أعاد تلويح الدكتور يونس مخيون، رئيس حزب النور، بالانسحاب من المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب والتهديد بحل الحزب وخروجه من المشهد السياسي، إلى الأذهان ما كانت تقدم عليه جماعة الإخوان المسلمين إبان حكم حسني مبارك، وتحديدا وبعد أن خرجت بخفي حنين من انتخابات مجلس النواب 2010 حيث هددت الجماعة بالانسحاب، وعندما لم تجد أدنى استجابة لموقفها نفذت تهديدها ورفضت خوض الانتخابات. وتؤكد تهديدات النور بالانسحاب من الانتخابات، ومن مجمل المشهد السياسي، المعين الفكري الواحد التي تستقي منه جماعة الإخوان والدعوة السلفية أفكارهما، وأن الحديث عن التباعد الفكري بين الطرفين ما هو الإ ذر للرماد في العيون ومحاولة المداراة على الهزيمة الساحقة التي تعرض لها الحزب خلال المرحلة الأولى من الانتخابية، وفشله في تحقيق أي مقعد سواء لمرشحي القائمة أو المرشحين للقائمة بشكل أوصل الحزب- وبحسب مراقبين- لمرحلة الإفلاس السياسي. سيناريو مكرر ويمتد التشابه بين موقفي حزب النور بعد نهاية المرحلة الأولى من انتخابات 2015 وبين موقف الإخوان بعد انتخابات 2010ح حيث أن التهديدات التي أطلقها الطرفان قد جاءت أثر الفشل الذريع للطرفين في اكتساب ثقة الشعب خصوصا أن الخسارة الساحقة التي تعرض لها النور وقعت داخل محافظات يعتبرها الحزب معاقل تقليدية له وفي مقدمتها الإسكندرية والبحيرة ومرسى مطروح وهو ما يعيد للأذهان الخيبة الكبيرة التي وقعت للإخوان في المرحلة الأولى من انتخابات 2010 ولكن الكثير من المراقبين يرون أن هناك اختلافات عديدة بين موقفي النور والإخوان من التهديد بالانسحاب من البرلمان فجماعة الإخوان كانت قد وصلت علاقاتها مع نظام حسني مبارك لطريق مسدود منذ العرض العسكري التي تورطت فيه الجماعة في جماعة الأزهر وتحويل قادتها للمحكمة العسكرية وتصميم النظام على استئصالها من المشهد بعكس النور الذي كان يراهن حتى آخر لحظة على خطب ود الدولة ومحاولة إقناعها بالتدخل لوقف حملة التشويه التي يتعرض وضمان وجود تمثيل لها داخل مجاس النواب بشكل يحفظ ماء وجه الحزب أمام ما تبقي من أنصاره ويوقف حملة الشماتة فيها من قبل الإخوان وحلفائهم.
ضحية الجميع يوافق على هذا الطرح صبرا القاسمي أمين عام الجبهة الوسطية الذي يري أن النور غير جاد في الانسحاب من المرحلة الثانية من انتخابات ولا الانسحاب من المشهد السياسي ولا دفع ثمن تداعيات هذا الموقف بل هو يريد من وراء هذه الخطوة إظهار نفسه في مظهر الضحية لتحالف يضم الأحزاب المدنية والإسلامية في ظل صمت الدولة وانه دفع ثمن بالغا لدعم الدولة في الثالث من يوليو حسب ما يردد قادته واعتبر أن الحزب وعبر تهديده بالانسحاب يريد إشاعة أجواء بأنه خاض المعركة وحده بدون تحالفات، وبل أنه تعرض لحملات تشويه ذات بعد طائفي، وذلك لإقناع كوادره بأنه يتعرض لمؤامرة لعل ذلك يغير موقفهم المتحفظ على المشاركة في الانتخابات ودعم الحزب باعتباره المدافع الوحيد عن الهوية الإسلامية للبلاد ضد المد العلماني. ولم تتوقف محاولات الحزب عند استعادة تعاطف أنصاره، بل إن كثيرين اعتبروا التلويح بالانسحاب رسالة للدولة بأنه مازال قادرا علي تقديم خدمات لها، وتقديم نفسه كشريك في خارطة الطريق كداعم لها وأن يدفع ثمن هذا الموقف بعد انفضاض أنصاره عنه ورفض القوى المدنية والحركات الإسلامية له ذلك يدفع الدولة للتدخل لوقف حملات التشويه ضد الحزب والسماح له بالحصول على جزء من كعكة البرلمان. بل أن الحزب يحاول حاليا تنويع خياراته عبر الزيارة التي يقوم بها حاليا زعيمه الروحي ياسر برهامي للمملكة العربية السعودية وهي الزيارة التي يعتبرها المراقبون تأكيد على وصول النور لمرحلة التاجر المفلس الذي يبحث في دفاتره القديمة وكأن النور يبحث عن دعم مادي سعودي يستطيع معه تعويض خسائره في المرحلة الأولى عبر محاولة استخدام المالي السياسي لتعزيز فرصة في مرحلة الإعادة.
تحركات يائسة ولكن القيادي الجهادي المنشق أمل عبدا لوهاب اعتبر أن مثل هذه التحركات في الداخل والخارج لن تحقق أي ثمار فالدولة لن تعير النور أي اهتمام وستضرب بتهديدات التي لن يستطيع تنفيذها عرض الحائط فضلا عن أن النور لم يعد الابن المدلل للسعودية خصوصا في عهد الملك سلمان ما يغلق عليه جميع الأبواب. ووصف عبدالوهاب الخيارات أمام النور بأنها ضيقة للغاية ولن يكون أمام إلا الرضوخ للواقع والقبول بالهزيمة ومحاولة ترتيب الحزب من الدتاخل باعتبار أن الهزيمة أصبحت واقعا فضلا عن أن هناك إدراكا داخل الحزب بأن جميع أطراف العملية السياسية يرفضون وجود الحزب في الساحة السياسية وهو ما دفع مخيون للحديث عن استعداده لحل الحزب إذا كان ذلك يصب في صالح مصر.
سيناريوهات مظلمة يأتي هذا في الوقت الذي طرح المهندس عاصم عبدا لماجد عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية تصوراته لمستقبل حزب النور خلال المرحلة القادمة بعد الهزيمة المذلة التي تعرض لها خلال المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب. وتساءل عبدا لماجد في تدوينة له على شبكة التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "هل سيعلن حزب النور حل بعد أن أدرك تخلي الجميع عنه بما فيها السلطة وهل سينسحب من الإعادة والجولة الثانية كنوع اعتراض على ما حصل له لكي لا تتم إهانتهم بهذه الصورة في المرات القادمة "وهذا ما هدد به بعض قيادات الحزب وإن كان برهامي لا يستسيغه". ولم يستبعد عبدالماجد إمكانية إقدام الحزب على استكمال الانتخابات وابتلاع حفاظا على السلامة الشخصية مع ترديد بعض الشعارات المخدرة للبقية المتبقية من أتباعهم.