها في شن هجوم عسكري على إيران، ووصفت الصحف الألمانية تلك القصيدة بأنها "معادية للسامية".
"لماذا امتنع عن تسمية ذلك البلد الآخر
الذي يمتلك ومنذ سنوات، رغم السرية المفروضة
قدرات نووية مُتنامية لكن خارج نطاق المراقبة
لأنه لايسمح بإجراء الكشف عليها"..
نالت رواية جراس "الطبل الصفيح" شهرة عالمية كبيرة بعد نشرها عام 1959، وتمت ترجمتها إلى لغات كثيرة من بينها العربية، وهي جزء من ثلاثيته المعروفة ب"ثلاثية دانتسيج" التي تضم أيضًا روايتي "القط والفأر"، و"سنوات الكلاب"، ومن رواياته المشهورة أيضًا "مئويتي"، و"مشية السرطان"؛ كما تميّز جراس أيضًا في كتاباته المسرحية، فكتب مسرحيتين، أولهما "الطهاة الأشرار"، و"الفيضان"، كما أصدر أربع مجموعات شعرية.
التستر العام على هذه الحقيقة
وصمتي جاء ضمنه
أحسها ككذبة مرهقة لي
وإجبار ضمن عقوبة الرأي
عندما يتم تجاهلها
الحكم ب"معاداة السامية" المألوف
ومازالت رواية "الطبل الصفيح" حتى اليوم مثار جدل واسع في مختلف الأوساط الثقافية والسياسية والاجتماعية، فهي عميقة الدلالة، ذكية في تناولها للموضوعات سواء المحرم منها أوالمباح، ولاذعة في سخريتها، وقد اعتمدت في بعض تقنياتها على أسلوب السرد العربي القديم الذي ينتمي إليه جراس حسبما قال بنفسه في مناسبات عديدة؛ وقد تم تحويل الرواية التي رآها البعض تتناول أهم ما حدث في أوروبا في القرن العشرين، بمنظور جراس الأوروبي، إلى فيلم سينمائي عام 1979 أخرجه فولكر شلندروف، ونال الفيلم جائزتي أوسكار.
كذلك كانت شقيقتها في الثلاثية "القط والفأر"، حيث أن محنة بطل هذه الرواية، لا تقل من حيث غرابتها عن محنة بطل "الطبل الصفيح"، وإن كان الأول يتمتع بجسد كامل، فقد بدأت محنته بين زملائه في المدرسة أثناء الحرب العالمية الثانية في مدينة دانتسيج، ويتولى رواية قصته فيها زميله بيلنتس الذي ينتبه إلى غضروفه المتضخم، إلى تفاحة آدم في عنقه ويضع عليه قطًا، وبطل القصة يعاني من تفاحة آدم هذه التي تتحرك كما يتحرك الفأر، عندما يأكل أو يبلع أو يتحدث، ولكن عدو هذا الفأر هو القط وليد تصور الراوي وخياله، فيظل غير منظور، بحيث لا يُرى وهو يطارد الفأر أو يلعب به، فكان رمز إلى محنته والمجتمع الذي يعيش فيه.
"غواصة أخرى إلى إسرائيل
يجب تسليمها، قدرتها
تكمن، بتوجيه الرءوس المتفجرة المدمرة
إلى حيث لم يثبت وجود قنبلة ذرية واحدة
ولكن الخوف يأخذ مكان الدليل"..
حصل جراس على جائزة نوبل للآداب عام 1999 لدوره في إثراء الأدب العالمي، خاصة في ثلاثيته الشهيرة "ثلاثية دانتسيج"، إضافة إلى جوائز محلية كثيرة منها جائزة كارل فون أوسيتسكي عام 1967، وجائزة الأدب من مجمع بافاريا للعلوم والفنون عام 1994، وفي عام 2005 حصل على شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة برلين.
"غواصة أخرى إلى إسرائيل
يجب تسليمها، قدرتها
تكمن، بتوجيه الرءوس المتفجرة المدمرة
إلى حيث لم يثبت وجود قنبلة ذرية واحدة
ولكن الخوف يأخذ مكان الدليل"..
وفي صباح اليوم الثالث عشر من أبريل 2015 أعلنت دار نشر شتايدل المسئولة عن أعمال جراس أن "حائز جائزة نوبل للآداب جونتر جراس توفي صباح اليوم عن عمر 87 عامًا في أحد مستشفيات لوبيك"، والواقعة شمال ألمانيا، ليقبع جراس مُنتظرًا التابوت الذي سيرافقه تحت الأرض، بينما تظل أعماله موجودة في فضاء الأدب العالمي.
"أقول ما يجب أن يقال
ولكن لماذا حتى الآن؟"..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.