أكد الوفد المصرى في جنيف خلال كلمته أثناء مناقشة مجلس حقوق الإنسان للبند المعني بحالات حقوق الإنسان التي تسترعي انتباه المجلس الاتحاد الأوروبي، أن مزاعم دول الاتحاد حول وجود انتهاكات غير صحيحة، وأنها ليست جديدة وسبق الرد عليها. وقام الوفد المصرى بإعمال حق الرد، مؤكدًا أن الردود المصرية على هذه المزاعم لا تجد آذانا صاغية على الطرف الآخر، مما يدفع للتساؤل عن مغزى توجيهها في الأساس، وقام السفير عمرو رمضان مندوب مصر الدائم لدى الأممالمتحدة والمنظمات الدولية بجنيف بتفنيد مزاعم تلك الدول تجاه حقوق الإنسان في مصر واحدة تلو الأخرى. وأوضح أن عقوبة الإعدام منصوص عليها في قانون العقوبات المصري ويتم تطبيقها على الجرائم الخطيرة وفقًا لضمانات قانونية مشددة تتسق مع التزامات مصر بموجب المادة السادسة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، ومؤكدًا استقلال القضاء وحياديته واحترام حكم القانون كمبادئ عامة نص عليها الدستور والقانون المصري. وأضاف أن مصر تقوم بالرد بشكل منتظم وموضوعي على اللجنة الأممية المعنية بمزاعم الاختفاء القسرى، وأن أغلب الحالات المخطر بها يتضح أنها على ذمة قضايا بعلم أسر الأشخاص المعنيين ومحاميهم، وأنه يتم توضيح هذه المسائل للفريق العامل المعني بالاختفاء القسرى التابع لمجلس حقوق الإنسان ردًا على استفساراته. وبالنسبة للاحتجاز التعسفى أوضح أن احتجاز أي شخص يتم إما بقرار من النيابة العامة أو من المحكمة بموجب القانون لارتكاب الشخص مخالفة للقوانين المصرية وليس لقوانين دول أخرى أو على أساس مهنته أو ممارسته لحقوقه في التعبير عن الرأى، منوهًا بأن الدولة تعتبر أن التعذيب جريمة خطيرة لا تسقط بالتقادم وتتعامل معها بالجدية اللازمة وقد تم بالفعل نظر القضاء لحالات عديدة، كما أوضح أن القانون المصرى يكفل الحق في التظاهر وليس كالقانون السويسرى على سبيل المثال الذي يُحمّل المتظاهرين مسئولية أي حدث يقع خلال المظاهرات، ويفرض غرامة تصل إلى مليون جنيه مصرى على التظاهر بدون تصريح، لافتًا إلى أن عدد المنظمات المدنية التي تعمل في مصر قد تعدى 47 ألف منظمة عام 2015 مقارنة ب 26 ألف عام 2010 قبل ثورة 25 يناير وكلها تعمل بحرية طالما تلتزم بالقوانين واللوائح المنظمة لتسجيلها وعملها. وأشار السفير إلى أنه من الصعب الاستماع إلى بيانات الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية بشأن مزاعم عن انتهاكات لحقوق الإنسان في الدول الأخرى دون النظر إلى مئات اللاجئين الذين فقدوا حياتهم ومنهم النساء والأطفال وآلاف المشردين والأسر المشتتة نتيجة لنمط تعامل الدول الأوروبية مع اللاجئين والمهاجرين لا سيما عند نقاط الدخول. وذكر أن الاتحاد الأوروبي لطالما طالب دول الشرق الأوسط وأفريقيا باستقبال ملايين اللاجئين على مدى عقود ثم تعامل مع اللاجئين الذين حاولوا دخول الاتحاد الأوروبي بشكل مخجل، واتخذ تدابير تتنافى مع القانون الدولى عبر سن تشريعات لمصادرة المقتنيات الثمينة لدى اللاجئين بهدف ترهيبهم من عبور الحدود، ووضع حد للعدد الذي يمكن قبوله من اللاجئين، كما قام بتعديل القوانين للسماح للسلطات بالتضييق على ملتمسى اللجوء، بل وذهب إلى فكرة إقامة أسوار على الحدود بين الدول الأوروبية واستخدام دول الجوار لمنع عبور اللاجئين، واصفًا تلك التدابير بالمشينة. وأضاف السفير رمضان أنه لا يريد الخوض في سجلات الدول الغربية والانتهاكات التي ارتكبتها في إطار الحرب على الإرهاب، بما في ذلك التعذيب والقتل خارج القانون مع الإفلات التام من العقاب، والتمييز العنصري وكراهية الأجانب وعدم احترام حقوق الأقليات، فضلًا عن التمييز على أساس الدين وازدراء الأديان وطالب الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية بالاحترام الكامل لحقوق الإنسان وحكم القانون. تجدر الإشارة إلى أن الانتقادات الأوروبية تتزامن مع ما تطرق له المفوض السامى لحقوق الإنسان بشأن مصر في إحاطته أمام مجلس حقوق الإنسان يوم 10 مارس منتقدًا قانون مكافحة الإرهاب الجديد من منطلق أنه يثير شواغل خطيرة تتعلق بحقوق الإنسان بما في ذلك اشتمال القانون على تعريفات فضفاضة للغاية للإرهاب والجرائم ذات الصلة، وعلق السفير على كلام المفوض السامى، مشيرًا إلى أن قانون الإرهاب في مصر أتم سنة بالاستفادة من القوانين المماثلة في دول كبرى قابلت تحديات أقل وطأة في مواجهة الإرهاب الآثم، موضحًا أن القانون يتسق تمامًا مع التزامات مصر الدولية بموجب القانون الدولى لحقوق الإنسان ويتم تطبيقه وفقًا للمعايير الدولية رغم مخاطر الإرهاب التي تمر بها مصر والمنطقة، وطالب المفوض السامى ألا يبنى آراءه بناء على انطباعات وأن يعمل على الوقوف على حقائق الأمور، وأشار رمضان إلى أن حرية التعبير في مصر كفلها الدستور والقانون وتمارس بصورة يومية من خلال عدد ضخم من وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة وأغلبها إعلام مستقل يديره القطاع الخاص. وأحال السفير رمضان المفوض السامي إلى الخطوات والاستحقاقات التي نفذتها مصر بخطى ثابتة في إطار ترسيخ المسار الديمقراطي والتي استكملت مؤخرًا بانتخابات مجلس النواب والذي شرع بالفعل منذ ديسمبر الماضى في النظر في القوانين العالقة خلال المرحلة الانتقالية، بما في ذلك تلك ذات الصلة بحقوق الإنسان. وأكد السفير المصري أنه قد نبه المفوض السامى خلال الدورة التاسعة والعشرين لمجلس حقوق الإنسان يونيو الماضى إلى عدم وجود اختصاص قضائى له أو للمنظمة التي يعمل وكيلا لها حتى يسمح لنفسه بالتعليق على أحكام القضاء، وأنه يود هذه الدورة أن يذكّره كذلك بعدم وجود اختصاص سياسي يتيح له أن يجعل من مكتبه مكانًا لاستقبال المعارضين السياسيين، ومحاولة لعب دور سياسي بما يتعارض مع مبدأ مستقر في القانون الدولى وفى ميثاق الأممالمتحدة بعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأعضاء، وأن ولاية المفوض وفقًا لقرار الجمعية العامة باستحداث المنصب عام 1993 تنصب على تعزيز واحترام كل حقوق الإنسان بما فيها الحقوق الاقتصادية والثقافية من خلال التعاون والتفاعل مع حكومات الدول الأعضاء.