سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"المُرضعات" عادة اندثرت.. عميدة القومي للتغذية: الرضاعة الطبيعية صنع الله ولايوجد أفضل منها.. "أبو الوفا": يفضل اللجوء إلى الأم بدلا من التغذية الصناعية
اعتاد العرب منذ قديم الأزل ترضيع الأطفال من غير الأم، متوسمين بذلك خيرا على صحة الطفل الناشئ، وهو الأمر الذي برز خلال فترة ما قبل عهد الرسول صلي الله عليه وسلم، ومع تطور المجتمع إندثرت تلك العادة التي كانت تشكل جزء من ثقافة وحياة العرب الاجتماعية في ذلك الوقت وظهرت خلال ذلك العصر الرضاعة الصناعية وهو ما يثير تساؤلات حول أسباب تواجد تلك الظاهرة قديما ومزايا الرضاعة الطبيعية عن الصناعية بالنسبة للأطفال. أكدت الدكتورة زينب بكرى، عميدة المعهد القومى للتغذية، على أن الرضاعة الطبيعية هي الأفضل على الإطلاق بالنسبة لصحة الطفل، واذا لم يتوفر اللبن الطبيعي لدى الأم فيمكن أن تلجأ إلى إرضاعه من غير أمه، مشيرة إلى أنه يتم اللجوء إلى إرضاع الطفل من غير أمه في العديد من الحالات مثل نقص اللبن في ثدي الأم وعدم قبوله اللبن الصناعي وهزال الطفل الناتج عن ذلك أو في حالات وجود مشاكل في الثدي مثل خراج الثدي أو غيره أو عدم كفاية اللبن في حالات التوائم أو الأم المتوفاة. وأوضحت علميا يمكن أن يكون هناك مرضعة أخرى غير الأم للطفل، ولكن لابد من الأخذ في الحسبان هنا أن تركيبة اللبن داخل الثدي تختلف من شهر إلى آخر عند كل الأمهات فالطفل يحتاج إلى اللبن الطبيعي المناسب لمرحلته والذي يجب أن يكون متوفرا لدى المرضعة التي ستتولي إرضاع الطفل وإن لم يكن لديها اللبن المناسب لمرحلة الطفل فلا يجب إرضاعه منه. وأضافت بكري أن الرضاعة الطبيعية صنع الله تعالي لا مثيل لها في تحقيق الفوائد التي يمكن أن يتخيلها الشخص والتي لا يمكن أن يتخيلها فهي للذكاء والعينين والعظام الحماية من السرطانات ومشكلات الكبد وكل الأمراض ولذلك فالرضاعة الطبيعية تكون أفضل، مؤكدة على وجود قواعد وشروط يجب إتباعها لإرضاع الطفل من بينها أن تكون الأم سليمة ولا تتناول أدوية وطبيعية وغير مجنونة أو لديها حالة نفسية حتى لا تؤثر ذلك على صحة الطفل، ومن جانبها أكدت الدكتورة وفاء أبو الوفا، استشاري طب الأطفال بالقصر العيني، أنه لا ضرر من إرضاع الطفل من مرضعةبجانب الأم فالطفل في حاجة ماسة إلى شرب اللبن الطبيعي من ثدي الأم ولكنه يكون ضعيف في البداية بعد عملية الولادة، فيمكن هنا إرضاعه رضاعة طبيعية من ثدي غير ثدي أمه مثل أحدي اقاربه مثلا وهو ما كان يحدث قديما كعادة من عادات العرب وهو ما أدرك العرب قديما فوائده، مشيرة إلى أن الطفل هنا يكون بحالة أفضل ويجد من يحتضنه بما يؤثر عليه نفسيا في حالة عدم تقبل الطفل للبن الصناعي. وأشارت أبو الوفا إلى أن لبن الأم ينفذ بعد فترة معينة فيحتاج الطفل إلى رضاعة أخرى وهو ما يجعل تعدد المرضعات أمر مطلوب وفي حاجة إليه بالنسبة للطفل لما فيه من مزايا صحية عن اللبن الصناعي وحينما يتناوله الطفل بكمية أزيد من عبر وسيط آخر "المرضعة" فذلك يعمل على تحسين صحته بصورة أكبر من الأطفال الأخري التي تعتمد على الألبان الصناعية ولكنه عموما فالطفل والأم مرتبطين نفسيا ببعضهم البعض ولكن الأم في البداية عقب فترة الولادة يكون اللبن المتوافر في ثديها قليل لذلك ويكون الأفضل هنا أن تلجا للبن الطبيعي من خلال إرضاعه من مرضعة له إذا توافر ذلك. وأكدت أبو الوفا على أهمية الرضاعة الطبيعية بالنسبة للأطفال عموما عن أي نوع من الألبان الأخري فخلال أول ثلاثة أيام يحصل الطفل من ثدي أمه على اللبن الأصفر وهو يحتوي على بروتينات مهضومه علاوة على أنه يعمل على نظافة الطفل من الميكروبات والجراثيم وإكساب مناعة للطفل كما يحتوي ذلك اللبن كذلك على كمية من السكريات أفضل من ألبان البقر والألبان الصناعية ويحمي الطفل من الأمراض لأنه يكون معقما. ومن جانبه أضاف الدكتور خالد غانم، رئيس قسم الدعوة والتربية الإسلامية بالجامعة المصرية للثقافة الإسلامية (نور مبارك) بكازاخستان، أنه كان العرب قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم يلجئون إلى مرضعة أخرى لأولادهم لأن ذلك يربي في الطفل الشجاعة والقوة والفصاحة لأنه يتعامل مع الغير ولذلك لم تكن الرضاعة مقصورة على الرضاعة فحسب، وإنما كانت رضاعة بمعنى الكفالة والرعاية الكاملة التي تكون بترك الطفل فترة قد تطول فيما بعد الرضاعة حتى عند المرضعة المستأجرة ولذلك عاش النبي مع السيدة حليمة السعدية اعواما، ولذلك يقول الإمام السهيلي صاحب كتاب الروض الأُنُف: وأما دفع قريش وغيرهم من أشراف العرب أولادهم إلى المراضع فقد يكون لوجوه منها: تفريغ النساء للأزواج وقد يكون ذلك منهم لينشأ الطفل في الأعراب فيكون أفصح لسانا وأجلد لجسمه " ولذلك ورد على لسان عبد الملك بن مروان أضرَّ بنا حب الوليد " يقصد ابنه، لأنه كان يقوم بتدليله بخلاف بقية أولاده سليمان وغيره. ولما جاء الإسلام استبقى على إباحة اللجوء إلى هذه العادة فلم يرد نص يحرم ذلك بل جاء القرآن بهذا البيان الإلهي بقوله: فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى " سورة الطلاق أية رقم 6 ومما سبق يتبين سبب عدم اكتراث الفقهاء الإعلام بجانب القول في الإباحة أو التحريم بشأن اللجوء إلى المرضعات المستأجرات، وإنما كان مراد كلامهم يصب في جانب هل الرضاعة تحرم الزواج بين الأطفال التي اجتمعت على ثدي واحد ام لا؟ وكم رضعة تحرم؟؟ وهو ما تواتر في كتب الفقه الإسلامي.