صدر حديثًا عن المركز القومى للترجمة، النسخة العربية من (الكواليس السرية للشرق الأوسط:النصف الثانى من القرن العشرين وبداية القرن الحادى والعشرين) والتي كتبها وزير الخارجية الروسى الأسبق يفجينى بريماكوف، وقام بترجمتها نبيل رشوان. الكتاب يرصد الاحداث بداية من انهيار المنظومة الاستعمارية وظهور دول جديدة على الخريطة العربية، ويروى الكتاب كيف أن جمال عبد الناصر كا ن أكثر ثباتا على السلطة،من بين الدول التي تحررت من الاستعمار،وبدأت بالفعل معالم التيار القومى المصرى في الظهور بشكل أوضح أيضا من خلال السعى لتصفية جميع مواقع دول الاستعمار العسكري والاقتصادى المتبقية، كما وضحت البراجماتية في السياسة الخارجية التي تميزت بتطور متقطع فيما يخص الولاياتالمتحدة والتعاون الوثيق مع الاتحاد السوفيتى، فقد شكلت العقيدة القومية العربية الثورية حقبة كاملة من التاريخ العربى وكان البطل الرئيسى في هذا المشهد بلا منازع هو جمال عبد الناصر،ويروى المؤلف، كيف لعب الجيش الدور الحاسم في تغيير الانظمة الاستعمارية وشبة الاستعمارية في أغلب الدول العربية لأن الجيش –كان ولايزال- هو القوة الأكثر تنظيما، ثم يستعرض المؤلف أكثر من نصف قرن بما يحتويه من صراعات وحروب تقلبات في السياسات الدولية: فيتناول من خلال فصول الكتاب: الفرص الضائعة لنزع فتيل التوتر العربى-الاسرائيلى، حتمية المواجهة مع الغرب،طريق وعر لتقارب الاتحاد السوفيتى والعالم العربى، غياب المستقبل الشيوعى، الولاياتالمتحدة تتصدر المشهد، بداية ونهاية حرب الأيام الستة-خلفية الصورة، نيكسون وكارتر –تكتيك شرق أوسطى جديد، حرب 1973، كيف صنع الاتفاق المصرى الاسرائيلى، لبنان في قلب التناقضات، الاتحاد السوفيتى وإسرائيل، ظاهرة صدام حسين، إيران قوة اقليمية نووية، إسرائيل دولة نووية غير رسمية، الربيع العربى وأخيرا التسوية في الشرق الوسط –الفرص الضائعة والمستقبل. وبحسب المؤلف، فإنه في بدايات عام 2011 اجتاحت كلًا من تونس ومصر واليمن وليبيا والبحرين وسوريا موجة مظاهرات عارمة، فقد أدى الانفجار الثورى في مصر وتونس إلى تغيير النخب الحاكمة،فيما يسمى الربيع العربى،ويختتم المؤلف الكتاب،بأنه بعد الربيع العربى أصبحت الأحداث معقدة وغالبا غير متوقعة، وقابلة للانفجار في أي لحظة، وتكونت حولها تربة لنظرية (أن تناقض العالم اليوم هو حضارى-دينى) وهذا النوع من التقسيم مرتبط بظهور الإرهاب على المسرح الدولى الذي يزعمون أنه مرتبط بالإسلام بوصفه دينًا، وفى مثل هذه الأحوال يجب علينا توضيح للشرائح الأوسع من الغير مسلمين،ما الفرق بين الإسلام الاصولى والإسلام المتطرف وانه لا يمكن لدين من اقدم الاديان التي يدين بها سكان الارض-بحسب المؤلف-أن يولد الإرهاب،ويحذر المؤلف من صعود التطرف الإسلامي والذي لاحظه الجميع في الاّونه الأخيرة. ويختتم الكتاب بان العالم منذ فترة قصيرة كان مقسمًا على أساس ايديولوجى، واستطاعت الإنسانية أن تهزم هذا،لكن تقسيم العالم على أساس دينى حضارى جديد،بامكاننا القول أنه ليس أقل تهديدًا، ويجب أن تجد الإنسانية في نفسها القوة لكى تتخطاه. المؤلف، يفيجنى بريماكوف، من أهم الكتاب المتخصصين في الشرق الأوسط، حيث أن له علاقات وثيقة بالعديد من القادة العرب، بدأ حياته مراسلا صحفيا لجريدة البرافد السوفيتية، وترقى في المناصب حتى وصل لمنصب رئيس تحريرها،ثم أصبح مديرًا لمعهد الاقتصاد والعلاقات الدولية التابع لاكاديمية العلوم السوفيتية، ثم رأس الأستخبارات الخارجية، ثم وزيرا للخارجية الروسية، فرئيسا للوزراء في روسيا الاتحادية ونائبا في البرلمان الروسى، ثم رئيسا لمركز تحليل المواقف في اكاديمية العلوم الروسية. المترجم، نبيل حسين أحمد رشوان، حاصل على درجة الماجستير في اللغة الروسية، له عدد كبير من الترجمات عن الروسية،نذكر منها،(السلطة والصحة) و(حكم العواجيز: اللحظات الخيرة من حياة الاتحاد السوفيتى).