أثار إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المفاجئ بسحب قواته من سوريا ابتداء من اليوم الثلاثاء جدلا في الأوساط الرسمية والسياسية العالمية، حيث أطلق القرار العنان للتحليلات والتخمينات، ووضع الكثير من التوقعات حول ما يجري على أرض الواقع، وتباينت ردود الفعل تجاه هذا القرار من جانب الدوائر السياسية الأمريكية والغربية، فلم يعد مسؤولوها قادرين على التنبؤ بالخطوات اللاحقة للقرار، وإذا ما كان بداية لمخططات روسية جديدة أو رسالة للرئيس السوري بشار الأسد والأمريكي باراك أوباما أو أنه مجرد تكتيك من تكتيكات الحروب والغموض يكتنف تصرفات الجانب الروسي تجاه الأزمة السورية. وقد أكد بوتين - عند إعلانه القرار - إيمانه بأن الهدف الذي وضعته وزارة الدفاع والقوات المسلحة تم تحقيقه بشكل عام، ولهذا فقد أمر وزير دفاعه بالبدء في سحب الجزء الرئيسي من القوات الروسية من الجمهورية العربية السورية. من جانبه، أوضح السكرتير الصحفي للرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، أن قرار روسيا بسحب جزء من قواتها العسكرية من سوريا لا يعني أن موسكو لا تؤيد موقف الرئيس السوري بشار الأسد، مشددا على أن الكرملين يرى مهمته الرئيسية في سوريا هي بذل قصارى جهده لتعزيز عملية التسوية السلمية، رافضا التكهنات التي تشير إلى أن القرار قد يكون محاولة من روسيا للضغط على الأسد في عملية التوصل إلى حل سياسي. من جهتها، بررت دمشق قرار سحب القوات الروسية من سوريا بأنه جاء بعد نجاحات "الجيش العربي السوري"، وقالت الرئاسة السورية إن إعلان السحب مدروس بعد إعلان وقف العمليات العسكرية في البلاد، نافية وجود أي خلاف مع موسكو، وأكدت أن الموضوع برمته تم بالتنسيق الكامل بين الجانبين السوري والروسي، وهو خطوة جرت دراستها بعناية ودقة لفترة على خلفية التطورات الميدانية الأخيرة وآخرها وقف العمليات العسكرية. أما وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير فقد رأى أن القرار وضع الرئيس السوري تحت ضغط للتفاوض على انتقال سلمي لإنهاء الحرب الأهلية السورية إذا ما سحبت روسيا معظم قواتها من البلاد، معلقا في بيان له بهذا الصدد بالقول "إذا تحقق إعلان سحب القوات الروسية، فإن ذلك سيزيد الضغط على نظام الأسد للتفاوض بجدية؛ ما يؤدي في نهاية المطاف إلى انتقال سياسي سلمي في جنيف"، في إشارة إلى محادثات السلام الجارية حاليا في المدينة السويسرية. وفي السياق ذاته، علق مبعوث الأممالمتحدة الخاص بسوريا، ستيفان دي ميستورا على هذا الأمر بالقول، بأن سحب القوات الروسية يعد تقدما إيجابيا وتطورا مهما، نظرا لتزامنه مع استئناف المفاوضات حول الأزمة السورية، معربا عن أمله في أن يكون له تأثير إيجابي على سير المفاوضات في جنيف الهادفة إلى التوصل لحل سياسي للصراع السوري والانتقال السياسي السلمي في البلاد.