بمجرد أن نشرنا فى «البوابة» تقريراً بعنوان: إبراهيم المعلم يغتال نجيب محفوظ ب«الأحلام المزورة» بتاريخ 5 ديسمبر 2015 لم تتوقف ميليشيات إبراهيم المعلم الإلكترونية موظفون بالدار عن توجيه السباب والكلمات السخيفة إلى شخصى الضعيف، بسبب فضح تزوير المعلم لأحلام نجيب محفوظ لدى شورت سكرين لشتائم صبيان إبراهيم المعلم على موقع فيس بوك لم ألتفت قليلًا أو كثيرًا لهذه السفاهات انتظارًا لرد جاد عقلانيًا منطقيًا يوضح لى أمرًا غاب عنى أو خطأ وقعت فيه دون أن أدرى. إلا أننى فوجئت أمس الأربعاء 9 ديسمبر بتخصيص جريدة الشروق صفحة كاملة جعلت عنوانها «أسرة وأصدقاء نجيب محفوظ يفضحون أكاذيب الجهلاء»، لم أهتم بالعنوان ودخلت مباشرة إلى الموضوع، فكانت المفاجأة المذهلة أن المعلم «جاء يكحلها عماها» وبدلًا من أن يثبت صحة الأحلام، أكد تزويرها وسيظهر هذا فى السطور التالية. الحقيقة أن صفحة الشروق مجرد مادة إعلانية سخيفة لم يكن ينقصها سوى صورة لإبراهيم المعلم مبتسمًا، وهو يحمل الجزء الثانى من الأحلام المزورة ويُكتب أسفلها «المعلم: علىّ الطلاق الأحلام سليمة». لست أدرى من ورط مالك الشروق فى هذا الرد الفاضح والفضيحة لأنه لم يحل لغز الكوارث التى تمتلئ بها «النسخة المزورة» من أحلام محفوظ وسنقف أمام كل فقرة فى «إعلان المعلم» لنبين جهالات وتزوير مالك الشروق وصحيفته الغراء. أولًا: تطالب مقدمة «الموضوع الإعلاني» من يتهم الشروق بالتزوير بسؤال أبناء وأصدقاء محفوظ عن صحة الأحلام.. حسنًا، ما رأى المعلم فيما قاله يوسف القعيد أبرز أصدقاء محفوظ ونقلته عنه الأهرام بتاريخ 30-8-2015 حول تشكيكه فى هذه الأحلام متسائلًا: كيف يمكن أن توجد أحلام وتظل مجهولة كل هذه الفترة؟ كذلك ما رأى المعلم فيما قاله د. يحيى الرخاوى فى «الأهرام» بتاريخ 1 سبتمبر 2014 فى مقال بعنوان «نجيب محفوظ: كيف أحبَّ الله وأحبّ الموت كدْحًا إليه» المقال موجود على موقع الجريدة من آن آخر حلم لنجيب محفوظ رقمه 206؟ الجميع يعلم أن الرخاوى والقعيد كانا من أصفياء الأديب الراحل. ثانيًا: تقول «حدوتة المعلم» المنشورة أمس فى الشروق: بداية قصة العثور كانت بمكالمة هاتفية من ابنتى نجيب محفوظ لتخبرا دار الشروق أن هناك أوراقًا فى صندوق صغير، عثرتا عليه بعد وفاة والدتهما، وكانتا فى حيرة هل هذه الأوراق المكتوبة بخط الحاج صبرى، والتى يتضح منها أنها تخص «أحلام فترة النقاهة» منشورة من قبل أم لا؟ هل يصدق عاقل أو مجنون أن يصعب على الفاضلتين ابنتى الأستاذ نجيب، التأكد من أن الأحلام منشورة أم لا؟ هل لا توجد نسخة من أحلام الجزء الأول حتى تريا الأحلام موجودة أم لا؟ للأسف الشديد يصر «المعلم» على ركوب رأسه، لكن سنأخذ بنصيحة الأستاذ العقاد رحمه الله: ونُفهمه خطر مركبه وأن قدميه أسلس مقادًا من رأسه، لعله يبدل المطية ويصلح الشكيمة. ثالثًا: ما فائدة أن تعيد الشروق نشر كلام المعلم فى مقدمة الأحلام، رغم أن هذا الكلام لا يقول إلا شيئًا واحدًا وهو: الأحلام مزورة رغم أنف مالك الشروق وصحيفته وميليشياته وصبيانه ومن يدافعون عنه. رابعًا: مارس «إعلان» المعلم تدليسًا مذهلًا، حين نقل عن الرخاوى وسلماوى وحسين حمودة أن محفوظ ترك أحلامًا لم تنشر لنفى تزوير الكتاب، وهذا أمر مضحك جدًا، فكما نشرنا فى تقرير «البوابة» طبيعى أن يترك محفوظ أحلامًا لم تنشر كما حدث فى الجزء الأول، حيث نشر بعد وفاة محفوظ «33» حلمًا لم تنشر فى حياته، لكن أن يوجد جزء ثانٍ لم ينشر مع ال«33» ولم تره أسرة محفوظ ثم وُجد بعد 9 سنوات فجأة فهذا هو الدجل بعينه وشحمه ولحمه. خامسًا: يقول «الإعلان التحريرى» للمعلم: إن د.حسين حمودة أستاذ الأدب والمقرب من نجيب محفوظ قرأ المخطوطة كلمة كلمة، بدون أن يقول كلمة واحدة، مصلحًا بعض الأخطاء المطبعية. ثم قال د. حمودة رئيس تحرير دورية نجيب محفوظ التى تصدر فى ديسمبر من كل عام بكل تأكيد: «أحلام فترة النقاهة كنز حقيقى للإبداع فى العالم»، و«الجزء الثانى من الأحلام استكمال لإبداع محفوظ فى الجزء الأول». سألته أكثر عن سلامة النصوص فقال مؤكدًا: «هذه أحلام محفوظ، وهى إبداع محفوظى بلا شك»، ثم حكى لى أن محفوظ فى إحدى جلسات الحرافيش أملى علينا نحو 12 حلما، كان يحفظها عن ظهر قلب، وهو ما يؤكد شهادة الحاج صبرى سكرتير نجيب محفوظ».. لكنى أسأل ضمير ومنطق د.حمودة هل يصدق أن محفوظ عندما يكتب أحلامًا جديدة سيكرر جملة «رأيتنى» 191 فى 291 حلمًا وهذه الجملة ومشتقاتها لم تظهر فى الجزء الأول سوى 5 مرات تقريبًا؟.. أعتقد يا دكتور حمودة أن النقد الأدبى لا يقول هذا الكلام لكن وحده «النقد المعلمى» نسبة إلى مالك الشروق هو الذى يقول كلامًا مثل هذا. سادسًا: يقول سلماوى: بعض الأحلام المنشورة فى الجزء الثانى مسجل عندى بصوته. وكنت أنتظر أن يتم نشرها بعد وفاته، فتلك كانت رغبته؛ لأنه كتبها للنشر.. فما هى أرقام الأحلام المسجلة عندك يا أستاذ محمد؟ أم هو كلام والسلام؟.. للأسف محاولة المعلم توسيع الكلام وأخذه إلى مناطق مختلفة لن يقنع أحدًا، فهذه حركات «نص كم» يا أبوخليل. سابعًا: من سوء حظ إبراهيم المعلم وصبيانه وشلته، أنى عثرت على تقرير كتبه الزميل محمد شعير بجريدة السفير اللبنانية بتاريخ 30-10-2015 ونقلًا فيه عن الحاج صبرى أن محفوظ كان يمليه الأحلام ويعطى كل حلم رقمًا محددًا والسؤال: نجيب محفوظ بنفسه كان يُرقّم الأحلام فكيف تظهر أحلام محفوظ تبدأ برقم 200؟ هل كان أديب نوبل الراحل له نظام عد خاص به يبدأ برقم 200 أم أن هناك مزورًا محترفًا قام بهذه النصباية؟. سابعًا: ما فائدة إعادة الشروق نشر كلام سناء البيسى، وهى شهادة متضاربة مع الواقع، ولعل الذاكرة خانت الكاتبة القديرة، لذلك جاء كلامها غير متناسق ومتفق مع الواقع، وهناك سببان لعدم قبول كلامها وهما: أولًا: قالت: «عاشت معى أحلامه سنين من بدايتها حتى الحلم رقم 146 بخط يده قبل أن ترهق اليد تمامًا من أثر إصابته بالاعتداء الآثم فيمليها على سكرتيره». ثانيًا: تزعم البيسى أنه بعد تركها رئاسة تحرير «نصف الدنيا»، توقفت عن نشر «الأحلام» ومن ثم فهى ترى أن هناك أحلامًا لم تنشر حتى اكتشفتها الشروق. سبب عدم دقة شهادة البيسى يرجع إلى: أولًا: ليس صحيحًا أن نجيب محفوظ كان يكتب الأحلام بيده حتى الحلم «146»، الصحيح أنه توقف عن الكتابة بيده بعد الحلم «103»، والدليل على ذلك الكتاب التذكارى الذى أصدرته «نصف الدنيا» بعد رحيل محفوظ بتاريخ 3 سبتمبر 2006 وبه صور ضوئية للأحلام التى كتبها محفوظ بخط يده، وتنتهى عند الحلم 103 وبداية من 104 حتى 206 الأحلام مكتوبة بخط الحاج صبرى سكرتير محفوظ، وتوجد صورتان ضوئيتان لهذين الحلمين. ثانيًا: كذلك لم يتوقف محفوظ عن كتابة أحلامه بعد أن تركت البيسى «نصف الدنيا»، ففى الكتاب التذكارى نجد منشور 3 أحلام جديدة وقت أن كان رئيس التحرير الزميلة الراحلة «أفكار الخرادلى» وفى مقدمة الكتاب تقول الخرادلى إنها تشعر بالاعتزاز لاستمرارها فى نشر أحلام نجيب محفوظ لمدة عام. ثامنًا: يقول الرخاوى: «هناك اختلاف نوعى، لكنه ليس جسيمًا، بين الجزء الأول، وبين هذا الجزء الثانى، وكل منهما له «تناسقه الداخلى» الذى يجعله عملًا مستقلًا، وهذا طبع محفوظ حتى فى كثير من رواياته «انظر مثلًا ملحمة الحرافيش حين يُعَنْوِن كل حكاية بعنوانها الخاص، ثم يبدأ التسلسل للفقرات «1» «2» .. إلخ، مع أنها رواية واحدة. إن الفرق النوعى بين الجزء الأول والجزء الثانى قد يرجع إلى اختلاف الأداة، فالكتابة حتى مع الصعوبة تختلف عن التأليف فى الوعى ثم المراجعة الداخلية، ثم الحفظ، ثم الإملاء كما وصفها الحاج صبرى مشكورًا» ....وهذا الكلام يؤكد تشكك الرخاوى فى الأحلام، ويناقض ما يقوله سلماوى وزكى سالم وحمودة لأنه إذا كان نجيب محفوظ أملى أحلامًا كثيرة، فطبيعى أن يكون تناسقها الداخلى واحدًا، أما قياس الأحلام ذات الطبيعة المكثفة والمختصرة على الروايات كلام غير نقدى وغير منطقى. ثم لم يجب الرخاوى عن السؤال: إذا كان الاختلاف فى الأحلام راجعًا إلى «تملية» محفوظ وليس كتابتها، فلماذا لم يظهر هذا الاختلاف فى الجزء الأول، حيث إن محفوظ لم يتوقف عند كتابة الحلم رقم 103 أى نصف أحلام الجزء الأول؟ فهل يا ترى، يرى الرخاوى أن هذا التناسق الداخلى غاب عن الجزء الأول؟ تاسعًا: أصح وصف للشهادات التى أتحفتنا بها صحيفة الشروق أنها «شهادة شاهد مشفش حاجة» لم يقل كل هذا الفريق الذى استدعاه المعلم شيئا يؤكد صدق الأحلام، بل كلام الشهود مثل الأحلام التى زورها المعلم. الفائدة الوحيدة التى تعود بالنفع على المعلم من هذا «الإعلان التحريرى» أنه أخذ قضية التزوير إلى زوايا أخرى، لذلك سنعيد أدلة التزوير التى لم يتحدث عنها شهود المعلم وهى: حسب النص المنشور تبدأ الأحلام بحلم رقم «200»، وهذا أقوى دليل على أن كاتبها ليس نجيب محفوظ لماذا؟ لأن الجزء الأول نشر فيه 239 حلمًا بحسب كتاب الشروق، فالمنطقى أن تبدأ التكملة من 240 لكن أن تبدأ من 200 فمعناه أنه نص آخر يسبقه 199 حلمًا، وإلا فنحن الآن أمام حالة غريبة وعجيبة، وهى أن هناك حلمين لنجيب محفوظ يحملان رقم «200» ويتكرر هذا الأمر حتى 239، فإذا كان إبراهيم المعلم يقول إن الجزء الثانى من إبداع محفوظ، فيجب عليه أن يظهر لنا 199 حلمًا، أو أن يقول إنه كذب على نجيب محفوظ ونسب إليه 39 حلمًا فى الجزء الأول.. لكن تبقى هناك مشكلة أخرى، وهى أن محفوظ نُشر فى حياته «206» أحلام، ألا يعنى ذلك بوضوح تام أن الجزء الثانى المزعوم مضروب وليس صحيحًاً، خاصة أنه بعد أن توقف نجيب محفوظ عن كتابة أحلامه بيده واعتمد على سكرتيره كان يقوم بتوقيع كل حلم بيده، وهذا واضح فى صور الأحلام الضوئية المنشورة فى كتاب «نصف الدنيا» التذكارى لكن ولكن هذه كلها مشاكل لن تجد توقيعا واحدا لمحفوظ فى أحلام المعلم يمكن أن تجدها فى أوهام مالك الشروق.