- أجرينا اختبارات للطلاب داخل الفصول والنتيجة عبارات لا علاقة لها بالحروف واللغة - التلاميذ: "بننجح لأننا بناخد درس عند المستر وبيكتبوا لنا في الامتحان" - أولياء الأمور: "بندفع دم قلبنا في الدروس الخصوصية وولادنا بينجحوا وميعرفوش حاجة"
محمد ابن السنوات الثمانى يذهب إلى مدرسته بالصف الثالث الابتدائى ليتعلم وينتقل من مرحلة إلى أخرى، ووالده الذي يعمل سائقا ينفق عليه أغلب ما يكسبه ليرى ابنه يوما في مكانة مرموقة، ينجح الطفل وينتقل من صف إلى صف ويفاجأ الوالد أن ابنه لا يعرف القراءة والكتابة، وأن المنظومة التعليمية معتمدة على الغش لا التعليم، ليس هذا حال محمد فقط بل حقيقة ملايين الأطفال في مرحلة التعليم الأساسى الذين يذهبون إلى هذا المصير، وهو ما كشفته "البوابة" من خلال هذا التحقيق الكارثى. هذه القضية من فرط خطورتها تحرض على الصراخ في وجه كل المسئولين، فهى تخص مستقبل هذا البلد ومصير أجياله القادمة.. نتحدث عن قضية التعليم، باعتبارها قضية أمن قومى، منها تبدأ التنمية وعلى أساسها يتقدم المجتمع إذا انصلح حاله، فرغم أن تلك القضية احتلت الأولوية في برامج الأحزاب السياسية والمرشحين في الانتخابات النيابية، وأصبحت مجالا خصبا للتبارى والمزايدات بين النخب وكبار المسئولين على الشاشات، إلا أن حال التعليم في مصر يرثى له على كل المستويات رغم تعاقب الوزراء. الواقع على الأرض كاشف عن حجم المأساة الحقيقية، التلاميذ متراصون ومتكدسون داخل الفصول الدراسية، العدد يتجاوز الخمسين طالبا في الفصل الواحد، مشاجرات داخل أفنية المدارس، أما المدرسون فمشغولون بأمور أخرى مثل المجموعات والدروس الخصوصية والحديث عن الكادر ورفع الأجور والنتيجة كارثة، تلاميذ لا يجيدون القراءة والكتابة من الابتدائى إلى الثانوى والتعليم الفنى مرورا بالمرحلة الإعدادية. "البوابة نيوز" رصدت الواقع المؤلم بالصوت والصورة، عبر مغامرة صحفية قام بها اثنان من محرريها في عدد من المدارس الحكومية، على أساس أنهما من الهيئة العامة لتعليم الكبار "محو الأمية" ففى إحدى المدارس الابتدائية بوسط القاهرة، كانت المفاجأة أن تلاميذ الصفوف الرابع والخامس والسادس، لا يعرفون القراءة والكتابة "الأوراق بحوزتنا"، البداية كانت مع التلميذة سالى مجدى في الصف السادس الابتدائى، قرأنا لها جملة من كتاب التاريخ وطلبنا أن تكتبها، الجملة هي (تركزت السلطة في يد السلطنة العثمانية) وكتبتها الطالبة هكذا (تركزت اصلطة العصمانى) والجملة الثانية (فك رمز حجر رشيد) كتبتها هكذا (وفق رموس حجر رشد). أما الطالبة الأخرى نانسى عمر التي كتبت جملة (تولى الجنرال مينو حكم مصر) وكانت طريقة الكتابة هكذا (تول الجينيلار ميزو تعر مصر) كلمات غير مفهومة، وطلاسم ليس لها علاقة بالكتابة ولا بالحروف أصلا. انتقلنا إلى الصف الخامس الابتدائى، فكانت الطالبة منار عبده بمدرسة الاتحاد القومى التي قامت بكتابة جملة (السلطان الذي قام بترحيل أمهر الصناع إلى الاستانة) هكذا "السلطان الزى قام بمترحل امهر الثناع إلى الاستنا". إنت إزاى بتنجح يا حبيبى؟.. هذا السؤال وجهناه لأحد طلاب الصف السادس الابتدائى محمد حماد، وكانت الإجابة الصادمة "بيكتبولنا في الامتحان يا أستاذ أو حد من زمايلنا المستر بيخليه يكتب لنا".. ليه يا محمد؟ "عشان أنا باخد عنده درس خصوصى" ويواصل محمد "اللى مش بياخد درس عند المستر مش بيخليه يكتب ويسيبوه يسقط"