الجماعة ظهرت رسميًا فى 1998 بتحريض من «شارون» عناصرها من الشباب وتستمد تعاليمها من «توراة الملك» أعضاؤها يسكنون التلال ويأكلون الأعشاب ويقتلعون شجر الزيتون يشعرون أن إسرائيل ليست دولتهم والصهيونية خانتهم تعد جماعة «فتيان التلال» الإسرائيلية الأب الروحى للخلايا الإرهابية فى تل أبيب، لكن المجتمع الدولى الذى يعلم بوجودها وبنشاطها لا يضعها تحت بؤرة الضوء والإعلام الدولى، إذ أن هدفها لا يقتصر على الانتقام من الفلسطينيين، إنما يطمح أفرادها إلى إقامة «خلافة يهودية» بعد تدمير الدولة العبرية، ولذا يهاجمون اليهود أنفسهم بدعوى اعتناقهم العلمانية والابتعاد عن تعاليم التوراة. ما لا يعلمه الكثيرون وتعلمه جيدا إسرائيل، أن التنظيمات الجهادية اليهودية تعاظمت منذ الثمانينيات وزاد نشاطها خلال السنوات الأخيرة، والطريف أن بعضها اتخذ من الجهاد الإسلامى مرجعًا له. «فتيان التلال» تقف وراء تنفيذ جرائم إرهابية تعرف باسم «دفع الثمن» وذلك عن طرق مهاجمة فلسطينيى الضفة، كنوع من دفع الثمن جراء ما يقومون به فى أرض إسرائيل حسب معتقداتهم، وتؤكد المؤشرات أن هذا التنظيم يعمل بتنسيق سرى مع الحكومة، وبدأ ظهوره علانية بعد فشل قمة «واى بلانتيشن» التى عقدت بين ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو عام 1998 برعاية الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون، التى كانت تهدف للتوصل لحل شامل ونهائى للصراع الفلسطينى الإسرائيلى، ووقتها توجه وزير الخارجية الإسرائيلى أرئيل شارون «آنذاك» للمئات من الفتية والشبان فى المستوطنات الذين استقبلوه فى المطار لتحيته على موقفه الرافض لتقديم تنازلات للفلسطينيين، مطالبًا إياهم بالسيطرة على أكبر مساحة من الأراضى الفلسطينية، وبالفعل فقد استغل الشباب والفتية الدعوة الرسمية الصريحة التى أطلقها شارون، وبدأوا فى السيطرة على التلال فى الضفة الغربية. طقوس "فتيان التلال" تستقطب الجماعة الإرهابية الشباب من أعمار 15 20 عاما من خلال شبكات التواصل الاجتماعى، وهو العمر الذى ينمو فيه التطرف وعدم الخوف، فهو بحسب شرائعهم الجيل الذى يعتقد أنه لا يوجد لديه ما يخسره، حيث تتم إعادة النظر فى الأمور المتفق عليها ورفض معظمها حسب ما أوضحت جريدة معاريف. ووفقًا لما كتبه المحلل الإسرائيلى عاموس هرئيل، فى جريدة «هآرتس»، ترتكز هذه الجماعة فى البؤرة الاستيطانية «هبلاديم» إلى جانب بعض البؤر فى منطقة «غور شيلو» ومستوطنة «بنيامين وسامرة» وهى المراكز التى تم تحديدها من قبل الشاباك. ومن أهم طقوسهم أنهم يحملون جيتارا ويدندنون عليه تراتيل التوراة والأغانى الحماسية، ويأكلون الأعشاب الخضراء، وعندما يتم قتل أحد منهم يقيمون احتفالا، ويحفرون حفرًا فى المكان الذى قُتل فيه كى لا يذهب دمه هباء، وكى يرى الآخر أنهم يبنون ولا يهربون. كما أنهم لا يشعرون بانتماء لإسرائيل أو للدولة اليهودية، فقط انتماؤهم لله الذى يحبهم كما هم، لذا يذهبون للتلال فى البرد ليلًا، ويتوقفون عن تناول الطعام، بهدف التقرب إلى الله حسب معتقداتهم، وكذا يلبسون ملابس سوداء تشبه ملابس داعش، ويحملون حقائب بها عبوات الرش، وزجاجة مملوءة بالبنزين وقبعة من الصوف، مشحونين بالغضب تجاه الحكومة الإسرائيلية وتجاه الفلسطينيين فكلاهما مذنب، ففى نظرهم الحكومة لا تطبق تعاليم التوراة كما أنزلت، والفلسطينيون أغيار يستحقون الموت كما قالت التوراة. ويشعرون دائما أن الدولة الصهيونية خانتهم، فكان من المفترض أن تكون فى صالح اليهود وهى تعمل الآن ضدهم، وتهدر دماءهم ولا تعطيهم الفرصة لإقامة أحياء جديدة، وتلاحقهم ولا تحارب الأعداء بكل قوتها، ولا تنتقم للقتلى، فيشعرون أن إسرائيل ليست دولتهم وأن العرب والعلمانيين هم أصحاب البيت. كما أن جماعة فتيان التلال لا تنتمى للجماعات المتزمتة التى تتشدد فى التعاليم الدينية والرافضة للصهيونية، بل على العكس فتيان التلال يريدون صهيونية جديدة، بالإضافة إلى أنهم يتجندون للجيش ولا يتعاونون مع الشرطة الإٍسرائيلية أو «الشباك» بل على العكس يرونهم أعداء. فى الثمانينيات بدأ نشاط الجماعة، وكان اسمها وقتها «التنظيم السرى اليهودى»، وكانت وقتها لا تقتصر على الشباب فقط، وحصنتهم المؤسسة اليمينية بحاخاماتها، وفروعها فى الحكومة حصنتهم من النقد، وهو ما جعل الحكومة تستغرق الكثير من الوقت، حتى تقرر ما إذا كانت ستعتقل رجالها وتقدمهم إلى المحاكمة أم لا؟. وعمل التنظيم بدون أى إزعاج تقريبًا فى هذه المرحلة، لكن الزعماء الروحيين للتنظيم لم يتوقفوا، وواصلوا تدريس التوراة فى المعاهد الدينية، بينما تم تقديم طلابهم الذين أطاعوا أوامرهم، إلى المحاكمة، وسجنوا حتى صدر العفو عنهم من قبل رئيس الدولة. وظنت الإدارة الإسرائيلية، أن الأمر اقتصر على عصابة، إلا أنهم عاودوا الظهور مجددا فى عهد الانتفاضة الثانية، وقتلوا نحو عشرة فلسطينيين، وأثناء التحقيقات ألقى القبض على مشبوهين، وعثر على مخزن للسلاح فى مستوطنة «شيلو» وظهر وقتها فروع لهذا التنظيم منها تنظيم «بات عاين» الذى يقضى الآن معظم أفرادهم فترة عقوبة فى السجون الإسرائيلية. شريعة التنظيم رئيس منتدى «بطاقة النور» غادى غبرياهو، قال لجريدة «هآرتس»، إن هذا التنظيم يستهل أفكاره من كتاب «توراة الملك»، وأنه عندما ذهب مؤخرا إلى مكتبة لبيع الكتب الدينية فى حى «ميئاه شعاريم» فى القدس، وطلب هذا الكتاب وتوجه البائع إلى الرف، فاكتشف أن نسخ الكتاب بيعت كلها، وعلى الفور طلب نسخًا جديدة، موضحًا أن جماعة فتيان التلال حرقت ودنست مساجد وكنائس وأديرة وصل عددها إلى 43 دار عبادة، وأحرقت أول مسجد عام 2009، لافتا إلى أن العام نفسه شهد أكثر من 100 اعتداء ضد قرى فلسطينية فى الضفة الغربية، مضيفا: «الجماعة المتطرفة أحرقت سيارات، وألقت زجاجات حارقة على البيوت، واقتلعت آلافًا من أشجار الزيتون التى يظنون أنها ستنطق فى حرب آخر الزمان وتقول إن خلفها يهوديًا فيأتى العربى ويقتله، ومن أهم عناصرها باروخ غولدشتاين، يغئال عمير، قاتل إسحاق رابين، عصابة بات عاين، يونا أبو روشمى، عامى فوفر، عيدن نتان زادة، أشير فيزغان، يعقوب تايتل، يوسف بن دافيد، قاتل الطفل محمد أبو خضير». وهناك آلية عمل أخرى يتبعها «فتيان التلال»، إذ يهاجمون حقول الفلسطينيين، ويستخدمون جرافات ضخمة لاقتلاع أشجار الزيتون، وردم الآبار التى يعتمد عليها الفلسطينيون فى الشرب وفى الزراعة، وفى أحيان أخرى يهاجم «فتية التلال» الفلسطينيين وهم يجنون محصول الزيتون وينهبونه بالقوة بعد الاعتداء على الأهالى، إضافة إلى أنهم يستمدون شريعتهم من كتاب توراة الملك، وبالتحديد من مقال بعنوان «الضمان المتبادل» كتبه الحاخام يوسف إليتسور، والذى يضع استراتيجية «دفع الثمن» التى تطبقها الجماعة، وتنص على إذا لم يتمتع اليهود بالهدوء، فلن يتمتع العرب بالهدوء؛ إذا كان العرب ينتصرون بفضل العنف ضد اليهود، فسينتصر اليهود أيضا بواسطة العنف ضد العرب، ويحث المقال على استغلال قوة النساء والأولاد والبالغين لإغلاق الشوارع، والقيام بإحدى عمليات التنظيم كما يمكن القيام بعمليات فوضى فى أماكن متعددة فى نفس الوقت لتنفيذ عملية كبيرة فى مكان آخر، كما يحرض المقال ضد الجيش والشرطة لأنهم لا يحمون اليهود حسب وجهة نظرهم، أيضا وثيقة «ملكوت الشر» التى كتبها موشيه أورباخ تضع استراتيجية للتنظيم وتم اتهام أورباخ نفسه بالتحريض على التمرد على خلفية كتابة الوثيقة، وتم اعتقاله.