نصادفهمم في أماكن كثيرة، منهم من له مكان ثابت ومنهم من يجوب المدينة طولا وعرضا، فهل ذلك كان اختيارهم أو فرض عليهم ذلك؟! فهم فقط من يعرفون الحقيقة، والكثير منهم لا يفصح عن حكايته.. إنهم أناس اختاروا سكنى الشارع وعقدوا العزم على ذلك، ولم يفكروا في تبعات هذا القرار وإنهم سيجدون أنفسهم بلا مأوى في العراء صيفا وشتاء. العم محمد، مسن ومريض، وهو أحد هؤلاء، وجد نفسه في الشارع بعد أن تخلى عنه أبناءه، فهجر لهم دنياهم لا يعلمون مكانه، ولا يرغب هو في أن يعرفوا مكانه، ولا حتى البحث عنه، بعد أن قست قلوبهم عليه ولم يجد منهم أي قدر من الرعاية وافتقد منهم الحنان، فأصبح من المشردين. امتهن عم محمد التسول ليعيش على ما يعطيه له المارة من مال أو طعام، لا يطلب شيئا من الحياة إلا الستر إلى أن يلقى ربه، وتمنى من الله أن يصلح حال البلاد ودعا بالنصر لجيشنا وأن يحمي مصر من كل شر وسوء.