وصفها النقاد بأن لديها قلما أدبيًا يرسم الكلمات بدقة، وأنها خلقت لنفسها مكانة خاصة في الكتابات المتعلقة بالمرأة، ولكن هذا لم يمنع صدمة البعض أثناء طرحها روايتها الأكثر جرأة «تدريبات على القسوة»، عزة سلطان صاحبة «العاهرة المثقفة» بطلة الرواية السالف ذكرها، إذ قدمت بطلة الرواية في شكل «عاهرة» لها فلسفة خاصة بها، وتدلى برأيها في كل ما يحدث من حولها من أوضاع سياسية للحد الذي تحارب فيه الإخوان انطلاقًا من مساومة «حسن البنا» لمصطفى النحاس، على إلغاء تراخيص بيوت الدعارة، «عزة سلطان» لها آراء عديدة أكثر جرأة من روايتها، إذ أكدت في حوارها مع «البوابة» على ضرورة تطبيق مدنية الدولة بشكل تام، معتبرة أن تدخل الدين في السياسة هو أحد أهم أسباب اضطهاد النساء. قائلة: نحن في مجتمع ذكورى ومجتمع لا يتمتع بأى ديمقراطية أو حريات والحديث عن «المدنية» مجرد كلمات ■ ماذا يعنى أن الأفكار النسوية التي يرددها البعض تعد تمييزًا ضد المرأة؟ - أرى أن كثيرا من الأفكار النسوية بها تمييز بالأساس، أنا دومًا أتحدث عن المرأة كشريك في المجتمع، إنسان له مواصفات تختلف عن الآخر، هذا الآخر الذي قد يكون امرأة أو رجلا، لكن تلك التقسيمات التي تتحدث عن الأدب النسائى، أو تتحدث عن المرأة بوصفه يحتاج لدعم أو مساندة لكونه امرأة، فأنا لا أتوافق مع هذه الأفكار، إذا كانت هناك نساء تعانين من الاضطهاد والتمييز لكونهن نساء فهناك أيضًا رجال قد يعانون من الاضطهاد. ■ ولكن مجتمعنا متهم بالتمييز ضد المرأة؟ - نحن في مجتمع ذكورى، ومجتمع لا يتمتع بأى ديمقراطية أو حريات، والحديث عن «المدنية» مجرد كلمات فإذا ما طبقنا القانون ومبادئ المساواة لن نحتاج للحديث عن اضطهاد أو تمييز، وأقصد في كل ذلك أن هناك تمييزًا يحدث ضد الإنسان، ضد الزنوج في مناطق، وضد المسيحيين في مناطق أخرى، وضد النساء، فالتمييز والاضطهاد مصدره ليس ضعف المرأة، وإنما مشكلات اجتماعية بالأساس تتحمل المرأة نتائجها لكون المجتمع ينتصر لفحولة الذكر. ■ في أحد مقالاتك تطرقت لأهمية المال في حياة الإنسان.. فهل تؤيدين فكرة زواج الفتيات من رجال أثرياء بهدف المال فقط؟ - أولا، دعينى أوضح أن مقال «خمسة أسباب يخلوا الفلوس أهم حاجة في الدنيا» هو بالأساس مقال ساخر، أما فكرة زواج الفتيات من رجال أثرياء بهدف المال فقط، فكرة مرفوضة حتى في العقل الجمعى للمجتمع، وإن كانت هناك بعض الفتيات تذهب لهذا الطريق باختيارهن، أو تحت ضغط من ذويهن، فهناك المثل الشعبى القائل «يا واخد القرد على ماله، يروح المال ويفضل القرد على حاله»، وأرى تخاذل الدولة ممثلة في قرار المستشار الزند بدعم زواج الفتيات مقابل تخصيص شهادات استثمار من الزوج الأجنبى، موافقة على بيع الصغيرات مقابل هذه الشهادات، وكأن الدولة تأخذ نصيبها من الصفقة بدلا من أن تمنعها. ■ في مجتمعنا المصرى.. هل أصابك القلق عند طرح رواية «تدريبات على القسوة» خاصة أنها واجهت انتقادات عديدة بسبب جرأتها؟ - لا أملك رقيبا بداخلى، فلم أتربَ على فكرة الرقابة التي عششت في قلوب وأرواح الكثيرين، ولكن بعد أن انتهيت من الرواية وقرأتها كاملة للمرة الأولى لا أخفى انزعاجى، وقلقى وهو ما دفعنى للاحتفاظ بها عامين، خلالهما قرأها كمخطوطة بعض من الأصدقاء المقربين، الذين دعموا بشدة نشرها، بعد النشر لا يشغلنى أي انتقادات، فأنا مع نظرية موت المؤلف، ما دام العمل قد طُرح للجمهور فالقراء يقولون ما يريدون. ■ هل «عزة سلطان» تتفق أم تختلف مع قرار إلغاء تراخيص بيوت الدعارة في مصر.. إذ حاربت بطلة الرواية هذا القرار بشدة؟ - أنا أختلف تمامًا مع قرار إلغاء تراخيص بيوت الدعارة في مصر، بل أراه كارثة اجتماعية، فالبغاء كأقدم مهنة في التاريخ لا يختفى حتى في أكثر الدول تشددًا، وكنت أرى أن وجود مثل هذه البيوت، وترخيص العاملين بها كان يحمى المجتمع، الآن كل امرأة قد تقف لها سيارة تفاوضها، من يعرف هي تفعل ذلك أم لا، قد تتفاوض إحداهن فتترك صورة ذهنية لدى هذا الرجل وأقرانه أن أي امرأة قد تكون كذلك، وكلنا بهذا الفعل نتأذى. ■ هل فتيات الليل يستحققن التعاطف معهن؟ وهل تعتقدين أن عدم توفير حياة كريمة للنساء في مصر هو السبب في انتشار الدعارة؟ - لا أتعاطف مع امرأة تبيع جسدها مقابل المال، ولا أجده حلًا، الشريحة الأكبر في مصر لا تعيش حياة كريمة، إذا استطعنا تعريف كلمة حياة كريمة أن يتوفر لها راتب يكفى المأكل والمشرب والملبس والمواصلات، فهل عدم توفر هذه الحياة الكريمة يدفع المرأة إلى ممارسة البغاء؟ لو تعاطفنا مع هذا النوع نحن إذن نقول للسيدات اللواتى يعملن في خدمة البيوت وبيع الخضار، وكل المهن التي تستهلك طاقة وقوة الإنسان، اذهبن وبعن أجسادكن، ونحن سنتعاطف معكن لأنكن لا تجدن الحياة الكريمة. ■ ما رأيك في أوضاع المرأة المصرية وما المشاكل التي تستلزم من المجتمع الالتفات إليها؟ - المجتمع في مجمله يعانى مشكلات عديدة، ولكن بالنظر إلى البؤرة النسائية فهناك إحصائية تقول إن 35٪ من الأسر المصرية تعولها نساء، المرأة تعمل وتربى، وتعود للبيت قد يضربها زوجها ويحدث ذلك بكثرة ووضوح في الطبقات الدنيا، ورغم ذلك تستمر المرأة في العمل وتحمل أعباء الأسرة، خلف هذا الاستمرار وعى بأنه «ضل راجل ولا ضل حيطة»، إنه الوعى الذي يؤسس أن المرأة كائن منقوص، يحتاج الشفقة والعطف، والدعم. ■ هل تعتقدين أن الفهم المتطرف للأديان، سبب شقاء النسوة في الشرق الأوسط؟ - بالتأكيد هذه الرؤية التي ترى في النساء مجرد متعة، لا بد أنها لا تكترث لشقاء النساء، ولا مناص من فصل الدين عن الدولة، إننا بحاجة إلى مدنية حقيقية، إن الله أقرب إلينا من حبل الوريد، فلا حاجة لنا لرجال دين ينصبون أنفسهم وسطاء ورقباء علينا.