أكد تقرير أممي صدر اليوم أن المدنيين العراقيين شهدوا حالة من المعاناة الشديدة بسبب النزاع الدائر في بلادهم، والذي أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 18802 مدنيًا بينما أصيب 36245 آخرين في المدة الممتدة من 1 يناير 2014 حتى أكتوبر 2015. وأشار التقرير إلى أنه وبفعل حالة النزاع الجارية في العراق أصبح هناك 3.2 مليون عراقيا نازحين داخليًا منذ يناير 2014 بمن فيهم ما يزيد على المليون طفلا في عمر الالتحاق بالمدارس. وأوضح التقرير أنه تم قتل من المجموع الكلي للضحايا ما لا يقل عن 3855 مدنيًا وأصيب 7056 آخرين خلال المدة من 1 مايو إلى 31 أكتوبر من السنة الماضية - وهي الفترة التي شملها التقرير- رغم أن الأرقام الفعلية يمكن أن تكون أعلى بكثير من تلك التي تم توثيقها. وحدث ما يقرب من نصف الوفيات في بغداد. ويستند التقرير الذي أعدته بعثة الأممالمتحدة لمساعدة العراق (UNAMI) ومكتب مفوض الأممالمتحدة السامي لحقوق الإنسان (OHCHR)، إلى حد كبير على شهادات تم الحصول عليها بشكل مباشر من ضحايا انتهاكاتٍ للقانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانون الإنساني الدولي وناجين من تلك الانتهاكات وشهودٍ عليها، بما في ذلك مقابلات مع نازحين داخليًا. ويذكر التقرير بأنه "لا يزال تأثير أعمال العنف التي يعاني منها المدنيون في العراق شديد الوطأة. وتواصل ما تسمى الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) ارتكاب أعمال عنف وانتهاكات منهجيه وواسعة النطاق للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. وفي بعض الحالات قد ترقى هذه الأفعال إلى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وربما الإبادة الجماعية". "وخلال الفترة التي شملها التقرير، قام تنظيم داعش بقتل واختطاف عشرات المدنيين وغالبا بطريقة استهداف. وشمل الضحايا الاشخاص الذين يعتبرون معارضين لفكر داعش وحكمه، والأفراد المرتبطين بالحكومة مثل منتسبي القوات الأمنية العراقية السابقين وضباط الشرطة والموظفين السابقين والعاملين في مجال الانتخابات وأصحاب بعض المهن كالأطباء والمحامين والصحفيين وشيوخ العشائر والزعماء الدينيين. كما تم اختطاف أو قتل آخرين بذريعة مساعدة قوات الأمن الحكومية أو تقديم المعلومات لها. وتم إخضاع الكثير إلى المقاضاة امام مجموعات نصبت نفسها محاكم تابعة لداعش والتي إضافة إلى حكمها بقتل عدد لا يحصى من الاشخاص كانت قد فرضت عقوبات قاسية مثل الرجم وبتر الاطراف". ويذكر التقرير بالتفصيل أمثلة كثيرة لعمليات القتل على يد تنظيم داعش في مشاهد علنية بشعة بما في ذلك بإطلاق النار وقطع الرءوس والسحق بالجرافات وحرق الضحايا وهم احياء وإلقاءهم من سطوح البنايات. وكذلك توجد تقارير تفيد بقتل جنود أطفال بسبب هروبهم من القتال من خطوط المواجهة في الأنبار. وتشير المعلومات التي تم استلامها والتحقق منها أن تنظيم داعش قام باختطاف ما يتراوح بين 800 إلى 900 طفلًا في الموصل بهدف إخضاعهم للتعليم الديني والتدريب العسكري. ويذكر التقرير "استمرار تعرض النساء والأطفال للعنف الجنسي على أيدي مسلحي داعش وتحديدًا بصيغة الاستعباد الجنسي". ووثق التقرير ايضًا حالات سوء معاملة وانتهاكات مزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي قامت بها قوات الأمن العراقية والقوات المرتبطة بها بضمنها الميليشيات والقوات العشائرية وقوات الحشد الشعبي وقوات البيشمركة. وتم تلقى تقارير تبعث على القلق تفيد بارتكاب عمليات قتل غير مشروع واختطاف من قبل بعض العناصر المرتبطة بالقوات الموالية للحكومة. ويقول التقرير إنه "وقد تكون بعض هذه الحوادث أعمال انتقامية ضد أشخاص يعتقد بدعمهم لداعش أو ارتباطهم به، إضافة إلى ذلك، في الوقت الذي يتحرك به المدنيون في كل انحاء البلاد هاربين من العنف، فقد استمروا بمواجهة العوائق التي وضعتها الحكومة امام دخولهم إلى مناطق آمنة. وعند وصولهم إلى مثل هذه المناطق، واجه بعضهم اعتقالات عشوائية في مداهمات قامت بها قوات الأمن وتم طرد آخرين بالقوة. ويثير قيام القوات الموالية للحكومة بعمليات القلق من إنها تنفذ بدون اتخاذ الاحتياطات الممكنة لحماية السكان المدنيين والممتلكات المدنية." ووثق التقرير اكتشاف عدد من المقابر الجماعية، وبضمنها مقابر في مناطق استرجعتها الحكومة من سيطرة تنظيم داعش فضلًا عن أخرى تعود إلى فترة حكم صدام حسين. وذكر أن أحد المقابر التي اكتشفت تضم 377 جثة بضمنها جثث نساء وأطفال من الواضح انهم قتلوا في احداث الانتفاضة الشيعية ضد صدام حسين عام 1991 في شرق البصرة. وقال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيش: " بالرغم من الخسائر المستمرة التي تكبدها بها داعش على يد القوات الموالية للحكومة العراقية إلا إن هذه آلافة ما فتئت تقتل وتشوه وتهجر المدنيين العراقيين بالآلاف وتتسبب بمعاناة غير مسبوقة. وأكرر دعوتي وبقوة إلى جميع اطراف الصراع لضمان حماية المدنيين من تأثيرات أعمال العنف." وأضاف: " كما وادعوا المجتمع الدولي لزيادة دعمه للجهود الإنسانية التي تقوم بها الحكومة العراقية وجهودها لاعادة الاستقرار والاعمار في المناطق المحررة من سيطرة داعش كي يتمكن العراقيون الذين هجروا بسبب العنف من العودة إلى ديارهم بأمان وبكرامة وكي تتمكن المجتمعات المتضررة من العودة إلى أماكنها الاصلية." واستطرد كوبيش قائلا:"واحث الحكومة بان تتبع جميع الوسائل التي من شانها أن تضمن تطبيق القانون وفرض النظام والتي تعتبر ضرورية من أجل تامين العودة الطوعية للنازحين إلى مناطقهم الاصلية- وهي مهمة تحتل اولوية قصوى على خلفية احداث العنف والقتل الذي حصل مؤخرا والتي غالبا ما اكتسبت طابعا طائفيا وبخاصة في ديالى وبغداد." وقد حذر مفوض الاممالمتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين من أن عدد الوفيات بين المدنيين قد يكون اعلى بكثير ودعا إلى اتخاذ خطوات عاجلة للحد من الافلات من العقاب الذي تتمتع به الغالبية العظمى من مرتكبي أعمال العنف. " وناشد المفوض السامي أيضا الحكومة إلى إجراء تعديلات تشريعية لمنح المحاكم العراقية الولاية القضائية على الجرائمالدولية وأن تنضم إلى نظام روما الأساسي.