ولد جراح القلب العالمي مجدي يعقوب، واسمه الكامل مجدي حبيب يعقوب، في مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية، في السادس عشر من نوفمبر سنة 1935، وأسرته ذات جذور صعيدية من أسيوط. كان تفوقه لافتًا في مراحل التعليم المختلفة، والتحق بكلية الطب، جامعة القاهرة، وتخرج فيها سنة 1957. عمل نائبًا في قسم جراحة الصدر بمستشفى قصر العيني، لكن إقامته لم تطل في مصر، وسافر لاستكمال دراسته الطبية وبداية حياته المهنية في المملكة المتحدة. عمل في مستشفى الصدر بلندن، وشغل وظيفة أخصائي جراحات القلب والرئتين في مستشفى هارفليد، بين عامي 1969 و 2001. خلال هذه السنوات التي تمتد إلى ثلث قرن، كان الدكتور مجدي يعقوب مديرًا لقسم الأبحاث العلمية والتعليم، منذ سنة 1992، كما عمل أستاذًا في المعهد القومي للقلب والرئة منذ العام 1986. أبدى الطبيب المصري العالمي اهتمامًا كبيرًا بتطوير عمليات جراحات نقل القلب منذ سنة 1967، ويذكر له تاريخ الطب أنه قام بعملية نقل قلب غير مسبوقة للمريض دريك موريس سنة 1980، الذي امتد به العمر بعد العملية الناجحة حتى سنة 2005. يزدحم سجل الدكتور مجدي يعقوب بشتى أنواع التكريم والاحتفاء والتقدير، فقد منحته ملكة بريطانيا لقب « فارس » سنة 1992، وكرمته جامعات « برونيل » و « كادريف » و « لوكيرا » و « ميدلسكس » ، وكلها إنجليزية، فضلاً عن جامعة « لوند » السويدية، أما الإعلام الإنجليزي فيطلق عليه لقب « ملك القلوب » ، تعبيرًا عن الإقرار بمكانته الرفيعه وإسهامه المؤثر في مجال تخصصه الدقيق. في أكتوبر 2007 حصل الدكتور مجدي يعقوب على جائزة « فخر بريطانيا » ، وجاء في حيثيات منحه الجائزة الرفيعة الشأن: إنه جدير بها بعد أن قام بإجراء آلاف العمليات الجراحية الناجحة. بعد وصوله إلى الخامسة والستين من عمره سنة 2000، أعلن الدكتور مجدي عن اعتزاله القيام بالعمليات الجراحية، واستمر اعتزاله ست سنوات متصلة، لكنه تراجع عن الاعتزال سنة 2006 ليقود عملية جراحية معقدة لإزالة قلب مزروع في مريضة، بعد شفاء قلبها الطبيعي. لم تحل الإقامة الدائمة للدكتور مجدي يعقوب في إنجلترا دون تواصله الحميم مع وطنه مصر، وكرمته الدولة بمنحه أرفع أوسمتها، قلادة النيل، سنة 2011. وقد أجرى الطبيب العالمي العبقري مئات العمليات الجراحية المجانية في مصر، ويُعد المركز الطبي المتقدم الذي أنشأه في مدينة أسوان نموذجًا فريدًا للانتماء الوطني العملي، وترجمة لمعنى أن يكون المصري مصريًّا بالفعل وليس بالكلام. على الصعيد الشخصي، يتسم الطبيب الذائع الصيت بالتواضع الجم والبساطة التي تدفعه إلى تجنب الدعاية الإعلامية، ويتجلى ذلك بوضوح عندما كرمته الكنيسة القبطية في لندن، بحضور قداسة البابا شنودة والسفير المصري عادل الجزار، يناير 2002، فقد ألقى كلمة موجزة في نهاية الاحتفال، شكر فيها مكرميه، مؤكدًا أنه لا يحسب نفسه أهلاً لكل هذا التكريم. تبرهن حياة مجدي يعقوب ومسيرته الحافلة بالعطاء، على أن الطب مهنة إنسانية تتجاوز الانتماءات الدينية والعرقية، كما أنها تجسد حقيقة الانتماء الوطني الذي يبتعد عن ضجيج الشهرة وأضواء الدعاية؛ ذلك أن الطبيب العالمي يعمل في صمت ودأب، ولا يبتغي من وراء عمله إلا ترجمة مشاعره الوطنية الصادقة.