أثارت قصيدة "خدم.. خدم" للشاعر الكبير فاروق شوشة، والتي ألقاها ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب 2015، أمس الإثنين، ردود فعل متباينة في الوسط الثقافي. واختلفت آراء المعلقين على قصيدة "شوشة" بين مؤيد لانتقاده من يصفهم بخدم السلطة، وبين معارض لذلك، كل حسب توضيحه. وكشف "شوشة" أن القصيدة قديمة، وكان قد ضمَّنها في ديوان له منذ 20 عاما، وتقول: "خدم... خدم وإن تبهنسوا وصعروا الخدود كلما مشوا وغلظوا الصوت فزلزلوا الأرض وطرقعوا القدم! خدم... خدم وإن تباهوا بأنهم أهل الكتاب والقلم وأنهم في حلكة الليل البهيم صانعو النور وكاشفو الظلم وأنهم بدونهم لا تصلح الدنيا ولا تفاخر الأمم ولا يعاد خلق الكون كله من العدم! لكنهم خدم بإصبع واحدة يستنفرون مثل قطعان الغنم ويهطعون علهم يلقون من بعض الهبات والنعم لهم إذا تحركوا في كل موقع صنم يكبرون أو يهللون حوله يسبحون باسمه، ويقسمون يسجدون يركعون يمعنون في رياء زائف وفي ولاء متهم وفي قلوبهم.. أمراض هذا العصر من هشاشة ومن وضاعة ومن صغار في التدني واختلاط في القيم!" الشاعر الجميلي أحمد هاجم القصيدة، وقال إنه مندهش منها، وتساءل: "ماذا يتوقع المثقفون من جيل ظل راكدا تحت مظلة الحكام الفاسدين طيلة عمره إلى أن انسحب من تحته البساط في أولى ثورات الشعب المصري فلم يجد له مكانا بين المثقفين ولا بين الشباب منهم؟". وأضاف: "يبدو أن الرجل استنفد كل ما لديه من إبداع وأراد أن يرسم حول نفسه هالة إعلامية جديدة بتلك القصيدة، لكنه لا يعلم أنها شهادة وفاة له". وانتقدت الشاعرة بهية "اتهام" المثقفين بعض البعض دائما بالتخوين والعمالة، وقالت: "أخيرًا الأستاذ فاروق شوشة جعلهم خدم". وأضافت طلب: "هذا تاريخ الشعراء حين كانوا في معية الملوك وجعلوهم حينا بصفات الأنبياء وحينا بصفات الآلهة استجلابا لعطاياهم". وتابعت: "فليخبرني شوشة ما هي العطايا الحالية التي تجعلهم خدما؟ وليشر لى على أي جائزة شعرية مميزة في هذا الوطن العربى المتسع تجعلهم يركعون؟". وأكملت موجهة حديثها لشوشة: "يا سيدى بضاعة الشعر بضاعة كاسدة إلا لأمثالك الذين يستمسكون بذيول القصيدة العمودية ويدعون إلى المهرجانات لتمثيل الشعر ونحن لا نحفظ له بيتًا واحدا". من جانبه، يرى الكاتب شريف عبدالمجيد أنه قصيدة شوشة "بها شيء من الصحة ولكن لا ينطبق على كل المثقفين بالطبع". وأوضح القاص: "في كل العصور توجد فكرة المثقف الخادم للسلطة بل أن كبار شعراء العربية كان دورهم فقط ديباجة القصائد في مديح الحكام، لكن بالطبع لا تعدم الثقافة العربية على مر تاريخها المثقف المستنير الذي يواجه ويقدم رؤيته المستقلة كزرقاء اليمامة". أما الروائي طارق الطيب فلفت إلى أن القصيدة تعري زيف وضِعة طائفة من أهل الكتاب والقلم، مشيفا: "الجميل أنه اختارها للإلقاء في موقع جديد ومناسبة تحمل في بعض جيوبها قبسا مما كُتِب وما قيل". وتابع الطيب: "سيؤلها أنصاف المفسرين على مستويات سطحية متسرعة كالعادة، دون قراءة المتن قراءة أعمق أو حتى لمجرد الإنصات لما قيل بما يليق"، موجها التحية لشوشة وللقصيدة. فيما قال الشاعر محمد المخزنجي إن التعميم في القصيدة أمر غير منطقي، وانتقد شوشة قائلا: "كيف يرى أنه المثقف والشاعر الوحيد الذي خرج عن سور النفاق والتملق للسلطة وهناك الآلاف غيرة من الذين لا يخشون في الله لومة لائم". وتابع المخزنجي: "أهل الثقافة ما زالوا بخير، ومنهم العدد الوفير والنماذج المشرفة التي تعلم متي وأين تقول قولة حق وليسوا بخدم". وردًا وتعليقا على الأزمة التي أثارتها قصيدته، قال شوشة، في تصريحات خاصة ل"البوابة نيوز"، إن القصيدة تنطبق على كثير من المثقفين في الوطن العربي حاليًا. وأضاف شوشة" أنه عندما نشر القصيدة منذ 20 عاما لم يعترض أحد عليها، "فلماذا يفتعل بعض المثقفين أزمة الآن؟".