■ حنان شوقى ورجاء الجداوى ومادلين طبر وفادية عبد الغنى أشهر الضحايا ■ مؤسس المركز منح نفسه لقب سفير رغم حصوله على «دبلوم تلمذة صناعية» ■ أحد الضحايا: دفعت 2000 دولار وحصلت على تحقيق شخصية منسوب لجامعة الدول العربية وخطاب تعيين قبل أيام قليلة شهدت قاعة الاحتفالات والمؤتمرات بجامعة الأزهر، حفلا نظمه أحد المراكز يطلق عليه «السلام الدولى لحقوق الإنسان»، قام خلاله بتوزيع الألقاب الدبلوماسية على عدد من نجوم الفن والإعلام، ومنح الضيوف شهادات تفيد بتعيينهم سفراء للسلام والنوايا الحسنة، وكان من أبرز الشخصيات الفنية التى حصلت على اللقب «حنان شوقي، رجاء الجداوي، وعايدة غنيم، مادلين طبر، فادية عبد الغنى، أحمد ماهر»، ومن الإعلاميين «منى الحسيني، دعاء بدير، لمياء فهمي، خالد عبد اللطيف»، بالإضافة إلى السفير محمد العرابى، وتم خلال الحفل اختيار أفضل شخصيه لعام 2015. حظى الحفل باهتمام غير عادى، وأذيع عبر عدد من القنوات الفضائية، وتمت تغطيته على نطاق واسع فى الصحف المصرية على اختلاف تصنيفها، فضلا عن قيام بعض الشركات والبنوك برعاية الحدث. توزيع المناصب الدبلوماسية بالجملة، حفز «البوابة» على البحث فى حقيقة الأمر، فتوالت المفاجآت، وكان أهمها أن جامعة الأزهر التى جرى استخدام صفتها فى هذا الحفل لا تعلم شيئا عن هذا الموضوع، كما لا توجد لديها أى دراية بطبيعة المركز الحقوقى أو الألقاب الممنوحة لبعض الشخصيات التى وقع عليها الاختيار. نفى المسئولون بجامعة الأزهر علمهم بالواقعة، وقال الدكتور أحمد حسنى، نائب رئيس الجامعة إنه لا علاقة للجامعة من قريب أو بعيد بما حدث، وأن هذه المنظمة أو المركز قامت بتأجير القاعة الكبرى للاحتفالات بالجامعة لعمل احتفالية كبرى لتكريم بعض الشخصيات العامة والفنانين، موضحا أنه سيحقق فى هذه الواقعة، ليتبين من المسئول عن تأجير القاعة لهذا الكيان دون التأكد من أوراقه ومدى صحة هذا التكريم، مشيرا فى ذات الوقت إلى أن قاعة المؤتمرات المسئول عنها مشيخة الأزهر وليس الجامعة. لم يتوقف سيل المعلومات المرتبطة بأوكازيون توزيع المناصب الدبلوماسية عند حدود نفى جامعة الأزهر وجود أى صلة لها بما جرى، حيث تبين لنا أن مسئول المركز الذى يلقب نفسه بالسفير فيليب عجيب ويعطى الشخصيات العامة مناصب دولية تابعة للأمم المتحدة، ليس سفيرا، ولا توجد له أدنى علاقة بالخارجية المصرية أو منظمة الأممالمتحدة أو الجامعة العربية، فهو حاصل على دبلوم تلمذة صناعية (لدينا صورة من المؤهل الخاص به)، فضلا عن مستندات أخرى تشير إلى قيام السفير الوهمى، رئيس المركز، بإضفاء المشروعية على ما يقوم به، عبر استخدام شخصيات دبلوماسية حقيقية. أغلب الظن أن هذه الأسماء لا تعلم شيئا عن هذا النشاط المريب، منهم سفير سابق بجامعة الدول العربية، فقد حصلت «البوابة» على خطاب موجه من السفير سمير حسنى، السفير السابق بالجامعة العربية لشئون إفريقيا، يشير من خلاله إلى تبعية ما يسمى بموسوعة التكامل العربى الإفريقى للجامعة، موقعا من السفير سمير حسنى، ومختوما من الجامعة العربية. كما حصلت «البوابة» فى إطار البحث عن الحقيقة فى هذه القضية الشائكة، على كارنيهات صادرة للأشخاص باسم موسوعة التكامل العربى الإفريقى، وعليها شعار جامعة الدول العربية بمناصب دبلوماسية كوزير مفوض، أو سفير لدول الاتحاد الأوروبى، وكذلك استمارات مدون عليها أسعار المناصب الدبلوماسية، التى تبدأ من 2000 دولار، وهي صفة مستشار تعاون دولى حتى وزير مفوض، ولكى تكتمل عملية النصب وضعت فى الاستمارة مميزات العضوية، وهى أن يحصل العضو على حصانة عربية وإفريقية. من بين المميزات أيضا، يمثل العضو الموسوعة فى المؤتمرات والمنتديات العربية والدولية والمحلية، وكذلك يمثل الموسوعة فى المعارض العربية والدولية، ويحمل العضو «كارنيه» الموسوعة، ويستخدم كتحقيق شخصية فى الدول العربية والإفريقية. وكذلك يحمل أعضاء لجان التعاون الدولى والدول الناطقون بغير اللغة العربية «I D» باللغة الإنجليزية أو اللغة التى يجيدها، ويحق للعضو استخدام اسم وشعار جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقى على الكارت الشخصى، وأيضا يسجل العضو فى الموقع الرسمى لموسوعة التكامل الاقتصادى العربى الإفريقي، وانتهت الاستمارة الخاصة بالعضوية بالتنبيه على أن أى عمل يسيء إلى سمعة واسم جامعة الدول العربية ومفوضية الاتحاد الإفريقى من جانب العضو تسقط عنه العضوية دون الرجوع إلى العضو، مع عدم مسئولية الموسوعة عن هذا العمل. وقد حصلت «البوابة» على أكثر من عشرين تحقيق شخصية لأشخاص صادرة من الموسوعة، وعليها شعارات الجامعة العربية، وكذلك خطابات موجهة باسم هولا الأشخاص، وتعيينهم فى الجامعة العربية، ومعتمدة مما يسمى بالموسوعة التابعة للجامعة العربية، وقال أحد الضحايا، رفض ذكر اسمه، ل«البوابة»: «إنه تعرض لعملية نصب من أحد الأشخاص ادعى أنه مسئول عن هذه الموسوعة التى تتبع الجامعة العربية، يدعى المستشار طه حسين، الذى أقنعنى أننى من الممكن أن أحصل على لقب دبلوماسى أو وزير مفوض مقابل 2000 دولار كاشتراك سنوى، وأن هذا اللقب يتم تفعيله فى الأوراق الرسمية بعد ذلك، وأحضر لى «كارنيه» وخطابا رسميا موجها من جامعة الدول العربية، بتعيينى وزيرا مفوضا لدى دول الكوميسا، واكتشفت بعد ذلك تعرضى لعملية نصب أنا والعديد من الأشخاص، وعندما اتصلت بهذا الشخص الذى يدعى أنه مستشار فى جامعة الدول العربية اسمه طه حسين طالبته بتفعيل القرارات الصادرة من الجامعة، تهرب منى، وأيقنت أنى تعرضت لعملية نصب، لكنه لم يستطع الإبلاغ عن تعرضه للنصب خشية اتهامه بأنه يحمل «كارنيه» وخطابا مزورين، خاصة بعد علمه بأن القصة من بدايتها نصب فى نصب»، على حد قوله. أما الفنانون الذين حصلوا على منصب السفير، فلم يعلم أى منهم بالحقيقة، حيث نفت الفنانة حنان شوقى ل«البوابة» علمها بأن هذا التكريم وهمي، وأنه لا يحق لهذا المركز إعطاء لقب سفير للنوايا الحسنة، وأضافت أنها تلقت اتصالا تليفونيا من أحد الأشخاص يدعوها للتكريم والحصول على لقب سفير للنوايا الحسنة مع بعض نجوم الفن والمجتمع، فرحبت على الفور، خاصة أن الاحتفالية تحت رعاية جامعة الأزهر. السفير أحمد القويسنى، مساعد وزير الخارجية، قال ل«البوابة»: «إن ما يحدث مهزلة حقيقية، لا بد أن تتخذ الجهات المسئولة سواء الدبلوماسية أو الأمنية خطوات جادة تجاه هذه المراكز الوهمية التى تسيء إلى صورة الدولة فى الخارج، فهناك ضرورة للتوعية بهذه الكيانات المشبوهة، ويجب أن يعلم المجتمع أن مناصب سفراء هى للجمهوريات فقط لا غيرها للذين يمثلون المؤسسات الرسمية، أما غير ذلك فهو منصب شرفى، إنما مفهوم سفير نوايا حسنة من أى منظمة لمجموعة فنانين أو من المنظمة للمجتمع، ويقومون باختيار النجوم من أجل التفاف الناس حولهم وجذبهم، فهذا غرضه الترويج لأفكار هذه المنظمات». وأضاف القويسنى أن تلك المراكز بدأت تدخل هذه السوق مؤخرا فى صورة مؤسسات وكيانات وهمية، غرضها النصب وجمع الأموال عبر القيام بتعيين سفراء وإطلاق مسميات بشكل عجيب وغريب لم نره من قبل، وتابع: «كرجل سفير أو كرجل نجم مشهور أو شخصية عامة لا بد أن أكون مدركا ومنتبها عندما أتعامل مع مثل هذه المبادرات، وأن أدقق قبل التعامل مع هذه المنظمة، ومعرفة من يقوم بتمويلها، وما هى النظم التى تسير عليها، ومن يراقبها لا بد أن أسأل نفسى كل هذه التساؤلات عن النوايا والأهداف والتمويل وأصحاب المبادرة، ويجب ألا تجذبنى هذه المنظمات، وأكون غافلا عن أنها أداة من أدوات النصب». واستطرد القويسنى: «هذه مخالفة قانونية تعرض من يحمل مثل هذه المسميات المزورة للمساءلة بتهمة النصب، وقد يصدر بحقه حكم بالسجن، وتهدر قيمته وكرامته وشخصيته، فلا أحد يحصل على مسمى سفير سوى من جانب الجامعة العربية فقط، ولو تم العثور على كارنيهات بها بعض المسميات المذكورة يجب فورا اللجوء إلى الجامعة العربية، وسؤالها، وأن تتحرك فورا وتستخدم القانون من خلال أدواتها القانونية من أجل عدم الإساءة لاسم الجامعة العربية». ولفت القويسنى إلى أن «وزير مفوض» هى درجة فى السلك الدبلوماسى لا يستطيع أن يسمى بها أحد إلا بقرار من رئيس الجمهورية، حيث يقول إنه اختار فلان وفلان لتعيينهما بدرجة وزير مفوض بوزارة الخارجية، وكان هذا النظام معمولا به قبل الحرب العالمية الثانية، وكانت الدرجة أعلى من رتبة سفير، فهذه درجة خطيرة جدا لا يستطيع أحد أن يحملها إلا النصابون والمزورون. من جانبه، قال الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية إنه لا يوجد أحد يحمل هذا التوصيف المدون به سفير أو وزير مفوض إلا من قبل وزارة الخارجية فقط، وللعاملين بها والسفارات الأجنبية الموجودة بمصر، فنجد فى السفارة الأمريكية سفيرا، وأى طريقة بخلاف ذلك نصب. وأضاف الدكتور سعيد أنه يجب على وسائل الإعلام أن تقوم بتوعية إعلامية للمواطنين حتى لا يتعرضوا للنصب، وأن تتحرك الجهات الأمنية والدبلوماسية لوقف هذا النصب والإساءة للمؤسسات الدبلوماسية الرسمية، ويجب أن تكون الدولة لها دور فى منع هذه الظاهرة.