سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«لعنة الإخوان» تضرب «برهامي».. «الشيخ» كتب نهاية الدعوة ب«صفقات انتخابية كاذبة».. انشغل ب«تمكين رجاله» داخل الدعوة والحزب.. وصفقاته السياسية «تحصيل حاصل».. وقواعد «السلفية» تطالبه ب«الرحيل»
التاريخ دائمًا يشير إلى أن حركات التيار الإسلامى تتقن جيدًا لعب دور "المجنى عليه"، تلعب على وتر المشاعر، تكسب التعاطف الجماهيري، ومن بعده تضغط على السلطة، أي سلطة، مستخدمة كارت التعاطف في إدارة أمورها السياسية. جماعة الإخوان، المصنفة إرهابية، ظلت طوال سنواتها الممتدة في العمل السياسي، تتقن اللعب ب"كارت الجمهور"، تدير الصفقات وفقا ل"أبجدياته"، وتحيك المؤامرات بما لا يخالف تعليمات الاستخدام، وفى الوقت ذاته تعمل جاهدة للمحافظة عليه بقدر الإمكان. الدعوة السلفية، بعد أيام قليلة من ثورة الخامس والعشرين من يناير خرجت للنور، اصطدمت في البداية ب"معطيات أرض المعركة"، حاولت إدارة الأمور بالطريقة التلقيدية، لكنها سرعان ما أدركت أن "حديث اللحى" عفى عليه الزمن، فبدأت في "تجريب" حظها ب"أسلوب الإخوان". نجحت قيادات الدعوة في إتقان الدور، أصبحت –في لحظة خارج حسابات التاريخ- "كارت رابح"، بدأت تعلن مطالبها.. تفرض شروطها، ولا تمانع في منح البركة لمن تقرب إليها زلفى، وفجأة رحل الإخوان من صدارة المشهد، وجاء دور "الشيطان" الذي زين لقيادات الدعوة، ورموز حزبها الطريق ل"خلافة الإخوان"، وبدأت "لحى السلفية" تتطاول، وخرج من يتحدث عن "حصتهم في الثورة"، وآخر تحدث "بكل بجاحة سياسية" عن الدور الذي لعبوه في تزكية ثورة 30 يونيو، والانتصار على جماعة "مرسي والشاطر وبديع". غياب القوى المدنية أسهم بقدر كبير أيضا في إفساح المجال ل"السلفيين"، فخرجت التصريحات الغاضبة من قيادات الدعوة بأن "الإسلام هو الحل"، وأن "الشريعة قادمة لا محالة"، وما إلى ذلك من فتاوى، كان يحاول عن طريقها قيادات الدعوة الإشارة وتأكيد موقفهم من البداية، وأنهم "بودى جارد" الثورة الثانية، الذي لن يسمح لأى "ذقن" أخرى بالاقتراب من منطقة نفوذ الثورة. المثير في الأمر، أن عددا منهم ذهب إلى منطقة أبعد، توصف في مناهج العلوم السياسية ب"الانتحار السياسي"، فها هو نائب رئيس الدعوة السلفية الدكتور ياسر برهامي، يعلن أنهم ضحايا ل"غضب القوى المدنية"، لا لشيء إلا أنهم عارضوا تولى الدكتور محمد البرادعي، نائب الرئيس الأسبق، رئاسة الحكومة في وقت ما، ليس هذا فحسب، لكن "برهامي" تمادى في غيه عندما أعلن أن القيادة السياسية لم تتشاور معهم قبل أن تسند وزارة الثقافة للكاتب الصحفى حلمى النمنم! يونس مخيون، رئيس حزب النور، الذراع السياسية للدعوة السلفية، لم يكن بعيدا عن مشهد "الانتحار السياسي"؛ حيث خرج قبل ساعات قليلة من بدء المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية الحالية، للإشارة إلى أن القانون هو السبب الرئيسى الذي دفعهم لوضع "أقباط" على قوائمهم الانتخابية، ولولا ذلك لكان لهم رأى آخر في الأمر. الغريب هنا، أن تصريحات "برهامي" ومن بعده "مخيون"، وتحديدا فيما يتعلق بالانتخابات البرلمانية، لم تخلُ من "غرور" غير مبرر، ف"برهامي" يشير في كل مناسبة، إلى أنهم سيتركون المجال لبقية القوى السياسية؛ لأن يكون لها موضع قدم في المجلس النيابى المنتظر، وأنهم لن ينافسوا – وهم يمتلكون القوة للمنافسة - على كل مقاعد البرلمان، وسيكتفون ب35 % فقط من مقاعد "النواب". "لم يحضر أحد" الجملة الوحيدة التي يمكن أن تناسب وصف النتائج التي حصل عليها مرشحو حزب النور، خلال الجولة الأولى للانتخابات البرلمانية، فالحزب الذي لم تمل قياداته من استخدام تعبيرات "التعفف عن المنافسة"، و"مشاركة لا مغالبة"، فجأة أصبح ظهرها عاريا، ف"الأنصار لم يذهبوا إلى اللجان"، والمحبون اكتفوا ب"الدعاء من منازلهم". نتيجة المرحلة الأولى هزت أركان الدعوة السلفية، أشعلت النار في ثوب القيادات التي كانت تتعامل مع الانتخابات البرلمانية وكأنها "نزهة"، وهو أمر كشفته تفاصيل الساعات التي تلت الإعلان عن النتائج، تلك الساعات التي تشير كل المعلومات التي حصلت عليها "فيتو"، إلى أنها ستغير مسار الحزب بشكل كامل، ومن المتوقع أن تنهى مستقبل عدد كبير من المتهمين ب"توريط الدعوة" في الانتخابات بالتصريحات غير المنضبطة. الهزيمة المدوية التي تلقاها حزب النور في الجولة الأولى من المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب 2015، جعلت قيادات الحزب والدعوة السلفية يجرون استبيانا للرأى بين قواعد الدعوة والحزب، في محاولة منهم لفهم ما حدث، وفى نفس الوقت امتصاص غضب هذه القواعد، خاصة الشباب الذين يرون أن حجم ما حققه الحزب حتى الآن، ودخول 26 من مرشحيه مرحلة الإعادة لا يتناسب على الإطلاق مع حجم المجهود الذي بذلوه، والهجوم الذي تعرضوا له من الإخوان وأنصارهم. "فيتو" استطاعت الحصول على نتائج هذا الاستبيان، ومعرفة رأى القواعد السلفية في أسباب فشل النور في انتخابات مجلس النواب حتى الآن.. وجاءت نتيجة الاستبيان كالتالي:- الاستقالات والانشقاقات ترى القواعد أن الاستقالات والانشقاقات داخل حزب النور والدعوة السلفية، لعبت دورًا مهما خلال الفترة التي تلت موقف الحزب من ثورة 30 يونيو، التي أطاحت بحكم جماعة الإخوان؛ إذ شهد الحزب تقديم العديد من الأعضاء والكوادر لجملة من الاستقالات؛ اعتراضا منهم على مواقف الحزب المتخاذلة، بجانب انفصال عدد من مؤسسى الحزب على رأسهم دكتور عماد عبد الغفور وآخرون، وتكوينهم حزبا جديدا تحت اسم "الوطن" السلفي. بجانب اعتراض الكثير من أبناء الحزب والدعوة على مواقف "برهامي"، من عدد من القضايا الدينية الشائكة، التي اعتبرها السلفيون في سابق أمرهم قضية وجود ولا يمكن التفريط فيها. ديكتاتورية "برهامي" كما أرجعت القواعد أسباب التراجع أيضا إلى تفرد "ياسر برهامي"، نائب رئيس الدعوة السلفية، بإدارة الأمور داخل الدعوة السلفية والحزب؛ حيث أحاط نفسه بمريديه فقط وسمح لهم بالتمكن من المناصب القيادية داخل الحزب والدعوة، ولم يكتفِ "برهامي" بالسيطرة على الدعوة؛ حيث راح يثبت أقدام رجاله داخل الحزب، ما أثار سخط القواعد الشعبية؛ لاعتراضهم على تصريحات قيادات في الحزب مخالفة لتوجه الدعوة، بجانب عقده للجمعية العمومية للدعوة السلفية بعيدًا عن ضوضاء الإعلام؛ ليتمكن من الإطاحة بعدد كبير من مؤسسى الدعوة والجيل الأول لتكوينها، على رأسهم محمد إسماعيل المقدم مؤسس الدعوة الأول، وعلى حاتم وسعيد حماد وآخرون، بجانب اتخاذ سعيد عبد العظيم، أحد كبار مؤسسى الدعوة، جانب الجماعة الإرهابية. لعنة "الإخوان" ووفقا للاستبيان ذاته، فإن قواعد النور والدعوة السلفية أشارت أيضًا إلى حالة الرفض للتيار الدينى التي سادت في البلاد عقب تجربة الإخوان، وتسترهم برداء الدين لاقتناص الفرص السياسية، واعتبار البعض أن النور لا يتعدى كونه الكارت الأخير للجماعة، والطريق الوحيد الممهد لإعادة الجماعة إلى الحياة السياسية، أدى إلى تراجع نتائج الحزب في الانتخابات، بجانب الحملات التي مثلت صداعا للحزب خلال الفترة الماضية، لعل أقربهم إلى الذهن حملة "لا للأحزاب الدينية"، بجانب مهاجمة الكنيسة المصرية للأقباط المرشحين على قائمة الحزب أو تحت رايته. التنازل عن "قائمتين" ولفتت القواعد، النظر إلى أن تراجع قيادات حزب النور عن خوضهم الانتخابات البرلمانية على القائمة الكاملة بقطاعاتها الأربعة، واكتفائه بقائمتين ضمن أربعة قوائم، وطرح عدد من المرشحين على النظام الفردى تصل إلى نسبة 35%، واعترافه بالتنسيق مع جهات سيادية؛ لضمان استمرارهم في المشهد العام، وعدم تحويلهم إلى جماعة إخوان جديدة برداء سلفي، كان من الأسباب الرئيسية للنتيجة الضعيفة التي حققها الحزب حتى الآن. تخوين "التيار السلفي" لهم وأشارت نتيجة الاستبيان، إلى تراجع عدد من شيوخ الدعوة السلفية وعلى رأسهم "برهامي" عن الفتاوى القديمة له، بالرغم من عدم تغير الظروف والزمان، وتناقض مواقف الدعوة السلفية مع نفسها، أدى إلى خسارة جزء كبير من جمهور السلفيين وانحيازهم إلى مشايخ سلفية أخرى وهجرهم للدعوة. ولعل أبرز تلك المواقف قضية دخول الأقباط والنساء لمجلس النواب، وحكم ولا يتهم على المسلمين، وموقفهم من قضية تطبيق الشريعة، وهجوم عدد من المشايخ المنتمين للتيار السلفى على الحزب والدعوة، ما دفع قواعدهم الشعبية إلى التشكك في دور الحزب وماهيته ودوره في الحياة العامة، وهل هو حزب دينى إسلامى أم حزب علمانى - كما فضل وصفه عدد من الشيوخ السلفية - لعل أبرزهم محمد سعيد رسلان، زعيم السلفية المدخلية. مهاجمة الكنيسة "الأقباط" ورأت أيضًا أنه بالرغم من فتاوى شيوخ الدعوة السلفية التي تراجعت من خلالها عن موقفهم من حكم ولاية المرأة والأقباط، فإن قائمة حزب النور ضمت أقباطًا ضمن مجموعة تسمى "أقباط 38"، إلا أن ذلك لم يكن شفيعًا لهم عند "البابا تواضروس"، الذي أعلن صراحة رفضه دخول أقباط على قائمة النور، واعتبارهم في طريق غير سوي، ما زاد من ضيق القواعد الشعبية؛ لقبولهم أقباطًا ضمن صفوفهم، في الوقت الذي رفضت الكنيسة انضمامهم إليها. حملة تشويه "مكبرة" وأوضحت عناصر الدعوة السلفية، أن تعرض الحزب والدعوة إلى حملة إعلامية لتشويههم وفض العامة من حولهم، من خلال تسليط الأضواء على أخطائهم وتشويه صورتهم لدى المواطن البسيط الذي كان يعتبرهم من أرباب "قال الله وقال الرسول"، أفشلت المواقع الإلكترونية من تحسين الصورة واستقطاب الشباب وعودة تجربة برلمان 2012، وحصولهم على نسبة تقارب ال 22%. كما ألقت القواعد اللوم على القيادات أيضا؛ لعدم اهتمامها بالدعاية والمؤتمرات والندوات واللقاءات الجماهيرية لمرشحى الحزب، مقارنة بالانتخابات الماضية، وعدم البحث عن بدائل للمرشحين، الذين ثبت فشلهم ولم يقدموا خدمة للمواطنين أثناء حضورهم بقوة في برلمان 2012، وعدم استمرار عمله بالشارع وإغلاق الحزب على أبناء الدعوة السلفية. نقلا عن العدد الورقي*