تتعامل المحاكم الإسرائيلية مع معظم أعمال المتطرفين على أنها أعمال جنائية، فيعتبر إحراق الكنائس والمساجد والمزارع والأشجار. مجرد جريمة إلحاق ضرر بمالك وليس جريمة كراهية قومية. وإلقاء حجارة باتجاه سيارة فلسطينية، إذا وصل الأمر إلى التحقيق أصلا، هى مجرد إخلال بالنظام، والتحقيق مع مجرمين إسرائيليين مختلف بالمطلق عن التحقيق مع فلسطينيين مشتبهين بارتكاب نفس جرائم الكراهية، ففى حالة المستوطنين توصف أعمالهم بأنها إرهابية. وقد سمح عجز الحكومة الإسرائيلية وترددها طوال سنوات فى معالجة أمر المجموعات اليهودية المتطرفة بوجود أجواء شرعية للفكر الكهنوتى فى صفوف أوساط آخذة بالاتساع فى المجتمع الإسرائيلي، وتم التغاضى عن جرائمها الإرهابية بحجة انها موجهة للمجتمع الفلسطينى. تنظيمات إرهابية وفى دراسة استقصائية أجراها مركز مدار للدراسات الإسرائيلية تم الكشف عن التنظيمات الإرهابية اليهودية مثل: "عصابة ليفتا"، وتنظيم "سيكريكيم"، الذى ضم تنظيما سريا وكان مركزه فى البؤرة الاستيطانية "بات عاين" وضم أتباع الحاخام الفاشى مئير كهانا فى البؤر الاستيطانية فى الخليل، وانبثقت عن هذه التنظيمات حركات أوسع تميزت بالتعصب الدينى السياسي، ونما داخلها ما يعرف بتنظيم "شبيبة التلال"، الذى أرتكب فى السنوات الأخيرة جرائم "تدفيع الثمن" ضد الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين. وسار على هذا النهج جماعات عنف كثيرة مثل "حماة التوراة" و"حراس التلمود" وكان الهدف الأول لهذه المجموعات هو تنفيذ الاعتداءات ضد الفلسطينيين والدعوة إلى طردهم من البلاد، ونعتهم بألقاب عنصرية مثل "لصوص الأرض البرابرة"، و"المغتصبين" و"المخربين" و"أعداء التلمود". ويبدو ان هذا النهج الفاشى العنصرى ارتاحت له حكومات اليمين المتطرفة المتعاقبة فتراخت فى مواجهة هذة التنظيمات وتركتها حتى توحشت واستدارت على مجتمعها اليهودى والذى حتما سيدفع فاتورة باهظة حتى يتخلص من هذه الأفكار العنصرية. تفكيك إسرائيل ومنذ عدة سنوات انتقلت هذه التنظيمات إلى المرحلة الثانية من تفكيك دولة إسرائيل التى يرونها دولة غير شرعية، وينبغى القضاء عليها من الداخل وإقامة مملكة داود، وهذه التنظيمات مؤلفة من مجموعات عنف من المتعصبين للديانة اليهودية لا توجد عليهم أية سلطة، لا سلطة دولة ولا دين، ولا سلطة تنظيمية ولا حتى سلطة حاخامين. وكشف المحلل العسكرى فى صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان أنه فى موازاة التنظيمات الإرهابية اليهودية فى الضفة الغربية، هناك تنظيم يحمل أفكارا دينية قومية وينشط داخل الخط الأخضر، ويطلق على نفسه اسم "اليهود"، وهو ينشط فى مدن عديدة بينها القدس ونتانيا وعكا واللد والرملة. ونشطاء هذا التنظيم لا يعترفون بالمؤسسات الإسرائيلية ويدعون إلى التمرد ضد القانون الإسرائيلي، وأن هذا التنظيم، "اليهود"، انبثق من "النوى التوراتية" التى يقيمها مستوطنون فى المدن الساحلية خصوصا التى يسكنها عرب ويهود، وهى يافا وعكا واللد والرملة، وكذلك فى مدينتى نتسيرت عيليت وكرميئيل. ويحاول حاخامات متطرفون الانضمام إلى هذا التنظيم واستغلال الفراغ القيادى فيه، طمعا فى أصوات إنتخابية، ولكن هذه التنظيمات عبارة عن "أكوام من المجانين، القادرين على القتل من أجل تحقيق رسالتهم المتعصبة"، وإن الدولة لا تريد حقا التعامل معهم، بما يشجع شبابا، أفرادا ومجموعات، بإنتهاج أجندات العنف والإرهاب، مثل قتلة الفتى محمد أبو خضير فى القدس، أو الشبان الذين تسربوا من المعاهد الدينية اليهودية والذين أدين ثلاثة منهم بإحراق المدرسة ثنائية اللغة فى القدس، لأنه يتعلم فيها يهود وعرب، وحكم على اثنين منهم بالسجن لسنتين، بينما أرجئ الحكم على الثالث بادعاء أنه مختل عقليا. معايير مزدوجة وحسب تقرير لصحيفة هآارتس عن ارتفاع معدلات العنف لدى اليهود وبخاصة المستوطنيين فى الضفة الغربية فإن السمة الأساسية لمأزق العنف هى وجود مجتمعين سكانيين مدنيين، هذا لجانب ذاك، ويخضعان لمنظومات قانونية مختلفة ومنفصلة، الفلسطينيون يخضعون لنظام عسكرى قمعى قصرى، أما الإسرائيلى يسحب معه لأى مكان يذهب إليه منظومة القوانين الإسرائيلية، بباقة الحقوق والدفاعات الشرعية التى تمنحها له، إضافة الى الطموح الإسرائيلى لتوسيع الأرض والموارد التى تخدم الجمهور اليهودى بالتدريج، وتقليص الأرض الفلسطينية، هذا جوهر نظام العنف، وهذا لا علاقة له بمن هو صاحب الأرض الحقيقى هل ما يسوقه اليهود بأنها ارض الأجداد ووعد الرب، او ما يدعى به الفلسطينيون بانها أرض عربية "حسب هآارتس"، وعليه سيبقى العنف والعنف المضاد ما بقى الإحتلال. مؤكد أن الفلسطينيين مقهورون يائسون يحاولون إيذاء يهود فى الأراضى المحتلة، ولكن الفرق هو أن هناك منظومة كاملة مكرسة للتعامل مع العنف الفلسطيني، وهى تقوم بهذا بصلابة كبيرة، وبوسائل غير شائعة فى منظومة القانون المدنى من إعتقالات جماعية بدون محاكمات، وملاحقات بدون أوامر، حتى فى بيوت غير المشتبه فيهم من تعذيب وعقوبات جماعية وهدم منازل وغير ذلك. وأخيرا كشف تقرير صادر عن منظمة حقوقية إسرائيلية النقاب عن تواطؤ الشرطة والجهاز القضائى الإسرائيلى فى تشجيع اعمال الارهاب والعنف التى يقوم بها المستوطنون اليهود ضد المواطنين الفلسطينيين فى الضفة الغربية، وحسب التقرير الصادر عن منظمة "يوجد قانون" الإسرائيلية التى تعنى بمراقبة ممارسات الاحتلال فى الضفة الغربية، فإن 10% فقط من الشكاوى التى يتقدم بها المواطنون الفلسطينيون فى الضفة الغربية للشرطة الإسرائيلية حول قيام المستوطنين اليهود بالإعتداء عليهم تنتهى بتقديم لوائح اتهام ضد هؤلاء المستوطنين، فى حين أن 90% من هذه الشكاوي، يتم اغلاق ملفاتها دون تقديم لوائح اتهام. وجاء فى التقرير : أن تعاطى الشرطة واجهزة القضاء الإسرائيلية مع الشكاوى التى يرفعها الفلسطينيون حول اعمال العنف التى يرتكبها المستوطنون ضدهم يتميز بالإهمال واللامبالاة، وانعدام المهنية.