انتقد أبوبكر الديب الخبير الاقتصادي إهمال الحكومة لملف الاستثمار في أفريقيا، مشيرًا إلى أنها نشطت ليومين خلال مؤتمر الكوميسا بشرم الشيخ خلال الأيام الماضية، ثم تجاهلت الملف مرة أخرى بعد انفضاض "المولد". وقال الديب في تصريحات صحفية اليوم: إن أفريقيا أصحبت أكثر مراكز الأعمال نموًا في العالم، إذ بلغ حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة نحو 128 مليار دولار، خلال عام 2015، حيث ارتفعت بنسبة 36% عن العام السابق، لافتًا إلى أن المستثمرين الأفارقة يمثلون 30% من مساهمات الاستثمار الأجنبي بالقارة. وأوضح الديب أن ذلك يأتي في الوقت الذي تشير فيه الإحصائيات إلى حجم الاستثمار المصري في أفريقيا بلغ نحو 8 مليارات دولار، بينما تجاوز حجم التجارة البينية 5 مليارات دولار على مدى السنوات الخمس الماضية، مع شركات مصرية، وهو رقم لا يذكر مقارنة بالاستثمارات الأجنبية بالقارة السمراء. وأضاف الخبير الاقتصادي أن أفريقيا لم تعد مكانًا لاستخراج المواد الخام فقط بل أصبحت طرفًا مؤثرًا في صناعة التكنولوجيا، مشيرًا إلى الطبقة المتوسطة وصلت إلى 370 مليون نسمة بأفريقيا ما ساهم في نمو قاعدة المستهلكين. وأشار الديب إلى أن قطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والرعاية الطبية شهدت تطوراً كبيرًا بأفريقيا، ووصل مستخدمو التليفون المحمول بأفريقيا نحو 720 مليون أفريقي إذ أن جميع المعاملات المالية في كينيا تتم عبر الهاتف المحمول. وأوضح أن هناك دولا أفريقية مثل نيجيرياوكينيا تقوم بتصنيع السيارات الخاصة، ومن المتوقع أن يصل حجم اقتصاد القارة 4.2 تريليون دولار بحلول 2025. وقال إن مشاركة وفود وزارية من دول أفريقية في مؤتمر" الكوميسا" الماضي، جاءت لتعبر عن تضامن كل الدول الأفريقية في دفع العلاقات الاقتصادية وتبادل مزيد من الاستثمارات. وأشار إلى ضرورة توحيد الجهود لتحفيز النمو، وتعد اتفاقية التجارة الحرة للتكتلات الاقتصادية الثلاثة: "كوميسا، سادك، والمجموعة الاقتصادية لدول شرق أفريقيا" والتي أطلقت أكبر تكتل تجاري في أفريقيا، حيث يعد هذا الاتفاق خطوة إيجابية نحو إنشاء منطقة التجارة الحرة وكذلك حاجتنا إلى تطوير البنية التحتية، وصياغة سياسات واستراتيجيات واضحة لتعزيز التعاون من أجل التنمية المتكاملة. وأكد الديب على ضرورة قيام مجتمع الأعمال بالدور الريادي لتحقيق التنمية الاقتصادية في القارة، ويتعين على الحكومات خلق بيئة عمل موائمة وخلق جو من الثقة بين مجتمعات الأعمال والحكومة، والتأكيد على مناخ التفاؤل بشأن نمو أفريقيا رغم التحديات العالمية وذلك في ضوء تمتع أفريقيا بالعديد من المزايا النسبية وخلق فرص من التحديات. وقال الديب: إن مؤتمر "الكوميسا" أو "أفريقيا 2016"، الذي استضافته مدينة شرم الشيخ، خلال الفترة من 20 وحتى 21 فبراير الجاري، كان يمثل الفرصة الأخيرة لإنعاش الاقتصاد المصري، وإنقاذ الجنيه، ويمكن لمصر جني مكاسب تصل إلى 50 مليار دولار، من فتح ذراعيها للقارة الأفريقية. وأوضح الديب، أن الدول الأفريقية تمتلك إمكانيات وثروات طبيعية هائلة، سواءً في الاستثمار بدولها، أو بجذب استثمارات الأفارقة إليها. وطالب الديب بتحرير تأشيرات الدخول والخروج عبر الحدود بين البلدان الأفريقية، لتسهيل حركة التجارة والاستثمار، داعيًا الحكومة ورجال الأعمال إلى استغلال المؤتمر لتوطيد العلاقات مع دول أفريقيا وفتح آفاق استثمارية جديدة، بدلا من ترك الساحة فارغة لإسرائيل وغيرها. ورحب الخبير الاقتصادي بموافقة ممثلي التكتلات الاقتصادية الأفريقية الثلاثة "الكوميسا"، الساداك، تجمع شرق أفريقيا"، رسميًا، على الإندماج في تكتل واحد وفق برنامج تنفيذي مدته عامين، وإقامة منطقة تجارة حرة بالقارة. وأكد الديب، أن الاندماج وإقامة المنطقة الحرة، سيحققان العديد من الفوائد، منها إعادة مصر لدورها الريادي في القارة، وزيادة حجم الصادرات والتبادل التجاري، وسيجعل دول القارة أكثر قوة وتأثيرا في المحافل الدولية. وقال الديب: إن فكرة التكامل والاندماج بين التجمعات الاقتصادية الأفريقية، ترجع إلى خطة عمل لاجوس لعام 1980، ومعاهدة أبوجا لعام 1991، بهدف إنشاء الجماعة الاقتصادية الأفريقية، وفي عام 2005، بدأت الإرهاصات الأولى بين التجمعات الاقتصادية الثلاثة من أجل بحث سبل تعزيز الاندماج الاقتصادي والتجاري فيما بينهم، وخاصة بالنسبة لمجالات التجارة، الجمارك، وتنمية البنية التحتية والصناعة، ثم عقدت القمة الأولى للتجمعات الثلاثة بكمبالا في عام 2008، والقمة الثانية بجنوب أفريقيا في منتصف يونيو 2011، حيث بدء التفاوض لإنشاء سوق متكاملة من 26 دولة يستوعب نحو 600 مليون نسمة. وأوضح الديب، أن التجمعات الاقتصادية الثلاثة تضم 26 دولة أفريقية هي: مصر، إثيوبيا، إريتريا، كينيا، مالاوي، موريشيوس، رواندا، سيشيل، السودان، ليبيا، جيبوتي، أوغندا، زامبيا، زيمبابوي، وبوتسوانا، ليسوتو، ناميبيا، أنجولا، جنوب أفريقيا، سوازيلاند، تنزانيا، موزمبيق، بوروندي، جزر القمر، الكونغو الديمقراطية، ومدغشقر. وقال أبوبكر، إن دمج التكتلات الأفريقية في تكتل واحد سيمنح دول أفريقيا قوة أمام باقي الدول والمنظمات الدولية، مشيرا إلى أن القارة الأفريقية زاخرة بالخيرات، رغم ما نهب منها خلال فترة الاستعمار، ويتعين أن تستغل هذه الثروات الضخمة لصالح الشعوب الأفريقية. وأوضح الديب أن السوق الأفريقي كبير حيث يتخطي 600 مليون نسمة، وبالتالي فإن الاندماج سيعزز الصادات ويعود بفائدة إيجابية على مصر وأفريقيا، وسيزيد حجم التبادل التجاري بين مصر وأفريقيا. وأكد الديب، أن مؤتمر الكوميسا يمكنه دفع عجلة الاستثمارات الأفريقية داخل مصر، من خلال مناقشة تطوير بيئة الاستثمار لدفع عجلة الاقتصاد المصري إلى الأمام، من خلال توقيع اتفاقات اقتصادية تعمل على تشجيع وتهيئة مناخ الاستثمار في القارة السمراء.