اهتم عدد من كبار كُتاب الصحف المصرية الصادرة، اليوم الثلاثاء، بعدد من الموضوعات المختلفة التي تهم المواطن من بينها سد النهضة الإثيوبي والمصانع الجديدة والمتعثرة. وأكد الكاتب مكرم محمد أحمد في عموده "نقطة نور" بصحيفة "الأهرام" تحت عنوان "لماذا أسقطت مصر خيار الحرب؟" أن غاية ما تريده النخبة الإثيوبية من هذه المماطلات التي تهدف إلى فرض الأمر الواقع، أن تستفز مصر بما يجعلها تعاود التفكير في احتمالات الردع العسكري كإجراء قسري، يلزم إثيوبيا وقف العمل في السد إلى أن يتم حل المشكلات المعلقة مع مصر والسودان، رغم أن مصر ترفض تماما هذا الحل ولا تحبذه وتعتقد أن خسائره أكبر من مكاسبه، فضلا عن آثاره الضارة على علاقاتها بكثير من الدول الأفريقية. وأوضح مكرم أن ما لا يعرفه الكثيرون أن مصر الدولة لم تعتبر أبدا الخيار العسكري الحل المتاح والصحيح لخلافها مع إثيوبيا بعد أن أسقطت أديس أبابا بجرة قلم حقوق مصر المائية واعتبرتها جزءا من ميراث عصر استعماري قديم!. وقال الكاتب "صحيح إن بعض المعلقين المصريين طالبوا بأن يكون هذا الخيار حاضرا ضمن 4 خيارات أخرى، لكن مصر ترفض أن تكون قوة حرب وتدمير في أي عمل يتعلق بأفريقيا، فضلا عن الوشائج التاريخية التي تربط بين الإثيوبيين والمصريين من قديم الزمان وجعلت الكنيسة الإثيوبية جزءا من الكنسية القبطية، أشقاء أفارقة تتماثل عقائدهم في اللاهوت والناسوت". وطالب مكرم، الإثيوبيين بأن يطمئنوا إلى أن مصر لن تقع أبدا في هذا الفخ لأن مصر تنشد بالفعل صداقة الشعب الإثيوبي، وتعتقد بصدق أنها جزء مهم من أفريقيا وينبغي أن تكون جزءا من أمن القارة وسلامها، ترتبط مصالحها بمصالح أفريقيا. واختتم مقاله قائلا "لكن ما ينبغي أن تعرفه النخبة الإثيوبية أيضا، أن حالة السيولة التي أثرت على قوة حضور الموقف المصري بعد 25 يناير ذهبت أدراج الريح وأن إرادة مصر السياسية تتوحد الآن، كتلة صمود في حربها ضد الإرهاب وسعيها لبناء غد افضل لمواطنيها ولا أظن أن من صالح إثيوبيا أن يظل هاجس المياه عنصر قلق وتحد للشعب المصري يلزمه الدفاع عن مصيره وحياته، خاصة أنه يمد يده راغبا في تعاون حقيقي مع الشعب الإثيوبى". أما فهمي عنبه رئيس تحرير صحيفة "الجمهورية"، فقال في عموده "على بركة الله "تحت عنوان "معاناة المصانع الجديدة والمتعثرة": لن نخوض طويلًا في عدد المصانع التي تواجه مشاكل فهناك من يصل بالرقم إلى 8222 كما جاء في بيان منذ فترة بمركز تحديث الصناعة. وشدد عنبه على ضرورة أن نتعامل مع الواقع في قطاع الصناعة الذي يجعل العديد من المستثمرين يحجمون عن ضخ رءوس أموال جديدة لإجراء توسعات.. أو لافتتاح مصانع جديدة لوجود معوقات تبدأ من أول التفكير في المشروع الصناعي ثم الحصول على الأرض التي سيقام عليها.. موضحا أن المعاناة تزداد مع السعي للحصول على الترخيص وتوصيل المرافق من مياه وكهرباء وغاز ثم تحقيق شروط الأمن الصناعي من معدات إطفاء وملابس للعاملين واشتراطات البيئة وعدم التلوث وضمان انعدام الانبعاثات الضارة والصرف الصحي والصناعي وتأمينات العاملين الاجتماعية والصحية والملف الضريبي والسجل التجاري والمصاريف والرسوم التي تدفع للمحليات ولوزارة الصناعة، قائلا "فمن هذا المقاتل الذي يستثمر في الصناعة التي هي أساس نهضة الأمم؟!". وأوضح رئيس تحرير "الجمهورية" أن التعامل مع البنوك والمصارف يعتبر من أهم معوقات الاستثمار الصناعي حيث يتم الحصول على القروض بعد "طلوع الروح" معاناة شديدة تتطلب وجود ضمانات تعجيزية لا توجد إلا عند ملياردير أو أحد الأثرياء وهؤلاء لا يقدمون على الاستثمار الصناعي فهم ليسوا بحاجة "لوجع الرأس" خاصة إذا كانت الفوائد مرتفعة وتزيد على ما يحققه الإنتاج من أرباح. ورأى الكاتب أنه إذا كانت الدولة جادة في فتح مجالات عمل جديدة وإقامة مصانع تستوعب العاطلين وتقلل من جيش البطالة الذي يتزايد كل عام فعليها فتح ملف الاستثمار الصناعي وتشجيع المستثمرين "الصغار والكبار" على افتتاح المشروعات الإنتاجية والأهم من التيسير على الأجانب أن تقف مع أصحاب رءوس الأموال الوطنيين الذين يضحون من أجل إقامة صناعة حقيقية في بلادهم. واختتم عنبه مقاله قائلا "يحتاج رجال الصناعة إلى من يقف بجوارهم عند بدء المشروعات الجديدة.. أو عندما يتعثرون فأين الصندوق الذي كان مخصصًا للمتعثرين؟ من يتصدى للعمل في هذا القطاع هو مستثمر حقيقي كما أن من يعمل في هذه الظروف يُعد من الأبطال الذين يجعلون شعار "صنع في مصر" يصل لكل أسواق. من جهته، قال الكاتب محمد بركات في مقاله "بدون تردد" بصحيفة الأخبار" كان طبيعيا أن يلفت نظري ويجعلني أؤمن بأن الفكر يتغير نحو التجديد الذي يجنح للأخذ بما يساير مستجدات الحياة، وهذا الأمر يتفق وما تقضي به توجهات الدين الإسلامي في الكتاب المبين الذي يدعو إلى الاجتهاد والأخذ بكل متطلبات التقدم. تجلي ذلك فيما جري تداوله أخيرا بشأن موافقة السعودية على إقامة أول دار للعرض السينمائي. وأضاف "هذه الخطوة الحضارية سبقها قرار خادم الحرمين الشريفين ملك السعودية بحصول المرأة السعودية ولأول مرة على عضوية مجلس الشورى الذي تعرض عليه أمور الدولة، وفي الآونة الأخيرة صدر قرار آخر سمح للمرأة أيضا بالترشح للانتخابات البلدية التي جرت أخيرا وهو ما يعني ممارستها لأساسيات حقوق المواطنة. وأوضح بركات أنه كما هو معروف فإن المرأة المسلمة كانت تمارس كل الحقوق وفقا لما كان سائدا للزمان والمكان ووفي هذا الإطار شاركت في قتال المشركين ومارست التجارة وكانت عضدا دائما لزوجها وأسرتها في تحمل أعباء الحياة وتربية الأبناء. وأشار إلى أن هذه المبادرات غير المسبوقة التي أقدم عليها النظام الإسلامي الحاكم في السعودية تجعلنا نستبشر خيرا بالمستقبل بما يسمح للمسلمين بالانطلاق للحاق بركب التقدم دون تفريط أو إهدار لثوابت وتعاليم الدين، كما أنه لا جدال تتيح الفرصة لقطع ألسن التشويه والحفاظ على المكانة اللائقة في هذا العالم الذي يشهد كل يوم طفرات هائلة في كل جوانب الحياة. وأكد الكاتب أنه من الطبيعي أن يكون هناك تأثير غير محدود لأي تحرك على طريق التجديد من جانب السعودية التي شرفت أرضيها بأقدس المقدسات الإسلامية، وهذه الأرض الطيبة شهدت نزول الوحي الإلهي على رسول الله سيدنا محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام ليحمله رسالة نشر الإسلام الذي عم كل الدنيا. في هذا الإطار فإنه من المتوقع أن يكون لهذا الانفتاح انعكاسات إيجابية في إزالة ما تم إلصاقه بالدين الإسلامي نتيجة سلوكيات الجهال الذين ابتلي بهم الإسلام. ليس خافيا أن هذه الفئة الضالة كانت سببا في إتاحة الفرصة أمام المتربصين للنيل من هذا الدين العظيم. لم يكن ما تقوم به جماعات الإرهاب التي تدعي كذبا انتماءها للإسلام.. سوي محصلة لهذا الجهل الذي عملوا على استثماره للتهجم على الإسلام والمسلمين. واختتم الكاتب مقاله قائلا" إن هذا التطور في الفكر يتماشي وقول المولي عز وجل «وما أوتيتم من العلم إلا قليلا» في هذا الشأن يمكن القول أن ما شهدته وتشهده السعودية من مستجدات وتطور هو لصالح تحسين صورة المسلمين. ويعد انسجاما مع العقل والمنطق اللذين قاما عليهما الإيمان بالإسلام الذي حتم مراعاة متغيرات الزمان والمكان. بدوره، أشار الكاتب محمد بركات في مقاله "بدون تردد" بصحيفة الأخبار إلى ما قاله الدكتور حسام مغازي وزير الموارد المائية والري المشارك في الاجتماع السداسي لسد النهضة الذي عقد في العاصمة السودانية الخرطوم منذ أيام، «إنه من الظلم وصف الاجتماع بأنه فاشل»،وهذا أول اجتماع للجنة السداسية على مستوي وزراء الخارجية والمياه في الدول الثلاث،..، وكانت المفاوضات صعبة وشاقة». وذكر مغازي أن الاجتماع تناول الشواغل التي تسود الشارع المصري، وما يتم من هدر للوقت، حيث يجري العمل في بناء السد الإثيوبي بوتيرة أسرع بكثير من المفاوضات» انتهى كلام الوزير. وأضاف الكاتب، أنه في اعتقادي أن ما قاله وزير الري لا يحتاج إلى تعليق، ولكنه يحتاج فقط إلى مزيد من التوضيح، ووضع النقاط فوق الحروف حتى تكون الصورة أكثر تحديدا وأكثر صراحة وشفافية. وفي هذا الإطار، وإذا ما اجتهدنا في القيام بذلك فيمكننا التأكيد بان الاجتماع لم ينجح، ولا أحد يمكنه الادعاء بنجاحه من الوفود الثلاثة المشاركة فيه،..، وهذا مؤكد ومعترف به عمليا، بدليل عدم التوصل إلى حلول للمشاكل والقضايا المثارة، وبقاء التخوفات والشكوك القائمة على ما هي عليه،..، وترحيل محاولة حلها إلى الاجتماع القادم نهاية الشهر الحالي. ومن الواضح فيما قاله الوزير تلميحا ويكاد يصل إلى حد التصريح، أن السياسة الإثيوبية المتبعة في التفاوض حول الشواغل والملاحظات المصرية بخصوص السد الجاري إقامته هناك، هي اللف والدوران وتضييع الوقت وإهداره بجميع السبل الممكنة في مفاوضات دون عائد حقيقي ودون حل واقعي، بينما تجري عملية بناء السد بأقصى سرعة ممكنة. وأوضح الكاتب أن الخطة ببساطة هي السعي لوضع مصر أمام أمر واقع، وهو بناء السد دون أي اتفاق ملزم لمعالجة الأخطاء أو إزالة الشكوك أو معالجة السلبيات والأخطار الواردة بل المؤكد حدوثها لمصر نتيجة ذلك. أما ما قاله وزير الخارجية الإثيوبي تواضروس ادهانوم بعد المفاوضات غير الناجحة، إنه يتعين أن يكون التعاون هو أساس بناء الثقة بين دول حوض النيل وخاصة مصر والسودان وإثيوبيا».. فتعليقنا عليه هو أن مصر بالفعل قامت بكل ما من شأنه بناء الثقة مع إثيوبيا باعتبارها دولة أفريقية صديقة وشقيقة في حوض النيل.. ولكننا للأسف لم نلمس أو نشاهد من جانبهم ما يمكن أن يساعد على بناء الثقة.. إلا إذا كان يعتبر أن تضييع الوقت وعدم الاستجابة للمطالبة المصرية المشروعة يمكن أن يدفعنا للثقة فيه.