وزير البترول يبحث فرص التعاون بقطاع التعدين مع منظمة Austmine الأسترالية    وزير النقل يبحث مع رؤساء شركات بريطانية واتحاد وسطاء ووكلاء السفن تعزيز التعاون    انعقاد 8 لجان وزارية وعليا بين مصر والجزائر والأردن ولبنان وتونس وسويسرا والعراق وأذربيجان والمجر    إدانات عربية وإقليمية للتوغل الإسرائيلي في بيت جن السورية    وزير الخارجية يبحث تعزيز الشراكة المصرية - الأوروبية وتطورات الأوضاع الإقليمية    عبد الرؤوف يشرح نقاط القوة والضعف في فريق كايزر تشيفز للفريق الأبيض    أجبونلاهور: صلاح فقد «ساقيه»    السيطرة على حريق استديو مصر.. وإصابة 5 أشحاص بحالات اختناق    تفاصيل العثور على جثة ربة منزل متوفاة في ظروف غامضة بالمنيا    المدير الفني لمهرجان الفيوم: تكريمات هذا العام احتفت بنماذج أثرت المشهد الثقافي العربي    فرقة إسرائيلية تسرق إرث أم كلثوم وأسرتها تتدخل| ما القصة؟    ما حكم إخراج الزكاة بناء على التقويم الميلادى وبيان كيفية ذلك؟ دار الإفتاء تجيب    الصحة: حملة مكثفة للتبرع بالدم بجامعة حلوان استمرت أسبوعا كاملاً    بيلاي: صرخة العدالة تتصاعد.. والعدالة الرقمية تبرز مع اتساع فجوة عدم المساواة    بمشاركة 23 فنانًا مصريا.. افتتاح معرض "لوحة في كل بيت" بأتيليه جدة الأحد    خلال لقاء ودي بالنمسا.. البابا تواضروس يدعو رئيس أساقفة فيينا للكنيسة الكاثوليكية لزيارة مصر    لاعب كايزر تشيفز ل في الجول: تعلمنا من مباراة المصري.. وسنبذل قصارى جهدنا للفوز على الزمالك    طقس غد.. مفاجأة بدرجات الحرارة ومناطق تصل صفر وشبورة خطيرة والصغرى بالقاهرة 16    ضبط 3618 قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    حزب الجبهة الوطنية بالجيزة يستعد بخطة لدعم مرشحيه في جولة الإعادة بانتخابات النواب    ارتفاع سعر الجمبري واستقرار لباقي أنواع الأسماك في أسواق دمياط    محافظ شمال سيناء من معبر رفح: جاهزون للانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة    وزير الخارجية يلتقى رئيسة مؤسسة آنا ليند للحوار بين الثقافات    الاتصالات: إطلاق برنامج ITIDA-DXC Dandelion لتدريب ذوى الاضطرابات العصبية للعمل بقطاع تكنولوجيا المعلومات    ضبط سائق نقل يهدد قائد سيارة أخرى بسبب التصوير أثناء السير برعونة بالقليوبية    كورونا أم أنفلونزا.. مسئول المصل واللقاح يكشف ترتيب انتشار العدوى التنفسية |فيديو    لتغيبهما عن العمل.. إحالة طبيبين للشؤون القانونية بقنا    محافظ سوهاج: إزالة 7255 حالة تعدى على أملاك الدولة والأراضي الزراعية    تفريغ كاميرات المراقبة بواقعة دهس سيدة لطفلة بسبب خلاف مع نجلها بالشروق    شادية.. أيقونة السينما المصرية الخالدة التي أسرت القلوب صوتاً وتمثيلاً    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية بإندونيسيا إلى 84 شخصًا    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابة    تحقيق عاجل بعد انتشار فيديو استغاثة معلمة داخل فصل بمدرسة عبد السلام المحجوب    أحمد الشناوي: مواجهة بيرامديز ل باور ديناموز لن تكون سهلة    محافظة الجيزة تعلن غلق كلى ل شارع الهرم لمدة 3 أشهر لهذا السبب    الصحة: فحص نحو 15 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية    «السبكي» يلتقي وزير صحة جنوب أفريقيا لبحث تعزيز السياحة العلاجية والاستثمار الصحي    خشوع وسكينة.. أجواء روحانية تملأ المساجد في صباح الجمعة    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الأردني تطورات الأوضاع في غزة    استعدادات مكثفة في مساجد المنيا لاستقبال المصلين لصلاة الجمعة اليوم 28نوفمبر 2025 فى المنيا    رئيس كوريا الجنوبية يعزي في ضحايا حريق المجمع السكني في هونج كونج    صديقة الإعلامية هبة الزياد: الراحلة كانت مثقفة وحافظة لكتاب الله    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 28- 11- 2025 والقنوات الناقلة    "العمل" تجري اختبارات للمتقدمين لمهنة «عامل بناء» بالأردن    السيطرة على حريق داخل شقة بنجوع الصوامعة فى طهطا بسوهاج دون إصابات    سعر كرتونه البيض الأبيض والأحمر اليوم الجمعه 28نوفمبر 2025 فى المنيا    صلاة الجنازة على 4 من أبناء الفيوم ضحايا حادث مروري بالسعودية قبل نقلهم إلى مصر    45 دقيقة تأخير على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 28 نوفمبر 2025    بيونج يانج: تدريبات سول وواشنطن العسكرية تستهدف ردع كوريا الشمالية    محمد الدماطي يحتفي بذكرى التتويج التاريخي للأهلي بالنجمة التاسعة ويؤكد: لن تتكرر فرحة "القاضية ممكن"    الشرع يدعو السوريين للنزول إلى الشوارع في ذكرى انطلاق معركة ردع العدوان    رمضان صبحي بين اتهامات المنشطات والتزوير.. وبيراميدز يعلن دعمه للاعب    عبير نعمة تختم حفل مهرجان «صدى الأهرامات» ب«اسلمي يا مصر»    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة للأقارب.. اعرف قالت إيه    إعلام فلسطيني: الاحتلال يشن غارات جوية على مدينة رفح جنوب قطاع غزة    القانون يحدد ضوابط لمحو الجزاءات التأديبية للموظف.. تعرف عليها    سيناريست "كارثة طبيعية" يثير الوعي بمشكلة المسلسل في تعليق    أبوريدة: بيراميدز ليس له ذنب في غياب لاعبيه عن كأس العرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالرحيم علي يكتب: الطريق إلى 25 يناير (14).. الأموال السرية للولايات المتحدة في القاهرة
نشر في البوابة يوم 08 - 01 - 2016


- قصة «البرادعي» ويوسف ندا
لا يمكن أن نبدأ حديثًا عن 25 يناير وما حدث فى مصر وعدد من الدول العربية بعد ذلك دون أن نتطرق إلى الحديث عن الأجندة الغربية تجاه الشرق الأوسط، والحديث هنا ليس حديثًا ثانويًا يمكن تجاهله أو تناوله بمعزل عما حدث ويحدث فى المنطقة منذ سنوات، خاصة تلك التحولات والأحداث التى رسمت خرائط ما عرف ب«الربيع العربى»، فأمريكا ودول الغرب تعلن صراحة عن رغبتها فى مزيد من التفتيت للأمة العربية فى ضوء اعتبارين: الأول: يتعلق بإدراكها لقدرات الجيوش العربية وقوتها، ومدى الخطر الذى يحيط بإسرائيل منذ حرب أكتوبر 1973 والموقف العربى الموحد إبانها.. خاصة قوة الجيش المصرى التى ظهرت بوضوح أثناء الحرب. والثانى: هو قيام الدول العربية بتوظيف سلاح النفط للضغط على أمريكا فى موقفها تجاه إسرائيل، الأمر الذى مثل دافعًا مهمًا للسيطرة على تلك الثروات.
فى إطار خطة الجماعة للعب على كل الحبال، سواء كانت حبال النظام أو الأمريكان، طلب يوسف ندا، مسئول ملف العلاقات الخارجية بالجماعة، من مهدى عاكف الذى كان يُشرف على التشكيلات غير المعلنة للتنظيم الدولى للإخوان فى الخارج، بأن يقابل الدكتور محمد البرادعى. كان يوسف ندا قبلها قد حصل على تركة كبيرة من واشنطن عندما رفعت اسمه من قوائم الداعمين للإرهاب، وأسقطت جميع التهم التى سبق أن وجهتها له عقب أحداث الحادى عشر من سبتمبر، فى واحدة من صفقات أمريكا الشهيرة مع الجماعة.
وكان ندا قد عقد عدة لقاءات فى الآونة الأخيرة مع عدد من رجال الاستخبارات الأمريكية فى إحدى العواصم الأوروبية، شملت جزءا كبيرا من حديثهم عن ظاهرة البرادعى، ومدى إمكانية دعم الإخوان له وقبولهم ببرنامجه للتغيير فى الانتخابات الرئاسية المقبلة. حمل ندا كل ما تم التوصل إليه فى تلك اللقاءات إلى مهدى عاكف (نقطة الوصل الرئيسية بين المؤسسات غير العلنية فى التنظيم الدولى وقادة الجماعة الجدد).
أمر عاكف يوسف ندى بالاستمرار فى الحوار، وإيهام الأمريكان بأن الإخوان سيقفون مع البرادعى فى أى انتخابات مقبلة، شريطة أن تضغط أمريكا على مصر كى لا تضع العراقيل أمام حركة الجماعة فى الانتخابات التشريعية المقبلة.
لم تدخر الجماعة جهدا، إذ أرسلت الدكتور سعد الكتاتنى، رئيس اللجنة البرلمانية للجماعة فى مجلس الشعب، للقاء الدكتور البرادعى، وفتح حوار معه حول رؤيته للتغيير ومطالب الجماعة منه.
كان المطلب الأول الذى طلبه الكتاتنى من البرادعى هو تجميل صورة الجماعة فى دول أوروبا وأمريكا بما لديه من علاقات قوية فى تلك الدول، وهو ما وعد البرادعى بتنفيذه على الفور، بعدها أعلنت الجماعة مباشرة مساندتها لخطة البرادعى فى التغيير، لم تتجاوز جماعة الإخوان تلك الخطوة حتى لا تفقد بريق خطتها لمغازلة النظام، إذ أن إعلان الجماعة تأييدها للبرادعى فى انتخابات الرئاسة يحرق مراكب الجماعة التى تمتلكها فى بحر النظام، الأمر الذى يمكن أن يتسبب فى غرق كل شيء.
خطة الجماعة
كانت خطة الجماعة معلنة واضحة.. وهى السعى إلى صفقة كبرى مع النظام تتيح لها التوغل فى مؤسسات المجتمع المدنى، تنفيذا لأولى خطوات خطة التمكين التى تنتهى بالانقلاب على النظام (حتى لو كان البرادعى نفسه على رأسه)، وإقامة ما يعتقدون أنها الدولة الإسلامية. هذه الفكرة التى طالما طاردت الجماعة منذ إنشائها عام 1928 على يد مؤسسها حسن البنا، مثلت جوهر تحركات الجماعة والمحرك الرئيسى لكل الخيوط الفكرية والتنظيمية والحركية لها على مدار تاريخها كله.
جاء حديث الدكتور محمد البرادعى لمجلة «بارى ماتش» الفرنسية الذى نشرت جزءا منه جريدة الدستور فى حينه: إن «الإخوان هم القوة السياسية الأولى فى مصر، وعلى الرغم من القيود المفروضة حولهم فإنهم يمثلون 20٪ من إجمالى أعضاء البرلمان، كما أنهم يقومون بالكثير من الأشياء من أجل الفقراء، وفى المساجد يقومون بعلاجهم وتعليمهم، ويضيف البرادعى أنه أقنعهم بالعمل من أجل العدالة الاجتماعية والديمقراطية ودولة علمانية، مشددا على ما أكده لهم من أنهم يمكنهم ممارسة دينهم بالطريقة التى يريدونها ويلبسون ما يريدون من نقاب أو حجاب، لكن يتعين عليهم احترام حق الآخرين فى العيش بشكل مختلف».
تراجع البرادعى بعدها مباشرة عما قاله حول إقناع الإخوان بالدولة العلمانية، وجاء فى موقع «إخوان أون لاين»، الموقع الرسمى للجماعة، أن البرادعى نفى فى اتصال هاتفى بالدكتور محمد سعد الكتاتنى، عضو مكتب الإرشاد ورئيس الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين، من فيينا- أن ثمة خطأ حدث فى ترجمة ما نشرته المجلة فيما يتعلق بأنه أقنع الإخوان بالدولة العلمانية، مؤكدًا أنه أرسل تصويبا ل«الدستور» يؤكد أن ما دار فى لقائه مع الدكتور الكتاتنى تناول العديد من القضايا الخاصة بالإصلاح والديمقراطية ورأى الإخوان فيها، وأن الإخوان أكدوا بالفعل دعوتهم لدولة مدنية ذات مرجعية إسلامية.
وتبع نفى البرادعى توضيح من الجماعة على لسان الدكتور سعد الكتاتنى فى نفس اليوم (نشر النفى والتوضيح فى موقع الجماعة على شبكة الإنترنت يوم 9 مايو 2010).
قال فيه: «إن ما نشرته المجلة منسوبا للبرادعى لم يحدث على الإطلاق، وأن الحوار الذى دار بينه وبين البرادعى تطرَّق للعديد من القضايا الخاصة بالإصلاح والديمقراطية ورأى الإخوان فيها، وأنه أكد للبرادعى أن الإخوان ينادون بدولة مدنية ذات مرجعية إسلامية، باعتبار أن الدولة فى الإسلام هى مدنية فى الأساس وليست دينية كما يردد البعض».
وأصبح الجميع، منذ ذلك التصريح، أمام تطابق لا يحتمل الشك بين البرادعى والإخوان حول نقطة مهمة لإدارة حوار موضوعى حولها، وأعنى بها مفهوم الإخوان للدولة المدنية الذى أقتنع به الدكتور البرادعى وراح يروج على أساسه للجماعة فى أروقة الاتحاد الأوروبى وواشنطن. لكن أحدا من النخبة لم يقف ليناقش أو يفكر من أين أتى هذا الاتفاق، ومن راعيه، وفى أى مسار سيوضع بعد ذلك؟
منظمات المجتمع المدني
منذ 2005 واتساقا مع خط الحوار الأمريكى الإخوانى، كان هناك خط موازٍ مدعوم من أمريكا والاتحاد الأوروبى اعتمد على استغلال وتوجيه طاقات الشباب، والاعتماد على عدم الاستقرار السياسى فى سبيل دفع المجتمع للصدام، مستغلين الظروف والأسباب الموضوعية التى ظهرت، خاصة مع نتائج انتخابات 2005، وتنامى فكرة التوريث، وتردى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، فالأسباب كانت موجودة ومقنعة، لكن النوايا لم تكن خالصة، خاصة أن ذلك الصعود المفاجئ والمتتابع لم يكن وليد الصدفة، وإنما ارتبط بدفع الأمريكان فى هذا الاتجاه كمدخل مهم لتغيير النظام وتحقيق عدم الاستقرار، خاصة مع توفير جانب كبير من الدعم والتمويل لتلك الحركات والنشطاء.
أثار ذلك «الربيع» اهتمام الكثيرين ممن يتابعون الأوضاع فى الشرق الأوسط عموما والمنطقة العربية خصوصا، وتفاوتت الرؤى واختلفت التشخيصات من جانب أولئك الذين تناولوا هذه الظاهرة، وتباينت بين الإسقاطات الذاتية المسطحة إلى تلك العلمية الموضوعية المعمقة، وكان من بينها تلك التى تميزت بالتفرد فى فهم الأسباب والدوافع التى أدت إلى ما أصبح يُعرف اليوم باسم «الربيع العربى»، فكاتب من مستوى المحلل فى صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية «توماس فريدمان» انفرد برؤيته المنطلقة التى ترى أن السبب الرئيس وراء ذلك «الربيع» إنما تعود حسب رأيه إلى توقف الناس عن الشعور بالخوف تجاه زعمائهم (وأصبحت القوى الاجتماعية الفاعلة عوضا عن ذلك) تخشى بعضها البعض، فالقبائل لا تزال تخاف من القبائل الأخرى فى ليبيا واليمن، والطوائف تخشى بعضها البعض فى سوريا، والعلمانيون والمسيحيون يخشون الإسلاميين فى مصر وتونس، (منوها إلى أن إزالة هذا الخوف) يتطلب اعتناق ثقافة التعددية والمواطنة، أما المحلل الأكاديمى ويبستر تاربلى، فيوحى فى مقالة له أن هناك أيدى أمريكية لعبت فى الخفاء، وأنها تضع من لا يقف مع مشروعاتها فى المنطقة، فى جبهة الأعداء الذين ينبغى التخلص منهم، ويشارك تاربلى رأيه فى دور الولايات المتحدة فى ذلك «الربيع»، العديد من الذين تناولوا تلك الظاهرة، معتمدين على وثائق سربها موقع «ويكيليكس»، وورد فيها: «أن الولايات المتحدة دفعت عشرات الملايين من الدولارات إلى منظمات تدعو إلى الديمقراطية فى مصر، وحسب الوثيقة السرية التى سربها الموقع والصادرة عن السفارة الأمريكية فى القاهرة فى 6 ديسمبر 2007، فإن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية «يو آس آيد» خصصت مبلغ 66،5 مليون دولار عام 2008، و75 مليون دولار فى عام 2009 لبرامج مصرية لنشر الديمقراطية والحكم الجيد.
وبالرجوع لمصدر الوثيقة، نتبين حجم الدعم الهائل لتلك الحركات، ليس فقط هذا، ولكن يأتى وفق خطة مرسومة لسنوات مقبلة، وبتوصية لاستمرار ذلك الخط الذى «يخدم المصالح الأمريكية».
حقق الدعم الأمريكى هدفه، وبدأ يؤتى ثماره، وهو ما وضحه تقرير سرى من وثائق ويكيليكس بتاريخ 30 مارس 2009، وتحمل الوثيقة رقم 54400، وتحدثت عن تزايد أعداد المدونات فى مصر إلى 160 ألف مدونة، وأن المدونين والنشطاء فى مصر يلعبون دورا له أهمية متزايدة فى توسيع نطاق الخطاب السياسى والاجتماعى الداعى للتغيير، إضافة إلى ازدياد أهمية مناقشاتهم للقضايا الحساسة، مثل التحرش الجنسى، والتوتر الطائفى والعسكرى، وانتقاد الشرطة، التى مثلت قضايا مهمة فى آخر خمس سنوات سبقت 25 يناير 2011، وقد أثرت هذه المعالجات على المجتمع ووسائل الإعلام.
وتحدثت الوثيقة عن كيفية التعامل مع اعتقال المدونين وفى مقدمتهم، محمد عادل الذى شارك بقوة فى تنظيم ودعم الاحتجاجات فيما بعد.
كما أكدت دور الإنترنت فى مناقشة الشباب لقضايا معينة، وإبرازها مثل التوترات الطائفية، والتحرش الجنسى، والوضع القانونى للبهائيين، وقالت الوثيقة: «إن إحدى المنظمات غير الحكومية على اتصال بهم، وأن أمريكا قدرت أن أغلبية كبيرة من المدونين ما بين 20 و35 سنة، وأن حوالى 30٪ منهم يصبون التركيز على السياسة.
كما ركزت الوثيقة على ضرورة الاهتمام بالقنوات الفضائية التى تناقش القضايا الحساسة مثل الجنس والإجهاض، وفى تعقيب المختص بالمتابعة والتقارير، أوصى بضرورة دعم هؤلاء الشباب واستغلالهم، مدللا على ذلك بزيارة حوالى 3000 شخص كل يوم لمدونة الناشط محمد عباس.
وفى هذا الإطار، أفرزت تلك الفترة السابقة ل«25 يناير» العديد من الحركات الاحتجاجية والمدنية والمنظمات المدعومة غربيا، ومنها: «كفاية، وشباب 6 إبريل، الجمعية الوطنية للتغيير، وكلنا خالد سعيد»، ونجحت تلك الحركات فى القيام بتظاهرات محدودة فى القاهرة وعدد من المحافظات، فى مناسبات مختلفة، وأصدرت عددا كبيرا من البيانات المطالبة بالتغيير.
«ويكيليكس» كاشف فضائح الأمريكان
منظمة دولية غير ربحية تنشر تقارير وسائل الإعلام الخاصة والسرية من مصادر صحفية وتسريبات إخبارية مجهولة. بدأ موقعها على الإنترنت سنة 2006 تحت مسمى منظمة صن شاين الصحفية، وادعت بوجود قاعدة بيانات لأكثر من 1.2 مليون وثيقة خلال سنة من ظهورها، وتصف ويكيليكس مؤسسيها بأنهم مزيج من المنشقين الصينيين والصحفيين والرياضيين، وتقنيين مبتدئون لشركات عاملة فى الولايات المتحدة وتايوان وأوروبا وأستراليا وجنوب إفريقيا، ومديرها جوليان أسانج وهو ناشط إنترنت أسترالى، انطلق الموقع كويكى للتحرير، ولكنه انتقل تدريجيا نحو نموذج نشر أكثر تقليدية، ولم يعد يقبل بتعليقات المستخدمين أو كتاباتهم.
فى أبريل 2010، أنزلت ويكيليكس على موقع إنترنت يسمى Collateral Murder مشهد فيديو عن ضربة الطائرة فى 2007 التى قتلت فيها قوات أمريكية مجموعة من المدنيين العراقيين والصحفيين. وبعدها فى يوليو سربت ويكيليكس يوميات الحرب الأفغانية، وهى مجموعة لأكثر من 76900 وثيقة حول الحرب فى أفغانستان لم تكن متاحة للمراجعة العامة من قبل، ثم سربت فى أكتوبر 2010 مجموعة من 400000 وثيقة فيما يسمى سجلات حرب العراق بالتنسيق مع المؤسسات الإعلامية التجارية الكبرى، حيث سمحت تلك بإعطاء فكرة عن كل وفاة داخل العراق وعلى الحدود مع إيران، وفى نوفمبر 2010 بدأت «ويكيليكس» بالإفراج عن برقيات الدبلوماسية للخارجية الأمريكية. وتلقت ويكيليكس الثناء والانتقادات على حد سواء.
يوسف ندا.. من اتهامات بوش إلى حضن المخابرات الأمريكية
يوسف مصطفى على ندا (ولد فى الإسكندرية عام 1931 م) رجل أعمال مصرى يحمل الجنسية الإيطالية، ويقيم فى سويسرا، وهو المفوض السابق للعلاقات الدولية فى جماعة الإخوان المسلمين.
وفى أغسطس عام 1960 قرر ندا الهجرة من مصر، فذهب بداية إلى ليبيا ومنها إلى النمسا، حيث بدأ نشاطه التجارى يتوسع بين البلدين، حتى لُقِّب نهاية الستينيات بأنه ملك الأسمنت فى منطقة البحر المتوسط.
تمكن ندا من الهرب من ليبيا حينما اندلعت ثورة الفاتح من سبتمبر عام 1969 إلى اليونان حيث التقى برئيسها (بابا ببلوس) ثم انتقل للإقامة فى (كامبيونا) الإيطالية التى تقع داخل الحدود السويسرية، ومازال يقيم بها إلى الآن.
وصفته وسائل الإعلام ب(الرجل الغامض)، كما أنه لعب طوال ال25 سنة الماضية دورًا مهمًا فى جماعة الإخوان، فهو الذى رتب العلاقة بين الإخوان والثورة الإيرانية، وتوسط بين السعودية واليمن، والسعودية وإيران، وبذل مجهودًا غير عادى فى حل الأزمة بين الحكومة الجزائرية وجبهة الإنقاذ.
فى نوفمبر عام 2001 اتهمه الرئيس الأمريكى جورج بوش بضلوع شركاته فى دعم الإرهاب، وصدر قرار بتجميد أمواله وأصول شركاته، بينها «بنك التقوى» بجزر البهاما الذى كان يرأس مجلس إدارته.
«يوسف ندا» ظل شخصية بعيدة عن الأضواء ووسائل الإعلام، حتى يوم 7 نوفمبر 2001، عندما تحدث عنه الرئيس الأمريكى جورج بوش الابن، ووصفه ومؤسسته بأنه أحد داعمى الإرهاب فى العالم، وأنه قام بتمويل أحداث 11 سبتمبر.
منذ ذلك اليوم أصبح «ندا» محط أنظار العالم، واهتمام وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة، ورغم أن كلمات بوش عن الرجل خلفت تبعات شديدة التعقيد، حيث قامت السلطات السويسرية والإيطالية وال (سى آى إيه) والخزانة الأمريكية والمباحث الفيدرالية الأمريكية بالتحقيق معه واستعانوا باثنتى عشرة دولة أخرى، فلم يثبت عليه شيء. وفى أواخر عام 2001 استصدرت الإدارة الأمريكية تحت رئاسة جورج بوش الابن قائمة من الأمم المتحدة، وضعت فيها أسماء مسلمين من جنسيات مختلفة، تتهمهم بدعم الإرهاب، بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 وضمت القائمة يوسف ندا وغالب همت، فامتثل الادعاء العام السويسرى لذلك فاستهدف «مؤسسة ندا للإدارة» المعروفة أيضا باسم «بنك التقوى»، ووضع أموال يوسف ندا وشريكه غالب همت وبعض أعضاء مجلس الإدارة والمقربين منهم تحت الحراسة، وفرضت عليهما الإقامة الجبرية مما أجبر ندا على تصفية أعماله فى سويسرا، وفى 29 سبتمبر 2009 أكدت وزارة الخارجية السويسرية أن مجلس الأمن الدولى شطب اسم يوسف ندا وغالب همت من قائمة الداعمين للإرهاب، وذلك بناء على طلب سويسرى.
وتم شطب الأسماء بعدما لم يتمكن الادعاء العام السويسرى من العثور على أى دليل على إدانتهم، بعد أن صادر عشرات الآلاف من الوثائق، كما لم تتمكن الإدارة الأمريكية من تقديم ما قالت إنها أدلة تدين ضلوعهم فى دعم «الإرهاب»، ورغم تعليق الادعاء العام السويسرى لجميع التحقيقات الخاصة بملف مؤسسة التقوى منذ مايو 2005 بموجب حكم ملزم من المحكمة الاتحادية العليا السويسرية، وتبعتها إيطاليا فى عام 2007 لعدم توافر الأدلة؛ فإن الإدارة الأمريكية رفضت شطبهما من «القوائم السوداء». وقد أثنى ندا على جهود عضو مجلس الشيوخ السويسرى ديك مارتى، لدعمه القضية «إيمانا منه بحجم ظلمها وإجحافها».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.