ترك الأديب عبدالحكيم قاسم العديد من الأعمال الأدبية التي تعد علامات في الأدب المصري، ومع ذلك لم يحصل على المكانة التي يستحقها، صاحب "أيام الإنسان السبعة"، نحاول خلال السطور المقبلة أن نلقي الضوء سريعا على أهم أعمال قاسم مع صور الأعمال الأدبية. رواية "أيام الإنسان السبعة" تدور رواية أيام الإنسان السبعة حول الطفل عبدالعزيز الذي هو محور كل شيء حوله، في امتداد الدائرة الحياتية التي يتحرك فيها ضمن عائلة قروية، ينتمي عائلها إلى مجموعة صوفية، داخل القرية، وهي رواية لها مواصفات خاصة توجد في روايات عالمية شهيرة مثل "التربية العاطفية" للكاتب الفرنسي الشهير فلوبير، وهي رواية تتحدث عن بطل يقع في الحب للمرة الأولى، متنقلا ما بين عالم الطفولة إلى عالم المراهقة الذي لا ينتهي إلا عند مشارف الرجولة أو اكتمال الشباب. رواية "قدر الغرف المقبضة" هذه هي الرواية الثانية ل عبد الحكيم قاسم بعد روايته الأولى "أيام الإنسان السبعة"، وهي صياغة فنية للحلم الفردي بعالم أقل قبحا وأكثر جمالا. تنتقل هذه الرواية مكانيا من إحدى قرى الدلتا إلى شوارع الإسكندرية إلى أزقة القاهرة إلى سجون مصر المختلفة ثم إلى أحياء برلينالغربية. وتمتد زمنيا من طفولة إلى كهولة راويها الفرد، وهي في انتقالاتها عبر الأمكنة تحاول أن تسبغ الحياة على الموجودات والأشياء وتدفع في شرايينها الدم. وهي في امتدادها عبر الزمن، تحاول الإمساك بحلم مراوغ وبجمال مناور يستعصيان على الإمساك. رواية "المهدي" أراد قاسم أن تكون الرواية احتجاجًا على بداية تصاعد تطرف الجماعات الدينية في مصر وجنوحها إلى العنف تأكيدًا لحضورها السياسي، وفرضا لتأويلاتها التي لا تقبل الاختلاف، ولا تعترف بوجوده أصلا، والرواية تستخدم بعض العلامات الزمانية التي تشد الرواية إلى الزمن الخارجي لنشرها وازدواج أو التباس الدلالة الزمنية ملازمة لدرجة متعمدة من التجريد التي تجعل أحداث الرواية أمثولة دالة دينيا واجتماعيا وسياسيا في الوقت نفسه. رواية "طرف من خبر الآخرة" هذه رواية مصرية "فريدة": تجربة، ورؤية، ولغة، وبناء. إن علاقة الإنسان ب "الآخرة" لواحدة من أكثر تجارب النفس الإنسانية كلها ثراء وإلهاما. "الآخرة خير وأبقى.."، وبهذه المقارنة بينها وبين " الأولى" قد تصبح هي الامتداد المقابل، أو الغاية، أو النقيض.. ولكن وجدان الإنسان لا يفتأ يتشوف، أو يخشى. في لغة عبد الحكيم قاسم هنا مذاق تراثي خاص، حيث يمتزج تراث "الفصحى" النابع من القرآن الكريم ذاته، مع تراث "العامية" الخصيب النابع من ألسنة الناس وحياتهم، والطامح إلى الانتساب لفصحى العربية انتسابا أصيلا لا دخل فيه. وهنا تصبح القرية المصرية " رؤية كلاسيكية"، وتصبح أكثر الأماكن إثارة للكآبة والنفور، مألوفة مأهولة. رواية "محاولة للخروج" رواية تجدد العزف على وتر اللقاء بين الحضارات، ذلك اللحن الذي بدأه توفيق الحكيم في عصفور من الشرق، وأسهم في وضع فواصله يحيى حقي في قنديل أم هاشم ثم الطيب صالح في موسم الهجرة إلى الشمال. ومن خلال الرواية يحاول قاسم أن يبدع تنويعات أخرى جديدة على ذلك اللحن القديم بحيث يمزج فيها مزجا فريدا بين الذاتي والاجتماعي، متناولا فترة حرجة وقاسية وخطيرة من فترات تاريخنا، تلك الفترة اتي سبقت هزيمة يونيو 1967 مباشرة، وكانت إرهاصا واضحا لها. المجموعة القصصية "الظنون والرؤى" من حيث تتدفق الحارات المتفرقة من الشوارع.. ومن داخل البنايات الجامدة ذات اللون الأسمنتي.. ومن فوق أكوام التراب والقمامة والأوحال.. يكتب "عبد الحكيم قاسم" باحكام واتقان وبأسلوب لا يغفل التفاصيل بل يبحث عنها إينما كانت الصغيرة منها والكبيرة.. لا يكتب عن هذه الأماكن البعيدة عن العاصمة فقط لكنه يغوص في أعماق ناسها وأهلها.. يفتش في هموم استقرت على أكتافهم وعلى أطراف أهدابهم.. ومهما تعددت القصص والصور فبينهما دائما خيط رفيع يجمع بين ملامحها المرسومة بألوان الفقر والجهل والمرض والخروج من دائرة الاهتمام وسواء عندما يتحدث عن "كوثر" عروس الشباب ذات الوجه المشرق الوضاء ويديها الخشنة التي لم تعرف الرخاء.. أو حلمها الأعرج الذي اختفى وراء جدران السحن.. أو حين يصف لنا عرس أمجنازة امتلأت بالناس التي انتها أفواجا من كل فج عميق لا يوقفهم فرح تهلل في وجوههم أو حزن حفر بأزميله تجاعيد أبدية عليها، إنها قصص يختلط فيها حوار النفس بالاحداق والواقع المظلم ولا تلبث تتسلل إلى حجرات القلوب وتلافيف العقول وتبقى فيها بأصدائها المحزنة. المجموعة القصصية "الهجرة إلى غير المألوف" في القصص التي يضمها هذا الكتاب جهد غير عادي من المؤلف للذهاب إلى أبعد من سطح الأشياء، والغوص عميقا بحثا عن جذورها وبداياتها، ثم العودة لتتبع هذه الجذور والبدايات في تطورها وتفاعلها وفي تكاملها، حتى يستكمل الحدث أو اللحظة أو الإنسان في القصة كل أبعاده، وفي هذا الإصدار ثلاث قصص قصيرة وقصتان طويلتان، في لغة غاية في الشاعرية - الصوت - عطية أبو العينين داود - طبلة السحور - رجوع الشيخ "ديوان الملحقات" هو آخر مجموعة قصصية للأديب الراحل "عبد الحكيم قاسم" ( 1935 1990 )، صدرت طبعتها الأولى عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، في سلسلة " مختارات فصول" في يناير 1990 م، ثم أعادت مكتبة الأسرة "مهرجان القراءة للجميع" طباعتها في عام 2001 م. ومجموعة القصص التي تضمها المجموعة تمثل في مجملها آخر ما أبدعه الراحل بعد محنة المرض التي ألمت به قبيل وفاته في 13 نوفمبر 1990 م، وهي قصص تميل في معظمها للقصر عكس قصصه السابقة، وتبدو وكأنها بمثابة التنهيدة الأخيرة لهذا المبدع، كما أنها إطلالة على الحياة التي كان موقنا بمغادرتها سراعًا، لكنه لم يتخل عن السمات التي توسم قلمه وإبداعه عبر مشوار رحلته الأدبية. وتحمل المجموعة قدرًا هائلًا من الحزن والأسى، ومحاولته المستميتة القبض على لحظات الفرح العابرة في أفق حياته، كان يتمثل الموت موته بحضوره الطاغي والقادر بين القصص، ولنتأمل عناوين قصص المجموعة: "جدل الحياة والموت" "الجنازة " "السرى بالليل" "طريق الموتى" "عمتي الحبيبة" "طارق ببابي".. كل هذه القصص وغيرها يمثل فيها الموت شخصًا رئيسيًا. ونشر "عبد الحكيم قاسم" معظم هذه القصص في الدوريات العربية المختلفة وبخاصة مجلة "الهلال" العريقة.