سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تلبية لدعوة وزيرة التضامن.. رجال الأعمال يزاحمون "الحانوتية" في "غسل الموتى ودفنهم" للفوز ب 2 مليار جنيه سنويًا..شركات توفر عزاء فاخر وضيوف للجنازات ومقابر "فايف ستارز".. وخدمات متكاملة لأسرة المتوفى
ما إن دعت الدكتورة غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى، المستثمرين إلى ضخ استثماراتهم بمصر، قائلة: "احنا 90 مليون مواطن، وعندنا 900 ألف زيجة سنويا، اعملوا قاعات أفراح ودفن الموتى، فمصر سوق كبير، حتى تباري رجال الأعمال في التوجه لما يعرف ب"بيزنس الموت". وظن بعض الفقراء أنهم بلجوئهم إلى المهن البسيطة ذات الربح القليل، سيبتعدون عن احتكار الأغنياء، ورجال الأعمال، لكنهم وجدوا هؤلاء يزاحمونهم في كل شئ، آخر هذه المزاحمة إعلان عدة شركات عن توفيرها خدمات "غسل الموتي، ودفنهم، وإقامة الجنازات عليهم"، وهو الأمر الذي أصاب الفقراء الذين يعملون بهذه المهن بالصدمة، مشيرين إلى أنهم بإمكاناتهم البسيطة لن يستطيعوا منافسة شركات يقف وراءها رجال أعمال كبار، ينفقون الملايين على الدعاية وتجهيز الأموات، وبالتالي فهم يخشون الانضمام لطابور البطالة. سماسرة وعاملون في سوق دفن الموتى في مصر، قالوا ل"البوابة نيوز" إن أسعار المقابر ارتفعت بشكل كبير وخرافي خلال العامين الماضيين، وبنسب تصل إلى 100%، في بعض المناطق، بسبب دخول هذه الشركات في المنافسة حيث تشتري هذه المقابر وتقدمها لمن يدفع أكثر، مشيرين إلى أن "التباهي" أصبح من أهم سمات عملية دفن الموتى خاصة في القاهرة. وأضافو أن أسعار المقبرة الواحدة، تصل إلى 150 ألف جنيه، رغم أن الوحدات السكنية في بعض المناطق قد تقل عن هذا المبلغ. وقالوا إن أسعار المقابر في منطقة الإمام الشافعي، والسيدة نفيسة، تعد الأعلى سعرًا، لأن هذه المناطق أثرية، ويصل سعر المتر الواحد فيها، إلى أكثر من 2000 جنيه، وخاصة في مقابر الرفاعي التي دفن فيها الملك فاروق، أما في المدن الجديدة، مثل منطقة السادس من أكتوبر والقاهرة الجديدة، فسعر المدفن بها يبدأ من 50 ألفًا وقد يصل إلى 120 ألف جنيه. يأتي ذلك فيما كشفت دراسة حديثة، أصدرها "المركز القومي للدراسات الاجتماعية" بالقاهرة، أن بيزنس الموت، يكلف المصريين نحو 2 مليار جنيه سنويا، خاصة أن كثيرا من المصريين يحرصون على إجراء المراسم في ظل طقوس خاصة وبشكل مبالغ فيه وملفت للنظر كثيرا. محمود سالم، "حانوتي" بمنطقة الإمام الشافعي، قال إن هناك فرقا شاسعا بين دفن الموتى هنا في المقابر الخاصة، وبين دفنهم في مقابر الصدقة، حيث توجد هنا العديد من الخدمات التي يستخدمها زوار المتوفى، ولذلك لا يقل سعر المقبرة هنا، مهما كان حجمها عن 60 ألف جنيه، بعدما كان سعرها لا يتجاوز 40 أو 45 ألف جنيه قبل نحو عامين. وأشار إلى أن هناك شركات تعمل في مجال العقارات، ولكنها متخصصة فقط في إنشاء المدافن والمقابر، وهذه الشركات تعمل على تصميم المقابر بنظام ورسومات معينة وتحدد أسعار بيعها، دون تدخل أي جهة حكومة في تحديد أسعار البيع، وغالبًا ما يذهب الأثرياء إلى مثل هذه الشركات للتعاقد على حجز أو شراء مدفن بصرف النظر عن تكلفته. ولم يعد عمل "الحانوتي" أو "التربي" - كما يطلق عليهم في بعض الأماكن - يقتصر على عملية الغسل والتكفين والدفن فقط، فقد اتجه بعضهم مؤخرًا إلى تقديم مجموعة خدمات متكاملة لأسرة المتوفي، والتي غالبًا ما تبدأ من شراء الكفن ثم الغسل والتكفين والدفن، ونشر نعي في إحدى الصحف اليومية الكبرى، وحجز قاعة لتقبل العزاء وتقديم الخدمات داخل سرادق العزاء وتصوير العزاء بالفيديو. وأوضح "عم سعيد"، "تربي" بمنطقة البساتين، أن كل خدمة تقدم لأسرة المتوفي لها ثمن معين ومعروف لدى "الحانوتية"، لافتا إلى ارتفاع أسعار الكفن بنسب خيالية خلال الأعوام الأخيرة، فثمن الكفن الذي لم يكن يتجاوز 100 جنيه أصبح لا يقل في المتوسط عن 1500 جنيه، وهناك أكفان تكلف ما يقرب من 15 ألف جنيه. وقال إن بعض الحانوتية، تحولوا إلى سماسرة للاتجار في المقابر، وأصبح الموضوع مجرد "سبوبة" لمن يدفع أكثر، فعلى سبيل المثال يتراوح سعر خدمة حجز قاعة لتقبل العزاء ما بين 4000 جنيه لأقل سعر قاعة، إلى نحو 20 ألف جنيه في إحدى القاعات والأماكن الشهيرة، هذا إضافة إلى أن بعضهم بدأ يستعين بآخرين لإتمام مراسم الدفن وحتى تقبل العزاء، ويتم الاتفاق على الأسعار مع أسرة المتوفي التي تحدد مجموعة من الخدمات التي يقدمها لهم "التربي"، وسعر الغسل والكفن والدفن يصل في بعض الأحيان إلى نحو 10 آلاف جنيه، فيما لا تقل تكلفة تصوير مراسم الدفن وتقبل العزاء عن 12 ألف جنيه، حيث أنه غالبا ما تستغرق مراسم الدفن، وتقبل العزاء نحو 10 ساعات، كلها تكون مصورة بالفيديو، هذا إلى جانب أن تكلفة نشر النعي لا تقل عن 3000 جنيه لكنها تصل في بعض الحالات إلى نحو 180 ألف جنيه، حينما ترغب أسرة المتوفي في حجز مساحة صفحة كاملة في أهم الجرائد في مصر. وفيما يقطن من ليس لهم مأوى مقابر الصدقة، فإن المقابر الخاصة والتي يتم تملكها عن طريق إحدى شركات إنشاء المقابر، يتم تعيين عليها حراسات وأفراد أمن ليلا ونهارًا لمنع انتشار أعمال البلطجة وخوفا من أن يتخذها البعض كمأوى سكني له. وأوضح القارئ سعيد عبدالرحمن، إنه يقرأ القرآن الكريم في "الجنازات والعزاء" وأن أجره يحكمه الاتفاق ولا توجد مغالاة في أسعار المقرئين، حيث إنه من الممكن أن تحصل أسرة المتوفي على مقرئ، لا يطلب أكثر من 400 جنيه، وهناك من يطلب 50 أو 100 ألف جنيه. وأشار إلى أن هناك بعض المقرئين المشاهير الذين تجدهم في كل سرادقات العزاء، يشترط بعضهم إقامة سرادق العزاء في قاعة معينة، وهو ما يرفع التكلفة.