المشهد السياسى قد يصحح نفسه بالممارسة ويصحح التجربة، ولكنه يحتاج من كل الأفراد والمؤسسات أن تعمل على تصحيح مساراتها حتى يمكن بناء مستقبل مرتكز على حاضر قال الفقيه الدستورى والقانونى، الدكتور شوقى السيد، إنه لا يمكن لأحد توقع اسم رئيس البرلمان المقبل، وأن خبر تولى المستشار مجدى العجاتى، وزير الشئون القانونية، رئاسة المجلس صادم وكارثى لأنه غير قانونى أن يرأس المجلس، لأن السلطة التنفيذية لا تتدخل فى عمل السلطة التشريعية بأى حال من الأحوال، موضحًا أن الجلسة الإجرائية الأولى سوف يترأسها أكبر الأعضاء سنًا برفقة أصغر عضوين لحين انتخاب رئيس المجلس. وأضاف فى حواره ل«البوابة»، أن الممارسة الحقيقية داخل المجلس سوف تطلع الجميع على حقيقة قائمة «فى حب مصر»، وهل هى تعمل لصالح الشعب أم موالية للدولة، مؤكدًا أنه من الممكن أن تتفكك تلك القائمة وتحدث بها خلافات وتنكشف نيتها أمام الرأى العام. ■ كيف تقيم المشهد السياسى بشكل عام؟ - واضح وكاشف عن نفسه، فالمرحلة الأولى من الانتخابات كشفت عن ضعف الحالة السياسية، فالأحزاب والمرشحون لم يعرضوا أنفسهم بصورة كافية، ولم تكن لهم برامج انتخابية من الأساس، كما كانت القوائم انتخابية وليست حزبية، بالإضافة إلى أن عدد 120 عضوًا بنظام القوائم ضعيف كنتاج لأكثر من 80 حزبًا على الساحة، وأتمنى أن تحاول الأحزاب الاستفادة من أخطاء وسلبيات المرحلة الأولى. ■ وكيف سيتم تصحيح ذلك؟ - المشهد السياسى قد يصحح نفسه بالممارسة ويصحح التجربة، ولكنه يحتاج من كل الأفراد والمؤسسات أن تعمل على تصحيح مساراتها حتى يمكن بناء مستقبل مرتكز على حاضر، لذلك أناشد المواطن بحسن اختيار عضو مجلس النواب المقبل لأنه سيكون العامل المهم فى بناء المشهد القادم، وسيتحمل مسئوليات كبيرة تتطلب الحكمة والوطنية والعلم. ■ ما مدى مسئولية الدولة عن الحشد خلال المرحلة الثانية؟ - الدولة مسئولة عن تهيئة المناخ لحسن الاختيار، وتمكين المواطن من الاختيار بهدوء وبحكمة ومسئولية، كما أنها تمتلك حوالى 20 يومًا لإجراء موجة توعوية قبل الصمت الانتخابى، وهى مدة كافية للحشد ونشر برامج المرشحين للمواطن العادى. فالمجلس المقبل سيحدد المصير ويراقب الحكومة، وسيكون مشاركًا ومراقبًا ومحاسبًا، وبالتالى فالمسئولية أيضا تقع على المرشحين أنفسهم، فالأمر يحتاج إلى صحوة كاملة من أجهزة الدولة لتهيئة الطريق أمام مجلس النواب المقبل. ■ كيف ترى تسجيل الأصوات الباطلة نسبة 9.5٪ خلال المرحلة الأولى؟ - نوع النظام الانتخابى جديد لأول مرة يجمع بين القائمة والفردى، وقلنا سابقًا إن القائمة انتخابية وليست حزبية وتجمع مختلف الاتجاهات ما بين الحزبيين والمستقلين، وجامعة لنوعيات جديدة مثل المرأة والشباب والأقباط، بالإضافة إلى اختيارهم المقاعد الفردية، وكل هذا من شأنه أن يوقع أى مواطن فى الخطأ، ولذلك فالبطلان ليس مقصودًا أو متعمدًا وغياب التوعية مسئولية الدولة. ■ هل تعديلات قانون الدوائر كان أحد عوامل الارتباك؟ - احتوى النظام الانتخابى على نصوص جديدة ليس فقط قانون تقسيم الدوائر الجديد، فهناك قوانين أخرى أربكت المواطن والمرشح نفسه، مثل قانون مجلس النواب ومسئوليات عضو البرلمان وحضوره، وعمله كموظف ونائب، بالإضافة إلى قانون مباشرة الحقوق السياسية، والذى ضم مواد جديدة معقدة، كل ذلك أحدث رؤية ضبابية. ■ من تتوقع أن يكون رئيسًا للبرلمان المقبل؟ يجب أن يكتمل البرلمان المقبل أولًا، مخطىء من يتكهن أو يتوقع رئيس البرلمان المقبل، يجب علينا أن ننتظر ولا نتعجل حتى تتم الانتخابات، كما أن أمر انتخاب رئيس البرلمان المقبل سيكون بيد النواب تحت قبة البرلمان فهم من يملكون فقط حق اختياره، ولن يفرض عليهم بالتعيين أو التزكية، كما أن الجلسة الإجرائية الأولى سيترأسها أكبر الأعضاء سنًا برفقة أصغر عضوين لحين انتخاب رئيس المجلس. ■ ماذا عن خبر تولى المستشار مجدى العجاتى، وزير الشئون القانونية ومجلس النواب رئاسة البرلمان؟ - هذا الخبر صادم وكارثى وتم إصداره من مجلس الوزراء، ولم يكذبه أحد حتى الآن، فالعجاتى وزير فى الأصل وغير قانونى أن يرأس المجلس لأن السلطة التنفيذية لا تتدخل فى عمل السلطة التشريعية بأى حال من الأحوال. ■ ما الدور الذى ينتظر «العجاتى» فى المرحلة المقبلة؟ - تاريخه سيكون قادمًا وموفقًا، فأمامه مهمة كبيرة وقاسية كوزير مجلس النواب والشئون القانونية، وعليه أن يأتى فى الجلسات الأولى ويدافع عن أكثر من «400» قانون أصدرتها الدولة، وسيقوم بالرد على سؤالين، هل كانت هناك حالة ضرورة قصوى لإصدار تلك القوانين، وهل بالفعل حققت مصلحة المواطن؟، سيكون مدافعًا عن الحكومة أمام المجلس، وتلك مسئولية كبيرة وحمل صعب. ■ وهل يستطيع البرلمان أن يناقش أكثر من «400» قانون خلال 15 يومًا؟ - لن يتقيد بأسبوعين، لأن تلك المدة مجرد توجيه للمشرع يحثه على سرعة المناقشة، فلا مشكلة من مد المدة طالما يستهدف مصلحة الدولة، فهذا الكم الهائل من القوانين لا يمكن لمجتهد أيّا كان أن ينهيه فى تلك المدة القصيرة، وبالتالى لا توجد مخالفة للدستور، طالما أنه يستهدف حكمة النص ويوجه المشرع ألا يتأخر ولا يهمل مسئولياته بل أن يكون جادًا فى نظر القوانين. ■ ماذا عن شكل التحالفات تحت قبة البرلمان؟ - الشعب يترقب ماذا سيحدث تحت القبة، وهل ستكون التحالفات لتحقيق مصلحة شخصية أو من أجل الدولة، أم مجرد شعارات وطنية فقط لا تنفذ، إذ يجب أن تكون هناك معارضة حقيقة داخل المجلس وألا يكون البرلمان منبطحًا للحكومة أو الدولة بأى شكل حتى يتم إنجاح التجربة وتحقق المطلوب منها. ■ فى رأيك هل ستختفى بعض الأحزاب بعد الانتخابات؟ - إما أن تبعث لنفسها الحياة من جديد ويلقى عليها بجهد كبير أو تستسلم وتختفى من الساحة، فالأحزاب فى الفترة المقبلة يجب أن تكون لها قاعدة وشعبية وألا يكون غرضها الوصول فقط للسلطة، فتصبح كائنات تعيش على المحاليل. يجب أن يعاد النظر فى قانون الأحزاب السياسية، فالأحزاب التى لا تمتلك مقاعد يجب أن تختفى، أو على الأقل يجب أن تكون هناك شفافية فمن حق الرأى العام أن يعرف عدد أعضائها ومن أين تحصل على دعمها المالى، فهى لا تعمل من وراء حجاب، كما أن مصادر تمويلها لا يعد سرًا عسكريًا. ■ هل من المتوقع أن يتم حل البرلمان كما يتخوف البعض؟ - الطعون تنهال على محكمة النقض من الآن، فحق الطعن مكفول للكافة، والمحكمة الدستورية لديها كل الحق أن تنظر فى كل الطعون دون تحديد مدة معينة لها، وترك الأمر مفتوحًا أمامها، وبالتالى فالمجلس باقٍ على الأقل ثلاث سنوات أو من الممكن أن يستمر، وعلينا ألا نشغل أنفسنا بذلك ونهتم باختصاصاته فى الفترة المقبلة. ■ وهل بطلان عدد من الدوائر سيكون ذريعة لحله؟ - لا، فالقانون نص على إعادة إجراء الانتخابات ببعض الدوائر إذا ثبت وجود مخالفات صارخة بها. ■ ما رأيك فى قائمة «فى حب مصر» والتى تصف بقائمة الدولة المدللة؟ - هى قائمة جمعت بعض الشخصيات المتوافقة، والدولة أكدت أنها ليست لها علاقة بها، وبدورها أكدت هى أنها لا تُدعم من قبل الدولة، كما أن الدستور قد قالها صريحة، الرئيس يجب ألا يكون حزبيًا أو يدعم فصيلًا معينًا، والممارسة الحقيقية داخل المجلس هى من ستطلعنا، ومن الممكن أن تتفكك تلك القائمة وتحدث بها خلافات، وتنكشف نيتها أمام الرأى العام. ■ هل سيكون البرلمان المقبل قادرًا على تشكيل حكومة جديدة؟ - بعد انتخاب البرلمان، تقدم الحكومة الحالية وفقًا للدستور برنامجها على المجلس، ولو حظى البرنامج بثقة البرلمان، فمن الممكن أن تستمر فى مهامها، أما لو لم تحظ بثقة البرلمان، فيتم تشكيل الحكومة الجديدة من الأغلبية المتواجدة بالبرلمان، فإذا لم تحصل تلك الحكومة على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يومًا، يعد المجلس منحلًا ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس نواب جديد خلال ستين يومًا من تاريخ صدور قرار الحل، فلم تعد المسألة سهلة كما يعتقد البعض.